هل قام النظام العربي الرسمي بما يجب لوقف الإبادة في غزة؟.. خبير يجيب
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
كثير ما تساءل الغزيون خلال العدوان والإبادة المستمرة ضد قطاع غزة عن موقف العرب وتحديدا الأنظمة الرسمية، عن أين هي ولماذا لا يرون منها تحركا جديا وحازما لمنع قتل الشعب الفلسطيني الذي يرزخ تحت احتلال وحصار منذ عقود.
وعلى الرغم من قيام بعض الأنظمة العربية ببعض التحركات "لوقف المجزرة"، إلا أن قطاع عريض من الشارع العربي والفلسطيني يرى أن هذه الأنظمة لم تقم بما عليها من واجب حماية الشعب الفلسطيني ووقف الإبادة ضده في غزة.
ولتحليل المشهد والموقف العربي الرسمي برمته منذ 7 أكتوبر التقت "عربي21" بأستاذ التاريخ وسياسة الشرق الأوسط في جامعة قطر د. محجوب الزويري، في حوار خاص لمعرفة ما إذا كان هناك أوراق ضغط يمتلكها النظام العربي وهل استخدمها أم لا؟
وقال الزويري في حواره مع "عربي21" إن "جزء من النظام الرسمي العربي يرى أن هذه الحرب برمتها بدأتها حركة حماس، وبالتالي موقفه من الحرب كان نابعا من الموقف منها وبربطها للحركة بالإسلام السياسي".
ويرى أن حتى ما يُسمى محور المقاومة لم يقم بما يجب لوقف الحرب، وأصلا لم يبقى منه من يفعل شيء سوى قيام الحوثي ببعض التحركات والضربات هنا وهناك.
وأما عن دور الوسطاء العرب قال الزويري، الوسيط بالنهاية هو يريد منع الكارثة والقتل في الشعب الفلسطيني، ولا يمكنه فعل شيء ما لم يوافق طرفي الصراع.
وتاليا نص الحوار كامل:
- ما هي أوراق الضغط التي يمتلكها النظام العربي لوقف الحرب على غزة ولم يستخدمها؟ وهل يملكها أصلا؟
اعتقد بأن جزء من النظام الرسمي العربي يرى أن هذه الحرب برمتها بدأتها حركة حماس، وهذه الأطراف أصلا في معظمها لا تريد الحركة، وبالتالي أي موقف تتخذه هو مُرتهن لموقفها الأصلي منها وبربطها للحركة بالإسلام السياسي.
وبالتالي سيكون سيد الموقف هو التردد والمُضي خطوة إلى الأمام وخطوة للخلف، الخطوة للأمام وهي ضغط الشارع على هذه الحكومات بسبب القتل في الشعب الفلسطيني، أما الخطوة للخلف هم مقتنعين بأن الطرف الذي يرونه بدأ المواجهة في 7 أكتوبر هي حركة حماس وليس أن هناك احتلال عمره 75 سنة، وبالتالي هو المسؤول عن هذا الموضوع.
وهم يرون أن أي حالة من الموقف القوي الصارم المؤيد قد يُفسر غربيا وأمريكيا أنه تأييد لحماس وهم لا يريدون ذلك، وبالتالي الموقف بمجمله هو موقف عدم اليقين والتردد والحد الأدنى، هذه ثلاثة مفاتيح أساسية، يعني عمليا هذا ما يمكن أن يُقدم للشعب الفلسطيني ومتابعة المذبحة.
وفيما يخص أوراق الضغط عمليا هي ليست لديهم، وعن أي أوراق نتكلم؟ الدول التي لديها اتفاقيات مع إسرائيل لا تريد استخدام هذه الأوراق، والدول الأخرى لديها حساباتها في العلاقة مع الولايات المتحدة.
وكما قلت، جوهر القضية الأساسية أنهم يكرهون الحركة التي يرون أنها هي من بدأ السابع من أكتوبر، هم في معظمهم ربما لا يصرحون عن ذلك، لكن بالتأكيد لا يحبون أن يرون حركة حماس منتصرة بأي حال من الأحوال أو أن تقوم لها قائمة.
وتحليلي للمشهد المتطور منذ 7 أكتوبر، أرى أن هناك تصور منتشر في الغرب والشرق أن لدى هذا الجزء من النظام الرسمي رغبة برؤية نهاية لهذه الحركة في غزة بشكل كامل.
