رئيس مجلس الخدمة العراقي يفتح ملفات هموم التوظيف والإصلاحات المطلوبة
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
الاقتصاد نيوز-بغداد
قال رئيس مجلس الخدمة الاتحادي المعني بملف الخدمة العامة والتوظيف في العراق محمود التميمي في حوار مع "العربي الجديد" تابعته "الاقتصاد نيوز"، إن كتلة بشرية كبيرة في الوظيفة العامة تشكل عبئاً على موازنة البلد النفطي، وأوضح أن 10% من مواطنيه يعملون في القطاع الحكومي، فيما العراقيون أكثر ميلاً للوظيفة الحكومية باعتبارها أكثر ضماناً لهم.
وأوضح أن العراق بدون قانون ينظم عمل ملف الخدمة وهياكله الإدارية منذ عام 1960، فيما شدد على أهمية إعادة النظر في هذه الهياكل بسبب التضارب بالصلاحيات والقرارات، كاشفاً في الوقت نفسه عن نسبة العراقيين العاملين بالقطاع الحكومي، ومشيراً في الوقت نفسه إلى وجود تعاون مع مصر في ملف الخدمة العامة.
وهذا نص الحوار مع التميمي:
بداية.. ما هي مهام وصلاحيات المجلس وهل تقدمون خدمات لتطوير أداء الموظفين؟
صلاحيات المجلس نص عليها قانونه رقم 4 لسنة 2009 في المادة 9/أولاً وتتضمن تنظيم شؤون الوظائف العامة في العراق من ناحية التعيين في المؤسسات الحكومية وإعادة التعيين ووضع الهياكل والأوصاف الوظيفية واقتراح التشريعات الخاصة بهذا الملف، وكل ما من شأنه التماس مع الخدمة العامة بشكل مباشر أو عبر المشاركة مع الجهات القطاعية بموجب القوانين، وخاصةً وزارتي التخطيط والمالية، وكذلك نعمل على تقديم خدمات التدريب والتأهيل والتطوير عبر معهد التطوير والتدريب للخدمة العامة الذي ينتظر تشريع قانون خاص به لتنظيم الدور والصلاحيات الممنوحة لهُ، ونحن ماضون في هذا الاتجاه ونعتزم القيام به عبر كوادر متخصصة بهدف رفع جودة وانتاجية الموظفين.
قلتم في وقت سابق إن هناك مشكلة في هيكل النظام الإداري في العراق، أين يكمن الخلل وهل يحتاج إعادة تنظيم أم إعادة هيكلة؟
يجب إعادة النظر في القرارات التي نظّمت الهياكل الإدارية المعمول بها حالياً، خاصة أن غالبيتها مرتبطة بقانون الخدمة المدنية العامة الذي شرع في عام 1960 وبات من الضروري تشريع قانون جديد، ومن مستلزمات النجاح في الإدارة مراجعة هياكل المؤسسات الحكومية، ونعتقد بوجوب أن يتم ذلك كل 5 سنوات لمواكبة التطور العالمي في النظم الإدارية والتي تشهد تحقيق قفزات في طرق الإدارة والتنظيم واستغلال الموارد وتم تكليفنا من قبل الحكومة بإعادة النظر في هيكلية مؤسسات حكومية عراقية بالتعاون مع منظمات عربية ودولية بالاستفادة من خبرات الدول الشقيقة والصديقة.
كذلك نحن كمجلس نرى أن أهم المشكلات التي نعاني منها تأتي بسبب البيئة التشريعية لملف الخدمة العامة، إذ إنّها بحاجة لإعادة نظر وتتحدد صلاحيات كل جهة معنية بهذا الملف وهنالك تشريعات تعيق عملنا.
إذاً، العراق منذ 63 عاماً بدون قانون ينظم الخدمة المدنية ويواكب التطورات العالمية في النظم الإدارية، ما هي انعكاسات ذلك؟
يجب تشريع قانون جديد يواكب التطور في النظم الإدارية عالمياً وما هو موجود من قدرات مادية وبشرية في البلاد، وكانت هناك نسخة حكومية مقدمة إلى البرلمان وتم سحبها من الحكومة الحالية لتعديلها وتنضيجها، ويجب كذلك إصدار تشريعات أخرى تدعم ملف الخدمة العامة، كقوانين الملاك وانضباط موظفي الدولة وإلغاء قرارات سابقة تعود لعقود وهذه كلها منظومة واحدة لا يمكن فصل جزء عن الآخر منها.
