على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (10 – 20)
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
“لنْ يستطيعَ أحدٌ أنْ يركبَ على ظهرِكَ، ما لم تَكُنْ مُنحنياً”
مارتن لوثر كينج
النور حمد
من نماذجٌ الابتزاز المصريفي مقالاتي المتسلسة التي نشرتها قبل خمسة عشر عامًا عن قطب حزب الأمة، السيد، عبد الرحمن علي طه، كنت قد ذكرت الزيارة التي قام بها السيد عبد الرحمن المهدي إلى مصر في النصف الثاني من أربعينات القرن الماضي لمناقشة البروتوكول الذي عُرف ببروتوكول (صدقي بيفن).
رغم ذلك، قرر السيد عبد الرحمن المهدي الذهاب إلى القاهرة من تلقاء نفسه، ونزل في أحد فنادقها. لكن، تجاهلت الحكومة المصرية حضوره، رغم أنه زعيم إحدى الطائفتين الدينيتين الكبيرتين في السودان، وهو راعي حزب الأمة أحد أكبر حزبين سياسيين في السودان. لم يأت أحدٌ من المسؤولين المصريين لاستقباله أو مقابلته؛ لا إسماعيل صدقي رئيس الوزراء شخصياً، ولا أي فردٍ آخر من أفراد حكومته. بل، شنت عليه الصحافة المصرية في فترة وجوده في القاهرة حملةً شعواء، ونعتته بشتى النعوت، وكالت له السباب والشتائم. وذهبت إحدى هذه الصحف إلى القول: إن الإمام عبد الرحمن يجب أن يُحكم عليه بالإعدام بوصفه ثائرًا متمرداً على التاج المصري!! (راجع: عبد الرحمن علي طه، السودان للسودانيين، مصدر سابق، ص 39). وقد أورد عبد الرحمن علي طه في نفس الكتاب، المقتطف التالي مما كتبته إحدى الصحف المصرية، حيث قالت: “أكد لنا مصدرٌ كبيرٌ جداً أن الثائر عبد الرحمن المهدي كان على وشك أن يصل إلى مصر في أوائل هذا الصيف الذي انتهى، لتقديم خضوعه للتاج المصري الذي جعله “باشا” وأضفى عليه نعمةً مما جعله يرفل في جاهٍ عريض …. ولكن الاستعمار الإنجليزي أشار إليه بإصبعه أن يلزم مكانه فلزمه”. (راجع: عبد الرحمن علي طه، ص 40).
صادف وجود السيد عبد الرحمن المهدي في زيارته تلك للقاهرة، وجود السير هيوبرت هدلستون حاكم عام السودان، الذي وصل إليها، هو الآخر، وهو في طريق عودته إلى الخرطوم، عائدًا من لندن. زار السير هدلستون السيد عبد الرحمن المهدي في الفندق في القاهرة، وأخبره أنه في حالة ذهابه إلى إنجلترا سوف يجد ترحيباً من الحكومة البريطانية. كما شكر هدلستون السيد عبد الرحمن على ما قام به من جهودٍ أدت إلى تهدئة ثورة الجماهير في السودان، عقب إعلان المصريين اتفاقية صدقي بيفن، وقول إسماعيل صدقي للمصريين حال عودته من المفاوضات مع إنجلترا: “لقد أتيتكم بالسيادة على السودان”، (تكبير الخط من وضعي). وقد أكد السيد عبد الرحمن للمستر هدلستون أن ما ذكره صدقي أثار ثائرة السودانيين، لكونه أوضح أن مصر لا تقر للسودانيين بحق تقرير المصير، وإنما تقر لهم فقط بالحكم الذاتي، تحت التاج المصري. وقال السيد عبد الرحمن لهدلستون: لولا تصريح المستر إتلي في مجلس العموم البريطاني، الذي قال فيه إن تصريحات إسماعيل صدقي التي أطلقها بعد عودته من مفاوضاته مع إنجلترا حول مصير السودان، غير حقيقية، وأنها مُضلِّلة، لما أمكن تهدئة خواطر السودانيين. وواضحٌ من ثورة السودانيين على تصريحات إسماعيل صدقي أن السودانيين لم يكونوا يريدون الوحدة مع مصر تحت التاج المصري. لكن، الحكومة المصرية كانت تود أن تبتز السياسيين وزعماء الطوائف ليسيروا في قضية مصير السودان عقب خروج البريطانيين وفقًا للرغبة المصرية، وضد رغبة شعبهم. والذي حدث بالفعل عند الاستقلال أن السودانيين أعلنوا استقلال بلادهم عن كلٍّ من بريطانيا ومصر، من داخل أول برلمان وطني جرى تكوينه، رافضين فكرة الوحدة مع مصر.
