العادات الرمضانية.. من البــــساطة إلى التغيرات المعاصرة
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
تعد عادات وتقاليد شهر رمضان المبارك جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية والاجتماعية في سلطنة عُمان، حيث تعكس القيم الروحية والتكافل الاجتماعي التي يتسم بها المجتمع العماني، وعلى مر السنين، شهدت هذه العادات تغييرات ملحوظة نتيجة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية التي أثرت على نمط الحياة، من موائد الإفطار التقليدية التي تتزين بالأطعمة المحلية إلى أنماط الحياة المعاصرة التي تزداد فيها الانشغالات، ليسجل التاريخ الرمضاني في سلطنة عُمان رحلة غنية من البساطة إلى التعقيد.
يستعرض هذا الاستطلاع آراء المواطنين من مختلف المحافظات حول العادات الرمضانية، مستكشفًا كيف تكيفت هذه العادات مع التغيرات الزمنية مع الحفاظ على روح الشهر الكريم، ومن خلال هذه الرحلة، نُسلط الضوء على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي والروحاني الذي يميز رمضان في عُمان.
محافظة الداخلية
قال عبدالله بن حمدان الناعبي، من ولاية الحمراء: إن شهر رمضان المبارك يحمل معه عادات وتقاليد وأجواء روحانية واجتماعية مميزة، إلا أن هذه العادات شهدت تحولات كبيرة مع مرور الزمن، في التحضيرات الغذائية، والأجواء الاجتماعية، وطرق استقبال الشهر، والعادات الرمضانية الأخرى، وأشار إلى أن العادات الغذائية في رمضان تغيرت بشكل ملحوظ، فبينما كان الناس في الماضي يعتمدون على الأغذية المحلية البسيطة مثل: التمور، واللبن، والخبز، والسمن المصنوع منزليًا، بالإضافة إلى بعض المنتجات الزراعية من الحبوب والخضراوات التي تُحصد من المزارع المحلية، أصبحت الموائد الرمضانية اليوم أكثر تنوعًا وثراء، مما أدى إلى زيادة الاستهلاك والإسراف في بعض الأحيان، مع انتشار الأطعمة الجاهزة والمُصنّعة.
وفيما يتعلق برؤية هلال رمضان، أوضح الناعبي أن الطريقة التقليدية كانت تعتمد على المراقبة بالعين المجردة من قبل سكان القرى والمدن، وعند ثبوت الرؤية يتم الإعلان عبر إطلاق الأعيرة النارية أو المدافع الصوتية لإعلام الناس، وقد تغيرت هذه العادة حيث أصبحت تعتمد على المراصد الفلكية واللجان الشرعية التي تعلن ثبوت الهلال عبر وسائل الإعلام الحديثة، مما جعل الإعلان أكثر دقة وسرعة في الانتشار، أما عن عادات الإفطار والإعلان عن وقت المغرب، فقد أشار إلى أن الأطفال في الماضي كانوا ينطلقون في الأحياء والشوارع مرددين بصوت عالٍ: «فطروا.. فطروا.. حيّانا الصايمين» أي «أهالينا الصائمين»، إيذانًا بموعد الإفطار في مشهد رمضاني مميز، بينما اختفت هذه العادة اليوم وأصبح الناس يعتمدون على مكبرات الصوت في المساجد والإشعارات الرقمية والتطبيقات الذكية لمعرفة وقت الإفطار.
كما تحدث الناعبي عن عادة «المسحر»، التي كانت من أجمل العادات الرمضانية، حيث كان المسحر أو اسم «المُهَجِد» يجوب الأحياء مرددًا الأذكار والعبارات التي تحث الناس على الاستيقاظ للسحور مثل «سحو يا صايمين.. سحور.. سحور يا نائمين.. سحور»، وفي ولاية الحمراء كان «المُهَجِد» يصعد إلى أسطح المساجد أو المنازل للتهجد وقراءة بعض الآيات القرآنية والأذكار، إلا أن هذه العادة اندثرت اليوم، حيث أصبح الناس يعتمدون على المنبهات والهواتف الذكية للاستيقاظ للسحور، مما أفقد ليالي رمضان طابعها الروحاني التقليدي.
