البوابة نيوز:
2025-02-14@19:06:12 GMT

كيف يوظف داعش معاناة الشعوب لخدمة أجندته؟

تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

التنظيم لا يمثل مشروعًا لمواجهة الاحتلال بل هو كيان يسعى للهيمنة على المجتمعات الإسلامية  الافتتاحية تحاول الترويج لفكرة أن الدافع الأساسي للقتل هو الامتثال «لأمر إلهى»  كاتب المقال يركز على قدرتهم على التخفي واختيار الأهداف بعناية وتنفيذ العمليات دون ترك أثر.

رغم أن تنظيم داعش يروج إعلاميًا لخطاب عدائي ضد اليهود والنصارى، مستخدمًا القضية الفلسطينية كأحد محاور دعايته، إلا أنه لم يقم بأي عمل فعلى يخدم هذه القضية أو يسهم فى المقاومة الحقيقية للاحتلال.

بل يكتفى بإصدار البيانات التحريضية والدعوات العامة للجهاد ضد إسرائيل، دون أن ينفذ عمليات ذات تأثير ملموس فى الأراضي الفلسطينية أو يوجه موارده لدعم المقاومة الفعلية.

وبدلًا من ذلك، يركز جهوده على استهداف المسلمين المخالفين له، سواء من الفصائل الفلسطينية الأخرى أو من المدنيين فى الدول العربية والإسلامية.

إن استخدام داعش للقضية الفلسطينية فى دعايته لا يعدو كونه وسيلة لكسب التأييد واستقطاب المجندين، مستغلًا مشاعر الغضب الشعبى تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

فهو يوظف هذه القضية فى خطابه الدعائى لإظهار نفسه كمدافع عن الأمة الإسلامية، رغم أن ممارساته الفعلية لا تعكس أى التزام حقيقى بالنضال الفلسطيني.

وفى الوقت الذى يهاجم فيه الفصائل الفلسطينية الأخرى ويتهمها بالعمالة أو التقاعس، لم يقدم أى دعم مادى أو عسكرى يمكن أن يسهم فى تعزيز المقاومة، بل على العكس، هاجم فصائل إسلامية أخرى تعمل فى الساحة الفلسطينية، كما حدث مع حركة حماس التى اتهمها بالكفر والتخاذل.

كما أن استراتيجية داعش تعتمد على تحويل الأنظار عن فشله فى تحقيق مكاسب حقيقية على الأرض، فيلجأ إلى تبنى قضايا كبرى مثل فلسطين لتبرير استمراره. لكنه فى الحقيقة، لم يوجه جهوده العسكرية نحو الاحتلال، بل استنزف طاقات المجاهدين فى معارك داخلية ضد المسلمين أنفسهم، فى العراق وسوريا ومناطق أخرى.

فبينما تواجه غزة الحصار والعدوان الإسرائيلى المستمر، لم يوجه داعش عملياته نحو الاحتلال، بل فضل شن هجمات ضد المدنيين فى العواصم العربية والإسلامية، مما يكشف تناقضاته ويؤكد أن خطابه لا يتجاوز الدعاية الإعلامية.

إن حقيقة موقف داعش من القضية الفلسطينية تبرز مدى استغلاله للمظلومية الفلسطينية لخدمة أهدافه الخاصة. فهو لا يسعى إلى تحرير الأرض أو دعم المقاومة، بل يستخدم معاناة الفلسطينيين كأداة لاستقطاب الشباب وتبرير أفعاله الإرهابية.

وهذا يوضح أن التنظيم، رغم شعاراته الرنانة، لا يمثل مشروعًا حقيقيًا لمواجهة الاحتلال، بل هو كيان يسعى إلى الهيمنة على المجتمعات الإسلامية، حتى لو كان ذلك على حساب القضايا العادلة التى يدعى الدفاع عنها.

