يعد تشجيع الأبناء على الصيام وترسيخ هذه القيم لدى من وصلوا سن التكليف، تحديًا كبيرًا للوالدين قبل الأبناء، فبينما يواجه الأطفال صعوبة في تحمل الجوع والعطش، يواجه الآباء تحديًا آخر يتمثل في كيفية إقناع أبنائهم باستكمال صيامهم. وفي هذا السياق، طرح العديد من أولياء الأمور تساؤلات حول طرق تشجيع أطفالهم على إتمام الصيام، خاصة في سن مبكرة، دون أن يتسبب ذلك في إرهاقهم أو شعورهم بالتعب.

يُعتبر الصيام لأول مرة تجربة صعبة، لا سيما في حالة وجود اختلافات فردية بين الأطفال في جوانب مثل البنية الجسدية والقدرات النفسية. وقد كشفت العديد من الدراسات عن استراتيجيات متبعة من قبل الآباء لتشجيع الأبناء على استكمال صيامهم، مثل التدرج في الأيام الأولى، بالإضافة إلى تحفيز الطفل من خلال الإشادة أو تقديم مكافآت مادية تشعره بالإنجاز، وهي أساليب تتفاوت وفقًا لطبيعة العائلة.

في إطار هذا الموضوع، التقت «عمان» بعدد من أولياء الأمور لمعرفة كيفية تخطيهم هذه المرحلة مع أبنائهم، خاصة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و 10 سنوات.

التدرج في الصيام

يؤكد أحمد بن محمد بن منصور العنقودي أن التدرج في الصيام يمثل خطوة أساسية ومهمة، خصوصًا في العام الأول من تجربة الصيام. ويشرح قائلا: «في اليوم الأول والثاني، نبدأ بتحديد ساعات قليلة للصيام، وفي الأيام التالية نزيد المدة تدريجيًا، حيث لا يتجاوز التدرج الأسبوع الأول فقط. أما في الأسبوع الثاني، فنحث الأطفال على إتمام الصيام بالكامل، ولكن بطريقة محفزة، مثل شراء هدية بسيطة وتشجيعهم على إتمام الصيام مقابل الحصول عليها».

ويتابع العنقودي: «بعد إتمامهم لصيام الأسبوع الأول، نعرض عليهم تحديًا أكبر: إذا أتموا صيام الشهر بالكامل، يمكنهم اختيار هديتهم المفضلة. وأضاف: إنه من أجل تقليل الشعور بالتعب أو الجوع خلال ساعات الصيام، يمكن تنظيم أنشطة ممتعة للأطفال، مثل إشراك الفتاة في إعداد الإفطار مع والدتها في المطبخ.

ويختتم العنقودي بالقول: «من الأهمية بمكان مراعاة الوضع الصحي للأطفال وسنهم عند تطبيق هذه الاستراتيجيات لضمان عدم إرهاقهم».

فوائد الصيام

ويؤكد رياض بن حمد بن حامد الهوتي على أهمية توفير جو من البهجة والسرور في المنزل لتحفيز الأطفال على الصيام. ويشرح قائلا: «أبدأ بتزيين المنزل بالفوانيس والمصابيح الزاهية، مما يساهم في إدخال البهجة في قلوبهم. وبعد ذلك، أخبرهم عن فوائد الصيام الصحية وأجره وثوابه عند الله، حيث تعد تنمية الجانب الروحي للأطفال أمرًا مهمًا لإقناعهم بفوائد الصيام».

ويضيف الهوتي: «نوضح لهم أن العبادات، ومنها الصيام، هي الطريق إلى الفوز بالجنة. وعندما يصومون، نشجعهم على مساعدتنا في تحضير المشروبات والمأكولات والحلويات، مما يجعلهم يستمتعون بالوقت ويشعرون بالمتعة أثناء اليوم دون أن يشعروا بثقل الصيام».

الإرشاد والنصيحة

تؤكد سعيدة بنت حمود الحراصية على أهمية استغلال شهر رمضان كفرصة لتوجيه الأبناء نحو الصيام وتهيئتهم لهذا العمل العظيم. وتقول: «شهر رمضان شهر عظيم، تمحى فيه الخطايا وتطمئن فيه النفوس، وما أجمل أن نستقبله بصيام مقبول وأعمال مأجورة».

وتضيف: «علينا نحن الوالدين أن نملأ قلوب أبنائنا برغبة الصيام، وأن نرشدهم إليه من خلال النصيحة والإقناع. من خلال ضرب أمثلة توضح لهم أهمية الصيام، سيتشجعون على الصيام ويؤدونه وهم يشعرون بالراحة والاطمئنان».