وبالتالي الموقف سيكون سيد التردد وهذا ما تستفيد منه إسرائيل، بمعنى ما الذي يمنحها القوة؟ هو ليس قوتها بل الذي يمنحها القوة، أولا تردد الموقف الدولي بما فيه الولايات المتحدة واتباعها سياسة القيادة من الخلف، وترك الآخرين يلعبون الأدوار القذرة.
الأمر الثاني، جزء من النظام الرسمي العربي لديه مشكلة مع طرف فلسطيني معين ولا يريد أن تقوم له قائمة، هذه هي الصراحة والموقف العلني، وهذا هو الموقف الحقيقي الذي لا يُعبر عنه، هذا هو السبب لأنهم ببساطة لا يريدون أي محاولة لإعطاء استشعار بأن هناك نجاح أو نصر يعني بأن حماس انتصرت، وهناك كراهية ورفض لهذه الحركة أصلا.
- إذن هل يمكن القول بأن أطرافا من النظام العربي الرسمي لا تريد منح حركة حماس الشرعية؟
نعم بالطبع، بمعنى انت عندما ترفض كل شيء انت عمليا كأنك تقول بأنها جماعة مرفوضة وتقدمها على أساس ذلك، أليس هناك أصوات داخل الفلسطينيين أنفسهم تعتبر ما حصل في 7 أكتوبر هو أن حماس هي سبب قتل الفلسطينيين، ألم نسمع ونرى تقارير بهذا الموضوع وأن هناك مسؤولين فلسطينيين يرون أن حماس هي سبب ما حصل؟!
- لكن على المستوى الشعبي، برأيك هل قامت الشعوب العربية بما هو مأمول منها لوقف العدوان على قطاع غزة، وهل هي أصلا تملك أوراق ضغط على أنظمتها؟
الحقيقة أنه جرى شيطنة حماس، وبالتالي ببساطة عندما تشيطنها وتعتبرها جماعة مرفوضة، إذن من سيتظاهر من أجلها سيصبح مُتهما بأنه يتظاهر معها وبالتالي يظهر وكأنه يتظاهر مع القاعدة، من سيتظاهر مع القاعدة؟ لا أحد.
وواضح تماما بأن إسرائيل بدأت هذه الشيطنة وأمريكا عكستها، وفي المنطقة أيضا هناك حالة من الشيطنة الواضحة للحركة، وبالتالي الرأي العام العربي – والذي هو أصلا غير موجود حيث تم إزالته منذ 80 عاما وتم صنعه على أن يقول سمعا وطاعة – ليس عنده موقف ولا قدرة على دفع الأثمان.
أيضا أي موقف يجب أن يكون له ثمن، والرأي العام العربي برمته غير مستعد لدفع أي ثمن بأي حال من الأحوال، وبالتالي هذا يعطي مُبرر أو يوضح بأنه عندما يتظاهر الناس فإنهم يتظاهرون بخجل ومجموعات صغيرة جدا.
هذا يجعل النظرة العامة بأن هذه الجماعة مرفوضة وما قامت به مرفوض على الأقل أمام الرأي العام، رغم معرفة أصحاب القرار أن هذا غير صحيح ، ورغم يقينهم بأن هناك مستوى من الغضب كبير جدا والله وحده يعلم متى هذا الغضب سينفجر، لكن ما هو واضح تماما أن هناك شيطنة للحركة.
ولا أحد يريد أن يدفع ثمنا أو أن يقول أنه يدعم غزة، لأن دعمه هذا سيُفسر بأنه دعم لحركة حماس، وبالتالي هو سيكون في مربع الشياطين الذين عليهم أن يُعاقبوا لأنهم يؤيدون جماعة قتلت الفلسطينيين.
المشكلة الأساسية أن السردية التي صُنعت حول السابع من أكتوبر هي سردية ظالمة ومتحيزة بكل الأدوات للظالم وأعوانه، وما لم تُعدل هذه السردية لن يتغير شيء.