القانون الذي تنظر الحكومة فيه حالياً سيزيل العديد من الإشكاليات، وأهمها قضية الصلاحيات، إذ إنّها في ملف الخدمة العامة متناثرة بين مجلس الخدمة ووزارتي المالية والتخطيط وديوان الرقابة المالية والوزارات والهيئات والمحافظات، وكل وحدة من وحدات الإنفاق هذه لديها صلاحيات ويحدث تضارب في بعض الأحيان في القرارات المتخذة، وإرادة المشرع العراقي انصرفت نحو تشكيل مؤسسة معنية بملف الخدمة العامة متمثلة بمجلس الخدمة الاتحادي لتنظيم هذه العملية.
كيف تقرأون الترهل في الجسد الوظيفي الموجود في العراق وهل يمكن إيجاد حلول أم أن الوقت قد فات؟
هنالك كتلة بشرية تشكّل عبئاً على الدولة والموازنة، ومعالجة الموقف تتطلب رؤية إدارية في كل مؤسسة تستغل ما موجود من موارد عبر توظيفها بالطريقة التي تتناسب مع القابليات مع ضرورة تطوير القدرات، هنالك دول ليست لديها موارد طبيعية وعوضتها بالموارد البشرية الموجودة وحققت قفزات اقتصادية.
ما حجم الدرجات الوظيفية التي أشرف عليها المجلس منذ تأسيسه في عام 2019؟
المجلس تأسس في نهاية السنة المالية في عام 2019، وبعدها لم تكن هنالك موازنة عام 2020 وأول تكليف لنا بالتوظيف كان في موازنة 2021 والخاصة بتعيينات وزارة الصحة وكانت محدودة جداً، ثم أتى عام 2022 الذي لم تكن فيه موازنة أيضاً.
واقتصر الموضوع على إصدار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، وكلّفنا بملف تعيينات تعيين الأوائل الثلاثة على الكليات وحملة الشهادات العليا (الماجستير والدكتوراه)، وبعدد 43 ألف درجة وظيفية من أصل 74 ألفاً التي تم استكمالها بقرارات من جهات أخرى.
من مجموع 720 ألف درجة وظيفية أضيفت إلى موازنة 2023، ما حجم ما أشرفتم عليه كجهة مكلفة بملف التعيينات؟
لدينا تكليفات في موازنة 2023 المشرعة حديثاً كإدارة ملف تعيين الأقليات وإعادة التعيين في مؤسسات الدولة واستكمال تعيين الأوائل وحملة الشهادات العليا والتي اقتصر دورنا عليها بموجب قانون الدعم الطارئ على الـ 43 ألف درجة وظيفية التي أشرنا إليها، أما البقية فلم يتم تكليفنا بها، ودورنا يتم بما تثبته الموازنة من تكليف لمجلس الخدمة فقط.
فوضى التعيينات بعد 2003 وشيوع المحسوبية في التوظيف كيف أثّرا في بنية مؤسسات الدولة؟
كل تعيين يحيد عن القوانين والمعايير الموضوعة يؤثر سلباً.
كيف تنظرون لمسألة عدم وجود قاعدة بيانات واضحة تشمل جميع موظفي العراق؟
الموضوع في طريقه للحل عبر مشروع منصة الرقم الوظيفي الذي تبتنه وزارة التخطيط، وهي وصلت فيها إلى مرحلة متقدمة جداً، وهو سيوضح أعداد الموظفين الكلية وأنواعهم ومستوياتهم العلمية وقدراتهم، وهذا الموضوع مهم جداً، لأن كل مشروع يخطط له يحتاج إلى بيانات دقيقة لتوظيف الموارد البشرية فيه بأفضل صورة وبمواقعها الصحيحة، وبطبيعة الحال سيستفيد منه كل الجهاز الإداري في الدولة، ومن ضمنه مجلس الخدمة.
