نجح الإعداد لمخطط مملكة داوود المزعومة، الذي بدأت أولى ملامحه في المؤتمر الصهيوني بمدينة بازل السويسرية عام 1897 بقيادة هارتزول، في تغيير سمات الهوية الدينية والثقافية لشعوب المنطقة العربية بشكل كبير.

هذا التغيير تم عبر أدوات متعددة، أبرزها زرع الجماعات المتطرفة التي أُنشئت بتخطيط من أجهزة الاستخبارات الغربية، لتكون أداة تفكيك داخلي.

وعلى جانب آخر، لعبت الصهيونية البروتستانتية دورًا محوريًا في اختراق بعض مكونات العقل الجمعي للكنائس الشرقية، من خلال أدوات التمويل أو التأثير غير المباشر على القيادات، لكن بقيت الكنيسة المصرية عصية على هذا الاختراق بفضل هويتها الثقافية المتجذرة، ورهبنتها المستقلة المرتبطة بالبيئة المصرية الأصيلة، وهو ما جعلها بعيدة عن التأثر بموجات التغريب البروتستانتي الصهيوني.

كل نبؤات العهد القديم التي بُنيت عليها فكرة مملكة داوود المزعومة، كانت رمزية في أصلها، لكن الفكر الصهيوني المعاصر، لا سيما في صيغته البروتستانتية الأصولية، أعاد توظيف هذه النبوات ضمن مشروع سياسي توسعي يستند على نبوءات مثل إشعياء 19، التي تتحدث عن مصر باعتبارها دولة ستنهار ويجف نهرها، وتتفكك سلطتها وتفقد هويتها.

المثير أن تلك النبوءة استُحضرت مرات عديدة لتبرير محاولات الضغط على مصر، وربط بعض السرديات القديمة بالواقع السياسي الحديث. ووفقًا لما جاء في سفر إشعياء: «فينشف النهر، وتيبس قنوات مصر.. .»، فقد وجد البعض في التغيرات الطبيعية التي مر بها نهر النيل في العهد القديم - حين كانت له سبعة فروع ثم جفّت تدريجيًا - دليلاً على تحقق هذه النبوءة. وتؤكد المصادر التاريخية مثل بردية إيبوير، أن فترات من الجفاف والانهيار الاجتماعي والسياسي ارتبطت بهذه التحولات البيئية، في مشهد يكاد يتطابق مع ما صوّره النص التوراتي. كما وثق هيرودوت في كتابه «التواريخ» هذا التراجع الجغرافي الطبيعي، وأثره على شكل الحكم والنظام الاجتماعي في مصر القديمة.

نفس النمط الفكري وظّف نبوءات خراب دمشق وتفكك العراق، في سرديات دعمت تدخلات سياسية وعسكرية لاحقة، من غزو بغداد إلى تفجير سوريا، تحت لافتة «نهاية الأيام» أو «تطهير الأرض لمملكة الرب». وقد حلّل المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته «الصهيونية والعقيدة اليهودية» هذا الاستخدام السياسي للدين، وكشف كيف يتم قلب الرموز الدينية إلى أدوات سيطرة حديثة.

الدكتور حسن ظاظا، في دراسته المهمة «الدين والسياسة في إسرائيل»، بيّن بوضوح العلاقة البنيوية بين الفكر الديني اليهودي والنشاط السياسي التوسعي لدولة الاحتلال، وكيف يُعاد تأويل النبوءات القديمة لتناسب كل مرحلة سياسية أو عسكرية.

وبهذا يتحرك المشروع الصهيوني داخل بنية ذهنية توراتية، تُفسّر الأحداث من خلال النبوات القديمة، وتُشرعن التدمير والتفكيك باعتباره تنفيذًا لإرادة إلهية، بينما الحقيقة أنه مخطط سياسي صرف، تنفذه أدوات استخباراتية، ويُعبّد له الطريق بخطاب ديني مُضلل.