المكافآت والتحفيز

يؤكد محمد بن سعيد بن علي الجرادي على أهمية التدرج في تعويد الأطفال على الصيام، بداية من الصيام لبضع ساعات مثل الصيام حتى الظهر، ثم التدرج إلى العصر، حتى يتمكن الطفل من إكمال اليوم. ويقول: «يجب أن نشرح للطفل أهمية الصيام بطريقة مبسطة تتناسب مع عمره، مثل أنه يساعدنا على الشعور بالامتنان والصبر».

ويضيف الجرادي: إن التشجيع بالمكافآت والتحفيز له دور كبير في تعزيز رغبة الطفل في الصيام، كما ينبغي أن نمدح جهود الطفل في الصيام حتى وإن لم يُكمل اليوم بالكامل. ويؤكد على ضرورة التدرج والتخفيف، قائلا: «من المهم ألا نضغط على الطفل للصيام الكامل فورًا، بل نترك له المجال وفقًا لقدرته الجسدية. وإذا شعر بتعب شديد، شجعه على إتمام الصيام دون ضغط».

من الأساليب الفعّالة أيضًا، إعداد جدول تحفيزي يتضمن نجومًا أو ملصقات تُمنح للطفل عند إتمام كل يوم صيام، وعند إتمام عدد معين من الأيام، يحصل على مكافأة يحبها. ويستحسن إشغال الطفل بأنشطة ممتعة مثل التلوين، أو مشاهدة برامج هادفة، أو قراءة قصص عن الصيام، مع تجنب تعريضه للمواقف التي قد تثير شعوره بالجوع، مثل مشاهدة إعلانات الطعام أو الحديث المستمر عن الأكل.

وأشار الجرادي إلى أهمية القدوة الحسنة في تعزيز روح الصيام لدى الطفل: «عندما يرى الطفل والديه وأفراد الأسرة يصومون بروح إيجابية وسعادة، سيشعر أن الصيام أمر جميل ومحبب. وأوصى أيضًا بالحديث عن فوائد الصيام، موضحًا كيف أن الصيام يقوي الجسم ويعزز الصحة، ويجلب الأجر والثواب، كما يمكن استخدام قصص الأنبياء والشخصيات التاريخية كمصادر إلهام، مع الحرص على تحضير وجبات سحور تحتوي على أطعمة تمنح الطفل طاقة تدوم طوال اليوم.

اختلاف القدرات الجسدية

يوضح إبراهيم بن سعيد بن ناصر الحارثي قائلا: «لدي ابنة في الصف الرابع، ولكي تشعر بالتحفيز لإتمام صيامها، قمت بتحديد مبلغ معين تكمل به صيامها كل يوم. وأضاف: من المهم أن نعلم أن كل طفل يختلف عن الآخر في قدرته على الصيام، لذلك يجب أن يكون الدعم والتحفيز متناسبًا مع قدراتهم النفسية والجسدية».

ويشدد الحارثي على أهمية التدرج في الصيام، خاصة في الأيام الأولى، حيث يقترح أن نترك للأطفال المجال لتحديد قدراتهم تدريجيًا، حتى يشعروا بأنهم قادرون على إتمام الصيام بشكل كامل، بدلا من فرض الصيام عليهم كواجب، حاول أن تشجعهم على إتمامه كمكافأة أو كفرصة لنيل رضا الله».

ويستطرد الحارثي قائلا: «من المهم أيضًا نشر أهمية الصيام بطريقة تناسب أعمار الأطفال، مثل الحديث عن كيفية أن الصيام يساعدنا على الشعور بالفقراء والمحتاجين، كما يلفت إلى أهمية توفير جو رمضاني ممتع في المنزل، مثل تزيين المنزل بزينة رمضانية، مما يساهم في تعزيز الجو الإيماني والاحتفالي الذي يشجع الأطفال على المشاركة في الصيام بفرح وسعادة.

الصبر

يؤكد سعيد بن عامر بن سعيد الرحبي على ضرورة تشجيع الأطفال من خلال منحهم مكافأة مميزة إذا أتموا صيامهم، مع شرح أهمية صيام هذا الشهر الكريم وما يعود عليهم من أجر وثواب. ويقول: «يجب أن نفهمهم عواقب ترك الصيام، وأن نوضح لهم كيف أن هذا العمل يساهم في تعزيز الصبر والتقوى».

ويشدد الرحبي على أهمية الصبر في التعامل مع الأطفال في حال شعروا بالجوع أو العطش، قائلا: «إذا شعر الطفل بالجوع أو العطش، يجب أن نطمئنه بالكلام الإيجابي الذي يشجعه على إتمام الصيام. ويضيف: «من المهم أن نحرص على أن لا يصبح الإفطار عادة عند الطفل بسبب التعب، بل نحثه على الصبر وتجاوز هذه الصعوبات.