التحقيق مع خضر حمدما كنا لنعرف شيئًا عن أساليب المخابرات المصرية في ابتزاز السياسيين السودانيين لولا اطلاعنا على بعض الشهادات التي دونها أو حكاها بعض السياسيين السودانيين، بأنفسهم، عن تجاربهم في مصر. ومن الشهادات التي اطلعت عليها في هذا الخصوص ما حكاه السيد خضر حمد في مذكراته عن تعرضه للتحقيق من قبل النيابة المصرية، حين زار مصر عام 1955. وقد أصبح خضر حمد، في ذلك العام، وزيرًا للري في حكومة الرئيس إسماعيل الأزهري، عقب عزل الوزير ميرغني حمزة الذي سبقه. أورد هذه الحادثة، أيضًا، الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان، وهو يناقش ملف مياه النيل وتاريخ المفاوضات بهذا الخصوص. والقصة، باختصار، أن السيد خضر حمد ذهب إلى القاهرة في الأسبوع الأخير من شهر مارس عام 1955 للتحضير للجولة الثالثة من المفاوضات المتعلقة بمياه النيل. قال السيد خضر حمد إنه حمل معه إلى القاهرة قصيدة كتبها الشاعر السوداني المعروف، أحمد محمد صالح، تحمل عنوان “إلى نجيب في عليائه”. وكان غرض خضر حمد من حمل القصيدة معه إلى القاهرة أن يجري خطَّها بواسطة خطاطٍ محترفٍ. ثم تحويلها إلى لوح معدني طباعي ليجري عمل عدد من النسخ منها لعدد من أصدقائه المعجبين بالقصيدة الذين كلفوه بهذه المهمة. ويبدو أن هذه المجموعة من الأصدقاء كانت تريد وضع القصيدة في أُطرٍ (براويز)، لكي يعلقوها على جدران منازلهم. وقد كان اللواء محمد نجيب، الذي قاد ثورة يوليو المصرية، ثم ما لبث البكباشي جمال عبد الناصر أن غدر به، وأودعه الإقامة الجبرية حتى مات، قائدًا مصريًّا محبوبًا جدًا لدى السودانيين. فنجيب نشأ وترعرع في الخرطوم وكان قلبه على السودان. وكان محل ثقةٍ كبيرةٍ بين السودانيين.
أعطى الوزير خضر حمد القصيدة لأحد مرافقيه من المصريين للذهاب بها لعمل اللوح المعدني الطباعي الذي سيعود به إلى الخرطوم. وفي الموعد المحدد لاستلام اللوح المعدني داهم بعض رجال المخابرات السيد خضر حمد وهو في المكان الذي كان سيعد اللوح. ويبدو أن الشخص المصري الذي كان يرافق السيد خضر حمد من المخابرات المصرية، وقد قام بتسريب ما كان ينوي خضر حمد فعله فيما خص القصيدة إلى جهات الرسمية. وقد سأل السيد خضر حمد الرجال الذين داهموه في المحل، من أنتم؟ فرد عليه الرجل بأنهم من رجال النيابة المصرية ومعهم واحدٌ من ضباط الجيش. ويروي خضر حمد أن هذا الشخص أجلسه على كرسي في ذلك المحل، وبدأ يكتب فما يشبه محضر التحقيق، ويقرأ بصوت مرتفعٍ: لقد وصل إلى علم وزير الداخلية أن الوزير السوداني خضر حمد أحضر معه قصيدةً عنوانها “علياء نجيب”. وأن القصيدة تحوي مدحًا لمحمد نجيب وتعريضًا برجال الثورة. وأن وزارة الداخلية المصرية أمرت أن يجري التحقيق في هذا الأمر، وأن يكون في المجموعة التي تجري التحقيق اثنان من أعضاء النيابة ورجل من الجيش.
