تشير الأبحاث العالمية على نباتات C3، والتي تشمل القمح والأرز والعديد من الخضروات، إلى أن ثاني أكسيد الكربون الزائد يمكن أن يرفع معدلات التمثيل الضوئي في أنواع معينة.

قد يبدو هذا بمثابة أخبار جيدة، ولكن الدراسات نفسها تشير إلى انخفاض مثير للقلق في البروتينات والفيتامينات والمعادن – مما يثير المخاوف بشأن سوء التغذية بالبروتين والسعرات الحرارية ونقص المغذيات الدقيقة في المناطق التي تعاني بالفعل من سوء التربة.


 

ننشرت الدراسة في مجال الهندسة وقام فيليكس د.داكورا من جامعة تسواني للتكنولوجيا وزملاؤه الباحثون بدراسة هذه الاتجاهات لإيجاد طرق لحماية المحاصيل المستقبلية من مخاطر التعرض لمستويات عالية من ثاني أكسيد الكربون .

درس الفريق أسباب انخفاض المغذيات هذه وما يمكن فعله للحد من الضرر، كما سلّطت الدراسة الضوء على الآثار المتتالية التي قد تضرّ بالأمن الغذائي لمليارات البشر حول العالم.

التأثير المزدوج لثاني أكسيد الكربون

غالبًا ما يعمل ارتفاع مستوى ثاني أكسيد الكربون على تعزيز نمو النباتات في نباتات C3 من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه من خلال انخفاض التوصيل الثغري والنتح .

قد يكون ذلك إيجابيًا في المناطق التي يُهددها الجفاف، ومع ذلك، في الوقت نفسه، تنخفض نسبة النيتروجين في بعض المحاصيل، مما يُضعف تركيب البروتين.

وقد أفاد فريق البحث بانخفاض بروتين حبوب القمح بنسبة 7.4% في ظل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون .

يُضعف انخفاض البروتين القيمة الغذائية لهذه الحبوب، وقد يؤدي أيضًا إلى زيادة في المكونات النشوية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري في المناطق التي تعتمد بالفعل على أنظمة غذائية غنية بالكربوهيدرات.

ويعتقد بعض الخبراء، أن التحول في مستويات الأحماض الأمينية والفيتامينات والمعادن قد يشكل مصدر قلق أكبر في المستقبل.

ثاني أكسيد الكربون يقلل من تغذية المحاصيل

يكتشف العلماء، أن المعادن في التربة، مثل الزنك والحديد، تنخفض في الحبوب المزروعة في الحقول الغنية بثاني أكسيد الكربون .

في الذرة، أظهرت بعض الدراسات انخفاض مستويات الحديد والنحاس، مما قد يعيق تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية للإنسان، وهذا أمرٌ مثير للقلق بشكل خاص في الأماكن التي تعاني أصلًا من ندرة هذه العناصر الغذائية.

يشير الخبراء إلى أن انخفاض خصائص التحصين الحيوي في العديد من أصناف المحاصيل يُسهم في هذه المشكلة.

كما يلعب تباطؤ امتصاص المعادن وتغير أنشطة الإنزيمات دورا في ذلك.

في ظل ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، تضعف بعض النباتات العمليات التي تُمتص المعادن وتوزيعها عادة.

استراتيجيات لحصاد أكثر صحة

يوصي الباحثون باختيار جينات المحاصيل التي تحتفظ بالعناصر الغذائية الأساسية حتى مع ارتفاع مستويات الغازات، ويبدو أن بعض الأصناف تفقد كميات أقل من العناصر الغذائية، ويمكن للبرامج التي تهدف إلى تحسين امتصاص المعادن أن تحمي المزارعين من خسائر المحاصيل.


 

يُعدّ التحول إلى وجبات أكثر اعتمادًا على البقوليات خيارًا آخر، تعتمد الفاصوليا والبازلاء على تثبيت النيتروجين، الذي يصمد بشكل أفضل في ظلّ ارتفاع ثاني أكسيد الكربون مقارنةً بمصادر النيتروجين المعدني في الأسمدة.

يمكن لزراعة الأشجار، أن تحبس الكربون الزائد في الغابات والأراضي الزراعية.

كما تُحسّن الأشجار بنية التربة وتُهيئ بيئةً أكثر ملاءمةً للميكروبات المشاركة في عملية التسميد الطبيعي.

قد تؤدي بعض الجهود، بما في ذلك زراعة الشجيرات المثبتة لغاز النيتروجين على نطاق واسع، إلى خفض استخدام الأسمدة وإبطاء تراكم الغازات المسببة للاحتباس الحراري


 

الذكاء الاصطناعي والتربية عالية التقنية

يتجه العلماء إلى الذكاء الاصطناعي والتربية عالية التقنية لتحديد السمات الجينية التي تساعد المحاصيل على التكيف مع ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون.


 

تُساعد الأدوات التي تُقيّم النمو، واستهلاك المياه، وكثافة العناصر الغذائية الخبراء على رصد الأنماط الخفية عن العين المجردة. ومن خلال دمج البيانات الضخمة مع علم الجينوم، يُمكن لمُربي النباتات التركيز على بذور أكثر مرونة، مما يُوفر الوقت والموارد.

كما يُمكّن الذكاء الاصطناعي الباحثين من محاكاة الظروف المستقبلية بدقة أكبر، مما يُحسّن من تنبؤاتهم بكيفية تكيف بعض أنواع المحاصيل.

إن تحسين عملية امتصاص العناصر الغذائية بشكل أكبر قد يساعد في الحفاظ على المحاصيل قوية ومغذية، مما يضمن معاناة عدد أقل من المجتمعات من سوء التغذية.