ويفضل الرحبي أن يكون التدرج في الصيام في العام الأول على أساس يومي، بحيث يبدأ الطفل بصيام أيام قليلة في الأسبوع الأول، مع تعزيز الصبر والتحفيز في كل يوم صيام».

الأجواء الروحانية

توضح غادة فتحي محمد أهمية التدرج في تشجيع الأطفال على الصيام، حيث تقول: «من ناحيتي، أشجع ابنتي على الصيام بإعطائها هدية بسيطة بعد كل يوم صيام. وتستكمل: كنت قد شجعت ابنتي في الصف الثاني على الصيام، وكانت طوال الوقت تسألني: «ماما، كم بقي على الأذان؟» وبالطبع، كونها ما زالت صغيرة، كنت أرد عليها: إذا شعرتِ بالتعب، يمكنك شرب الماء. ولكنها أصرت على إتمام الصيام وكانت متحمسة ومصممة جدًا.»

وتؤكد غادة أن التحفيز بالهدية وتهيئة أجواء روحية مريحة في المنزل، مثل تزيين المنزل أو الحديث عن فضل الصيام، كان له تأثير كبير في تحفيز ابنتها على الرغبة الذاتية في الصيام، إضافة إلى ذلك، أن توفير الأجواء الروحانية في المنزل كان في حد ذاته حافزًا وتشجيعًا للطفل، مما يجعل الصيام أمرًا ممتعًا ومحببًا».

سن التكليف

تؤكد إيمان أحمد شرف على أهمية مراعاة سن التكليف عند تشجيع الأطفال على الصيام، حيث تقول: «أولا، من المهم جدًا أن يبلغ الطفل سن التكليف، ويجب أن نأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار. فبعض الآباء يطلبون من أبنائهم الصيام في سن مبكرة، مثل الثامنة أو التاسعة، وهذا قد لا يكون مناسبًا.

وتستكمل: «من الخطأ أن نطلب من الطفل في هذا العمر صيام يوم كامل، لأن الهدف الأساسي هو الاستعداد والتعويد. وفي مثل هذه الحالة، يفضل أن يكون الصيام متقطعًا. وإذا شعر الطفل بالجوع، يجب أن نسمح له بتناول الطعام مباشرة».

وتضيف شرف: «الأساس الأهم في هذا الشهر الفضيل هو غرس قيمة الصيام في نفوس الأطفال، وتوضيح أن الصوم هو ارتباط بالله ويعلمنا الصبر، بالإضافة إلى الشعور بالفقراء والمساكين».

الصيام المتقطع

يؤكد سليمان بن داود بن سيف الناعبي على أهمية البدء بتعويد الأطفال على الصيام بشكل تدريجي، حيث يقول: «بدأت مع ابنتي بالصيام المتقطع في أول يومين من رمضان، وفي اليوم الثالث، بفضل الله، أكملت صيامها كامل اليوم.

وأضاف: في حال شعرت ابنتي بالجوع أو التعب وطلبت مني تناول الطعام، لا أمنعها، بل أسمح لها بتناول لقمتين أو ثلاث لقمات، ثم أطلب منها إتمام الصيام حتى وقت الفطور».

ويشدد الناعبي على أهمية التحفيز والتشجيع، قائلا: «من المهم جدًا توفير حافز وتشجيع مستمر، مثل شراء هدية مميزة تُسلم في نهاية الشهر، مما يعزز من رغبتها في إتمام الصيام».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأطفال على الصیام على أهمیة فی المنزل فی تعزیز من المهم من خلال کل یوم یجب أن

إقرأ أيضاً:

الإمارات تحتفل بيوم الطفل الإماراتي غداً

هالة الخياط (أبوظبي)

أخبار ذات صلة عبدالله بن سالم وسلطان بن أحمد يشهدان المجلس الرمضاني لـ«الشارقة للصحافة» تعيين 288 ممرضاً وممرضة إماراتيين خلال 2024