جنوب الباطنة
وفي ولاية بركاء، أوضح محمد بن مرهون اليحمدي أن الاستعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك لا يختلف كثيرًا بين المحافظات في سلطنة عُمان أو حتى بين الدول الإسلامية، حيث يظل هذا الشهر شهر الخيرات والبركات والنفحات الإيمانية، التي تجمع الناس على العبادة والتواصل الاجتماعي.
وفيما يتعلق بالعادات والتقاليد الرمضانية المميزة في المحافظة، أشار إلى أن الكثير من الأهالي لا يزالون متمسكين بالعادات القديمة المتوارثة عن الآباء والأجداد، مثل صلة الأرحام، وإقامة الولائم الرمضانية، وحملات إفطار الصائم، والتكافل الاجتماعي من خلال تقديم الصدقات والمساعدات للمحتاجين، طلبًا للأجر والثواب في هذا الشهر الفضيل، وأكد أن الأسر تحرص على تنويع وجبات الإفطار والسحور لتعويض الجسم عن فقدان الطاقة أثناء الصيام، وتشمل الوجبات الهريس، والدنجو، واللوبيا، والسمبوسة، والثريد، إلى جانب التمر واللبن والعصائر المتنوعة، كما أشار إلى أن السحور يحظى بعناية خاصة، حيث لا تزال العديد من الأسر متمسكة بالهدي النبوي في تأخير السحور ليكون عونًا للصائم في أداء عباداته.
أما عن الاحتفالات الرمضانية التقليدية، فقال: عادة «القرنقشوه» لم تكن موجودة في بيئتنا السابقة، وما زلنا كعوائل لا نمارسها، لكنها دخلت بسبب تفاعل السكان مع القادمين من الولايات الأخرى، كما ذكر أن مدفع الإفطار أو «المسحراتي» من العادات التي اندثرت مع مرور الزمن، حيث حلَّت محلها الوسائل الحديثة، التي وصفها بأنها أخذت «الغث والسمين» للأسف.
وفيما يخص العادات المتوارثة التي لا تزال تُمارس، أوضح أن عادة تبادل وجبات الإفطار بين الجيران لا تزال قائمة، حيث يقوم الأطفال بحمل أطباق الإفطار من بيت إلى آخر، ما يجعل مائدة الإفطار متكاملة ومتنوعة بفضل هذه العادة الأصيلة، التي تعكس روح التكافل والتلاحم الاجتماعي بين الأسر العُمانية.
محافظة البريمي
وقال سيف بن خليفة المزيدي: إن الاستعداد لاستقبال شهر رمضان في محافظة البريمي يبدأ منذ منتصف شهر شعبان، حيث يحرص الأهالي على تجهيز احتياجاتهم الرمضانية مبكرًا، وأوضح أن الناس في الماضي كانوا يتوجهون إلى الأسواق لشراء لوازمهم، كما كانوا يعتمدون على طحن الحبوب باستخدام آلة «الرحى» التقليدية، وهي أداة حجرية تتكون من حجرين مستديرين أحدهما فوق الآخر، تُستخدم لطحن الحبوب وتجهيز القهوة والوجبات الرمضانية، موضحًا أن إعداد الوجبات الرمضانية يتم في اليوم الأول من رمضان بعد صلاة العصر، وكان الأهالي في الماضي يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على الجيران والأقارب، بالإضافة إلى تخصيص أماكن في المساجد لإفطار الصائمين، حيث يحضر كل فرد ما يستطيع من طعام مثل: التمر والماء واللبن.
وبيّن المزيدي أن محافظة البريمي تتميز بعادات اجتماعية وثقافية تعزز الروابط الأسرية، حيث تبرز التجمعات العائلية وإعداد وجبات الإفطار الجماعية، مما يسهم في توثيق العلاقات بين الأهل والجيران، كما أوضح أن من أبرز الأطعمة التقليدية التي يتم تحضيرها خلال الشهر الفضيل: العيش مع اللحم، والهريس، والثريد، والخبيصة، واللقيمات، والساقو، والعصيدة، والكاستر، والمهلبية، و«الممروسة» وهي عبارة عن مزيج من الطحين والتمر والسمن البلدي، إلى جانب المشروبات التقليدية مثل: اللبن، والشاي، والقهوة، والشوربة، وأشار إلى أن وجبة السحور كانت في الماضي ترافقها عادة إيقاظ الناس عبر شخص معين يدور في الأحياء، إلا أن هذه العادة بدأت في الاندثار، وأصبح الناس اليوم يتناولون السحور في أجواء عائلية هادئة وبسيطة.
