أي دول أوروبية تمنح الإجازات بسخاء وتوازن بين العمل والحياة الخاصة؟
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
كشف تقرير حديث أن توازن الحياة والعمل بات عاملاً حاسمًا للأفراد الذين يبحثون عن وظائف جديدة. ففي استطلاع أجرته شركة الاستشارات "جالوب" على 10 آلاف موظف، نُشر في فبراير/ شباط، تبين أن الرفاهية الشخصية هي العامل الأهم عند تقييم عروض العمل، تليها الرواتب واستقرار الوظيفة.
وتُعتبر أوروبا واحدة من أفضل الأماكن في العالم من ناحية تحقيق توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية.
ولم يُركّز التصنيف على الرواتب أو تكاليف المعيشة، بل على عوامل أخرى تُحسّن جودة الحياة، مثل إجازات الأمومة، والإجازات المرضية المدفوعة، وساعات العمل، والحقوق الاجتماعية أيضا.
حققت أيرلندا قفزة هائلة، حيث ارتفعت 23 مركزًا عن تصنيف العام الماضي لتحتل المرتبة الأولى في مؤشر توازن الحياة والعمل عن بُعد.
ووفقًا لمنصة ريموت، فإن "هذه القفزة الكبيرة تعود بشكل أساسي إلى إدخال الحكومة الأيرلندية نظامًا جديدًا أكثر سخاءً للإجازات المرضية المدفوعة، والذي بدأ سريانه في الأول من يناير 2024 الماضي، إضافةً إلى ارتفاع معدلات الأمان العام".
كما تتمتع أيرلندا بواحد من أعلى الحد الأدنى للأجور في أوروبا، والذي يبلغ 13.44 يورو للساعة.
ترتيب الدول الأوروبية من حيث إجازات العملأيسلندا في المركز الثاني بفضل إجازاتها الطويلة وارتفاع مؤشر السعادة بين السكانوجاءت أيسلندا في المركز الثاني بفضل نظامها المميز، الذي يمنح الموظفين 38 يومًا من الإجازة السنوية المدفوعة بالكامل، إضافةً إلى معدل سعادة مرتفع (7.5 من 10)، ومعدل 93% لدمج مجتمع الميم+.
وذكرت ريموت أن "الإيسلنديين يميلون إلى أن يكونوا أكثر تركيزًا على العائلة، مما يساعدهم على تحقيق توازن صحي بين العمل والحياة، حيث تُعتبر البلاد واحدة من أكثر الأماكن أمانًا وصداقة لمجتمع الميم+ في أوروبا".
نظام أسبوع العمل لأربعة أيام يدفع الدنمارك إلى المرتبة الثالثةالمركز الثالث احتلته الدنمارك، وهي واحدة من الدول الأوروبية القليلة التي اختبرت نظام أسبوع العمل لأربعة أيام في بعض القطاعات. ولا يُعد ذلك مفاجئًا، حيث تتمتع البلاد بواحدة من أقصر أسابيع العمل بمتوسط 33.91 ساعة أسبوعيًا.
أما بلجيكا، فقد جاءت في المرتبة الرابعة، ودخلت لأول مرة قائمة العشر الأوائل، ويعود ذلك جزئيًا إلى تحسين سياساتها المتعلقة بالإجازات المرضية.
Relatedالأول من نوعه في العالم.. قانون بلجيكي تاريخي لصالح العاملات في الدعارة "إجازات أمومة وضمان اجتماعي" إجازة الدورة الشهرية للنساء.. هل تلتحق فرنسا بإسبانيا عبر اتخاذ هذا القرار؟الحكومة الفرنسية تخفض من 18 إلى 17 عاماً العمر الأدنى لنيل إجازة سوقوفي المركز الخامس من القائمة، جاءت إسبانيا، التي تُعتبر الدولة الوحيدة من جنوب أوروبا، وهذا بفضل إجازتها السنوية السخية (36 يومًا)، ونظامها القوي لدعم الأمهات حيث يتم دفع 100% من راتب الأم خلال إجازة الأمومة.
أما هولندا، التي فاتها دخول تصنيف العشر الأوائل بفارق بسيط، فتستحق إشارة خاصة، حيث تتمتع بأقصر أسبوع عمل في أوروبا، بمتوسط 32 ساعة فقط.