تحتفل الإمارات غداً السبت، بـ«يوم الطفل الإماراتي»، الذي بات مناسبة وطنية سنوية تجسّد الالتزام العميق ببناء مستقبل مشرِق لأطفال الإمارات، وتوفير كل متطلبات نموهم في بيئة صحية وآمنة، وتعزيز الرفاهية النفسية والجسدية لهم.
وتنطلق احتفالات الدولة بيوم الطفل الإماراتي 2025 تحت شعار: «الحق في الهوية والثقافة الوطنية»، حيث تركّز ضمن مبادراتها على حماية حقوق الأطفال الشاملة، بما فيها الحقوق الثقافية إلى جانب ضمان دوره في المجتمع، مع التركيز على دور الأسرة الأساسي في تنمية الطفل ورفاهيته، وتعزيز وحماية حقوقه الثقافية.
ويهدف شعار يوم الطفل الإماراتي للعام الحالي إلى تعزيز الربط بين الأجيال، من خلال إشراك كبار المواطنين والأطفال في أنشطة مشتركة، وتوثيق وتدوين الممارسات المحلية بأسلوب مبسط وصديق للأطفال، لضمان تخليدها للأجيال القادمة، والتشجيع على القراءة باللغة العربية، لتعزيز ارتباط الأطفال بلغتهم الأم، إلى جانب دعم التبادل الثقافي المحلي والمعرفي بين فئات المجتمع المختلفة، والمحافظة على الموروث الشعبي، بما يشمله من أشعار، وحكم، وأمثال، وفنون تقليدية، وتراث إماراتي.
ومن الآثار الإيجابية لاحترام حق الطفل في الهوية والثقافة الوطنية، تعزيز احترام الذات والثقة، وتقوية الروابط الأسرية، وتحسين المهارات الاجتماعية لدى الأطفال، والمرونة والقدرة على التكيف، إلى جانب تحقيق رؤية عالمية أوسع وأكثر شمولاً.
وتواصل الإمارات تعزيز المكتسبات التي من شأنها حماية الأطفال وضمان حقوقهم في الجوانب كافة، حيث نجحت خلال السنوات الماضية في تأسيس منظومة متكاملة من القوانين والإجراءات المرتبطة بحماية الأطفال والتوعية بحقوقهم والتحفيز على تنفيذ خطط الرعاية، والمحاسبة في حالات التجاوز أو التقصير.
ومن أبرز جهود الدولة في حماية الأطفال، التشريعات والقوانين حيث أصدرت الإمارات عدة قوانين لحماية الأطفال، مثل قانون حقوق الطفل «وديمة» الذي يهدف إلى حماية حقوق الأطفال وضمان سلامتهم في المجتمع، كما أصدرت قانون «مكافحة جرائم الإتجار بالبشر» لحماية الأطفال من الاستغلال.
وأطلقت الإمارات العديد من البرامج، التي تهدف إلى توفير رعاية شاملة للأطفال، مثل برنامج «التربية الخاصة» للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وبرامج الدعم النفسي للأطفال في المراحل العمرية المبكرة.
وفي جانب التعليم والصحة، تلتزم دولة الإمارات بتوفير التعليم المجاني والجودة للأطفال في مختلف أنحاء الدولة. كما توفر برامج صحية متكاملة للأطفال لضمان حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة.
وفي الدولة العديد من المؤسسات الاتحادية والمحلية التي تعني بالأطفال كوزارة الأسرة، ووزارة تنمية المجتمع، والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، وهيئة أبوظبي لتنمية الطفولة المبكرة.
وأطلقت الإمارات خطاً ساخناً للإبلاغ عن حالات الإساءة للأطفال، وتعمل مع الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية لتقديم المساعدة للأطفال الذين يتعرضون للعنف أو الإهمال.
وتتعاون الدولة مع المنظمات الدولية في تعزيز التعاون مع منظمات الأمم المتحدة مثل اليونيسيف في مجال حماية حقوق الأطفال، وتشارك في المبادرات العالمية المتعلقة بحقوق الأطفال ورعايتهم.
وتتجسّد جهود الإمارات في حماية الأطفال من خلال هذا التنوع في السياسات، مما يعكس التزام الدولة بتحقيق بيئة آمنة ومستدامة للأطفال.

مقالات مشابهة

  • الإمارات تحتفل بيوم الطفل الإماراتي غداً
  • صيام العصفورة والزينة.. 7 طرق لاستمتاع الأطفال برمضان
  • هل الصيام أثناء الحمل آمن للأم والطفل؟
  • أفضل طريقة تدريجية لـ تهيئة الأطفال على الصيام
  • «عضو العالمي للفتوى»: هكذا نعود أطفالنا على الصيام منذ الصغر
  • كيف تتعامل مع الطفل العنيد دون توتر أو صراخ؟
  • بيان أميركي أوكراني مشترك في جدة يؤكد أهمية تحقيق سلام دائم بأوكرانيا
  • وزير الري يؤكد أهمية إتمام كافة أعمال تطهيرات الترع قبل نهاية أبريل المقبل
  • في أي عُمر تتشكل صورة الجسم لدى الطفل؟