اقرأ أيضاًسد النهضة.. بوابة مملكة داوود المزعومة

إيران خادمة مملكة داوود المزعومة

سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مصر مملكة داوود مملكة داوود المزعومة

إقرأ أيضاً:

بسبب عقار مخالف.. إحالة 4 مسؤولين بحي مصر القديمة للمحاكمة التأديبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أمرت النيابة الإدارية بإحالة 4 من المسؤولين الحاليين والسابقين بحي مصر القديمة للمحاكمة التأديبية، وذلك على خلفية الإهمال والتقصير في أداء واجباتهم الوظيفية نحو اتخاذ الإجراءات القانونية حيال عقار مخالف مقام بدون ترخيص والكائن أسفله محل غير مرخص لبيع مواد الطلاء، شَبَّ به حريق امتد لباقي العقار وأسفر عن وفاة سيدتين من قاطنيه من جراء الحادث.

شملت قائمة المحالين مهندسي التنظيم الحالي والسابق بحي مصر القديمة، ومدير بإدارة المحلات بالحي، وفني المحلات بذات الإدارة.

معاينة موقع الحادث

كان مركز الإعلام والرصد برئاسة النيابة الإدارية قد أبلغ النيابة الإدارية للإدارة المحلية - القسم الأول، حيال ما جرى تداوله عبر وسائل الإعلام بشأن الحادث، حيث انتقل فريق من أعضاء النيابة لمعاينة موقع الحادث ومباشرة التحقيقات وجمع الأدلة وسماع أقوال الشهود، وأسفرت المعاينة عن أن حريقًا قد شَبَّ بمحل لبيع مواد الطلاء - غير مرخص - كائن بالدور الأرضي لعقار مكون من دورٍ أرضي وثلاثة طوابق علوية جرى بناؤه دون ترخيص، وقد امتد الحريق صعودًا من المحل بالدور الأرضي حتى أعلى العقار، وأتى على المبنى بأكمله، وأسفر عن وفاة "زوجة صاحب العقار وزوجة نجله".

سماع أقوال الشهود

وخلال التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية للإدارة المحلية بالقاهرة - القسم الأول برئاسة المستشارة هبة كامل، مديرة النيابة، والتي باشرها المستشار أحمد خيري، رئيس النيابة، بإشراف المستشار مصطفى حمادة، استمعت النيابة لأقوال مدير المتابعة الميدانية بحي مصر القديمة والذي قدم للنيابة تقريرًا مفصلًا بنتيجة فحص العقار انتهى فيه إلى عدم وجود ملف ترخيص للعقار والمحل الكائن أسفله وأن كلاهما قد جرى بناؤه دون ترخيص، كما استمعت النيابة لأقوال المهندس المختص بالمكتب الفني للتفتيش على الأحياء بمديرية الإسكان بمحافظة القاهرة والذي شهد بوجود تقاعس من العاملين بالحي كل فيما يخصه وخلال فترة عمله لعدم اتخاذهم أي إجراء قبل العقار المخالف على مدار سنوات متعاقبة وإهمالهم في التصدي للمخالفات الكائنة بالعقار من وجود محل "لبيع مواد الطلاء" غير مرخص، وهو ما أسهم في وقوع الحادث.

وعقب مواجهة المتهمين بالمخالفات المنسوبة إليهم، وبعرض نتائج التحقيقات على فرع الدعوى التأديبية بالقاهرة- القسم الثاني، وافق المستشار فوزي شحاتة، مدير الفرع، على تقرير الاتهام الذي أعده المستشار وليد حسن، بإحالة المُتهَمين المذكورين للمحاكمة التأديبية.

مقالات مشابهة

  • نفاذ جميع تذاكر معرض قمة الهرم...حضارة مصر القديمة في الصين
  • كلوب: المدربون سيدخلون السجن اليوم لو طبقوا تدريباتنا القديمة
  • قرابين الآلهة في مصر القديمة.. ندوة بـ متحف الأقصر للفن المصرى
  • تسببوا في وفاة سيدتين.. تفاصيل مثيرة في إحالة مسئولين بحي مصر القديمة للتأديبية
  • إحالة 4 مسئولين بحي مصر القديمة للمحاكمة التأديبية بسبب انهيار عقار
  • بسبب عقار مخالف.. إحالة 4 مسؤولين بحي مصر القديمة للمحاكمة التأديبية
  • النيابة الإدارية تحيل 4 مسئولين بحى مصر القديمة للمحاكمة التأديبية
  • كيف تصبح منصات النفط القديمة موطنا للحياة البحرية؟
  • شاهد | المنافقين أدوات الصهاينة .. كاريكاتير