فيما يخص "محور المقاومة" برأيك هل يمكن القول أنه بعد سقوط نظام الأسد وبعد الحرب على لبنان ضعف موقفه المؤيد والداعم للقضية الفلسطينية؟
أولا محور المقاومة هو من السرديات التي بُنيت من أجل هدف سياسي محدد وواضح، وهو القول بأن الفلسطينيين لا يجيدون الدفاع عن أنفسهم، وإنما هم يريدون من يذكرهم بأنهم محتلين.
وفكرة محور المقاومة هي أيضا "فكرة حقيرة"، لأنها عمليا تريد القول إن - الفلسطينيين شعب ليس عنده كرامة لا يشعر بالاحتلال، وهو يحتاج ناس يتصلوا فيه يقولوا، يا ابن غزة أو ابن طولكرم وجنين، أنت تحت الاحتلال قم وقاوم -، وهذه فكرة قذرة، الناس يعرفون أنهم تحت الاحتلال وفكرة ربط هذا بمحور المقاومة تظهر وكأن الفلسطيني رافض لواقع وجود الاحتلال، وهذا غير صحيح.
مثلا نظام الأسد الذي كان يُحسب على محور المقاومة عرفنا منذ 8 كانون الأول/ ديسمبر بالوثائق وبالمعلومات كم كان ضد الفلسطينيين وكم قتل منهم في اليرموك وجوبر وغيرها، الآن لدينا كثير من المعلومات والبيانات الصحيحة، إذن أين كان محور المقاومة من هذا؟!.
أيضا عرفنا أن حزب الله كان يعرف بأن الفلسطينيين يُقتلون في لبنان وسوريا فماذا فعل؟ كل هذه السردية تحتاج إلى أن تُنسف نسفا، هذا كلام لعب بوعي الناس، محور المقاومة صنيعة وكان يُراد به القول بأن الفلسطينيين يقبلون الاحتلال وغيرهم يريد أن يوقظهم، هذه أكذوبة، الفلسطينيون يعيشون تحت الاحتلال ويعرفون أنهم محتلون ويفكرون بالدفاع عن أنفسهم وفق ما يرونه من إمكانات.
لذلك بالنسبة لمحور المقاومة سقوط الأسد باعتقادي لا يعني الكثير، هو فقط أضر بمصلحة ايران بأنه قطع عليها خط تواصل مع حزب الله، والحزب في حد ذاته استفاد من شرعية القضية الفلسطينية.
حزب الله كان يستمد شرعيته في لبنان من فكرة التقسيم المذهبي، وأراد أن يُعطى شرعية من القضية الفلسطينية والتكسب منها وهو تكسب منها فعلا حتى فترة مؤقتة ولكنه عندما تم ضربه بقسوة قبل باتفاق الهدنة ووقع مع الإسرائيليين.
والآن ما بقي عمليا أي نوع من ما يسمى بمحور المقاومة، فقط ما يقوم به أنصار الله الحوثيين، وهذه أيضا هي جزء من محاولة لاكتساب شرعية خارجية لأن الحوثي الذي يقطع الطريق على اليمنيين داخل اليمن ويمنعهم ويحاربهم يريد أن يحرر فلسطين؟! كلها مقولات مقلوبة بطريقة تجعل الإنسان العاقل يُصاب بالجنون.
بالتالي ما من شخص يستشعر ويدفع الثمن سوى الفلسطينيين في غزة وجنين، هم الذين تحت الاحتلال، أما البقية فهم متفرجين قد يدعمونهم بتصريح من هنا وهناك ولكن هذا لن يغير من الحقيقة في شيء، الحقيقة أن الفلسطينيين هم تحت الضغط والنار وغيرهم في الكثير يلعب دور المتفرج أو أسوء من ذلك أنهم يقومون بشيطنة ما يفعلونه.
برأيك هل قامت دول الوساطة العربية بواجبها؟
الوسيط في جميع الأعراف حتى في العُرف القبلي يريد أن يمنع المصيبة والكارثة والقتل، لكن بالمحصلة الوسيط لا يمتلك عصا موسى، إذا كان طرفي الوساطة أو أحدهما لا يريد الحل لا يستطيع الوسيط فرض الوساطة.
نحن الآن أمام حكومة يمينية متطرفة أيديولوجيا ومتعصبة تؤمن بإبادة الفلسطينيين، وبالتالي حتى لو اعطيتها كل شيء لن تقبله، وهي مستفيدة من ضعف النظام الرسمي العربي والصمت المطبق في العالم والقبول لسرديتها الشيطانية.