وأضاف المزيدي: إن الأجواء الليلية في رمضان تختلف عن باقي أيام السنة، حيث تنشط الأسواق وتُقام الندوات والمحاضرات، إلى جانب حلقات الذكر وتلاوة القرآن الكريم في المساجد، وفيما يتعلق بالتجمعات العائلية، قال المزيدي: إن الإفطار الجماعي يؤدي دورًا مهمًا في تعزيز الألفة والمحبة بين الأقارب والجيران، كما أن بعد الإفطار يتوجه البعض إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، بينما يزور آخرون أقاربهم أو يقصدون الأماكن الترفيهية مثل: الحدائق والمطاعم والمقاهي والمراكز التجارية.
وبيّن أن الألعاب الشعبية الرمضانية في الماضي كانت متنوعة، حيث كان الأطفال والشباب يمارسون ألعابًا مثل: طاق طاقية، والتيلة، وأم السبع، ولعبة الغميضة، والكرابي، في حين أصبحت الأنشطة الترفيهية اليوم تقتصر على كرة القدم والكرة الطائرة وأيضًا بعض الأنشطة التي تُقام في الحدائق العامة والمتنزهات، وأوضح أن الأجواء الروحانية في محافظة البريمي خلال رمضان تمتاز بالبهجة والخصوصية، حيث تزداد تجمعات العائلات بعد الإفطار، كما تشهد المساجد حضورًا مكثفًا لصلاة التراويح، مشيرًا إلى أن بعض العادات الرمضانية لا تزال مستمرة حتى اليوم، ومنها دعوة أحد أهالي الحي للمصلين إلى منزله بعد صلاة التراويح، حيث يتبادلون الأحاديث ويتناولون القهوة والمأكولات الرمضانية، وهذه العادة تكون يوميًا طيلة شهر رمضان، مؤكدًا أن هذه العادات تسهم في تعزيز روح التكافل الاجتماعي وتوطيد العلاقات بين أفراد المجتمع.
محافظة الظاهرة
بدوره، قال أحمد بن خميس الناصري من ولاية عبري: إن العادات الرمضانية في المحافظات لم تندثر، ولكنها تكيفت مع التغيرات الزمنية، موضحًا أن الإكثار من الزيارات المتبادلة بين الأقارب والجيران من العادات الاجتماعية المميزة في شهر رمضان المبارك، حيث تمتاز بنشاطها خلال هذا الشهر الفضيل، إلى جانب روحانية الصيام والفرح بالإفطار على مائدة واحدة، مشيرًا إلى أن هذه العادة الحسنة لا تزال قائمة حتى اليوم، وإن اختلفت في كيفيتها، فقد أصبحت ذات طابع خاص، أو تقتصر على محيط أصغر من السابق، أو تحدث بتوقيت مختلف عن الماضي، مضيفًا: إن ما يجعل كل محافظة مميزة عن الأخرى هو اختلاف العادات والتقاليد، إلى جانب اختلاف التركيبة السكانية في بعض المناطق عن غيرها، وأوضح أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، فقد قربت مسافات التواصل من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي، لكنها في المقابل أدت إلى تقليل الحضور الاجتماعي المباشر والزيارات المتبادلة.
وأضاف: إن العادات الرمضانية أصبحت متكيفة مع التغيرات المتسارعة، حيث انتقل البعض إلى إقامة الإفطارات الرمضانية في المخيمات أو الاستراحات المهيأة، مما أضفى طابعًا جديدًا على الإفطار بعيدًا عن الطابع المنزلي الذي قد تسوده الرسمية أحيانًا، وأوضح أن هذه التغييرات أثرت على سعة الوقت، إذ تتيح هذه الأماكن قضاء وقت أطول مقارنة بالزيارات المنزلية التي قد يفضل البعض تقليصها مراعاة للخصوصية وتجنبًا لرفع الكلفة على أصحاب المنزل.