هل تؤثر ساعات العمل الطويلة على التوازن بين الحياة والعمل؟وكشف التقرير أن الدول التي تسجل أطول ساعات عمل أسبوعية جاءت في النصف السفلي من التصنيف. فعلى سبيل المثال، جاءت مونتينيغرو (الجبل الأسود)، التي تسجّل أطول أسبوع عمل (43.3 ساعة)، في المرتبة 38 من أصل 41 دولة.
أما صربيا، التي يبلغ متوسط ساعات العمل فيها 42 ساعة أسبوعيًا، فقد احتلت المرتبة 34، بينما جاءت مولدوفا في المرتبة 39 بمتوسط 39.7 ساعة عمل.
مؤشر التوازن بين العمل والحياةهل تؤثر إجازات الأمومة الطويلة على توازن الحياة والعمل؟كان من الملفت أن الدول التي تمنح أطول إجازات أمومة كانت في النصف السفلي من التصنيف. فقد جاءت بلغاريا، التي تمنح 58.6 أسبوعًا من إجازة الأمومة، والبوسنة والهرسك وألبانيا، اللتان تمنحان 52 أسبوعًا، في المراتب الأخيرة من الترتيب.
ترتيب الدول الأوروبية من حيث إجازة الأمومةعلى النقيض، أتت بعض الدول التي احتلت مراكز متقدمة، مثل ألمانيا وبلجيكا والبرتغال وسلوفينيا، ضمن قائمة الدول ذات أقصر متوسط لإجازات الأمومة.
المثير للدهشة أن أيرلندا، التي احتلت المرتبة الأولى في التصنيف العام، لديها أدنى معدل لأجور إجازة الأمومة (27.3%)، تليها بريطانيا المجاورة (29.8%).
منتج شريط الفيديو • Mert Can Yilmaz
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية من القنب إلى الكوكايين: ما هي المخدرات غير المشروعة الأكثر استهلاكاً في دول الاتحاد الأوروبي؟ دراسة تكشف أكثر الدول الأوروبية ملاءمة للأفراد وفقًا لتأثير "ضريبة العزوبية" وتكاليف المعيشة أي دول في الاتحاد الأوروبي نجحت في خفض الانبعاثات مع الحفاظ على النمو؟ اكتشف القائمة إحصاءدراسة ظروف العملأوروباأمومةمرضالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي أوروبا روسيا بولندا سوريا دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي أوروبا روسيا بولندا سوريا إحصاء دراسة ظروف العمل أوروبا أمومة مرض دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي أوروبا روسيا بولندا سوريا المملكة المتحدة محكمة ألمانيا إسرائيل باريس الرسوم الجمركية الدول الأوروبیة الحیاة والعمل إجازة الأمومة یعرض الآنNext بین العمل أسبوع ا التی ت
إقرأ أيضاً:
هذه أبرز وظائف المستقبل التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي
في عصر الذكاء الاصطناعي، لم يَعُد مستقبل الوظائف مجرد سيناريوهات مستقبلية أو تكهنات بعيدة، بل بات واقعًا يتشكّل بسرعة تفوق التوقعات. ما كان يُعتبر ضربًا من الخيال قبل سنوات، أصبح اليوم حقيقة مدعومة بأرقام وتقارير صادرة عن كبرى المؤسسات البحثية والتقنية.
الذكاء الاصطناعي لم يَعد يكتفي بأتمتة المهام الروتينية، بل بات يُعيد تشكيل سوق العمل من جذوره، ويبتكر وظائف لم تكن موجودة من قبل، دافعًا بالمهن إلى تحوّل غير مسبوق في النوع والسرعة والمهارات المطلوبة.
ووسط هذه التحولات المتسارعة، لم تعد الوظائف الجديدة خيارًا تقنيًا نخبويًا، بل أصبحت ضرورة حتمية تفرضها موجات التغيير، وتُبرز الحاجة إلى مواكبة هذا الواقع الجديد بمرونة واستعداد دائم.
فالتغيير الذي كان يستغرق عقودًا بات يحدث خلال أشهر، ومهن الأمس باتت تُستبدل بوظائف لم نسمع بها من قبل، إذ تُجمِع التقارير الحديثة الصادرة عن PwC و Gartner وMcKinsey على أن الوظائف الجديدة ليست ترفًا تقنيًا، بل ضرورة إستراتيجية للتكيف مع عالم سريع التغيّر.
