لماذا يعاني جيش الكونغو الجرار أمام مليشيا أصغر منه بكثير؟
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية بدا ضعيفا وينخره الفساد وعاجزا تماما عن إيقاف حركة إم23 المتمردة التي اجتاحت الجزء الشرقي من البلاد في الأسابيع الأخيرة.
واستولت الحركة مؤخرا على مدينتين رئيسيتين ومطارين إستراتيجيين ومساحات شاسعة من الأراضي الكونغولية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مستشفيات فرنسية عامة توفر أطباقا دينية إلا للمسلمينlist 2 of 2إيكونوميست: أوروبا تتعهد بالدفاع عن أوكرانيا ولكنها تستجدي دعم ترامبend of listوذكرت الصحيفة الأميركية في تقرير لمديرة مكتبها في غرب ووسط أفريقيا روث ماكلين أن جيش الكونغو الديمقراطية يعج بالفصائل التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، بينما يعاني جنوده من تدني الأجور ونقص في التسليح.
ويقال إن الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم البلاد حرصوا على إبقاء الجيش ضعيفا خشية الانقلاب عليهم. ووفقا للصحيفة، فقد حاول الرئيس الحالي فيليكس تشيسيكيدي الاستعداد لمواجهة هذه اللحظة بتعزيز قدرات جيشه لسحق آلاف المقاتلين الذين يجوبون الشرق.
لكن تلك الجهود انهارت مما جعله في عزلة متزايدة حيث تبخر دعمه المحلي، وتوقفت محادثات السلام مع القوى الإقليمية وانعدم الدعم الدولي القوي له.
وتحظى حركة 23 مارس، المعروفة اختصارا باسم إم 23، بدعم من رواندا، جارة الكونغو الديمقراطية الأصغر بكثير، والتي أشرفت قواتها على تدريب وتسليح المتمردين ودمجهم في صفوفها، وفقا للأمم المتحدة.
إعلانوقد اعترفت رواندا بوجود قواتها في الكونغو ولكنها نفت سيطرتها على الحركة المتمردة هناك.
ونقلت الصحيفة في تقريرها عن فريد بوما، المدير التنفيذي لمعهد إيبوتيلي -وهو مركز أبحاث كونغولي- القول إن لهذا الصراع جانبين "أحدهما يتمثل في الدعم الرواندي لحركة إم 23، والآخر في مكامن الضعف الداخلية للحكومة الكونغولية".
وفي مقابلة أجرتها معه نيويورك تايمز مؤخرا، قال الرئيس تشيسيكيدي إن مشكلة جيش بلاده تكمن في أنه مخترق من قبل أجانب، ملقيا اللوم على سلفه في معالجة المشكلة.
وقال أيضا إن الرئيس الذي سبقه في حكم البلاد قضى 18 عاما في السلطة دون أن يحاول إعادة بناء الجيش، "وعندما بدأنا في إصلاحه وإعادة بنائه في عام 2022، تعرضنا على الفور لهجوم من رواندا، كما لو كانوا يريدون منع الإصلاحات".
وأشارت الصحيفة إلى أن هجمات المتمردين تسارعت وتيرتها طوال الشهر المنصرم، وخسر الجيش الكونغولي وحلفاؤه -الذين يشملون مرتزقة أوروبيين وجماعات مسلحة تعرف باسم (وازاليندو)، أي الوطنيين- معركة تلو الأخرى.
وتتوغل حركة إم 23 في أراضٍ جديدة وتحاصر بلدة أوفيرا القريبة من الحدود مع بوروندي، عند الطرف الشمالي الغربي لبحيرة تنجانيغا في مقاطعة كيفو الجنوبية، وتزحف شمالا وجنوبا.
وفي بوكافو عاصمة إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو، تراجع الجنود الكونغوليون في أرتال طويلة قبل أن تهاجم حركة إم 23 المدينة.
وبعد معركة للسيطرة على غوما، نقل مقاتلو المتمردين مئات الجنود الأسرى على متن شاحنات إلى خارج المدينة لإعادة تدريبهم. كما استسلمت قوات الشرطة بأعداد كبيرة وانضموا إلى الحركة المتمردة.
ولفتت الصحيفة إلى أن كثيرا ما انقلب الجنود الكونغوليون وحلفاؤهم من قبيلة (وازاليندو) على بعضهم بعضا، وتقاتلوا على الإمدادات والوصول إلى المواقع التي يُتهمون بانتزاع رشاوى من الموجودين فيها.
إعلان
وتناولت الصحيفة في تقريرها مكامن الخلل التي يعاني منها الجيش الكونغولي على الرغم من أنه يبدو –"على الورق"- في وضع جيد يُمكِّنه من التعامل مع التهديدات القادمة من جارته رواندا، إذ يُقدِّر الخبراء أن قوامه يتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف جندي، أي أكثر بكثير مما لدى رواندا وحركة إم 23.
ومن نقاط الضعف التي تعتري الجيش الكونغولي، أن جنوده يعوضون رواتبهم الزهيدة بابتزاز المدنيين غالبا عند مئات حواجز التفتيش، ويمكن لأحدهم أن يجمع 900 دولار في اليوم، أي أضعاف الراتب الشهري للجندي، طبقا للتقرير الصحفي.