وأشار الناصري إلى أن من أبرز التحديات التي تواجه العادات الرمضانية التوسع في دوائر العمل أو العمل في أماكن متفرقة ومتباعدة، وهو ما يجعل اللقاءات محدودة، بل قد تفرض بعض الوظائف على الأفراد عدم التواصل مع أهاليهم والمجتمعات المحيطة بهم لفترات طويلة، كما أكد أن وسائل التواصل الاجتماعي، رغم دورها في تقريب المسافات افتراضيًا، إلا أنها أسهمت في الحد من اللقاءات المباشرة بين الأفراد، وأشار إلى أن العولمة تمثل تحديًا آخر، حيث تواجه المجتمعات بين من يستسلم لأدواتها ويتأثر بها، ومن يحافظ على العادات والتقاليد الحسنة رغم التغيرات المتسارعة.
وفي سياق متصل، ومن الولاية نفسها، قال سامح بن سالم الشكيلي: إن العادات الرمضانية في الماضي تميزت بالبساطة، حيث اعتمدت على حسن الجوار والترابط الأسري والعائلي والجغرافي، وأوضح أن العلاقة بين الأهالي، سواء كانت اجتماعية أو مكانية، جعلت النسيج الاجتماعي أكثر صلابة، خاصة خلال شهر رمضان المبارك، حيث كان الناس يجتمعون على مائدة إفطار واحدة، ثم يتوجه الرجال إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، وبعدها يلتقون في بيت مختلف كل ليلة، فيما كانت النساء يفضلن التجمع في أحد المنازل بالطريقة نفسها.
وأشار الشكيلي إلى أن بعض العادات في محافظة الظاهرة لا تزال قائمة، مثل قيام أحد الرجال بالمناداة في أرجاء القرية لإعلام الناس بحلول وقت الإفطار، وآخر لإيقاظهم للسحور، فيما يُعرف بـ«المسحراتي»، غير أن بعض هذه العادات بدأت في التراجع، خاصة مع استقلال الأبناء في منازل منفصلة، ونتيجة لدواعي التمدن والتحضر وابتعاد بعض أرباب الأسر مع عائلاتهم الصغيرة لظروف العمل خارج مناطق سكناهم.
في المقابل، أشار الشكيلي إلى أن بعض العادات اختفت، فلم يعد هناك من ينادي بأعلى صوته لإعلام الناس بوقت الإفطار أو لإيقاظهم للسحور، كما أن التجمعات اليومية التي كانت تُقام في كل يوم داخل أحد البيوت، أصبحت تقتصر على يوم واحد فقط، وفي مجلس عام بالقرى، كما أن الزيارات الرمضانية باتت مقتصرة على المقربين فقط.
وأكد أن الوعي بأهمية الأسرة والانشغال بتربية الأبناء كان له أثر في تراجع بعض العادات، رغم أنها تمثل جزءًا أساسيًا من النهج التربوي السليم الذي يسهم في تقوية النسيج الاجتماعي، لذلك، حثّ الشكيلي على ضرورة تثقيف الأبناء بأهمية صلة الأرحام، وتعزيز التقارب المجتمعي، وتوطيد العلاقة مع المحيط الاجتماعي، من خلال مشاركتهم في المناسبات والشعائر الدينية، مما يعزز صورة العائلة في المجتمع.
واقترح الشكيلي أن تسهم الجمعيات الخيرية والمبادرات الشبابية في إحياء بعض العادات الرمضانية، من خلال تنظيم الإفطار الجماعي وتشكيل فرق توعوية لشرح أهمية هذه العادات ونقلها عبر الأجيال، وكذلك إقامة مسابقات تهدف إلى تعزيز استمراريتها، كما أشار إلى أن الأدعية والمواعظ التي تُرسل عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعزز العزيمة وتشحذ الهمم، مؤكدًا أنه شخصيًا يقلل من استخدام هذه الوسائل في رمضان، لما يحمله الشهر من روحانية، ورغبة في استثمار أيامه القليلة لتحقيق الفائدة الروحية والاجتماعية.