من أبرز هذه الوظائف، فني الصيانة التنبُّئِية بالذكاء الاصطناعي (AI Predictive Maintenance Technician) الذي يستخدم خوارزميات لرصد الأعطال قبل وقوعها، ما قد يُوفر على الشركات ما يصل إلى 630 مليار دولار سنويًا، بحسب Cisco Systems، وكذلك مهندس سلاسل الإمداد الذكية (Smart Supply Chain Engineer )، الذي يوظف أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين سرعة ودقة تسليم المنتجات؛ إذ أظهرت دراسة لمؤسسة Deloitte أن هذه الوظيفة يمكن أن تقلّص وقت التسليم بنسبة 40%، وتخفض الانبعاثات بنسبة 25%.
إعلانإنها ليست مجرد لحظة تحوّل في سوق العمل، بل ثورة مهنية تقودها الخوارزميات، وتبتكر وظائف لم تُكتب فصولها بعد، وفي قلب هذه الثورة، تتزايد الحاجة إلى مواهب قادرة على فهم هذه التحولات والتفاعل معها بمرونة وكفاءة.
فالسؤال لم يَعُد: "ما الوظيفة التي سأشغلها؟"، بل أصبح: "هل وظيفتي المقبلة موجودة أصلًا؟"، في وقت تشير فيه دراسة حديثة لمعهد McKinsey Global (2024) إلى أن 85% من وظائف عام 2030 لم تُخترع بعد.
هذا الواقع الجديد يُحتّم على الأفراد والمؤسسات إعادة التفكير في مهاراتهم، وأنماط التعلم، ونماذج العمل، استعدادًا لسوق لا يعترف بالثبات، بل يكافئ القادرين على التكيف المستمر، والتعلّم مدى الحياة.
في القطاع القانوني مثلًا، يُعاد تعريف العمل المكتبي مع ظهور محلل العقود الذكية (Smart Contract Analyst)، الذي يدمج بين القانون والبرمجة لفهم وتحليل الوثائق القانونية الرقمية.
أما في المجال الأخلاقي، فتبرز حاجة الشركات إلى مهندس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (AI Ethics Engineer) لضمان ألا تتخذ الخوارزميات قرارات متحيزة أو تمييزية، كما تنبأت Gartner بأن 30% من الشركات الكبرى ستوظف هذا الدور بحلول 2026.
ضمن الرؤى الاستشرافية التي تقدمها تقنيات الذكاء الاصطناعي نفسها، تم التنبؤ بظهور خمس مهن جديدة بحلول عام 2030، تشمل: مدقق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (AI Ethics Auditor)، ومهندس الميتافيرس (Metaverse Engineer)، ومطور برامج الحوسبة الكمومية (Quantum Software Developer)، ومعالجًا نفسيًا مختصًا في الإدمان الرقمي (Digital Detox Therapist)، ومهندس التعلم (Learning Engineer).
هذه الوظائف – التي لم يكن لها وجود فعلي قبل سنوات قليلة – تعكس ليس فقط التحولات التقنية، بل أيضًا التغير العميق في طبيعة المهارات المطلوبة.
إعلانوهو ما يفرض على الجامعات ومراكز التدريب إعادة صياغة مناهجها لتتناسب مع هذه الاتجاهات المستقبلية، وتوفير بيئات تعليمية مرنة تُعد الطلبة لشغل أدوار لم يُخترَع جزء كبير منها بعد.
قصة حقيقية من كوريا الجنوبية تُجسّد هذا التحول: "لي جاي هون"، مهندس ميكانيكي سابق، أعاد تأهيل نفسه ليصبح منسق التفاعل بين البشر والروبوتات (Human-Robot Interaction Facilitator)، ليقود فريقًا في تطوير تجربة العملاء داخل متاجر ذكية تستخدم مساعدين روبوتيين. بعد ستة أشهر من التدريب المتخصص، تضاعف دخله وانتقل إلى إدارة مشاريع تقنية كانت خارج نطاق تصوره المهني السابق.
لكن هذا التقدم لا يتوزع بشكل عادل حول العالم. ففي حين تسارع الدول الصناعية إلى إعادة هيكلة أنظمتها التعليمية واستثماراتها في المهارات المستقبلية، تقف الدول النامية، وخاصة العربية، أمام تحديات مضاعفة. ضعف البنية التحتية الرقمية، ونقص التمويل الموجه للبحث والتطوير، يحدان من قدرة هذه الدول على مواكبة التحول.
بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، فإن فجوة المهارات الرقمية في بعض دول الشرق الأوسط تتجاوز 60%، وهو ما يهدد بتهميشها في الاقتصاد العالمي الجديد.
هنا يبرز دور الحكومات كمحرك رئيسي للجاهزية المستقبلية. فبدلًا من التركيز فقط على خلق وظائف تقليدية، عليها تبني سياسات دعم للوظائف الرقمية الجديدة، مثل تقديم حوافز للشركات التي توظف في مجالات الذكاء الاصطناعي، وإنشاء شراكات بين الجامعات ومراكز الأبحاث التكنولوجية، كما فعلت سنغافورة ورواندا بنجاح لافت.
في العالم العربي، بدأت مؤسسات وشركات في دول مثل قطر، والسعودية، والإمارات تولي اهتمامًا متزايدًا بهذه التحولات. على سبيل المثال، أطلقت بعض الجامعات العربية برامج دراسات عليا متخصصة في الذكاء الاصطناعي، تشمل مساقات تتناول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مختلف القطاعات.
إعلانكما بدأت بعض الشركات الناشئة في المنطقة توظيف مختصين في تصميم واجهات تفاعلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس بداية دخول العالم العربي في موجة جديدة من الابتكار الوظيفي.
هذا الواقع الجديد يتطلب إعادة نظر شاملة في مفهوم المهارة. فالمهارات التقنية وحدها لم تعد كافية، بل أصبحت المهارات التحليلية والإنسانية مثل التفكير النقدي، والإبداع، والتواصل الفعّال، عوامل حاسمة للنجاح في هذه المهن الناشئة.
كما يُعد الاستثمار في منصات التعلم مدى الحياة خطوة ضرورية لتقليل "التآكل المهني السريع"، إذ تشير تقديرات البنك الدولي (2024) إلى أن 40% من المهارات الحالية ستصبح غير صالحة خلال خمس سنوات.
المسؤولية اليوم لا تقع على الحكومات فحسب، إذ على الأفراد كذلك أن يعيدوا تعريف علاقتهم بالوظيفة. فالمستقبل سيكون لمن يتقنون فن التعلم المستمر والتكيف السريع، لا لمن يعتمدون على تخصص جامعي واحد مدى الحياة. إن مهارات مثل تحليل البيانات، التفكير النقدي، والقدرة على التعاون مع الخوارزميات، ستكون العملات الجديدة في سوق العمل.
المؤكد أن سوق العمل لم يعد كما عرفناه. فبينما استغرقت الثورة الصناعية الأولى قرنًا لتغيير طبيعة المهن، يكفي اليوم تحديث خوارزمية واحدة لإعادة تشكيل صناعة بأكملها.
ومع دخول الذكاء الاصطناعي إلى جميع القطاعات – من القانون إلى الطب، ومن الإعلام إلى الخدمات اللوجيستية – فإننا أمام تحول يشبه الانتقال من عصر الفلاحة إلى الثورة الصناعية، لكن بوتيرة أسرع بمئة مرة.
هذا التسارع غير المسبوق يفرض علينا جميعًا، حكومات وأفرادًا، أن نعيد تعريف جوهر المهارات المطلوبة، ونفكر بمرونة، ونستعد لما هو أبعد من مجرد التغيير: إلى ما يشبه إعادة خلق الإنسان المهني من جديد.
عودٌ على بدء، فإن المهن الجديدة التي أوجدها الذكاء الاصطناعي تمثّل اليوم فرصة مهمة للعالم العربي ليس فقط لمواكبة التحول الرقمي، بل لقيادته أيضًا في بعض المجالات. ويتطلب ذلك استثمارًا جادًا في التعليم، والبحث، وتوفير بيئة تنظيمية وأخلاقية تُشجّع على الابتكار دون الإضرار بالقيم المجتمعية.
إعلانوأخيرًا، نقف اليوم على أعتاب مرحلة يُعاد فيها رسم خريطة العمل عالميًا، ومن يتهيأ لها منذ الآن، سيكون الأقدر على حصد ثمارها لاحقًا.
فالمستقبل لا ينتظر المترددين، بل ينحاز لمن يملكون الشجاعة لتعلم الجديد، والمرونة لإعادة تشكيل ذواتهم المهنية، والوعي بأن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل أداة تفتح أبوابًا لم تُطرق من قبل. إنها لحظة تحوّل، والفرص الكبرى قد لا تأتي مرتين.. فهل نحن فاعلون؟
| الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.