وتعليقا على هذه النقطة، يقول بير شوتن، الباحث في مجال السلام والعنف في المعهد الدانماركي للدراسات الدولية، إن جيش الكونغو الديمقراطية "يعمل في الحقيقة كما لو أنه جماعة مسلحة".
وإدراكا منه لهذه المشكلة، حاول الرئيس تشيسيكيدي تعزيز الجيش. وفي عام 2023، زاد الميزانية العسكرية بأكثر من الضعف من 371 مليون دولار إلى 761 مليون دولار – وهو ما قزّم ميزانية رواندا البالغة 171 مليون دولار.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن "هشاشة" الكونغو عميقة الجذور، فهي تعود إلى ضعف المؤسسات وضآلة التنمية بعد عقود من الاستعمار البلجيكي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات الکونغو الدیمقراطیة جیش الکونغو حرکة إم 23
إقرأ أيضاً:
متمرد جديد بالكونغو الديمقراطية وخلافات تعرقل تشكيل حكومة موسعة
تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية تطورات متسارعة تنذر بمزيد من التوتر وعدم الاستقرار بعد إعلان المدان سابقًا بجرائم حرب توماس لوبانغا عن تشكيل حركة متمردة جديدة في إقليم إيتوري بشرقي البلاد.
وفي الوقت ذاته، تعيش الساحة السياسية على وقع انقسامات حادة بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية، مما يعقّد جهود الدولة للخروج من دوامة الأزمات الأمنية والسياسية المتلاحقة.
عودة لوبانغافي خطوة مفاجئة أثارت موجة من القلق داخليًا وخارجيا، أعلن توماس لوبانغا -أول شخص أدانته المحكمة الجنائية الدولية عام 2012 بتهم تجنيد الأطفال للقتال في صفوف مليشياته- عن تأسيس "الجبهة الشعبية"، وهي حركة مسلحة جديدة تنشط حاليا في إقليم إيتوري شرقي البلاد، حيث لا يزال الصراع الإثني والطائفي محتدمًا منذ سنوات.
وصرّح لوبانغا في تسجيل مصوّر بأن حركته تهدف إلى "الدفاع عن حقوق شعب إيتوري الذي يعاني التهميش، وحماية المجتمعات المحلية من الإهمال والعنف المنظّم".
واتهم الحكومة بعدم الوفاء بوعودها المتعلقة بالأمن والتنمية في المنطقة. وأضاف "نحن لا نحمل السلاح من أجل القتال، بل من أجل الدفاع".
وقد أثار هذا الإعلان استياءً واسعا في الأوساط الحقوقية والدولية، إذ يرى كثيرون أن الإفراج المبكر عن لوبانغا، دون آليات واضحة لإعادة تأهيله أو مراقبته، يشكّل خطرًا جديا على استقرار البلاد.
بالتوازي، تواجه جمهورية الكونغو الديمقراطية أزمة سياسية متفاقمة إثر فشل الجهود الرئاسية في تشكيل حكومة وحدة وطنية، بهدف استيعاب المعارضة وضمان تمثيل أوسع بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة.
إعلانووفق تقارير صحفية، تنقسم الكتلة الرئاسية نفسها بشأن تشكيل حكومة جامعة؛ إذ ترى بعض الأطراف أن إشراك المعارضة غير ضروري، لا سيما بعد فوز الرئيس فيليكس تشيسيكيدي بولاية جديدة، في حين يعتبر آخرون أن تجاهل المعارضة في هذه المرحلة الحرجة قد يقوّض شرعية الحكومة ويُضعف قدرتها على التصدي للتحديات الأمنية والاقتصادية.
أما المعارضة، فقد عبّرت عن رفضها القاطع لأي صيغة مفروضة من جانب واحد، مشددة على أن "أي حوار حقيقي يجب أن ينطلق أولًا من مراجعة نتائج الانتخابات التي شابتها خروقات"، حسبما صرّح أحد قادة المعارضة لصحيفة "أفريكسوار" (Afriksoir).
تعاني المناطق الشرقية، ولا سيما إقليمي إيتوري وكيفو، من تدهور أمني مستمر مع نشاط أكثر من 120 جماعة مسلحة، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
وتخشى منظمات حقوق الإنسان أن يسفر ظهور لوبانغا مجددًا عن إحياء موجات العنف الإثني، خاصةً أنه يحظى بدعم بعض المجموعات المحلية.
ويرى محللون أن ضعف الحكومة المركزية وتأخر تشكيل حكومة جديدة يفتحان الباب أمام عودة المزيد من المتمردين إلى الساحة، في ظل غياب خطة شاملة لنزع السلاح وإعادة الإدماج.
في ضوء هذه المعطيات المعقدة، تبدو جمهورية الكونغو الديمقراطية أمام مفترق طرق حاسم. فبين أزمة سياسية داخلية لم تُحسم بعد، وتطورات أمنية تنذر بالخطر في الشرق، يزداد الضغط على الرئيس تشيسيكيدي لاتخاذ خطوات حاسمة، سواء من خلال إطلاق حوار سياسي شامل أو بإعادة صياغة إستراتيجية الأمن والمصالحة الوطنية.