مقدمة

فى العدد ٤٨١ من صحيفة "النبأ"، الناطقة باسم تنظيم داعش، قدّمت الافتتاحية مفهومًا جديدًا أطلقت عليه "المقاتل المتسلسل المسلم"، فى محاولة لإضفاء بُعد شرعى على عمليات القتل الفردية التى تستهدف مدنيين يهود داخل إسرائيل. يسعى التنظيم، من خلال هذا المصطلح، إلى إعادة صياغة نموذج "الذئاب المنفردة" فى إطار أكثر تنظيمًا واستمرارية، مقدمًا هذه العمليات باعتبارها جزءًا من استراتيجية جهادية مشروعة، وليست مجرد أعمال فردية عشوائية.

تهدف هذه المقالة إلى تحليل هذا الخطاب من منظور نقدي، عبر تفكيك الحجج التى استخدمها التنظيم لتبرير أعمال العنف، مع التركيز على الأبعاد الأيديولوجية والدينية التى يستند إليها، بالإضافة إلى استكشاف الدوافع الاستراتيجية وراء تبنى هذا الطرح.

كما سيتم تسليط الضوء على التناقضات فى المنطق الذى يعتمده داعش، ومدى اتساق هذا الخطاب مع التحولات التى طرأت على أساليب التنظيم بعد تراجع نفوذه الميداني.

أولًا: التلاعب بالمفاهيم الدينية

تحاول افتتاحية "النبأ" إضفاء شرعية دينية على عمليات القتل المتسلسل من خلال الاستناد إلى نصوص قرآنية وأقوال علماء المسلمين، لكنها تتجاهل السياقات الصحيحة لهذه الأدلة، وتوظفها بشكل انتقائى لخدمة أيديولوجية التنظيم.

على سبيل المثال، استشهدت الافتتاحية بآية "وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ" (البقرة: ١٩١)، لكنها أغفلت أن هذه الآية نزلت فى سياق حرب دفاعية بين المسلمين وقريش فى صدر الإسلام، حين مُنع المسلمون من دخول مكة وأوذوا فى دينهم. ولم تكن الآية دعوة عامة لقتل أى شخص ينتمى إلى ديانة معينة، بل كانت جزءًا من تشريعات الحرب التى قيدتها الشريعة بضوابط صارمة، تتجاهلها الجماعات المتطرفة عمدًا.

علاوة على ذلك، تتجاهل الافتتاحية مقاصد الشريعة الإسلامية فى الجهاد، والتى شددت على ضرورة وجود سلطة شرعية تقود القتال، وأكدت على تحريم استهداف المدنيين.

فتعاليم النبى محمد ﷺ واضحة فى هذا الشأن، إذ ورد فى الحديث الصحيح أنه نهى عن قتل النساء والأطفال والشيوخ غير المقاتلين، كما أكد الفقهاء أن الجهاد فى الإسلام يخضع لاعتبارات أخلاقية وقانونية صارمة، ولا يُترك لمبادرات فردية أو دوافع شخصية.

لكن تنظيم داعش يعمد إلى تحريف هذه الضوابط، عبر إعادة تأويل النصوص بما يخدم مشروعه العنيف، متجاهلًا الضوابط الفقهية التى تمنع الفوضى وتحدّ من انتشار العنف العشوائي.

إضافة إلى ذلك، تحاول افتتاحية "النبأ" الترويج لفكرة أن الدافع الأساسى للقتل هو الامتثال "لأمر إلهي"، متجاهلة أن الأحكام الشرعية لا تُفهم بمعزل عن سياقاتها وأهدافها، وأن الإسلام شدد على العدل فى التعامل مع غير المسلمين، سواء فى الحرب أو السلم.

بل إن العديد من الآيات التى يستشهد بها التنظيم جاءت فى سياقات دفاعية أو كانت مشروطة باعتداء الطرف الآخر، وليست أوامر مفتوحة لقتل من يختلف فى الدين أو العقيدة. وهذا التشويه المقصود للنصوص الدينية يعد أحد أخطر أدوات الجماعات المتطرفة فى تبرير العنف ونشر خطاب الكراهية.

والأخطر من ذلك أن هذه التأويلات المغلوطة لا تقتصر على الجانب النظري، بل تُستخدم كأداة تحريضية لاستقطاب الأفراد الذين يفتقرون للمعرفة الدينية العميقة، مما يجعلهم أكثر عرضة لتصديق هذا الخطاب دون تمحيص.