من محافظة ظفار
قال الشيخ محمد بن محاد العمري من سكان منطقة طوي أعتير بولاية مرباط بمحافظة ظفار: «لا أذكر بالتحديد متى بدأت الصوم، ولكن أكاد أجزم أن الصبيان في سني يمسون صيامًا عن الطعام تحديدًا لقلة وندرة الطعام، ولا شك أن الناس مع تلك الظروف في أرياف جبال ظفار كانوا يستبشرون بقدومه ويتجهزون له بغسل كل ما يملكون من أوانٍ وملابس إن وجدت، وذلك استشعارًا منهم لطهر الشهر وخصوصيته».
وأضاف الشيخ محمد العمري قائلًا: أفضل وقت بالنسبة لسكان أرياف ظفار عندما يأتي رمضان في موسم الصرب «الربيع»، حيث يُعد أفضل المواسم التي يتوفر فيها الطعام، حيث يكون هناك حصاد للمحاصيل الزراعية التي تُزرع في فصل الخريف الماطر وتُحصد في موسم الصرب، مثل الذرة بأنواعها المختلفة، والدجر «الفاصوليا»، والخيار المحلي، وغيرها من الثمرات التي تُجنى بفضل الزراعة الموسمية، وكذلك توفر الحشائش والأشجار مخضرة بالنباتات المختلفة لتصبح مرعى خصبًا للمواشي، ويكون هناك إدرار كثير للحليب والسمن البلدي، كما أن للحليب والسمن البلدي واللحوم إسهامات كبيرة في هذا الشأن وعلى مدار العام.
وتحدث عن رمضان في الخريف بجبال ظفار وكيف يعرفون أوقات الصلاة، حيث قال: «في هذا الموسم تكون الشمس فيه محتجبة، ولم تكن عندنا ساعات في ذلك الوقت، فكنا نعرف الأوقات بوسائلنا التقليدية القديمة، فكنا نحفر حفرة صغيرة ونضع فيها الماء، فكانت أشعة الشمس تنعكس على الماء وتظهر عليه، ومن أشعة الشمس المنعكسة على الماء نعرف وقت الظهر إن كانت الأشعة في الوسط، ووقت العصر إن كانت مائلة، وأما وقت المغرب فكنا نعرفه من خلال زهرة معينة، هذه الزهرة عند غروب الشمس تُغلق، وعند الفجر تتفتح».
وعن العادات والتقاليد التي تستقبل رمضان في جبال ظفار، أشار إلى أن في محافظة ظفار عادة شعبية تُسمى بـ«قتل الحنش»، وهي احتفال سنوي غذائي دسم، يتم ترتيبه في نهاية شهر شعبان، ومع دخول شهر رمضان، حيث تجتمع فيه الأسر والعائلات والأصدقاء لتناول وجبة كبيرة دسمة، وهذه العادة مستمرة حتى وقتنا الحاضر.
وحول قضاء الوقت في نهار رمضان ونصيب القرآن من ذلك، قال: لم تكن هناك مدارس في القرى، ولا يوجد معلمو القرآن، ومن أراد تعلم القرآن عليه أن ينزل للمدن ويتفرغ، وهذا صعب جدًا لأهل الجبال لشظف العيش وقلة المؤونة وانشغال الكل بالأعمال اليومية، فنمط الحياة يُلزم الجميع بذلك، لكون الأعمال تُوزع جماعيًا، مما يجعل الوقت لا يكفي للتعلم، ولم تكن هناك وسائل مسموعة كالراديو وغيرها لبث الوعي والترغيب في التعلم.