محدودية دور القطاع الخاص في توفير الوظائف لماذا تستمر وتدفع العراقيين إلى الوثوق بالوظيفة الحكومية حصراً، وهو ما يستمر بالضغط على الدولة؟
سوء تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل في القطاع الخاص مشكلة أساسية، التفتت إليها الحكومة الحالية عبر تشريع قانون الضمان الاجتماعي للعمال، إذ إنه يوفر الحماية للطرفين، ونعتقد أن تطبيقه سيحدث نقلة نوعية تشجع العراقيين على الذهاب للقطاع الخاص بحثاً عن الوظائف، حالياً هم يذهبون للقطاع الحكومي لأنه أكثر ضماناً واستقراراً ومدخوله ثابت، والمطلوب نقل امتيازات الوظيفة الحكومية لوظائف القطاع الخاص، وهو ما يمكن أن يعمل عليه قانون الضمان الاجتماعي للعمال.
إن نسبة 10% من العراقيين تعمل في القطاع الحكومي، وهذه نسبة عالية جداً، بينما لا تتجاوز 2% في الدول المتقدمة، وللقطاع الخاص في العراق فرص كبيرة، إذ إن الدولة تنفتح نحو تنفيذ الكثير من المشاريع المهمة والاستراتيجية، ومن بينها مشروع طريق التنمية والمدن الصناعية الذي يتواصل إنشاؤه.
هنالك فائض من خريجي كليتي الصيدلة وطب الأسنان يصل إلى 30 ألفاً، لماذا يظهر فائض بتخصصات وشحّ في أخرى رغم حاجة سوق العمل؟
يجب أولاً تحديد حاجة الدولة من جهة والسوق من جهة أخرى لوظائف معينة، لتلبية هذه الحاجة عبر خياري زيادة التوظيف فيها أو فتح كليات ومعاهد لتوفير خريجين لتغطية الطلب، وبالمقابل تقلص الكليات والمعاهد في التخصصات الأقل طلباً، وهذا يعتمد على البيانات التي تقدمها الوزارات طلباً للوظائف، وعلى سبيل المثال وزارة الصحة بحاجة لتخصصات من الكوادر التمريضية والصحية داخل دوائرها الحالية أو المشاريع التي يتم افتتاحها ووفق ما يتم تخصيصه من وظائف.
الحكومة خاطبت الوزارات والهيئات قبل أكثر من شهر لتزويدها بالبيانات للمناورة بين الموظفين وإجراء مناقلات في الموارد البشرية من دائرة فيها فائض بأعداد وتخصصات لأخرى لديها شحة بغية سد النقوصات وجعل الإمكانات البشرية في أماكنها الصحيحة.
هنالك شكاوى من محدودية إمكانات أطباء وكوادر تمريضية تسببوا في مشكلات صحية لمرضى وصلت إلى مستوى حصول وفيات، كيف يجرى تعيين هؤلاء؟
تعيين خريجي الكليات الطبية يتم وفق قانون رقم 6 لسنة 2000 وهو ألزم الدولة بتعيين خريجيها في المؤسسات الصحية، ويخضعون لقانون التدرج الطبي لصقل مهاراتهم وتضاف إليهم مهارات أخرى جديدة وهناك من تبقى إمكاناتهم محدودة، وهنالك إجراء يجب أن يأخذ دوره الحقيقي يتمثل باستمارة التقييم التي تمنح للإدارات ويتم على ضوئها وضع تقييم لكل موظف، وللأسف هي ما زالت شكلية أكثر من كونها موضوعية ويفترض على أساسها تحديد مؤهل الموظف أما البقاء في العنوان الوظيفي نفسه أو الارتقاء به أو إعادة تدريبه لتطوير مهاراته وهذا نظام يجب أن يعمل به وتقام بموازاته دورات تطوير قدرات مستمرة للموظفين لرفع قدراتهم ومهاراتهم وهذا إجراء معمول به في كثير من الدول ويجب أن يأخذ دوره بشكل أكبر في العراق.