الواضح من هذه المسرحية السمجة المرسومة أن الغرض منها هو إرباك الوزير السوداني، وحل عزيمته أمام المفاوضين المصريين، بوضعه موضع المتهم بارتكاب جريمة، عبر تلفيق تهمةٍ تافهةٍ كهذه له، وتعريضه للتحقيق، وهو وزيرٌ زائر. ويبدو أنهم إمعانًا منهم في امتهان ضيفهم الرسمي وتقليل قيمته، اختاروا أن تجري هذه المسرحية السمجة في ذلك المحل العام وسط سوق القاهرة. ثم، التحقيق معه بهذه الصورة، دون أي اعتبار لمكانته، ولا للطرق التي تتعامل بها الدول مع الزوار الرسميين. فخضر حمد أحد أبرز سياسيي الحركة الوطنية في السودان. وقد جاء إلى مصر في وفد رسمي بغرض التفاوض حول مياه النيل. ويبدو أن المصريين لم يكونوا مسرورين لموقف خضر حمد في جولة التفاوض التي جرت، فاختلقوا له تلك الحادثة قبل سفره. خاصةً، قد كان مقررًا أن يعود السيد خضر حمد إلى السودان في نفس ذلك اليوم، لكي يقوم بالتشاور مع حكومته في الخرطوم، ثم يعود مرة أخرى، بعد بضعة أيام لبدء جولةٍ جديدة من المفاوضات في القاهرة.
الغريب أن السيد خضر حمد أخبر، لدى عودته من القاهرة، السيد إسماعيل الأزهري، رئيس الوزراء، بما جرى له في القاهرة، وطلب منه إعفاءه من العودة إلى مصر في الوفد المفاوض. لكن السيد إسماعيل الأزهري رفض طلبه وأصر على أن يعود ضمن الوفد مرة ثانية! بل، ويعود رئيسًا للوفد. وهكذا، رجع السيد خضر حمد إلى القاهرة يوم 4 أبريل عام 1955، أي بعد أربعة أيامٍ فقط من مجيئه من القاهرة، ومن تاريخ تلك الحادثة. وقد دلَّ ذلك، فيما أرى، على قلة اكتراث السيد إسماعيل الأزهري وعفويته وعدم أخذه دلالة تلك الحادثة بالجدية الكافية. فالحادثة لم تزعجه ولم ير فيها إهانةً لبلده وحكومتها ومحاولةً لابتزار وزير ذهب للتفاوض في شأن خطيرٍ بغرض كسر عزيمته عن طريق اتهامه بارتكاب جريمة والتحقيق معه في محل تجاري عام وسط القاهرة. كما لم يفكر الأزهري حتى في رفع صوته احتجاجًا على تلك الفعلة. أكثر من ذلك، أصر على أن يعود الوزير الذي تعرض لمحاولة الابتزاز رئيسًا لوفد المفاوضات. وقد عرفت الأنظمة المصرية، عبر عديد التجارب، عفوية السياسيين السودانيين الذين يمارسون السياسة، بلا كفاءة ولا تدريب ويصلون إلى المناصب وفقًا لاعتباراتٍ تأتي الكفاءة، في كثيرٍ من الأحيان، في مؤخرتها، وقد لا تأتي إطلاقا. كما عرفت السلطات المصرية انكسار السياسيين السودانيين وتقزيمهم لأنفسهم أمام رصفائهم المصريين. بل، وسذاجتهم، وقابليتهم للابتزاز بشتى الطرق. فطفقت تمارس عليهم مختلف ألاعيب الابتزاز، منذ أربعينات القرن الماضي، وإلى يومنا هذا. فالمشكلة ليست حصرًا في طرق تعامل المسؤولين المصريين مع السودان ومع السودانيين، وإنما هي أيضًا، وبقدر أكثر أهمية، فينا نحن السودانيين، أنفسنا.
غازي سليمان وقصة الخمر والنساءإن أميز ما يميز المحامي والسياسي الراحل، غازي سليمان، أنه كان رجلاً صادقًا، شديد الوضوح والصراحة. وأنه ممن يقولون الحق ولو على أنفسهم. لكن، قول الحق على النفس ليس محمودًا في كل الأحوال، فبعضه يدخل في باب المجاهرة المنهي عنها. ذكر غازي سليمان، وهذا موثقٌ بالصوت والصورة في تطبيق يوتيوب، أنهم عقب الإطاحة بالرئيس جعفر نميري في ثورة أبريل 1985، كان ضمن وفدٍ من الحكومة الانتقالية جرى إرساله إلى مصر ليطالب الحكومة المصرية بتسليم الرئيس جعفر نميري الذي أطاحت به الثورة، لكي تتم محاكمته على ما اقترف من جرائم. وكان نميري عائدًا من الولايات المتحدة الأمريكية إلى السودان عبر القاهرة حين اندلعت الثورة وجرت الإطاحة به. فاحتجزته السلطات المصرية في القاهرة، ونصحته بعدم العودة إلى السودان، وأصبح لاجئًا هناك.
قال الأستاذ، غازي سليمان إن السلطات المصرية استقبلت وفدهم استقبالاً طيبًا، وأنزلتهم في أفخم الفنادق. وفي الليلة السابقة للجلسة الرسمية تقديم طلبهم إلى الحكومة المصرية بتسليم الرئيس جعفر نميري، جِيء إلى إليهم بالخمر والنساء. وحين ذهبوا في اليوم التالي إلى قاعة المحادثات، وجدوا شاشة كبيرةً معلقةً على الحائط. وما أن بدأت الجلسة، جرى عرض فيلم حوى ما فعله أعضاء الوفد في الليلة السابقة من أفعالٍ فاضحة. وما أن انتهى عرض الفيديو، وقف أحد المسؤولين المصريين وخاطبهم قائلاً: “طلباتكم يا باشوات؟”. قال غازي: صمتنا لفترة وتلفتنا نحو بعضنا، ثم ما لبثنا أن قلنا لهم: ليست لدينا طلبات. وواصل غازي قائلاً: انفض الاجتماع ومنحونا إقامة لبضع أيام في أفخم فنادق القاهرة قمنا أثناءها بجولاتٍ سياحيةٍ في ضيافة الحكومة المصرية. وهكذا عادوا إلى السودان بخُفَّيْ حُنين. وأعلنت مصر عقب ذلك أنها ترفض تسليم الرئيس المخلوع جعفر نميري لحكومة الفترة الانتقالية لأسباب قانونية وسياسية.
ما جرى لهذا الوفد السوداني الذي ذهب لمطالبة الحكومة المصرية بتسليم الرئيس المخلوع جعفر نميري لمحاكمته، ليس غريبًا. فمن المعروف جدًا أن المال والخمر والنساء من أهم وسائل أجهزة المخابرات في استخلاص الأسرار ممن تريد استخلاصها منهم. ويجري ذلك عن طريق توريط المطلوب استخلاص الأسرار منهم في علاقة غرامية مع جاسوسة من دون أن يعرف أنها جاسوسة. أو عن طريق جر المراد ابتزازه إلى فضيحة أخلاقية، يجري توثيقها بالصورة والصوت. فيصبح المستهدَذف أسيرًا لجهاز المخابرات فلا يعصي له أمرًا. وهذه الحادثة التي ذكرها الأستاذ غازي سليمان تقدم أقوى دليلٍ على سذاجة ورخاوة وغفلة القيادات السياسية السودانية التي تتصدى للعمل العام وعدم جديتها واستهانتها بضوابط تمثيل بلادها. ولنا أن نتصور كم من السياسيين السودانيين قد أضحوا أسرى لجهاز المخابرات العامة المصرية عبر استخدام مثل هذه الأساليب القذرة. لكن، أيضَا، كم هم وُضعاءُ أولئك المسؤولون الذين تُوقعهم دناءتُهم في حبائل هذا النمط من الابتزاز الرخيص؟
(يتواصل)
الوسومالنور حمدالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: النور حمد السیاسیین السودانیین إسماعیل الأزهری الحکومة المصریة إسماعیل صدقی إلى القاهرة إلى السودان فی السودان جعفر نمیری فی القاهرة إلى مصر فی رئیس ا وزیر ا
إقرأ أيضاً:
القوات المسلحة تترجم بشارات السيد القائد على الواقع
يمانيون../
في الـ27 من مارس الماضي، تحدث السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، بثقة عالية منقطعة النظير، عن بشارات قادمة في تطوير القدرات العسكرية اليمنية، وهو ما ترجمته القوات المسلحة على أرض الواقع اليوم، بعد أن تمكنت من تغيير قواعد الاشتباك لصالحها، وتلقين العدوّ الأمريكي درساً قاسياً لن ينساه في سواحل البحر الأحمر.
وقال السيد القائد في كلمة له بمناسبة يوم القدس العالمي، إن هناك بشارات قادمة في تطوير القدرات العسكرية بحمد الله وقوته وعونه ونصر، كما أن هناك تصدياً قويًّا للعدوان الأمريكي على بلادنا، واستهدافاً مستمراً لقطعه البحرية، حيثُ وهي تهرب باستمرار إلى أقصى شمال البحر الأحمر.
وأوضح أن المستحيل هو أن يؤثر الأمريكي على موقفنا وموقف شعبنا مهما بلغ عدوانه علينا فلن يؤثر عليه أبداً، والعدوان الأمريكي لن يؤثر على موقفنا ولن يكسر إرادة شعبنا ولن يؤثر على قدراتنا، بل سيسهم في تطويرها أكثر وأكثر، لافتاً إلى أن الإعلان الأمريكي عن استقدام حاملة طائرات أخرى يثبت فشله وعدم نجاحه.
ومصداقاً لبشارات السيد القائد، كشف وزير الدفاع والإنتاج الحربي اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، مساء أمس الثلاثاء، عن تطور كبير وملحوظ تشهده الصناعات العسكرية اليمنية وباستخدام تقنيات حديثة ومتطورة، مبيناً أن العدوان الأمريكي على وطننا سيفشل كما فشل عدوانه في المنطقة طيلة السنوات العشر الماضية.
وأشار اللواء العاطفي إلى أن هذا التطور الهام، سببه الدعم اللامحدود الذي تقدمه القيادة الثورية ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، والمجلس السياسي الأعلى لهذه الصناعة الحيوية، موضحاً أن العدوان الأمريكي على اليمن مصيره الفشل المحتوم، مثلما فشل العدوان السابق الذي نفذه وكلاء واشنطن منذ عام 2015.
وبيّن أن العدوان الأمريكي لن يؤثر سلباً على قواتنا المسلحة وقدراتها التسليحية، بل على العكس، زادها قوة وصموداً وثباتاً وإصراراً على المضي قدماً في المواجهة، والاستمرار في تطوير قدراتها لمواجهة الأعداء، ورفع مستوى الإسناد والدعم لقطاع غزة.
ولفت وزير الدفاع إلى الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها، ممثلة بالقوة الصاروخية، والطيران المسيّر، والقوة البحرية، والتي كان آخرها إسقاط الطائرة الأمريكية المقاتلة “إف 18” في البحر الأحمر؛ الأمر الذي يؤكد على كفاءة وجاهزية القوات المسلحة في التصدي للعدوان.
وأفاد بأن القوات المسلحة في أعلى مستوى من الجاهزية القتالية والاستعداد التام للمضي في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني، والتصدي بحزم لأية تحركات قد يقوم بها المرتزِقة في الداخل بهدف دعم العدوّ الأمريكي والإسرائيلي.
تفوق عسكري يمني يتحدى أمريكا
في السياق سلط موقع أمريكي إخباري، الضوء على تطور القوات المسلحة اليمنية بشكل هائل وغير متوقع.
وقال موقع “ذا وور زون” الأمريكي، إن القوات اليمنية قد أثبتت امتلاكها ترسانة دفاع جوي تُشكل تهديدات حقيقية، كما يتضح من العدد المتزايد من عمليات إسقاط طائرات أمريكية بدون طيار من طراز إم كيو -9.
وأضاف: “ومع ذلك لا تزال العديد من التفاصيل حول حجم ونطاق قدرات الدفاع الجوي للقوات المسلحة اليمنية غامضة جداً، لذا ما هي قدرات الدفاع الجوي لقوات صنعاء في الواقع؟ إنه سؤال واضح مع إجابة غامضة في أفضل الأحوال، بيد أننا نرى أن هناك ترسانة صواريخ أرض- جو وخسائر في الطائرات المسيّرة إم كيو- 9”.
ونوّه الموقع إلى أن التساؤلات تزايدت حول المدى الكامل لقدرات الدفاع الجوي اليمنية منذ أشهر، بعد أن تمكنت تلك القوات من إسقاط عدد مثير للقلق من طائرات بدون طيار أمريكية من طراز إم كيو 9- ريبر، حيثُ صرح مسؤول دفاعي أمريكي أن القوات اليمنية أسقطت ست طائرات من طراز إم كيو-9 منذ 15 مارس.
من جانبه ذكر موقع “فوكس نيوز” أن مسؤولين أمريكيين أقروا بفقدان طائرة ريبر أخرى، وهي السابعة منذ بداية الشهر الماضي، وفي مارس الماضي، صرّح مسؤول دفاعي أمريكي لم يُكشف عن هويته لصحيفة “ستارز آند سترايبس” أن القوات المسلحة اليمنية أسقطت 12 طائرة ريبر منذ أكتوبر 2023.
وذكر الموقع أن اليمن تمكنت من إسقاط وتدمير ما لا يقل عن 22 طائرة ريبر منذ أكتوبر 2023، ومع ذلك لا يشمل هذا العدد عدد الطائرات المسيّرة التابعة للولايات المتحدة ودول أخرى التي أسقطتها القوات المسلحة اليمنية قبل أكتوبر 2023، مؤكداً أن ترسانة القوات المسلحة اليمنية الصاروخية إلى جانب طائراتها المسيّرة مطورة ومنتجة محلياً.
ونقل موقع “ذا وور زون” عن مسؤول أمريكي قوله: “اليمنيون مبتكرون جدًّا، وهناك الكثير مما لا نعرفه عن القوات المسلحة اليمنية في الوقت الحالي”.
وأضاف أن لدى القوات المسلحة اليمنية ترسانة صواريخ كصاروخ “برق”، حيثُ وأقصى مدى لصاروخي برق-1 وبرق-2 يبلغ حوالي 50 كيلومترًا “31 ميلًا” و70 كيلومترًا “43.5 ميلًا”، ويمكنهما إصابة أهداف على ارتفاعات تصل إلى 15 كيلومترًا “49,212 قدمًا” و20 كيلومترًا “65,616 قدمًا” على التوالي.
كما أن القوات اليمنية تمتلك صواريخ صياد-1 وبدر-1 وصقر-1 وثاقب وغيرها من الصواريخ، وفي عام 2023 كشفت صنعاء عن صاروخ صقر-2 الذي يفتقر إلى زعانف الذيل الموجودة في صقر-1. ولا يُعرف ما الذي يميز صقر-٢ عن سابقه، لكن المراقبين لاحظوا أنه يبدو أقصر قليلاً، وفي الوقت نفسه نجد أن لدى اليمن صواريخ أرض- جو من نوع محيط وقاهر-2.. وفي عام 2019، كشفت القوات المسلحة اليمنية أيضًا عن صاروخ أرض-جو أطلقت عليه اسم فاطر-1.
ولفت الموقع الأمريكي إلى أن لدى القوات المسلحة اليمنية منصات صواريخ وقد شوهدت خلال العروض العسكرية، بالإضافة إلى ذلك فإنها تمتلك رادارات، وأجهزة حديثة لرصد وتتبع الطائرات المعادية، بما في ذلك أجهزة استشعار الترددات الراديوية السلبية التي قد تكون قادرة على العمل كرادارات افتراضية.
بدوره قال “مايكل نايتس” من معهد واشنطن، إن القوات اليمنية تعتمد على أنظمة كهروضوئية؛ لأنها أنظمة سلبية تماماً، حيثُ ومن الصعب رصد هذه الأنظمة؛ لأنها لا تحمل أية بصمة قبل إطلاقها.
وفي تقرير غير سري نُشر في يوليو 2024، أكّدت وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، أن القوات المسلحة اليمنية استخدمت صاروخ صقر-1 مع باحثي الأشعة تحت الحمراء السلبيين لمهاجمة الطائرات بدون طيار الأمريكية.
هاني أحمد علي المسيرة