تقرير: مخاوف من اندلاع حرب واسعة في وسط أفريقيا
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
أصبحت الحرب الأهلية المحلية بين حكومة كينشاسا والتمرد الموالي لرواندا الآن محفزاً محتملاً لحرب إقليمية أكبر، بعد استيلاء متمردي "حركة إم 23"، المدعومة من رواندا، على أراضي داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية في يناير (كانون الثاني) الماضي.
أضعف نقاط رواندا يتمثل في صغر عدد سكانها وقوتها العسكرية
وفي هذا الإطار، قال ديلان موتين، في تحليله بموقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندي، إن سقوط غوما، المركز الإداري لإقليم شمال كيفو، وضع قادة كينشاسا في موقف العاجز عن صد ما يبدو غزواً صريحاً لشمال وجنوب كيفو.
وأصبحت هذه المقاطعات، التي يقطنها أكثر من 15 مليون نسمة وتتمتع بموارد طبيعية هائلة، بمنزلة بؤرة صراع، من شأنه أن يعيد تعريف المشهد الجيوسياسي في المنطقة. تصاعد الصراع وأضاف الكاتب أن الغضب بين المواطنين الكونغوليين بلغ نقطة الغليان، مع اندلاع الاحتجاجات العنيفة في كينشاسا للمطالبة بالتدخل الدولي ضد رواندا وحركة إم 23. وتفاقم الوضع بسبب تحالف نهر الكونغو، الذراع السياسي لحركة إم 23، الذي تعهد بالزحف نحو كينشاسا نفسها.
وبالتالي، فإن أي تقاعس من جانب الرئيس فيليكس تشيسكيدي سيؤدي إلى استفحال قوة المتمردين. وحتى إذا تمكنت القوات الحكومية الكونغولية من احتواء حركة إم 23 داخل منطقة كيفو، فقد تصبح نقطة انطلاق لهجمات مستقبلية.
وشبه الكاتب الوضع بما حدث في سوريا، حيث قلل نظام الأسد في البداية من شأن التمرد في الشمال الغربي، ليجد نفسه في وقت لاحق في خطر وجودي. ونظراً لهذه الاعتبارات، فإن كينشاسا ليس لديها خيار سوى شن حملة عسكرية واسعة النطاق لاستعادة أراضيها الشرقية. تحديات عسكرية تواجه الكونغو ولفت الكاتب النظر إلى أن الجيش الكونغولي يتمتع نظرياً بميزة حاسمة. فمع وجود أكثر من 130 ألف جندي مقارنة بنحو 8 آلاف جندي من حركة إم23 و30 ألف جندي من رواندا، يبدو أن ميزان القوى يميل لصالح كينشاسا.
لكن هناك عوامل متعددة تعقّد قدرة جمهورية الكونغو الديمقراطية على شن هجوم مضاد ناجح. فالجيش الكونغولي يتألف في المقام الأول من قوة مشاة خفيفة مصممة للدفاع عن الأراضي، وليس العمليات الهجومية الكبرى.
كما أن معداته قديمة، ومعنوياته ما تزال منخفضة إلى حد حرج، وهو ما يفسر لماذا واجهت حركة إم23 مقاومة ضئيلة على الرغم من أعدادها المحدودة. فضلاً عن ذلك، تفتقر جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى قوة جوية فعّالة، وهو عجز حرج نظراً للمسافات الشاسعة والتضاريس الصعبة في منطقة كيفو. التورط الإقليمي وسلط الكتاب الضوء على التحديات الجغرافية واللوجستية، التي تضعف موقف الجيش الكونغولي. فالطبيعة الجبلية الوعرة والغابات المطيرة في كيفو تجعل العمليات الهجومية ضد تحالف حركة إم23 الراوندية المتجذر صعبة بشكل خاص.
وأشار الكاتب أيضاً إلى تورط أوغندا، التي لها مصالحها الخاصة في شرق الكونغو، وتؤيد حركة إم 23 ولديها جيش مجهز تجهيزاً جيداً. وفي فبراير (شباط)، دخلت القوات الأوغندية إقليم إيتوري بحجة مساعدة القوات الكونغولية، وإن كان مدى موافقة كينشاسا على ذلك ما يزال غير واضح.
ووفقاً لموتين، فإن هذه الخطوة تشبه "الاستيلاء الناعم"، الأمر الذي يزيد من استنزاف الموارد المحدودة لجمهورية الكونغو الديمقراطية. فضلاً عن ذلك فإن وجود العديد من الجماعات المسلحة في المنطقة يجعل من الصعب على كينشاسا أن تركز قواتها ضد رواندا وحركة إم 23 وحدها.
وإدراكاً لهذه الصعوبات، دعا الرئيس تشيسكيدي إلى التجنيد الجماعي في الجيش، لكن يرى الكاتب أن هذا الأمر قد لا يكون كافياً نظراً للموارد المالية المحدودة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، والصعوبات التي سيواجهها المجندون الجدد في مواجهة قوات رواندا، وحركة إم 23 المخضرمة في المعارك.
وفي الوقت نفسه، تجد رواندا نفسها ملتزمة بدعم حركة إم 23 وتأمين غوما بعد تأييدها لحركة المتمردين، ولم يعد أمامها خيار سوى مواصلة حملتها العسكرية وتحمل العواقب. أطماع رواندا والتدخلات الخارجية وأوضح الكاتب أن أضعف نقاط رواندا تتمثل في صغر عدد سكانها وقوتها العسكرية. فمع وجود 14 مليون نسمة فقط، تفتقر رواندا إلى القوة البشرية اللازمة لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تضم عدداً أكبر كثيراً من الرجال في سن الخدمة العسكرية، مقارنة بسكان رواندا بالكامل.