هل تعتقدون أن الموظف العراقي مُنتج لمستوى مقبول أم أن تطويره واجب لرفع كفاءته وإنتاجيته؟
الموضوع نسبي ويرتبط مباشرةً بأسلوب الإدارة ومدى نجاحه في كل دائرة وعلى ضوء إمكانات الموظف وتطوير أدائه.
وقعتم مذكرة واتفاقية مع الجانبين المصري والأردني في الشهرين الأخيرين ما مضمونهما؟
مع الجانب المصري وقعنا مذكرة تفاهم تتعلق بملف الوظيفة العامة بشكل عام والتنظيم الإداري، الأخوة في مصر قطعوا أشواطاً مهمة في مجال إدارة الموارد البشرية ولديهم الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وهو واحد من المؤسسات العريقة ومن الممكن الاستفادة من خبراتهم في العراق وبالمقابل هم أعجبوا بتجربة مجلس الخدمة الاتحادي في ملف توظيف الأوائل وحملة الشهادات وطلبوا الاستعانة بنا من ناحية استخدام النظم الحديثة وقواعد البيانات.
أما الجانب الأردني فقد وقعنا اتفاقية تبادل المعلومات والمعرفة في الوظيفة والخدمة العامة مع ديوان الخدمة هناك، وهو من المؤسسات المهمة والعريقة، وهم لديهم اتفاقات في جانب التدريب والتطوير مع منظمات دولية وأوروبية رصينة ومن الممكن الاستفادة من الخبرات والاتفاقات مع الدول العربية واحدة من أدوات التواصل.
سيرة ذاتية
يُشار إلى أن محمود محمد عبد محمد التميمي من مواليد بغداد 1977، وحائز على بكالوريوس قانون من كلية القانون في جامعة بابل، وقبل ترؤسه مجلس الخدمة الاتحادي، كان عضوا في مجلس رؤساء الهيئات المستقلة برئاسة مجلس الوزراء، وعضواً في لجنة اعداد استراتيجية الموازنة المالية العامة.
المصدر/ العربي الجديد
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار مجلس الخدمة الاتحادی الموارد البشریة تشریع قانون فی العراق
إقرأ أيضاً:
برعاية رئيس الدولة.. “الاتحادية للشباب” و”الخدمة الوطنية ” تنظمان “ملتقى فخر” بدورته الـ2
تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، “حفظه الله” وبحضور سمو الشيخ محمد بن سعود بن صقر القاسمي ولي عهد رأس الخيمة نظمت المؤسسة الاتحادية للشباب، بالتعاون مع هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية فعاليات “ملتقى فخر” بدورته الثانية تحت شعار “وصية وطن ” وهو أحد المبادرات التي تهدف إلى الاحتفاء بالشباب الإماراتي من منتسبي الخدمة الوطنية وخريجيها، وإعلاء القيم الأصيلة، وبثّ روح الفخر والتضحية والعطاء في نفوسهم، وجعلها هوية راسخة تُعزز روح الولاء والانتماء لديهم، فضلاً عن تسليط الضوء على أفضل تجارب الشباب ودورهم المشرّف في خدمة الوطن.
حضر الملتقى الشيخ أرحمه بن سعود بن خالد القاسمي، مدير مكتب سمو ولي عهد رأس الخيمة، والشيخة الدكتورة موزة بنت طحنون آل نهيان، مستشار في وزارة الخارجية، والشيخ الدكتور محمد بن سعود بن خالد القاسمي، والشيخ زايد بن سيف بن زايد آل نهيان، ومعالي عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام.
كما حضر الملتقى، معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ومعالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، ومعالي عبدالله بن سلطان بن عواد النعيمي، وزير العدل، ومعالي الدكتور أحمد بن عبدالله بالهول الفلاسي، وزير الرياضة، ومعالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع، ومعالي عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، ومعالي الدكتورة ميثاء بنت سالم الشامسي، وزيرة دولة، ومعالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات إلى جانب مسؤولين في الحكومة الاتحادية والمحلية، وأكثر من 9 آلاف من منتسبي الخدمة الوطنية وأسرهم، ووفود شبابية من مختلف أنحاء الدولة.