محافظة جنوب الشرقية
أما عن عادات استقبال شهر رمضان المبارك في ولاية صور، فقالت الوالدة عيدة بنت سالم الفارسية: إن العائلات تبدأ تجهيزاتها منذ شهر شعبان، بشراء السمن وتخزينه في العلب القديمة المخصصة للطبخ، وذلك بسبب ارتفاع أسعاره آنذاك، فكان الجيران يتشاركون في شرائه وتقسيمه بالتساوي، كما يتم تجهيز البهارات والليمون وتخزين مختلف أنواع التمور مثل البرني منذ يوم 20 شعبان، وكانت الأسر تستعد للشهر الفضيل من خلال استبدال الصحون القديمة بالجديدة وغسل الصحون المخصصة لشهر رمضان، وفي ليلة 29 شعبان، يجتمع الرجال والنساء والأطفال وسط أجواء من الفرح لمراقبة الهلال، بينما يذهب الرجال إلى الأسواق بعد ثبوت رؤية الهلال لشراء السمك وتجهيزه لوجبات السحور والإفطار، أما السحور، فكان يتم إعداده بالنار المشعلة في حفرة الطين المثبتة بالجدار، ويتناول الناس السحور في الساعة الواحدة فجرًا، وكانوا يوقظون النائمين بقرع الطبول ووسائل أخرى.
ومن الأطباق المميزة في ولاية صور خلال رمضان الملبنة، والديرة، والشوربة سواء بالسمك أو الدجاج، إلى جانب المرقوقة والفتة، وفي فترة العصر، تتجه النساء للمطابخ لإعداد الطعام، بينما يتوجه الرجال للأسواق لشراء المستلزمات، كما يتم تحضير العصائر مثل الفيمتو والماء، ووقت الإفطار، كان يتم الفصل بين الصائمين وغير الصائمين، حيث تتجمع العائلات الكبيرة بشكل منفصل عن بعضها، بينما تجتمع العائلات الصغيرة حول مائدة واحدة، وبعد الإفطار، يتناولون القهوة والشاي والحلويات قبل التوجه لأداء صلاة التراويح، يليها زيارة الجيران والمرضى، وخلال منتصف رمضان، كان الأطفال يخرجون للعب الألعاب الشعبية، في حين لم تكن هناك احتفالات خاصة بالشهر الفضيل، وكان المدفع يُستخدم للإعلان عن دخول رمضان وثبوت رؤية الهلال، ليضفي أجواءً روحانيةً خاصةً على الشهر الكريم في ولاية صور.
ويشاركها الرأي الوالد مسعود بن صالح المخيني، بقوله: في الماضي كانت الأسر تبدأ تحضيراتها بشراء الطحين والسمك مباشرة من السفن نظرًا لندرته في الأسواق، في حين لم يكن اللحم متوفرًا، وكانت وجبة الإفطار تعتمد على الفتة المعروفة بالثريد باستخدام خبز الرقاق مع السمك والدجاج الطازج، إلى جانب تجهيز التمر والمشاركة في شراء السمن بسبب ارتفاع أسعاره، أما المشروبات الرمضانية، فكانت تشمل الشوربة والملبنة المصنوعة من الأرز والزعفران والهيل وماء الورد، حيث يتم طحن الأرز يدويًا في البيوت لعدم توفر المطاحن قبل رمضان بعشرة أيام، وكانت العصائر، مثل الفيمتو، نادرة، والماء العذب يُجلب من مناطق بعيدة، وقت السحور كان يُحدد عبر دق الطبول، وكانت الوجبة الأساسية هي العيش مع اللبن الذي يُشترى من البدو ويتم تخفيفه بالماء، أما أجواء المساجد، فقد كانت صلاة التراويح تُقام للرجال مع قلة من النساء، والإفطار يتم داخل المساجد، ولعدم توفر مكبرات الصوت، كان الأطفال يركضون بين البيوت لنقل إعلان الأذان بعد سماعه من المؤذن الذي يصعد إلى المنارة.
وقال عبدالملك بن خلفان السلطي: إن استقبال رمضان في ولاية صور يكون بابتهالات قلبية صافية صادقة وفرحة عظيمة تملأ البيوت والأسر، ويقومون بالاستعداد المبكر في شراء الأغذية والمستلزمات والأطعمة الخاصة بشهر رمضان، وفي الشهر المبارك، تزدحم المساجد بالمصلين، خاصة في صلاة التراويح التي تخيم عليها الأجواء الرمضانية الروحانية، أما الأسواق فتكون مزدحمة مساء بشكل يومي وفي العشر الأواخر من الشهر الفضيل.
