عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، حلقة نقاش بعنوان "غزة ما بعد الحرب: رؤى استراتيجية في سياق عالمي"، بمشاركة نخبة مختارة من مدراء مراكز التفكير والدراسات والخبراء والمختصين في العلاقات الدولية، من أوروبا وآسيا ومنطقة الشرق الأوسط، وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وإفريقيا، يوم الأربعاء في 19/2/2025، عبر نظام مؤتمرات الفيديو (الزووم).



أدار أ. نعيم جينا، المدير التنفيذي لمركز إفريقيا والشرق الأوسط ـ جنوب إفريقيا، حلقة النقاش، التي سلّطت الضوء على القضايا المعقَّدة والملحّة التي تواجه قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية عليه، بما في ذلك إعادة الإعمار، ومستقبل الحوكمة في مرحلة ما بعد الحرب، خصوصاً بعد عودة ترامب إلى الرئاسة، ودور أبرز القوى الدولية.

استهلَّ أ. د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، حلقة النقاش بالترحيب بالحضور، وقدَّم تعريفاً بالمركز، ونبّه إلى دوره في الدراسات السياسية والاستراتيجية والمستقبلية خصوصاً المتعلقة بقضية فلسطين، وإلى معاييره العلمية والموضوعية الدقيقة، وإلى إصداره أبرز المراجع الدورية الفلسطينية.

قطع المساعدات الأمنية عن السلطة الفلسطينية هي عملياً نهاية لها، وهو ما يسعى إليه الأمريكيون والإسرائيليون ليضعوا حداً لفكرة حلّ الدولتين.قدَّم المداخلة الأولى أ. د. سامي العريان، مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية CIGA – تركيا، وطَرَحَ رؤية الولايات المتحدة حول غزة ما بعد الحرب، وقال إنّه من الممكن قراءة اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من ثلاث نواحٍ، هي أنّه اقتراح جديّ؛ أو اعتبار ترامب كأحد كبار رجال التطوير العقاري الذي يقدّم اقتراحات كبرى يصعب تطبيقها، حتى يصل بعد التفاوض إلى معادلة يتراجع فيها عن موقفه الأصلي الذي لا يمكن تحقيقه بالأصل، ولكنها تلبي أهداف الإسرائيليين والأمريكيين من خلال إزالة المقاومة من المعادلة؛ أو أنّ ترامب يحاول أن يمنع نتنياهو من استئناف الحرب لأنّ لديه أجندة طويلة داخلية وخارجية يريد تطبيقها خلال سنتين.

ورأى أنّ الوضع الاستراتيجي بشكل عام في الولايات المتحدة ليس كما كان عليه قبل طوفان الأقصى، فهناك بعض المكاسب التكتيكية، ولكن هناك خسائر استراتيجية وهي التي ستحدد المستقبل.

وأضاف: إنّ قطع المساعدات الأمنية عن السلطة الفلسطينية هي عملياً نهاية لها، وهو ما يسعى إليه الأمريكيون والإسرائيليون ليضعوا حداً لفكرة حلّ الدولتين.

وقدّم د. أندريه كورتونوف، مدير عام المجلس الروسي للشؤون الدولية ـ روسيا، مداخلة حول رؤية روسيا حول غزة ما بعد الحرب، حيث أكّد أنّ موسكو ما زالت تعارض محاولات الولايات المتحدة لجعل المشكلة الفلسطينية ـ الإسرائيلية مسألة إيرانية، وأنّه لا يمكن حلّ القضية الفلسطينية من خلال المكوكية الديبلوماسية.

وأشار إلى أنّ هناك تشكيكاً في "صفقة القرن"، وأنّ محاولات ترامب الحالية للتوسط بين "إسرائيل" والسعودية على حساب القضية الفلسطينية تعدّ خطوة غير مناسبة وغير عملية. وشدّد على أهمية تقديم المساعدة للفلسطينيين في الضفة والقطاع في العملية الانتقالية بين الأجيال، وتلتزم روسيا بتسهيل المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وهو ما تهدف إليه في سياستها الخارجية.

وقدّم المداخلة الثالثة د. تشين تيان، نائب رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط، المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة ـ الصين، الذي تحدّث عن رؤية الصين حول غزة ما بعد الحرب، وتوقَّع أن تقع غزة مجدداً في فخّ الحرب، بسبب ضغط اليمين المتطرف الإسرائيلي على الحكومة الإسرائيلية لإطلاق عمليات عسكرية جديدة ضدّ كافة أعداء "إسرائيل". وقال إنّ الصين ستلتزم بدعمها لحل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية، وتوحيد الفصائل الفلسطينية، وتقديم إسهامات الإنسانية. وأكّد أنّ الصين لا تريد أن تتورط في النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولديها سياسة شرق أوسطية تقوم على التوازن في علاقاتها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما لديها القدرات الاقتصادية للمشاركة في إعادة بناء غزة، لكنّ عدم الاستقرار وعدم وجود تعهدات مالية حتى الآن يشكلان عقبة تحول دون ذلك.

محاولات ترامب الحالية للتوسط بين "إسرائيل" والسعودية على حساب القضية الفلسطينية تعدّ خطوة غير مناسبة وغير عملية.وحول وجهة النظر الإنسانية لقطاع غزة ما بعد الحرب، تحدّث هانز سيبرت، المدير المشارك والعضو المؤسس في مؤسسة نداء السلام - جنوب إفريقيا، عن التحديات التي يواجهها سكان قطاع غزة، خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع. كما تطرّق إلى معاناة جرحى قطاع غزة الذين يتم إجلاؤهم إلى خارج القطاع لتلقّي العلاج، ثم يعودون ليعيشوا في أوضاع إنسانية مزرية داخل القطاع، مما يؤدي إلى مفاقمة الأوضاع الإنسانية. وقال إنّ المساعدات الإنسانية لقطاع غزة تُستخدم كسلاح، وأنّ "إسرائيل" تتلاعب بتطبيق قرار وقف إطلاق النار وبقرارات مجلس الأمن. وأضاف أنّه يجب على الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن اتخاذ قرارات بشأن حرب الإبادة، واتخاذ خطوات إضافية لضمان تنفيذ قرار وقف إطلاق النار.

وعن وجهة نظر أوروبا حول غزة ما بعد الحرب، قال د. داود عبد الله، مدير مؤسسة مرصد الشرق الأوسط MEMO ـ بريطانيا، إنّ "إسرائيل" هي جزء لا يتجزأ من الهيكلية الكبرى للاتحاد الأوروبي، وأنّه لا يجب التّسرّع في الاستنتاج بأنّ الأزمة المتنامية بين الولايات الأمريكية والاتحاد الأوروبي ستصبح فرصة للاتحاد ليرسم مساراً مستقلاً لسياسته الخارجية، وخصوصاً اتجاه فلسطين وغزة. وحول المرحلة التي تلي حرب غزة، قال إنه لن تطرأ تحولات أساسية في السياسة الأوروبية تجاه غزة وفلسطين. وأشار إلى أنّ بعض المسؤولين الأوروبيين، ركّزوا على أنّ موقفهم إزاء غزة ما بعد الحرب هو أنّه لا مجال لوجود حماس، ولا لإعادة الاحتلال، ولا مجال لتقليص الأراضي، ولا مجال للحصار.

إنّ "إسرائيل" هي جزء لا يتجزأ من الهيكلية الكبرى للاتحاد الأوروبي، وأنّه لا يجب التّسرّع في الاستنتاج بأنّ الأزمة المتنامية بين الولايات الأمريكية والاتحاد الأوروبي ستصبح فرصة للاتحاد ليرسم مساراً مستقلاً لسياسته الخارجيةوقدّم المداخلة الأخيرة من المداخلات الرئيسية د. عمرو درّاج، رئيس المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية ـ تركيا، الذي تناول موضوع التفاعل الإسرائيلي مع التداعيات الاستراتيجية لما بعد الحرب على غزة، وقال إنّه لا يتوقع مستقبلاً واعداً للهدنة، أو لأي شكل من أشكال "السلام" في المنطقة بأسرها، وليس فقط في قطاع غزة. وأضاف أنّ مقترح ترامب بشأن إخراج الفلسطينيين من القطاع هو محاولة لفرض قبول خطة أخرى قيد الإعداد، تتضمن وضع الجيوش العربية في مواجهة مع المقاومة في غزة، بدلاً من أن يتولى الإسرائيليون هذه المهمة. وأكّد على ضرورة بقاء نوع من المنطق لدى البلدان العربية لتجنب الوصول إلى هذه المرحلة، مشيراً إلى أن السبيل الوحيد يكمن في الضغط الدولي القوي.

كما كان للأستاذة شيلي كالبرتسون، باحثة أولى في مجال السياسات في مؤسسة راند RAND  - الولايات المتحدة، تعقيباً رئيسياً على موضوع الحلقة، حيث عرضت لمحة عامة سريعة لبعض الأعمال والتقارير، آخرها تقرير يتناول خطة للبنية التحتية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأضافت إنّ خطة إعادة الإعمار تتطلّب تلبية الاحتياجات الإنسانية، وتقييم الأضرار، والتنسيق مع الأطراف الرسمية، واعتماد مقاربة فعّالة من حيث مواد إعادة الإعمار، وأنّه إذا لم تتم هذه الخطوات، قد يحتاج قطاع غزة إلى سنوات طويلة لإعادة إعماره.

وكانت هناك مداخلات وتعليقات مهمة من مجموعة أخرى من الخبراء والمتخصصين. وقد شهدت هذه الحلقة مشاركة عالمية من خبراء كبار ومؤسسات تفكير عالمية، ومن بلدان عديدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وبريطانيا، والنرويج، وجنوب إفريقيا، والسلفادور، وماليزيا، وتركيا، وغيرها من الدول العربية والغربية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير حلقة نقاش غزة الحرب الاحتلال احتلال غزة حرب مآلات حلقة نقاش تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حول غزة ما بعد الحرب الولایات المتحدة قطاع غزة وقال إن أن ه لا

إقرأ أيضاً:

وزراء خارجية مجموعة العشرين يلتقون في جوهانسبرغ في غياب الولايات المتحدة

الثورة نت/
يلتقي وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، الخميس، في اجتماع تهيمن عليه أجندة عالمية مزدحمة لكن في ظل غياب أو شبه غياب للأميركيين الذين قرروا عدم إرسال ممثل رفيع المستوى.
ويجتمع وزراء الخارجية لإجراء محادثات على مدى يومين، تعقد للمرة الأولى في إفريقيا، تمهيدا لقمة مجموعة العشرين المقررة في نوفمبر.

ويبدأ الاجتماع عند الثانية بعد الظهر (12,00 ت غ) بكلمة يلقيها الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامابوزا.
وتولت جنوب إفريقيا، وهي أول دولة إفريقية تقود المنتدى، رئاسة مجموعة العشرين العام الماضي، في خطوة تهدف إلى حمل الدول الغنية على الاستماع للدول الأقل ثراء.

وتضم المجموعة حاليا 19 بلدا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، ما يمثّل أكثر من 80 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وثلثي سكان العالم.
لكن الولايات المتحدة، أغنى عضو في المجموعة، لن تشارك في المحادثات الممتدة على يومين بعدما أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أنه لن يحضر واتهم بريتوريا بأجندة “مناهضة للولايات المتحدة”.

وقال السفير ونائب الممثل الدائم لجنوب إفريقيا لدى الأمم المتحدة كوليسا مابهونغو الأربعاء، إن الحروب والصراعات في إفريقيا وأوروبا ستكون مواضيع مشتركة.
لكن بريال سينغ، الباحث في معهد الدراسات الأمنية في بريتوريا، قال لوكالة فرانس برس إن “المسألة الأبرز ستكون السياق الجيوسياسي الذي يجري فيه هذا الاجتماع”.

وتأتي المحادثات وسط تصاعد التوترات بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا بعدما بدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يلوم كييف على الحرب التي تشنها عليها روسيا منذ حوالى ثلاث سنوات.
وأتت تصريحات ترامب بعد ساعات من محادثات بين وفدين روسي وأميركي في السعودية حول الحرب في أوكرانيا من دون مشاركة الأخيرة.
وقال سينغ إن “الصدع الذي يتشكّل بين الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين” أصبح واضحا، مضيفا أن هذا يهدد “بعرقلة” قدرة جنوب إفريقيا على المضي قدما في “أجندة تنموية مشتركة”.

مقالات مشابهة

  • قيادي بالحرية المصري: الرؤية الفلسطينية لغزة تدرك محورية دور القاهرة
  • مستشار الأمن القومى الأمريكى: زيلينسكى سيوقع اتفاق المعادن مع الولايات المتحدة
  • غزة ما بعد الحرب.. خبراء يناقشون رؤى استراتيجية في سياق عالمي
  • NYT: الزعماء العرب بدأوا التفكير في حلول لغزة بعد الكشف عن خطة ترامب
  • وزراء خارجية مجموعة العشرين يلتقون في جوهانسبرغ في غياب الولايات المتحدة
  • السودان: إبادة جماعية، مجاعة، وجرائم حرب… والمأساة المستمرة في ظل صمت عالمي مخزٍ
  • ترامب: زيلينسكي أقنع الولايات المتحدة بإنفاق 350 مليار دولار على الحرب
  • الولايات المتحدة تقرر وقف التمويل المخصص لأجهزة السلطة الفلسطينية
  • قمة السعودية ونظام عالمي جديد