فهي صدرت سرديتها من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ولا زالت غالبية وسائل الإعلام الغربية والسياسيين الغربيين يكررونها، ولا تغيير ما لم تتغير السردية أو يحدث تغيير في إسرائيل أو أن يحصل شيئا لا نتوقعه داخلها.
المشكلة أننا أمام حكومة تريد الأخضر واليابس، بمعنى هي تمارس كل ما تمارسه وهي تعتقد أنها تنتصر، لكن اقول كمؤرخ أنها لن تنتصر وعلى العكس من ذلك هي في طريقها إلى نتيجة سيئة بالنسبة لكل فكرة دولة الاحتلال.
ولكن ما نراه الآن هو ألم شديد يستشعره كل صاحب كرامة على قتل أهلنا في غزة أو في الضفة الغربية، لأن ما يحدث جريمة أمام عالم قذر وصامت ولا يقوم حتى بالحد الأدنى في أن يتخذ شيء ويوقف هذه الجريمة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مقابلات غزة الإبادة غزة الانظمة العربية الدول العربية الإبادة المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام الرسمی العربی الشعب الفلسطینی أن الفلسطینیین النظام العربی محور المقاومة تحت الاحتلال حرکة حماس أن هناک یرید أن لا یرید فی غزة أن هذه
إقرأ أيضاً:
الخارجية الفلسطينية تدعو إلى مزيد من الضغط الدولي لوقف "الإبادة" في غزة
قالت وزارة الخارجية والمغتربين، إنها تنظر بخطورة بالغة إلى توسيع الجيش الإسرائيلي اجتياحه البري لقطاع غزة، وحشد المزيد من قواته وآلياته الحربية للمشاركة في حرب الإبادة والتهجير.
وبحسب بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية على صفحتها الرسمية على منصة "إكس" يرافق توسيع الجيش الإسرائيلي اجتياحه البري إغلاق للمعابر، ومنع دخول شحنات المساعدات والغذاء والدواء، وتصاعد جرائم القتل والمجازر الجماعية واستهداف للمدنيين بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى، كما يحدث في حي تل السلطان بمدينة رفح وغيرها من المناطق.
الخارجية تحذر من تصعيد الاحتلال عدوانه البري في القطاع وجرائم القتل والمجازر
تجدد دعوتها لمزيد من الضغط الدولي لوقف الإبادة وفتح المعابر ووقف تهجير سكان مخيمات شمال الضفة
The Ministry of Foreign Affairs warns of the occupation escalating its ground aggression in the Gaza Strip… pic.twitter.com/s87WOANa1e
وحذرت الخارجية في بيان، اليوم الاثنين، من تداعيات تصعيد الاحتلال لجرائم التطهير العرقي وهدم المنازل بالجملة في شمال الضفة الغربية المحتلة ومخيماته، وتوسيع رقعة النزوح القسري لعشرات آلاف المواطنين الذين أصبحوا بلا مأوى، ويتعرضون لأبشع أشكال المعاناة خاصة في شهر رمضان المبارك، في ظل استباحة الجيش وميليشيات المستعمرين للضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
ولفتت الخارجية إلى الاعتداءات المتكررة على أبناء الشعب الفلسطيني، والاستيلاء على المزيد من أراضي في الضفة الغربية كما يحدث باستمرار في مسافر يطا والأغوار وعموم المناطق المصنفة (ج)، كامتداد لدعوات إسرائيلية رسمية معلنة تتفاخر بإجراءات الاحتلال أحادية الجانب غير القانونية الهادفة إلى ضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
ورأت أن اكتفاء الدول والمجتمع الدولي ببعض البيانات وصيغ التعبير عن القلق والقرارات الأممية التي لا تنفذ، بات يشكل غطاءً لجرائم الجيشي الإسرائيلي، واستفراده العنيف بالشعب الفلسطيني، ويعطيه المزيد من الوقت لاستكمال جريمة تدمير فرصة حل الدولتين والانقلاب على جميع الاتفاقيات الموقعة، ما يستوجب رفع مستوى الضغط الدولي لإلزام دولة الاحتلال تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، لا سيما قرار مجلس الأمن 2735 والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وغيرهما من عشرات القرارات الدولية.