وهذا ما يجعل تصحيح هذه المغالطات أمرًا ضروريًا، من خلال إبراز التفسيرات الصحيحة للنصوص، وإعادة التأكيد على المبادئ الإسلامية التى ترفض العنف غير المنضبط، وتدعو إلى ضبط النفس والعدالة حتى فى أشد الظروف.

ثانيًا: صناعة بطل إرهابي جديد

تحاول افتتاحية "النبأ" تقديم "المجاهد المتسلسل" كنموذج مثالى للجهاد الفردي، من خلال إبراز قدرته على تنفيذ عمليات قتل متفرقة ضد مدنيين دون أن تتمكن أجهزة الأمن من تعقبه بسهولة.

يسعى كاتب المقال إلى رسم صورة بطولية لهذا النوع من المقاتلين، حيث يركز على قدرتهم على التخفي، واختيار الأهداف بعناية، وتنفيذ العمليات دون ترك أثر يدل عليهم. كما يشيد بمهاراتهم فى إرباك أجهزة الاستخبارات وإرهاقها.

ويعتبر أن نجاحهم فى الإفلات من الملاحقة الأمنية يعكس تفوقًا تكتيكيًا ينبغى الاقتداء به، وهو ما يجعل المقال أقرب إلى دليل تحريضى على كيفية تنفيذ عمليات إرهابية فردية دون كشف الهوية.

لكن اللافت فى هذا الطرح أن التنظيم، من حيث لا يدري، يقدم تعريفًا يتطابق تمامًا مع مواصفات "القاتل المتسلسل" كما تصفه الدراسات الجنائية. فالمجاهد المتسلسل، وفقًا للصحيفة، هو شخص ينفذ عمليات قتل متعددة، بفواصل زمنية بين كل جريمة وأخرى، ويعتمد على التخفى والسرية، ويختار ضحاياه بدوافع "عقائدية" تجعله يكرر الفعل نفسه مرارًا.

هذه الخصائص هى نفسها التى يعتمدها علم الإجرام فى توصيف القاتل المتسلسل، الذى يُعرّف بأنه شخص يرتكب جرائم قتل متعددة، فى أوقات متفرقة، مع سبق الإصرار والتخطيط، وعادةً ما يكون لديه دافع نفسى أو أيديولوجى محدد يدفعه لمواصلة القتل.

هذه المفارقة تكشف عن ازدواجية الخطاب لدى تنظيم داعش، فمن ناحية، يرفض التنظيم وصف مقاتليه بالإرهابيين، مدعيًا أنهم "مجاهدون" ينفذون أوامر شرعية، لكنه فى الوقت ذاته يعترف بأن أفعالهم تتطابق مع الأنماط الإجرامية التى يصنفها العلم الجنائى ضمن فئة القتل التسلسلي.

هذا التناقض يوضح كيف يحاول التنظيم تطبيع العنف وتقديمه فى صورة بطولة، رغم أنه فى جوهره لا يختلف عن الجرائم التى تُرتكب بدوافع إجرامية بحتة، سواء كانت عنصرية أو انتقامية أو حتى اضطرابات نفسية.

علاوة على ذلك، فإن تصوير القاتل المتسلسل على أنه "نموذج مثالي" يهدف إلى استقطاب أفراد لديهم استعداد نفسى للعنف، أو ممن يشعرون بالغربة والعزلة داخل مجتمعاتهم، فى محاولة لإقناعهم بأن القتل يمكن أن يكون وسيلة مشروعة لتحقيق غاية "دينية".

وهذا ينسجم مع استراتيجية داعش فى استقطاب الذئاب المنفردة، التى لا تحتاج إلى تدريب عسكرى منظم، بل تعتمد على نشر أيديولوجيا تبرر القتل الفردى دون ارتباط تنظيمى مباشر.

وبهذه الطريقة، يحاول التنظيم إيجاد بيئة حاضنة جديدة بعد تراجع نفوذه العسكري، عبر تحويل "الإرهاب الفردي" إلى أسلوب قتالى ممنهج، معتمدًا على تضليل دينى وإعادة تأويل النصوص بما يخدم أهدافه.