ومن العادات والتقاليد في الشهر الفضيل إخراج بعض من الفطور إلى المسجد القريب من الحي السكني، وكذلك تبادل الأطباق بين الأسر والجيران، حيث تتميز الأطباق في مائدة السحور بالعيش الأبيض مع اللبن والسمك المقلي، كما تُقام خلال الشهر الفضيل المحاضرات والأنشطة الدينية، أما الأنشطة الترفيهية فتشمل أنشطة رياضية وأمسيات ثقافية.
محافظة مسقط
ومن ولاية العامرات، قالت أمل بنت عبدالله الصخبورية، معلمة وكاتبة: «لقد أعاد الله علينا شهر الخير والبركات، وبدأنا بالاستعداد له وجدانيًا بعمل خطة روحانية حول آلية ختم القرآن إلى جانب التفسير اللغوي لبعض سور القرآن الكريم، وبالطبع، ثمة خطط واستعدادات على الصعيد المكاني بتخصيص مكان مهيئ بتفاصيل رمضانية وإضاءات وعبارات، بالتعاون مع أبنائنا، لاستشعار وغرس محبة الشهر الفضيل، وهناك استعداد لشراء المؤن وما يتطلب لإعداد المائدة الرمضانية للإفطار والسحور، ولم ننسَ أيضًا تفقد المحتاجين للعون من خلال السلة الرمضانية، لإدخال السرور عليهم وكسب الأجر والثواب».
وعن الأجواء الروحانية في المساجد والأسواق خلال رمضان، قالت: «أستطيع أن أجزم أننا نشم عبق الشهر الفضيل منذ أيام، طبعًا حركة التسوق تزداد قبل الشهر الفضيل لشراء متطلبات الطعام للفطور والسحور، إلى جانب ضرورة الانتباه لعدم المبالغة في كمية الطعام الذي يتم إعداده، ونلاحظ أن الحركة ذاتها تتكرر في نهاية الشهر استعدادًا للعيد، وثمة أنشطة تتعلق بمحاضرات دينية تُعقد في حلقات الذكر سواء بالحضور الشخصي أو عن بُعد، إلى جانب المنافسة في ختم قراءة القرآن وحفظه وتفسيره، ومن أجمل مبادرات الشهر الفضيل هي التجمعات العائلية التي تزيد المشاعر الطيبة والألفة، إلى جانب زيادة البركة والأجر، وكذلك الأمر بالنسبة للإفطار الجماعي الذي تسهم فيه المنازل بأطباق شخصية من أجل مبادرة إفطار صائم».
وعن النشاطات الترفيهية، قالت: يتم عمل مسابقات فكرية وكذلك فرق رياضية للترويح الإيجابي في ليالي الشهر الفضيل، ومسابقات في حفظ القرآن وتلاوته، ويتجمع البعض، وخصوصًا كبار السن، للعب الألعاب الشعبية مثل «الحواليس».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العادات الرمضانیة العادات والتقالید التواصل الاجتماعی شهر رمضان المبارک وجبات الإفطار صلاة التراویح الشهر الفضیل الرمضانیة فی فی ولایة صور وقت الإفطار بعض العادات الرمضانیة ا یعتمدون على هذه العادات أشار إلى أن فی المساجد هذه العادة فی محافظة فی الماضی وأوضح أن إلى جانب رمضان فی ا أن هذه لا تزال من خلال ما یجعل أن بعض التی ت إلا أن لم تکن کما أن الذی ی
إقرأ أيضاً:
أيام معدودات.. إغرس فيها الأثر قبل أن يرحل هذا الشهر
هو شهر رمضان المبارك يتميز عن باقي الشهور برقة القلب، فيغلف الإيمان الأجواء، ويكون بالتالي فرصة لإصلاح ما أفسدته سائر الشهور.
فهو شهر العبادة والتقارب الاجتماعي، ينتهز فيه الناس الفرصة للتقرب إلى الله عز وجل، فتصفوا النفوس من كل ما يكدرها.