وإذا نجحت كينشاسا في تعبئة قواتها، فقد تجد رواندا نفسها عاجزة عن تحمل الصراع، خاصة إذا اكتسبت القوات الكونغولية اليد العليا، وإذا امتد القتال عبر الحدود، فقد تواجه رواندا تهديدات وجودية، بما في ذلك الإطاحة المحتملة بحكومة كاغامي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أفريقيا جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة حرکة إم 23
إقرأ أيضاً:
ناج من إبادة رواندا: ما يحدث في غزة لا يختلف عما عشناه
قال كلاود غيتبوك، أحد الناجين من الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، إنه لا يوجد فرق بين الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة وما حدث في بلاده.
وكانت رواندا على موعد مع يوم حزين في السابع من أبريل/نيسان 1994، عندما بدأت عمليات الإبادة الجماعية التي استمرت حتى 15 يوليو/تموز من العام نفسه، حيث شن متطرفون في جماعة "الهوتو"، التي كانت تمثل الأغلبية في البلاد، إبادة جماعية ضد أقلية "التوتسي"، مما أدى وفقا للتقديرات إلى مقتل نحو 800 ألف شخص.
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة الأناضول في ذكرى الإبادة الجماعية براوندا، أعرب غيتبوك، الذي وضع كتابا عن الإبادة في بلاده، عن أسفه لأن الفلسطينيين في غزة اليوم ليسوا محظوظين مثله في النجاة من الإبادة الجماعية.
وانتقد غيتبوك المنظمات الدولية التي تلتزم الصمت تجاه الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، وجرائم الحرب في غزة، مؤكدا أن المبررات التي تقدمها إسرائيل لاستهداف المدنيين الفلسطينيين في غزة لا تتطابق مع الواقع، وأن تل أبيب تستخدم ذرائع مختلفة لإضفاء الشرعية على الإبادة الجماعية.
واعتبر الناجي الرواندي أن القوى الكبرى لن تتخذ أي إجراء إلا إذا تفاعل العالم مع ما يحدث في فلسطين، مضيفا أن المجتمع الدولي غير جاد في التعامل مع الإبادة الجماعية، فهم "لا يتدخلون إلا عندما يكون ذلك في مصلحتهم. ولكن عندما تحدث إبادة جماعية حقيقية في أماكن مثل فلسطين والكونغو، لا أحد يتدخل. بل على العكس، يُقدم الدعم لمرتكبيها".
إعلانوأردف: "دعمت بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا الإبادة الجماعية في رواندا، ويحدث اليوم وضع مماثل مع الإبادة الجماعية في الكونغو، وما يحدث في فلسطين هو نفسه ما حدث في رواندا عام 1994".
وترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
تأثير الاستعماروعن تأثير سياسة الاستعمار في الإبادة الجماعية براوندا، أوضح غيتبوك أنه حين كان طفلا لم يكن يعلم بوجود جماعات عرقية في رواندا، فقد كان الجميع من السود، ويتحدثون اللغة نفسها، ولديهم ثقافة وحدة، وكانوا يعرفون الناس من خلال نسبهم.
وأردف: "لكن حين وزع البلجيكيون (المستعمرون) بطاقات الهوية قديما، كانت تحمل الهوية العرقية. كانت هذه البطاقات تجعل منك هدفا سهلا، لا سيما في الأماكن التي لا يعرفك فيها أحد".
وأشار إلى أنه لم يكن هناك أي توتر عرقي خطير في البلاد حتى عام 1990، "حين عادت الحسابات التاريخية إلى الأجندة مع بداية الحرب".
لا يمكن الصمتوذكر غيتبوك أن آلاف الأشخاص بُترت أطرافهم وتعرض كثير من المدنيين للتعذيب في الفترة من عام 1990 إلى عام 1994 فقط.
وأوضح أنه فقد كثيرا من أقاربه في الإبادة الجماعية، قائلا: "جلست أنا وأمي مؤخرا وبدأنا نحصي عدد من فقدناهم، وتوقفنا عندما وصلنا إلى 79 شخصا.. جدي، أعمامي، أقاربنا".
وأضاف: "في رواندا تُستخدم الإبادة الجماعية لإسكات الضحايا وابتزاز المجتمع الدولي. واليوم، تحدث الإبادة الجماعية، ولا يمكننا الصمت".
ورغم مرور 31 عاما على الإبادة الجماعية العرقية في رواندا، ما زال أكثر من ألف مشتبه بمسؤوليتهم عن ارتكاب مجازر في هذا البلد، يعيشون في بلدان أخرى، طلقاء ودون محاكمة.
ووفقا لبيانات وحدة مراقبة الفارّين من الإبادة الجماعية التابعة لمكتب المدعي العام في رواندا، لا يزال المشتبه في ارتكابهم جرائم إبادة جماعية، يعيشون طلقاء في بلدان مختلفة، بما فيها الولايات المتحدة وفرنسا وهولندا وكندا، دون تعرضهم لأي مساءلة قضائية.
إعلانوأعلنت الأمم المتحدة يوم 7 أبريل/نيسان من كل عام، يوما لاستذكار ضحايا الإبادة الجماعية التي دارت فصولها في رواندا.