ثالثًا: البعد الاستراتيجي والدعائي

لا تقتصر افتتاحية العدد ٤٨١ من صحيفة "النبأ" على تأصيل شرعى مزعوم لفكرة "المجاهد المتسلسل"، بل تأتى ضمن استراتيجية دعائية أوسع ينتهجها تنظيم داعش لاستقطاب الذئاب المنفردة وتشجيع العمليات الفردية التى لا تحتاج إلى بنية تنظيمية معقدة.

بعد الضربات العسكرية التى تعرض لها داعش فى العراق وسوريا، وتراجع سيطرته على الأرض، بات التنظيم يعتمد بشكل متزايد على نموذج العمليات غير المركزية التى يصعب التنبؤ بها، حيث لم يعد بحاجة إلى تمويل أو تدريب مباشر للمنفذين، بل أصبح يركز على نشر خطاب تحريضى يستهدف الأفراد القابلين للتطرف، ودفعهم نحو تنفيذ هجمات دون ارتباط تنظيمى مباشر.

فى هذا السياق؛ تعد هذه الافتتاحية جزءًا من الحرب الإعلامية التى يشنها التنظيم، حيث تتجاوز مجرد التبرير الدينى إلى تقديم تعليمات عملية للمنفذين المحتملين. فالمقال يقدم توجيهات دقيقة حول كيفية اختيار الأهداف، وإخفاء الأدلة، والتخفى عن أعين الأجهزة الأمنية، ما يجعله أقرب إلى "دليل عمليات" موجّه للذئاب المنفردة الراغبين فى تنفيذ هجمات إرهابية.

هذا الأسلوب فى التحريض ليس جديدًا على داعش، بل هو امتداد لاستراتيجياته الإعلامية السابقة التى ركزت على نشر مواد تحريضية فى مجلاته مثل "رومية" و"النبأ"، بالإضافة إلى الفيديوهات التى تبثها أذرعه الإعلامية، والتى تهدف إلى تجنيد أفراد دون الحاجة إلى انضمامهم الفعلى إلى التنظيم.

كما أن التركيز على العمليات الفردية يعكس تحولًا تكتيكيًا فى أسلوب داعش القتالي، حيث يدرك التنظيم أن الهجمات التقليدية التى تتطلب تخطيطًا جماعيًا باتت أكثر عرضة للإحباط من قبل الأجهزة الأمنية، خاصة مع تطور تقنيات المراقبة والتجسس.

لذلك، أصبح يروج لنموذج "الجهاد الفردي"، الذى يعتمد على مهاجم واحد يستخدم وسائل بسيطة مثل الطعن أو الدهس أو إطلاق النار، مما يجعل هذه العمليات أكثر صعوبة فى التنبؤ والإحباط، وأقل تكلفة من الناحية اللوجستية، لكنها تحقق تأثيرًا إعلاميًا كبيرًا.

ورغم الانحسار الميدانى لداعش، إلا أن مثل هذه المقالات تكشف أن التنظيم لا يزال يسعى إلى الحفاظ على نفوذه عبر الحرب النفسية والدعائية. فبدلًا من التركيز على استعادة الأراضى التى خسرها، أصبح يركز على نشر الفوضى وبث الخوف فى المجتمعات المستهدفة، من خلال خلق حالة من عدم اليقين والقلق الأمني.

وبذلك، يراهن التنظيم على أن استمرار عملياته الفردية، حتى لو كانت صغيرة ومتفرقة، سيضمن بقاءه حاضرًا فى المشهد الأمنى والإعلامي، ويثبت لأنصاره أنه لا يزال قادرًا على التأثير رغم هزائمه العسكرية.

رابعًا: الافتتاحية فى سياق الخطاب الداعشي العام

لا تختلف افتتاحية العدد ٤٨١ من صحيفة "النبأ" عن الخطاب التقليدى لتنظيم داعش، الذى يقوم على تبرير العنف وإضفاء الشرعية الدينية عليه، مع التركيز على المفاصلة التامة مع التيارات الإسلامية الأخرى.