فبمجيئه، تتنزل رحمات رب الأرض والسماء، فكيف لا نستغلها ونصلح أحوالنا وننقها من شوائب تراكمت على مدار العام لأسباب في الغالب تافهة.
فهاهي الفرص سانحة لتحسين العلاقات وتعزيز الروابط العائلية التي انقطعت أواصرها.
فلديك الوالدين الأخوة والأخوات وأطفالهم والأقارب أيضا، جميعهم لهم حقوق عليك بتعزيز ترابطك معهم خلال الشهر الفضيل.
الحفاظ على الروابط العائليةما من عائلة لا يوجد لديها بعض المشاكل مع الأقارب أو أحد أفراد الأسرة. لكن هذا لا ينبغي أن يكون عائقاً أمامك للتواصل معهم، وهذه فضيلة خلال شهر رمضان وطوال حياتك أيضاً. يمكنك تعزيزها من خلال ما يلي:
الاتصال بهم: وتأكد أن ذلك لن ينقص من شأنك، فالمسامح عند الله كريم. فمجرد مكالمة هاتفية تحمل نية طيبة، تبدأ في كسر الجليد الذي صنعته ربمها سببه دنيوي، فحل فتور وبرود في العلاقات العائلية.
حل المشاكل العائلية القديمة مرة واحدة وبشكل نهائي: بمجرد أن تأتي أمامك فرصة لحل المشكلات القديمة. حاول حلها بشكل رسمي بمساعدة أحد أفراد العائلة من كبار السن. وحاول أن تفعل ذلك في رمضان. حيث يسعد الناس أن ينسوا ويغفروا خلال شهر رمضان والعيد أيضاً.
دعوات الإفطار: إذا كان أقاربك في نفس المدينة، فيجب عليك دعوتهم لتناول الإفطار، وقبول دعواتهم أيضاً. ثم خلال الإفطار يمكنك مناقشة الطرق المختلفة لحل النزاعات العائلية إذا كانت موجودة. كذلك كيفية البقاء على تواصل. فأن يجتمع الجميع على مائدة واحدة ووقت واحد من شأنه أن يخلق جوا لطيفا ترق فيه القلوب وتتناثر البسمات، وتزوج المشاحنات، وهكذا توطد العلاقات أكثر.
الدردشة عبر الإنترنت: هذه الوسيلة الالكترونية يمكن استغلالها بطريقة إيجابية، فهي تقرب البعيد. فمن الجميل جدا أن نخصص برهة من وقتنا ونتصل بقريب لنا باعدته عنا الظروف.
الزكاة: في هذه الأيام ربما نسي الكثيرون إنفاق الصدقة على أقاربهم الفقراء. ربما بسبب اعتقاد مبطن من أن هذا القريب يوجد من يساعده من جهة أخرى. لكن ليس لدينا عذر لأن الأقربون أولى بالمعروف، وهناك طرق للقيام بذلك وبشكل عملي وبأسلوب راقي بعيدا عن الإحراج.
كن نقطة التقاطع لعائلتك: كلما طبقت بعض النصائح أعلاه، ستكون نقطة الاتصال للعلاقات والاجتماعات العائلية، ولحسن الحظ أيضاً..
تتحمل هذه المسؤولية وتحاول ترتيب أنشطة مختلفة لعائلتك الكبيرة، مثل: تنظيم عزومات، سهرات ليلية نستعيد فيها الذكريات الجميلة. كذلك جمع التبرعات العائلية لمشروع خيري في مجتمعك.
إذا شهر رمضان هو مدرسة قيمة للمسلمين، يتعلم الإنسان فيها القيم العالية والمفاهيم السامية. خاصة فيما يتعلق الأمر منها بأسلوب قيمة التعامل مع الآخر، وتهذيب النفس على الأعمال الصالحة. والأقوال اللائقة.
وإذا جئنا إلى الأسرة نرى أن أثر رمضان على الجميع هو أثر جميل حيث يعمل على تقريب الأسرة الواحدة ببعضها البعض. وهذه العادات يجب أن لا تندثر، وأن نتوارثها عبر الأجيال. من خلال زرع أفضل القيم في أطفالنا، فكيف يكون ذلك؟.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور