قدمت المستشارة الدكتورة/ داليا محمود، رئيس النيابة بمكتب النائب العام، خلال مشاركة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم في احتفالية إطــلاق "استراتيجية النيابة العامة للتدريب"،  عرضا تقديميا حول "استراتيجية النيابة العامة للتدريب".
 

  وخلال العرض، وصفت المستشارة/ داليا محمود الاستراتيجية بأنها ترتكز على تطوير الكوادر البشرية في ظل عصر يشهد طفرة متعاظمة في نظم المعلومات والتحول الرقمي، مضيفة أن النيابة العامة كانت دوما الدرع الواقية للمجتمع وأداته الفاعلة في تحقيق العدالة وصون الحقوق والحريات.


  
            وفي ضوء ذلك، قالت المستشارة الدكتورة/ داليا محمود: انطلاقا من هذا الدور الرائد، جاءت تلك الاستراتيجية تفعيلًا لـ "رؤية مصر 2030"؛ التي كفلت إتاحة التعليم والتدريب للجميع بجودة عالية دون تمييز، وفي إطار نظامٍ مؤسسي كفءٍ وعادل، ومستدام، موضحة أن تلك الاستراتيجية تتناغم مع رؤية الدولة المصرية "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"، وهي المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية؛ بهدف تطوير القدرات البشرية، وتعزيز مهارات الشباب في مختلف المجالات.

     وفي الإطار نفسه، أشارت السيدة المستشارة ــ خلال عرضها التقديمي ــ إلى أن تحقيق العدالة الناجزة لا يكون إلا بسواعد قوية وعقول مستنيرة وأداء قضائي متطور قادر على مواجهة التحديات الحديثة؛ فمع تسارع التطورات القانونية والتكنولوجية لم يعد مجديا الاعتماد على الأساليب التقليدية وحدها، بل بات التعلم المستمر والتطوير المنهجي ضرورة لا غنى عنها، ولذا فقد جاءت استراتيجية النيابة العامة للتدريب كإطار تتكامل أهدافه؛ حيث لا يمكن لأي هدف أن يتحقق بمعزل عن الآخر.

      و أضافت أن النيابة العامة تدرك أن ثروتها الحقيقية تكمن في أعضائها؛ حيث إنهم هم الذين يحملون على عاتقهم مسئولية تطبيق القانون، وإرساء العدالة، وحماية الحقوق والحريات؛ لذا جاء المحور الأول ليؤكد على أهمية رفع كفاءة أعضاء النيابة العامة وتمكينهم من استخدام أحدث الأدوات التكنولوجية والقانونية، وتعزيز مهاراتهم في التحقيق والتحليل القانوني، مما يجعلهم قادرين على مواجهة القضايا المستحدثة بأعلى درجات الاحترافية.
      ولفتت المستشارة/ داليا محمود إلى أن تطوير قدرات أعضاء النيابة العامة لا يقتصر فقط على المعرفة القانونية المجردة، بل لابد أن يكون مصحوبًا بتطوير قدرتهم على المرافعة، وهو ما يسعى لتحقيقه الهدف الثاني، ولا يمكن لأحد أن يصبح مترافعًا ناجحًا ما لم يكن قادرًا على تحليل الأدلة بعمق وفهم الأبعاد القانونية المختلفة للقضايا والقدرة على توظيف البحث العلمي لدعم حججه القانونية، وهنا يظهر الارتباط الوثيق بالهدف الثالث الذي جاء بتطوير المستوى الأكاديمي وقدرات البحث العلمي للأعضاء.

      وفيما يتعلق بالبحث العلمي القانوني، أوضحت السيدة المستشارة أنه  لا يقتصر فقط على القضاة وأعضاء النيابة، بل يجب أن يمتد إلى مأموري الضبط القضائي الذين يقومون بجمع الأدلة، وإجراء التحريات؛ حيث إن قوة الدعوى الجنائية تعتمد بشكل كبير على دقة الإجراءات الأولية التي يقومون بها، ومن هنا جاءت الحاجة إلى تعزيز قدرتهم على إجراء التحري بشكلٍ مُتقنٍ وتزويدهم بالمعرفة القانونية اللازمة، وهو ما تسعى الاستراتيجية لتحقيقه من خلال هدفها الرابع.

       وخلال عرضها التقديمي، قالت المستشارة الدكتورة/ داليا محمود: وبما أن تحقيق العدالة لا يتم فقط داخل قاعات المحاكم، بل يبدأ من وعي المجتمع نفسه بحقوقه وواجباته، تبنَّت النيابة العامة الهدف الخامس ليشمل نشر الوعي القانوني ببرامج توعوية، ومحتوى تعليمي متاح للجميع؛ ضمانا لمجتمع أكثر وعياً بالقانون، مضيفة أنه لكي يحقق هذا الوعي أثره الفعَّال لابد من الاطلاع على التجارب العالمية، والاستفادة من الخبرات الدولية، ولذا جاء الهدف السادس ليؤكد على ضرورة بناء شراكات قوية بين النيابة العامة والمؤسسات القانونية الإقليمية والدولية.

       ووصفت السيدة المستشارة هذه الاستراتيجية، التي تقوم على تكامل أهدافها، بأنها ليست مجرد خطة تدريبية، بل مشروع وطني لبناء منظومة قضائية قوية، مستعرضة كيفية عمل تلك الأهداف وتكاملها في إطار الاستراتيجية، وفي ضوء ذلك استعرضت النقاط الأساسية لاستراتيجية النيابة العامة، التي تتحدد في ستة أهداف يكمل كل منها الآخر وصولاً لتطوير قدرات أعضاء النيابة العامة، وتعزيز مهاراتهم اللازمة لأداء مهامهم بكفاءة وفاعلية والمساهمة في الارتقاء بالمعرفة القانونية لهم بوجهٍ خاصٍ، وللمجتمع بفئاته المختلفة بوجهٍ عامٍ، بما يضمن تحقيق العدالة الناجزة خلال  خمس سنوات من عام ٢٠٢٥ حتى عام 2030.

     وفي ضوء ذلك، أوضحت السيدة المستشارة أن الهدف الأول يعني بتطوير قدرات أعضاء النيابة العامة ويشكل حجر الزاوية في الاستراتيجية انطلاقًا من الدور الحيوي الذي تقوم به النيابة العامة تحقيقاً للعدالة.

    كما استهدفت الاستراتيجية أيضا رفع قدرات أعضاء النيابة فيما يتعلق بمهارات المرافعة، ولذا جاء الهدف الثاني لتفعيل دور المرافعة لتحقيق العدالة الناجزة، ولقد جاء هذا الهدف استجابةً لما رصدته إدارة التدريب والمرافعة من احتياجاتٍ تدريبيةٍ تمثَّلت في انخفاض معدل الترافع في القضايا، مما استوجب إعادة هيكلة إدارات المرافعة في جميع النيابات، ولتعزيز هذا التوجه تم تنظيم دورات تدريبية متخصصة وإطلاق "الدليل الإرشادي في مرافعة النيابة العامة أمام المحاكم" ليكون مرجعًا يُعين الأعضاء على تحسين أدائهم في المرافعة.

      وفي هذا السياق، نوهت السيدة المستشارة إلى أنه في سبيل تحقيق هذا الهدف سيتم إنشاء منصة إلكترونية تحتوي على تدريبات ومواد تعليمية متخصصة في فن المرافعة، مما يتيح للأعضاء فرصة التدريب المستمر.

      وقالت أيضا: إدراكًا من النيابة العامة أن تحقيق العدالة لا يقتصر على تطبيق القوانين، بل يتطلب مواكبة التطورات المتسارعة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية وانعكاساتها القانونية، فقد بات لزامًا عليها أن تتبنَّى أحدث أساليب البحث العلمي لتعزيز كفاءة أعضائها ومن هذا المنطلق كان لابد من صياغة إطارٍ متكاملٍ يهدف إلى الارتقاء بالمستوى العلمي لأعضاء النيابة العامة، بما يضمن تحقيق العدالة الناجزة في ظل عالمٍ يتغير بوتيرة متسارعة، باعتبار أن تحقيق العدالة الناجزة لا يعتمد فقط على تطبيق القوانين، بل يتطلب القدرة على التحليل النقدي، والتعامل مع المستجدات القانونية بأسلوب علمي ممنهج، وهو ما يتمثل في الهدف الثالث للاستراتيجية، وهو تطوير المستوى الأكاديمي وقدرات البحث العلمي لأعضاء النيابة العامة.

 كما تحدثت المستشارة الدكتورة/ داليا محمود عن الهدف الرابع وهو تعزيز دور النيابة العامة في إعداد مأموري الضبط القضائي، حيث لا يمكن الحديث عن عدالةٍ ناجزةٍ  دون الاهتمام بتدريب وتأهيل مأموري الضبط القضائي؛ لذا فقد أولت النيابة العامة اهتمامًا بالغًا بتأهيلهم  وتدريبهم على إنفاذ القوانين التي يعملون بموجبها وإتاحة الفرصة لهم للتعرف عن قرب على بيئة العمل القضائي، من خلال إدماجهم في تدريباتٍ عمليةٍ تجعلهم أكثر وعيًا بآلية عمل النيابة العامة وإلماما بالتحديات التي تواجههم أثناء أداء مهامهم، وذلك من خلال تبني نظرية "المعايشة المهنية".

    أما الهدف الخامس للاستراتيجية، فأوضحت أنه يتمثل في نشر الوعي القانوني؛ حيث أولت النيابة العامة اهتمامًا بالغًا برفع الوعي القانوني لدى مختلف فئات المجتمع إيمانًا منها بأن نشر الوعي القانوني ليس ترفاً معرفيا، بل أداة ضرورية تعزز من سيادة القانون وتحقق العدالة فكلما زاد الوعي القانوني ارتفع مستوى الامتثال للقوانين، مما يُسهم في بناء مجتمعٍ أكثر عدلا وانضباطا، ولذلك تهدف النيابة العامة من خلال استراتيجيتها إلى تقديم المعلومات القانونية بأسلوبٍ سهلٍ ومُبسَّطٍ يفهمه جميع أفراد المجتمع باختلاف خلفياتهم الثقافية والتعليمية.
 

    بينما يتعلق الهدف السادس ببناء الشراكات المحلية والإقليمية والدولية؛ حيث لم تعد العدالة مقتصرة على دولة بعينها، بل أصبحت منظومة عالمية  تتطلب التعاون والانفتاح، ومن خلال بناء شراكات استراتيجية تضمن النيابة العامة قضاءً أكثر كفاءة، ومجتمعًا أكثر أمانًا، وعدالةً أقوى وأسرع، مما يستدعي تعاونًا دوليًا وتبادلًا للخبرات القانونية، وفي إطار هذه الجهود تم تدشين برنامج "بعثات أعضاء النيابة العامة"، وهو إحدى المبادرات المهمة التي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي، وتبادل الخبرات بين الدول في مجال العدالة الجنائية.
       واختتمت المستشارة الدكتورة/ داليا محمود عرضها التقديمي بالتأكيد أن هذه الاستراتيجية ليست مجرد خطة عمل، بل هي وعد بمستقبل قضائي أكثر قوةً وكفاءة، وأسرع إنجازا في استيفاء الحقوق، وتمثل رؤية تستند إلى العلم وتتحرك بالخبرة، وتُوجَّه بإرادةٍ لا تعرف التراجع؛ مضيفة أن النيابة العامة لا تعمل فقط على تطبيق القانون بل على تطويره، وأنها لا تكتفي بتحقيق العدالة، بل تسعى إلى إرساء ثقة المجتمع بها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الكوادر البشرية استراتيجية النيابة العامة النيابة العامة للتدريب المزيد استراتیجیة النیابة العامة للتدریب تحقیق العدالة الناجزة أعضاء النیابة العامة المستشارة الدکتورة السیدة المستشارة الوعی القانونی البحث العلمی دالیا محمود فقط على من خلال

إقرأ أيضاً:

هل من حق النيابة الإدارية تفتيش منزل الموظف المتهم خلال التحقيقات؟

تبذل الدولة المصرية، في ظل الجمهورية الجديدة، جهودًا حثيثة لمكافحة الفساد واقتلاعه من جذوره، وذلك من خلال حزمة من الإجراءات القانونية الصارمة.

ومن بين هذه الإجراءات، تتمتع النيابة الإدارية بصلاحيات واسعة خلال تحقيقاتها مع الموظفين المخالفين داخل الجهاز الإداري للدولة، وفقًا لما يخوله لها القانون.

ومن أبرز هذه الصلاحيات، خاصة في القضايا التي تباشرها النيابة ضد الموظفين المتهمين، حقها في التحفظ على جميع المستندات والأوراق الموجودة داخل مكتب الموظف المعني، وضمها إلى ملف القضية.

ويتم ذلك وفقًا لأحكام القانون، بحيث تُدرج هذه المستندات ضمن الأحراز الرسمية، لتكون جزءًا من تحقيقات النيابة الإدارية، وذلك تطبيقًا لنصوص قانون الخدمة المدنية، بما يضمن تحقيق العدالة وردع المخالفين.

فيما أتاح قانون الخدمة المدنية الحق لأعضاء هيئة النيابة الإدارية في اتخاذ العديد من التدابير اللازمة والإجراءات القانونية خلال التحقيقات في قضايا الاختلاس قانون الخدمة المدنية أعطى الحق للنيابة العامة الحق اتخاذ ما يلزم من إجراءات خلال فترة التحقيق في قضايا الرشوة التي يتهم بها الموظف المتجاوز، ومن هذه الإجراءات الحق للنيابة الإدارية اتخاذ قرار بتفتيش منزل الموظف في حالة الشك في إخفاء المبالغ المالية المستولى عليها سواء عن طريق الرشوة أو الاختلاس.

أيضا أعطى قانون الخدمة المدنية الحق في خلال بداية التحقيق التحفظ على أية مستندات من مكان عمل الموظف المتهم ومن داخل مكتبه شخصيا، لضمها إلى ملف القضية والاستفادة منها خلال التحقيق، والتأكد من اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لها بموجب القانون، حتى تتمكن النيابة من استيضاح ملابسات الواقعة والتأكد من تورط الموظف من عدمه.

وتعد النيابة الإدارية إحدى الهيئات القضائية المستقلة، وذلك وفقا للمادة 197 من الدستور، والتي أنشئت بموجب القانون رقم 480 لسنة 1954 الصادر في مصر، وحيث تم تعديل نظامها بالقانون 117 لسنة 1958 والقانون رقم 19 لسنة 1959و القانون رقم 12 لسنة 1989 لتمارس سلطاتها في الفحص والتحقيق طبقاً لأحكام الدستور والقانون، وهي الأمينة على الدعوى التأديبية تتولى إقامتها ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية.

كما تتولى الطعن في أحكام هذه المحاكم ومباشرة كافة الطعون أمام المحكمة الإدارية العليا، وهي النائبة عن المجتمع في تعقب المخالفات التأديبية التي تقع من الفئات الخاضعة لولايتها مستهدفة حماية المال العام، وضمان حسن سير المرافق العامة وتحقيق العدالة التأديبية واكتشاف أوجه الخلل والقصور في النظم والإجراءات الإدارية والمالية.

وللنيابة الإدارية سلطة إصدار عدد من القرارات أثناء مباشرة التحقيق:

• للنيابة الإدارية أن تصدر قرار بوقف المتهمين عن العمل احتياطيا إلى حين انتهاء التحقيق.

• للنيابة الإدارية أن تقوم بتفتيش اشخاص ومنازل الموظفين المتهمين واماكن العمل الحكومية.

• للنيابة الإدارية الاطلاع على المستندات والتحفظ عليها.

• للنيابة الإدارية سلطة إصدار امر بضبط الشاهد وإحضاره للتحقيق أمامها.







مشاركة

مقالات مشابهة

  • هل من حق النيابة الإدارية تفتيش منزل الموظف المتهم خلال التحقيقات؟
  • بعد اعترافه بالجريمة.. النيابة تقرر بحبس أب قتل ابنه بسبب سوء سلوكه إدمان المخدرات في الفيوم
  • تير شتيغن يعود للتدريب الجماعي
  • النيابة العسكرية تُوقِف رئيس أركان المنطقة الثانية في حضرموت
  • الساسي: مشروع قانون المسطرة الجنائية يعكس تناقضا بين تحقيق التوازن وضبط النظام
  • وكيل النيابة العامة يهنئ القيادة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك
  • استعدادات مكثفة بالمحافظات لاستقبال عيد الفطر المبارك.. تفاصيل
  • مدير الإدارة العامة لحدائق الحيوان يكشف تفاصيل استعدادات عيد الفطر
  • مشاهير × المحاكم.. مخدر الاغتصاب والمذيعة داليا فؤاد
  • تفاصيل جديدة يكشفها المدرب العام للزمالك بشأن التجديد لزيزو