لماذا سحبت تونس اعترافها باختصاص المحكمة الإفريقية وما مخاطر ذلك؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
شكّل قرار سحب السلطات التونسية، لاعترافها، باختصاص المحكمة الإفريقية لحقوق الانسان، صدمة قوية في الأوساط الحقوقية والسياسية، ما أثار استنكارا ورفضا واعتبر بمثابة الانتكاسة والعودة للوراء في مجال الحقوق والحريات وتراجعا لتونس عن تعهداتها الدولية.
ووفق وثيقة مسربة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ: السلطات بعثت بمراسلة في الثالث من آذار/ مارس الجاري من وزير الخارجية، محمد علي النفطي، تعلن فيها سحب اعترافها باختصاص المحكمة في قبول العرائض الصادرة عن الأفراد والمنظمات غير الحكومية التي تتمتع بصفة مراقب لدى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
وفي السياق نفسه، لم توضح السلطات في تونس، أسباب هذا الانسحاب، ولم يتم التداول في الأمر بالتوضيح للرأي العام، ما فُهم منه غضب النظام من الانتقادات والقرارات الصادرة عن المحكمة والرافضة لإجراءات سعيد.
"عودة للوراء وعجز للنظام"
قال المحامي التونسي الذي رفع دعوى قضائية للمحكمة الإفريقية ضد إجراءات الرئيس قيس سعيد، في ما يتعلق بالمرسوم 117 سنة 2021، إبراهيم بلغيث، إنه: "يصعب تحليل أو معرفة الأسباب التي دعت إلى سحب النظام القائم باعتراف اختصاص المحكمة للنظر في الدعاوى، التي يرفعها الأفراد والمنظمات غير الحكومية، ولكن هناك بعض المعطيات التي قد تشكل عناصر إجابة".
وفسّر المحامي بلغيث في تصريح خاص لـ"عربي21"، "الاعتراف باختصاص المحكمة هو أحد إنجازات ثورة 2011 وتميزت بها تونس عن بقية الدول العربية والإسلامية، وهو ما لا يتلائم و تصور السلطة القائمة، في تونس اليوم، التي تجهد في الرجوع إلى مصاف الأنطمة العربية الكلاسيكية، المعادية لكل ماهو ثورة وديمقراطية، خاصة في ظل فقدان المناعة الاقتصادية و المالية".
وأوضح: "هناك تراجع خطير لحقوق الانسان في تونس، وطبيعة تعامل السلطة القائمة في تونس مع النصوص القانونية عامة، وتلك التي تعنى بحقوق الانسان بصفة خاصة تتجافى والمنطق القانوني السليم، وهو أمر لا يشكل خطرا على النظام القائم في ظل إحكام سيطرته على القضاء، إذ أنّ تونس هي البلد الوحيد في العالم الذي يمكن لرئيس الجمهورية فيه إعفاء قاضي دون أي تعليل أو احترام".
وتابع: "إذا، لا إشكال إن وقع خرق حقوق الانسان لن تقع معالجة ذلك وطنيا، يبقى التقاضي الخارجي وتحديدا الإقليمي وهو جزء من المنظومة القضائية والقانونية التونسية، بموجب الاعتراف الذي وقع سحبه للتخلص نهائيا من أي محاسبة أو إدانه قضائية لانتهاكات حقوق الانسان التي أصبحت منهجية، وإحدى وسائل ممارسة السلطة".
وأكّد المحامي بلغيث: "اختار النظام القائم الصمت المطبق وعدم التعليق على أي حكم من أحكام المحكمة التي أدانته سابقا، والتي طبعا لم يمتثل لها وتصرف كأنها لم تكن فمن الواضح والثابت أنها كانت مؤلمة على مستوى خارجي، ويريد التخلص منها".
"خاصّة أن هناك العشرات من المحاكمات السياسية ومحاكمات الرأي التي تشهدها تونس هذه السنة والتي لا تحترم فيها المعايير الدنيا للمحاكمات العادلة ومن المنتظر أن تدينها المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وهو ما يبحث النظام عن التخلص منه" بحسب المحامي التونسي نفسه.
ولفت المحامي خلال حديثه لـ"عربي21" إلى أنّ: "قرار الانسحاب يثبت كذلك عجز النظام رغم تحكمه في كل دواليب الدولة، ومن الهيّن له الوصول لكل وسائل الإثبات لتقديمها للمحكمة، لأن الإجراءات أمام المحكمة تخضع لمبدا المواجهة وبالتالي فإن الإنسحاب يأخذ شكل الإفلات من المحاسبة".
أمّا بخصوص مخاطر قرار الانسحاب، رأى بلغيث، أنه من: "السلبيات طبعا سمعة تونس على مستوى حقوق الانسان، قد تضررت باعتبار أنه تراجع هام ورجوعا إلى الوراء بسحب ضمانة مهمة وقضائية من المواطن التونسي".
"تضييق على الحريات"
يشار إلى أنّ شخصيات سياسية قد توجهت لهذه المحكمة ورفعت دعاوى ضد قيس سعيد، كما قضت المحكمة ببطلان قرارات الرئيس سعيد الاستثنائية والمتعلقة بالمرسوم 117 الذي يحتكر بموجبه كل السلطات وكذلك ملف عزل 57 قاضيا، كما تم رفع دعوى ضد قرار تعديل قانون الانتخابات قبل أيام من الاستحقاق الرئاسي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
يذكر أن المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان تتكون من 11 قاضيا، وهي محكمة قارية دعت لإنشائها عدة دول إفريقية لضمان حماية حقوق الإنسان والشعوب في القارة، وصادقت عليها 32 دولة 8 منها فقط، تعدّ طرفا في البروتوكول الذي يعترف باختصاص المحكمة لتلقي القضايا مباشرة من المنظمات غير الحكومية والأفراد.
من جهته، قال المحامي والسياسي، سمير بن عمر، في تعليق على قرار سحب الاعتراف: "يندرج في إطار سلسة الإجراءات التي اتخذتها السلطة في إطار التضييق على الحريات والرجوع للوراء والانتكاسة على الثورة".
وأكّد بن عمر في تصريح خاص لـ"عربي21"، أنّ: "التحفظ عل تمكين الأفراد والمجتمع المدني من إمكانية رفع قضايا أمام المحكمة هو تضييق على حق التقاضي،وهو طبعا يعكس هشاشة موقف السلطة في ما يتعلق بملف الحريات وحقوق الإنسان ومسار انقلاب 25 يوليو".
وأوضح الحقوقي سمير بن عمر، أنّه: "من الواضح جدا أن المحكمة تخشى هذه المحكمة وقراراتها، وتعرف مسبقا أن المسار الذي تسير فيه يتضارب مع الدستور ومع مواثيق حقوق الإنسان التي أمضتها الدولة التونسية".
إلى ذلك، أردف بن عمر، بأنّ: "هذه المحكمة دولية وتتكون من قضاة محايدين ولايمكن اتهامهم بالتآمر على السلطة،أو بالانحياز إلى أي طرف بل هم منحازون للقانون فقط".
وشدّد المحامي، أنّ: "التهرب من تحكيم هذه المحكمة يعكس هشاشة موقف السلطة التي تعوزها الحجة، ويؤكد كل المخاوف من المسار الذي تمشي فيه".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات التونسية المحكمة الإفريقية قيس سعيد قانون الانتخابات تونس المحكمة الإفريقية السلطات التونسية قانون الانتخابات قيس سعيد المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الإفریقیة الإفریقیة لحقوق باختصاص المحکمة حقوق الانسان حقوق الإنسان هذه المحکمة فی تونس بن عمر
إقرأ أيضاً:
وزارة الداخلية: مديرية أمن ريف دمشق تلقي القبض على المجرم شادي عادل محفوظ الذي عمل لدى شعبة المخابرات العسكرية فرع 277 زمن النظام البائد
2025-03-24hadeilسابق مع اقتراب عيد الفطر السعيد.. انتشار عناصر شرطة المرور في شوارع طرطوس لتخفيف الازدحامات المروريةالتالي بهدف إعادة تأهيل المنطقة وضمان سلامة السكان.. مجلس مدينة اللاذقية يقوم بهدم المباني المتضررة جراء الانفجار الذي وقع في حي الرمل الجنوبي انظر ايضاً بهدف إعادة تأهيل المنطقة وضمان سلامة السكان.. مجلس مدينة اللاذقية يقوم بهدم المباني المتضررة جراء الانفجار الذي وقع في حي الرمل الجنوبي
آخر الأخبار 2025-03-24وزارة الداخلية: مديرية أمن ريف دمشق تلقي القبض على المجرم شادي عادل محفوظ الذي عمل لدى شعبة المخابرات العسكرية فرع 277 زمن النظام البائد 2025-03-24إنكلترا تسعى لتحقيق فوزها الثاني حين تواجه لاتفيا بالتصفيات المؤهلة لمونديال 2026 2025-03-24القائم بأعمال وزارة الصحة يناقش عمل المديريات المركزية خلال الربع الأول من العام الجاري 2025-03-24تعزيل نحو 35 كم من شبكة ري حمص حماة 2025-03-24حملة تبرع بالدم في مشفى كرم اللوز الوطني بحمص 2025-03-24وزارة العدل تصدر تعميماً يقضي بالتقيد بالحصانة الممنوحة للقضاة والمحامين 2025-03-24اجتماع في وزارة التربية لمناقشة تحضيرات العملية الامتحانية وتطبيق تعليمات المركز الصحي 2025-03-24الدفاع المدني يخمد حريقاً في شقة سكنية بمدينة حماة 2025-03-24هيئة تطوير الغاب: وضع محصول القمح جيد ولا توجد إصابات حشرية 2025-03-24سوريا تشارك في أولمبياد آسيا والمحيط الهادي للرياضيات
صور من سورية منوعات المائدة الرمضانية في درعا… تنوع يجمع بين الأصالة والنكهة 2025-03-15 العرقسوس والتمر الهندي… عصائر رمضانية شعبية في حماة 2025-03-11فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |