بوابة الوفد:
2025-01-31@02:49:00 GMT

الناس كرهت الشعر بسبب شعراء السبعينيات

تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT

سماسرة التمويلات الخارجية خطر على الثقافة المصرية

 

منذ بداية الثمانينيات، يعمل الشاعر الكبير شعبان يوسف وكأنه «مؤسسة» كاملة. لا يمكنك أن تتصور أن هذا الجهد الخارق فى شتى مجالات الحياة الثقافية، يقوم به شخص واحد، لا يملك من الدنيا إلا قلمه وضميره. ما بين الشعر والرواية والتاريخ والمسرح والسينما والقضايا الثقافية والسياسية؛ يتحرك شعبان يوسف بنفس القوة منذ أن كان فى العشرين، وإلى الآن وهو على مشارف السبعين.

إنه مثال حى للتواضع، ودرس بارز فى إنكار الذات، وروح حنونة تتفانى فى دعم الآخرين على اختلاف أعمارهم وتوجهاتهم وأفكارهم. هو أحد شعراء جيل السبعينيات، غير أنه ينفرد بينهم بصوته الخاص منذ ديوانه «مقعد ثابت فى الريح» وحتى آخر دواوينه. لا حمولات أيديولوجية فى قصائده ولا فحولة لغوية ولا ألاعيب تجريبية تجردها من روح الشعر، وتحرمها من «بساطتها» أو «مصريتها»، لأنه -باختصار- مصرى حتى النخاع، شكلاً وروحاً ودماً. «ورشة الزيتون» التى أسسها وأدارها منذ 40 عامًا، ساهمت فى تخريج أجيال من الأدباء والشعراء، بجهود متواضعة، وفى الظل، دون ضجيج أو صخب، ودون أن يتحول هو إلى سلطة أو تتحول هى إلى وسيلة ثراء، خاصة فى هذا الزمن الذى تتكدس فيه «الدكاكين الثقافية» بوجوهها المشوَّهة و«أجنداتها» المشبوهة. رائد فى التفتيش عن الأسماء المجهولة والمبدعين المهمشين، وإزالة التراب عن حقوقهم المهضومة، وإعادة بعثهم للنور، قبل أن تصبح موجة الانتصار للهوامش والأعراق «تجارة» رائجة فى السنوات الأخيرة. عبر مسيرته الطويلة؛ لا يمكن أن تحسبه على «شلة» أو تيار، رغم قربه من الحركة اليسارية، ولا يمكن أيضاً أن تجد فى تاريخه أى مواقف فكرية أو سياسية، تخصم من نبل روحه، أو تضعه فى طابور اللاعبين على كل الحبال والمدعوين على جميع الموائد. انحيازه الوحيد للحرية والثقافة المصرية وقضايا الأمة العربية، مهما تبدلت الأفكار من حوله أو تغيرت المواقف، ويجدد فينا الأمل بأن المثقف الحقيقى يستعصى على البيع والشراء، رغم أنف «سوق العولمة».

هذا الحوار الذى أجرته «الوفد» مع الشاعر والكاتب والباحث والمؤرخ شعبان يوسف، هو شهادة استثنائية شاملة على الفترة الراهنة.

أرفض التطبيع الثقافى مع الكيان الصهيونىالشاعر الكبير شعبان يوسف 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: شعبان يوسف الوفد حوار الناس السبعينيات شعراء شعبان یوسف

إقرأ أيضاً:

أحمد شوقي يلتقي جورج أورويل

يحيا الشعر مرة بعد أخرى كلما ظن الناس أنه خبا ومات، بل إنه ينهض من تحت الأنقاض كما تنتفض العنقاء، فـيعرّي نظريات موت الشعر والأدب وتهمة ابتعاده عن حياة وواقع الناس. يمثل الشعر الجدار الذي نتكئ عليه بعد يوم مرهق، السند الذي نستند إليه عند حلول مصيبة، والثلج الذي يهب بنسائمه على صدورنا كلما ابتغينا أملا نهرب به من واقع الحياة القاسي إلى المزيد والمزيد من الحياة، كما يدفع مدرب السباحة تلميذه الذي يخشى الغرق إلى عمق الحوض ووسط البركة. كان الشعر فـي يوم من الأيام الشيء الذي نتحدث به، ونتمثل به فـي السراء والضراء، بل وفـي السخرية والتهكم أيضا؛ لكنه يختبئ أحيانا فـي شقوق الذاكرة، ثم يعود إلى الحياة من بعيد، يعود إلى الضوء من بعد غيابة النسيان.

يبدو التشاؤم الخيار الأسهل دائما، فمن الأسهل أن نتلفع بغطاء دافئ فـي الصباحات الشتوية بدلا من القيام والعمل. من الأسهل أن نستسلم للموت البطيء أو اليأس من المقاومة وتحمل المشقة. لكن متطلبات الحياة وواقعها، والمشاهد التي نشاهدها وتتجسد فـي أشخاص ليسوا أكثر بشرية منا ليفعلوا ما بدا أنه خيالي وأسطوري، إنما هم أكثر إيمانا وعملا بذلك الإيمان فـي أنفسهم وواقعهم من الآخرين الذين يستسلمون للدعة السامة مقابل المشقة التي تمنح الحرية والانعتاق. بدا أننا نسينا القصيدة الخالدة لأحمد شوقي فـي نكبة دمشق، التي قالها حين قصف الفرنسيون دمشق تلك المدينة المليئة بالناس والتاريخ والحضارة، ورغم أنه كان قصفا مدمرا؛ إلا أن الناس بذلوا فـي سبيل حريتهم وبقاء وطنهم الغالي والنفـيس، وهل هنالك أغلى من الروح والدم؟.

كتب شوقي قصيدته «نكبة دمشق» والشهيرة والمعروفة بمطلعها البديع البهي

سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ

وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ

لكن هذه القصيدة التي بدا أن غبار الأيام تراكم عليها وطواها، عادت إلى الحياة بقوة وعنفوان، وذلك لأن زعيم حركة المقاومة الإسلامية يحيى السنوار ظهرت له مؤخرا مقاطع مصورة ضمن برنامج «ما خفـي أعظم» وهو فـي ميدان المقاومة والقتال فـيما بدا وكأنه لقطة من فـيلم سينمائي بطولي، لا أنه حقيقة وواقع!، وهو يردد بيتا من القصيدة

وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ

بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ

جعلني هذا المقطع أتأمل المشهد وأتساءل بصدق، كيف يمكن لبيت من الشعر أن يجعل المرء يبتسم وسط المعركة والدمار المحيط به؟ كيف لبيت من الشعر أن يكون وقودا للإرادة فـي مواجهة الظلم والقهر والبطش والجنون!، كيف له أن يفعل ذلك؟. إن أيسر إجابة وأقربها كما أرى، أن الشعر الذي ينبع من الواقع بمساوئه قبل محاسنه، وآلامه قبل أفراحه؛ يتجسد فـي حياة الناس واقعًا ملموسًا. فهو ليس فذلكة لغوية تودع الكتب والمخازن، بل هي كلمات تعيش فـي قلوب المؤمنين بها، تحركهم وتبث فـيهم الأمل والحياة.

من مصادفات الأقدار أن الكتب والبشر تتقاطع مساراتهم فـي شيء من العجائبية التي يصعب تفسيرها؛ فرسالة الغفران للمعري، يقابلها جحيم دانتي. وبيت لشاعر عربي قديم، يطابق نظرية علمية اكتشفت حديثا، وهكذا تمضي الحياة. ومن المفارقات، أن يقرأ الإنسان كتابا عن أمة أو شعب عاش فـي حقبة ما، فـي بقعة ما من الوجود، ويجد نظيرا لها فـي بقعة وحقبة مختلفة عنها. ومن ذاك، رواية جورج أورويل 1984 التي أحدثت هزة عنيفة فـي أوروبا والعالم فـي القرن المنصرم، والتشابهات والإسقاطات التي بدت كما لو أنها مكتوبة فـي سبيل توصيف أسباب ونتائج ووقائع حرب الإبادة الصهيونية على غزة. «.. بعد ذلك سددت المروحية قنبلة زنتها عشرين كغم إلى الزورق مع وهج مروع فـيتحطم القارب تمامًا إلى شظايا خشبية صغيرة. ثم عرضت لقطة مدهشة ليد طفل وهي ترتفع إلى الأعلى بخط مستقيم فـي الهواء وطائرة المروحية مع كاميرا فـي مقدمتها تقتفـي أثرها. كان هناك الكثير من التصفـيق يصدر عن مقاعد الحفلة، لكن امرأة فـي الجزء المخصص للشغيلة من القاعة قفزت فجأة باهتياج وهي تصرخ «ما كان عليهم أن يعرضوا ذلك أمام الأطفال...)) حتى طردها البوليس». إنه مشهد اعتاد الناس مشاهدته فـي حرب الإبادة التي ستدخل أسبوعها الثالث من الهدنة، فقد كان الصحفـيون والمتظاهرون الهدف المفضل للشرطة فـي بلدان الديمقراطية الأوروبية والأمريكية، وهي مشاهد تكررت حتى فـي مداخلات الصحفـيين بعد كلمة المتحدث باسم البيت الأبيض أو كلمات بلينكن الكثيرة.

يتساءل أورويل فـي روايته «..كيف سيكون بإمكانك الاحتكام إلى المستقبل عندما لن يكون بالإمكان لأي أثر منك حتى ولو كان كلمة مبهمة خربشت على قطعة ورق، أن يبقى ماديا؟» ثم يتحدث عن المعلومات التي لا وجود مادي لها -أي التي لا توجد فـي الأوراق والكتب- وهو ما يتطابق تطابقا مذهلا مع القضية الفلسطينية والرواية الصهيونية التي تروج نفسها، حيث يقول: «..إنها فـي وعيه الخاص فقط، الوعي الذي ينبغي على أية حال أن يُلغى فـي الحال، فإذا ما تقبل الآخرون جميعا الأكذوبة التي فرضها الحزب -وإذا ما كانت كل السجلات تذكر نفس الحكاية- عندئذ ستدخل هذه الكذبة التاريخ لتصبح حقيقة واقعة»؛ لأنه وببساطة «..كيف تستطيع أن تثبت حتى أكثر الحقائق وضوحا عندما لا تكون هناك أية سجلات خارج ذاكرتك الخاصة؟». إن ما يفعله شوقي وأورويل وكل من له أثر فـي سرد الوقائع والأحداث وتوصيفها، هو اتحاد الجانب الخيِّر من البشرية فـي سبيل حفظ الماضي والحاضر؛ لأن «إعادة بناء الماضي» واحدة من أساليب الشر لتطويع وتطبيع ما لا يمكن قبوله بحال ولا يمس للحقيقة بصلة. ومن عجائب رواية أورويل، تلك الفقرة التي يتحدث فـيها عن وزارة السلام، وهي ما سيجد القارئ تجسيدا لها فـيما مضى من أحداث على غزة ولبنان واليمن وسوريا من قِبل الكيان الصهيوني «..قام بتصميم قنبلة يدوية تبنتها وزارة السلام وتسببت فـي مقتل واحد وثلاثين أسيرا أوراسيا فـي انفجار واحد». يلتقي أورويل بشوقي إذن، يلتقيان فـي الذاكرة والمآسي المتجددة التي يتعلم العالم أنها ستنتهي بالأيادي المضرجة، يلتقيان رغم القصف والبطش والقهر والإبادة. ولننظر بعين اليوم إلى قصيدة شوقي، ولنتأمل؛ أكانت قصيدته قديمة طواها الزمن؟ أم أنها واقع يتجدد اليوم؟

وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانوا

قُلوبٌ كَالحِجارَةِ لا تَرِقُّ

بِلادٌ ماتَ فِتيَتُها لِتَحيا

وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا

وَحُرِّرَتِ الشُعوبُ عَلى قَناها

فَكَيفَ عَلى قَناها تُستَرَقُّ

وَيَجمَعُنا إِذا اختَلَفَت بِلادٌ

بَيانٌ غَيرُ مُختَلِفٍ وَنُطقُ

وَلِلأَوطانِ فـي دَمِ كُلِّ حُرٍّ

يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ

فَفـي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ

وَفـي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ

وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ

بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ

علاء الدين الدغيشي كاتب وشاعر عماني

مقالات مشابهة

  • رئيس أحد السعودي: كرهت الكرة بسبب انتقال ميشالاك إلى الزمالك
  • الشاعر المغربي مراد القادري من معرض الكتاب: نحن مدينون لمصر ثقافيًا
  • شاعر مغربي من معرض الكتاب: نحن مدينون لمصر ثقافيًا
  • شعراء إسبان يشاركون في معرض القاهرة الدولي للكتاب لإثراء المشهد الثقافي
  • شعراء إسبان يشاركون في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين
  • احذر الأحاديث الضعيفة عن شهر شعبان.. 10 روايات غير صحيحة شاعت بين الناس
  • الشاعر الإسباني فرانسيسكو سولير: تأخرتُ في نشر أعمالي بسبب كرة القدم
  • أحمد شوقي يلتقي جورج أورويل
  • قصائد الوجد والفقد في «بيت الشعر بالشارقة»
  • لغة الروح وصوت القلب في بيت الشعر