وقال سموّ الشيخ محمد بن سعود بن صقر القاسمي، ولي عهد رأس الخيمة في الكلمة الرئيسية للملتقى إنه : “لطالما آمنت القيادة الرشيدة بأن بناء المستقبل يبدأ بإعداد جيل من الشباب الواعي، المؤمن بدوره، المدرك لمسؤوليته، لأنهم الأمل الذي تنعقد عليه طموحاتنا، والقوة التي تصنع التغيير، وكل إنجاز يتحقق على أرض الوطن يأتي بفضل عزمهم وتفانيهم”.
وأضاف سموّه أن “ملتقى فخر” يشكل انعكاساً لعظمة الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات خلال 53 عاماً من البناء والتطوير والتضحية والعطاء والطموح الذي لا يتوقف، لنستذكر بكل فخر أن الوطن الذي ننعم به اليوم، والذي ما كان ليتحقق لولا إرادة الآباء المؤسسين ورؤيتهم المستقبلية الملهمة، الذين واجهوا الصعاب، وناضلوا، وقدموا الكثير من التضحيات لإرساء دعائم قوية لدولة عظيمة، لتواصل القيادة الرشيدة اليوم، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة ’حفظه الله‘، مسيرة البناء والتمكين نحو الازدهار المستدام.
وأكد سموّ ولي عهد رأس الخيمة في حديثه للشباب، أن الخدمة الوطنية محطة مُلهمة تعزز عزيمتهم، وتُرسخ حب الوطن لديهم، وتمنحهم أدوات النجاح، وتغرس فيهم قيم الوفاء والولاء، وتؤهلهم ليكونوا الجدار الحصين أمام أي تحدٍ، مشيراً إلى أن شباب الإمارات أثبتوا أن العطاء للوطن لا يعرف الحدود ولا يتوقف، لأنهم ملتزمون بكل قيم التضحية والإخلاص واستذكر سموه بكل فخر واعتزاز تجربته في الخدمة الوطنية، التي منحته القوة والعزيمة والإصرار على خدمة الوطن، لتصنع منه شخصاً أقوى وأكثر التزاماً، وجعلته يدرك أهمية التضحية والوقوف صفاً واحداً لحماية الوطن والحفاظ على مكتسباته، وزرعت في قلبه معنى المسؤولية والانتماء، وكانت الخدمة الوطنية بالنسبة له مدرسة في بناء الإرادة لمواجهة التحديات بروح لا تعرف الهزيمة.
وتعليقاً على هذه المناسبة، قال معالي الدكتور سلطان بن سيف النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب: “نشعر بفخر واعتزاز بشباب الوطن الذين يجسدون القيم الأصيلة لدولة الإمارات في ميادين العطاء من شجاعة وتضحية وانتماء للقيادة الرشيدة التي تولي اهتماماً بالغاً بهم وتفخر بإنجازاتهم وطاقاتهم، حيث تسخر كل الإمكانات لتمكينهم وتزويدهم بالمهارات اللازمة لقيادة المستقبل، لإيمانها المطلق بأن الشباب هم الركيزة الأساسية للتقدم والنهضة، ومصدر الفخر والعزة للوطن، بما يملكونه من عزيمة وإصرار على العطاء، واضعين نصب أعينهم خدمة الوطن ورفع رايته خفاقة عالية فوق القمم.
وأضاف معاليه أن “ملتقى فخر” جاء يشكل فرصة استثنائية للتعبير عن الامتنان لشباب الوطن في حدث يجسد هذا التقدير والاهتمام، والاحتفاء بمجندي الخدمة الوطنية والاحتياطية الذين يمثلون نموذجاً مشرفاً للعطاء والوفاء تحت شعار ’وصية وطن‘، والتي هي إرث الآباء المؤسسين للأجيال المتعاقبة، والرؤية الراسخة في مسيرة الاتحاد، ووثيقة الوفاء والإخلاص، ومنهج البناء والتطوير، ومسار التنمية الشاملة المستدامة، وهي الإرادة والطموح، والتطلعات الاستشرافية للمستقبل، وأساس تحقيق الإنجازات التي تعزز جودة الحياة، وعهد الالتزام والمسؤولية التي يجب أن يتحلى بها الشباب تجاه وطنهم للدفاع عن مكتسباته واصف الملتقى بأنه تكريم للشباب الذين ساهموا في بناء مستقبل الإمارات وتعزيز مكانتها إقليمياً وعالمياً.
وأكد النيادي أن الخدمة الوطنية والاحتياطية تبقى تجربة استثنائية في حياة الشباب، فهي ليست مجرد واجب وطني، بل مدرسة تعلّم شباب الإمارات العزيمة والشجاعة، وتغرس في نفوسهم روح المسؤولية والإصرار على مواجهة التحديات وتسهم في بناء جيل قوي متمسك بالقيم الأصيلة التي تجسد الهوية الإماراتية قادر على حماية الوطن والدفاع عنه، ليظل الشباب دائماً نبراساً للمستقبل وعنواناً للفخر والعزة.
وقال: “نحن واثقون بأن الشباب الإماراتي بفضل الدعم الكبير من القيادة الرشيدة، سيواصلون حمل راية الوطن بكل فخر وإخلاص، والالتزام بتمكينهم وتعزيز هويتهم الوطنية، ما يسهم في أن تبقى الإمارات فخورة بهم وبإنجازاتهم وتعتز بها أمام العالم”.
من جهته، قال سعادة العميد حمد النيادي رئيس هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية:”إن ما تنعم به دولة الإمارات اليوم من أمن وأمان ورفعة وتطور وسمعة طيبة إقليمياً ودولياً، يعود فضله بعد الله سبحانه وتعالى إلى النهج الذي أسسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، هذا القائد الاستثنائي الذي ترك لأبناء شعبه ولوطنه إرثاً عظيماً من الإنجازات المشرفة، وغرس فيهم القيم والمبادئ والأخلاقيات التي تدعوا إلى حب الوطن” مؤكداً أن القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، مستمرة في نهجها على خطى زايد، واضعة نصب أعينها الشباب الذين تعوّل عليهم لبناء الوطن لأنهم عماد الأمّة وسر نهضتها، لذا كانت الخدمة الوطنية والاحتياطية البرنامج الذي استطاع الاستثمار فيهم باعتبارهم رأس مال الوطن في حاضره ومستقبله.
وفي حديثه عن الخدمة الوطنية، أكد أن هذا البرنامج نجح في أن يكون النقطة المركزية لالتقاء واجتماع أبناء الوطن الواحد من كافة مدنه وجزره وشعابه كما نجح من خلال التغذية الراجعة التي هي نتاج تجارب أبناء الوطن وتفاعلهم والاحتكاك ببعضهم البعض، أنّ يطور من نفسه ويحقق قفزات نوعية من خلال تطوير أساليب التدريب والتعليم والارتقاء بجودة الخدمات، التي يقدمها للمجندين طيلة مدة الالتحاق بالخدمة، وهذا ما يدعونا للفخر والاعتزاز بهذه الإنجازات المشرفة.
وأشاد بملتقى فخر باعتباره الفرصة التي يتم من خلالها شحذ همم الشباب ممن لم يلتحقوا بالخدمة الوطنية، وتشجيعهم للإقبال على هذه التجربة بكل ثقة وإيمان وروح معنوية عالية، مؤكداً أن الآمال معقودة على أبناء زايد، وثقة القيادة فيهم لا حدود لها .. متمنياً التوفيق والسداد لهم في خدمة وطنهم الإمارات.
وشارك الشيخ زايد بن سيف بن زايد آل نهيان، خريج برنامج الخدمة الوطنية في الدفعة 20 بكلمة أثنى خلالها على الخدمة الوطنية وأهميتها في إعداد الرجال الأبطال، ووجه رسائل محفزة لشباب الوطن وقال إن الخدمة الوطنية مدرسة لغرس قيم الولاء والانتماء، وتعلم الانضباط وتحمل المسؤولية مؤكداً أهمية استثمار كل لحظة لاكتساب المهارات، وبناء العلاقات، وفهم معنى العمل الجماعي.
من جانبهم قدم مجندو الدفعة الـ 22 الحالية من برنامج الخدمة الوطنية والاحتياطية في كلمتهم الختامية للملتقى، الشكر لصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله” على هذا البرنامج الذي يُعد مصنع الرجال وشكروا إخوانهم المجندين ممن تخرجوا في دفعات سابقة، والذين شاركوهم قصصهم وتجاربهم المُلهمة، مؤكدين أنها عززت لديهم القوّة والعزيمة والإصرار على أداء الواجب الوطني بهمة وروح معنوية عالية، ومنحتهم الحافز للاستزادة من برنامج الخدمة الوطنية والاحتياطية والعلوم والمعارف والخبرات والمهارات الجديدة.
تضمنت أعمال الملتقى سلسلة من الفعاليات التي سلطت الضوء على تجارب ناجحة لشباب إماراتيين خاضوا الخدمة الوطنية واستفادوا من هذه الفرصة ليحققوا تحولات كبرى في حياتهم، من خلال صقل مهاراتهم في ميادين التدريب، وتجهيزهم للقيام بواجباتهم تجاه الوطن والمجتمع بعزيمة وثبات، إذ تضمنت جلسة رئيسية بعنوان “قيم من الميدان” تحدث خلالها معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، حول أهمية دور الخدمة الوطنية في تعزيز القيم الإماراتية الأصيلة من تضحية وعطاء وتماسك وعزيمة لا تلين في خدمة الوطن، فضلاً عن تطوير المهارات القيادية وإعداد جيل قادر على تحمل المسؤولية، والمساهمة في رفعة شأن الوطن، والحفاظ على مكتسباته، والسعي لبلورة طموحاته في إنجازات نوعية لمستقبل واعد.
وقدم مجموعة من الشباب المتميزين في مسارات مهنية متعددة تجربتهم في الخدمة الوطنية خلال جلسة “شباب الإمارات.. فخر الميادين” والتي سلطت الضوء على أثر الخدمة الوطنية في تطوير خبراتهم العملية ومهاراتهم الإبداعية.
وشمل الملتقى جلسة “طريق التمكين” تمحورت حول قصص فردية ملهمة لشباب انضموا للخدمة الوطنية واستثمروا طاقاتهم بالشكل الصحيح، ليساهموا بإحداث الأثر الإيجابي في خدمة الوطن.
فيما عرضت جلسة “رحلةُ طموحٍ ورؤية وطنية” جانباً من مسيرة شباب حصلوا على فرص منحتهم آفاقاً جديدة لتحقيق الإنجازات الواعدة لخدمة الوطن.
وجاء الملتقى ليجسد المسارات التعاونية الهادفة بين المؤسسات بمختلف القطاعات، وهو ما تمثل في العلاقة النموذجية بين المؤسسة الاتحادية للشباب وهيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، القائمة على توجهات الأجندة الوطنية للشباب 2031، من خلال إطلاق برامج مشتركة تهدف إلى رفع مستوى الوعي المعرفي والمهارات والمواهب لمجندي الخدمة الوطنية لتوائم المتغيرات في القضايا المعاصرة كافة، وتزويدهم بالمعلومات والمفاهيم، وتوسيع مداركهم عبر دورات تدريبية بمختلف المجالات، لبناء جيل قادر على حماية مكتسبات الوطن، والمضي به نحو آفاق جديدة من التقدم والابتكار، محققين إنجازات تعزز مكانة الإمارات إقليمياً وعالمياً.
جدير بالذكر، أن أعمال الدورة الأولى من «ملتقى فخر» تم تنظيمها في عام 2019، في إطار تعزيز الوعي بأهمية المسؤولية الوطنية، وتأكيد التزام القيادة الرشيدة بدعم أبطال الوطن الذين يسهمون في الحفاظ على أمنه واستقراره، وتجسيداً لرؤية الإمارات في بناء أجيال واعية ومتمكنة، ومدركة لدورها المحوري في بناء مستقبل الوطن.وام