تنوع المحاصيل يقلل من التأثيرات

زراعة أنواع متنوعة من النباتات قادرة على النمو في ظل الظروف المتغيرة تساعد في بناء حاجز للتقلبات غير المتوقعة في المناخ .

كما أن الجمع بين الأنواع ذات امتصاص الكربون العالي قد يُقلل من الآثار الجانبية السلبية لارتفاع ثاني أكسيد الكربون.

فالاستفادة من التنوع البيولوجي المحلي وبناء أنظمة زراعية متنوعة غالبًا ما يُسهم في استقرار الإنتاج وجودة الغذاء.

قد تستفيد المجتمعات القريبة من المناطق الصحراوية، حيث الأراضي الزراعية هشة، من زيادة الشجيرات والأشجار الملائمة للظروف المحلية.

فهذه الأنواع قادرة على امتصاص المزيد من الكربون، مع تعزيز التربة لزراعة المحاصيل الأساسية.

ويقول الخبراء، إن التجارب التي أجريت على نطاق صغير ناجحة بالفعل في أجزاء معينة من أفريقيا، مما يبني مسارات جديدة نحو الأمن الغذائي على المدى الطويل.

حماية إمدادات الغذاء في المستقبل

ويؤكد العديد من العلماء على ضرورة استكشاف كيفية تفاعل ثاني أكسيد الكربون مع عوامل أخرى مثل درجة الحرارة والأحداث الجوية المتطرفة .

إيجاد طرق للحفاظ على البروتينات والأحماض الأمينية والمعادن الأساسية من التآكل سيكون أمراً أساسياً لتلبية معايير التغذية العالمية.

قد يقلل التحول إلى أنظمة غذائية أغنى بالبقوليات والخضراوات من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الماشية.

كما يمكن أن يضيف هذا تنوعًا أكبر إلى الأطباق المحلية، مضيفا البروتينات والمعادن التي قد تفتقر إليها الحبوب التي تُعاني من نقص الكربون.

وفي الوقت نفسه، يمكن للأساليب الإقليمية لإعادة التحريج واستعادة التربة أن تساعد في خفض نسبة معينة من الكربون في الغلاف الجوي .

سيكون للتحولات في السياسات أثرٌ بالغٌ أيضًا، فإذا دعمت الحكومات الأبحاثَ المتعلقة بتحسين أصناف البذور، وشجعت على اعتماد أساليب ريّ ذكية مناخيًا، فسيكون المزارعون أكثر استعدادًا.

ويمكن للتعاون بين العلماء والمجتمعات المحلية وهيئات الصناعة أن يُسرّع من وتيرة الحلول واسعة النطاق.

قد يكون الأشخاص الذين يعتمدون على الحبوب الشائعة هم الأكثر تضررًا من التقاعس، باليقظة الآنية لانخفاض المغذيات، قد يكون من الممكن تجنب أزمات أكبر لاحقًا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ثاني أكسيد الكربون المزيد ثانی أکسید الکربون العناصر الغذائیة ارتفاع مستویات التی ت

إقرأ أيضاً:

مياه الصرف تُستخدم لري المحاصيل الزراعية وتعرّض الصحة العامة للخطر بإحدى جماعات مراكش

تعيش جماعة حربيل في جهة مراكش حالة بيئية وصحية مقلقة، حيث يعمد بعض المزارعين إلى استخدام مياه “الواد الحار” لري مزارعهم.

هذه المياه الملوثة، التي تحتوي على ملوثات خطيرة، تجد طريقها إلى محاصيل الزيتون والنباتات الغذائية التي تُعرض في أسواق مراكش، مما يشكل تهديدًا جديًا للصحة العامة.

وقد عبر سكان المنطقة عن استنكارهم الشديد لهذه الممارسات، مطالبين بتدخل عاجل من السلطات المحلية والدرك الملكي لوقف هذه الانتهاكات البيئية والصحية.

ودعوا إلى ضرورة فتح تحقيق قانوني ضد أولئك الذين يواصلون استخدام هذه المياه الملوثة في ري المحاصيل التي تستهلك من قبل البشر.

وأشار السكان إلى وجود برك مياه راكدة تحتوي على مياه صرف صحي تُستخدم لأغراض مختلفة، من بينها البناء، وهو ما يشكل مخالفة بيئية واضحة ويزيد من تعقيد الأزمة البيئية في المنطقة.

وفي الوقت الذي يبقى فيه الوضع البيئي في حربيل مثار قلق كبير، يُطالب سكان المنطقة بتفعيل إجراءات صارمة من قبل السلطات المحلية لتوقيف المخالفات وحماية صحة المواطنين وبيئة المنطقة.

مقالات مشابهة

  • أمين عام البحوث الإسلامية لـ«البوابة نيوز»: نعمل فى إطار الرسالة الشاملة للأزهر.. نركز على كل القضايا التي تمس الإنسان بشكل مباشر.. والخطاب الديني المستنير يراعي واقع المجتمع
  • أسعار النحاس تبلغ مستويات قياسية.. ما العوامل التي تقف وراء صعودها؟
  • احذروا.. أطعمة شائعة ترفع مستويات السكر بالدم من دون أعراض
  • نمو اقتصاد الهيدروجين وخفض الكربون.. أرامكو تستحوذ على 50 % في شركة الهيدروجين الأزرق
  • لادا جرانتا 2021 أوتوماتيك .. سيارة اقتصادية بأقل سعر
  • سوبر توفير.. طريقة عمل البيتي فور بأقل التكاليف
  • مياه الصرف تُستخدم لري المحاصيل الزراعية وتعرّض الصحة العامة للخطر بإحدى جماعات مراكش
  • أسراب الجراد تتسلل من الجزائر وتهدد المحاصيل الزراعية بمحاميد الغزلان (صور)
  • بمكون سحري.. عطر يجعل منزلك مثل الفنادق في العيد