فمنذ ظهوره، حرص التنظيم على التمييز بين "منهجه الجهادي" وبين أساليب الجماعات الإسلامية الأخرى، سواء تلك التى تتبنى المقاومة وفق ضوابط شرعية محددة، أو التيارات التى تضع قيودًا على استخدام العنف. يتجلى هذا فى الانتقادات الحادة التى يوجهها داعش باستمرار إلى الفصائل الإسلامية الأخرى.

واتهمها بالخضوع للقيود السياسية أو الدولية، وهو ما يتكرر فى هذه الافتتاحية التى تصور التنظيم على أنه الوحيد الذى يطبق "أحكام الجهاد الصحيحة"، بينما تتهم غيره بالتخاذل أو الانحراف عن العقيدة الصحيحة.

لكن ما يميز هذه الافتتاحية عن الخطابات السابقة هو أنها تحاول إعادة تقديم نموذج "الذئاب المنفردة" بأسلوب جديد، لا يقتصر على العمليات الفردية التقليدية، بل يطرح فكرة "المقاتل المتسلسل"، الذى ينفذ عمليات متعددة دون أن يتمكن العدو من تعقبه.

هذا التغيير فى الخطاب يشير إلى محاولة داعش إعادة تدوير استراتيجياته لتتلاءم مع الظروف الحالية، حيث لم يعد التنظيم قادرًا على شن عمليات عسكرية منظمة كما فى السابق، لكنه يسعى إلى الإبقاء على تأثيره من خلال هجمات فردية مستمرة يمكن أن تشكل تهديدًا طويل الأمد لأعدائه.

إضافةً إلى ذلك، تعكس هذه الافتتاحية تحولًا فى تركيز التنظيم من مجرد التحريض على الهجمات العشوائية إلى تقديم نموذج أكثر تعقيدًا من العمليات الفردية، حيث يُطلب من المنفذين الالتزام بنمط محدد من التخطيط، والتخفي، واختيار الأهداف بعناية، ما يجعل الهجمات أكثر احترافية وأشد خطورة.

فبدلًا من تنفيذ هجوم واحد، يتم تشجيع الأفراد على تكرار الهجمات عبر فترات زمنية متباعدة، مما يحقق تأثيرًا نفسيًا وأمنيًا أوسع. هذا الأسلوب الجديد يشير إلى أن داعش يحاول الاستفادة من تجارب سابقة، حيث نجحت بعض الهجمات الفردية المتسلسلة فى خلق حالة من الرعب وعدم الاستقرار فى المجتمعات المستهدفة.

كما أن هذا التطور فى الخطاب يعكس إدراك داعش لأهمية الإعلام فى بقائه، فحتى فى ظل خسائره الميدانية، لا يزال التنظيم قادرًا على التأثير من خلال دعايته التى تستهدف فئات محددة من جمهوره.

وبدلًا من التركيز على العمليات العسكرية واسعة النطاق، أصبح التنظيم يوجه جهوده نحو بناء صورة جديدة للمجاهد الفردي، الذى يعمل باستقلالية، ويواصل القتال رغم الظروف الصعبة، فى محاولة لإبقاء جذوة فكره مشتعلة لدى أنصاره، حتى فى ظل غياب كيان مركزى واضح يقودهم.

خاتمة

تؤكد افتتاحية العدد ٤٨١ من صحيفة "النبأ" أن تنظيم داعش لا يزال مستمرًا فى استغلال النصوص الدينية لتبرير العنف، مستخدمًا التأويلات المشوّهة للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية لتضليل أنصاره وإضفاء شرعية زائفة على أفعاله.

لكن اللافت فى هذا الخطاب أنه لم يعد يركز على العمليات الجماعية أو السيطرة الميدانية، بل يحاول إعادة ابتكار أسلوب جديد من الإرهاب يعتمد على الأفراد الذين يتحركون بمعزل عن التنظيم المركزي.

وهذا يعكس تغيرًا فى استراتيجياته، حيث أصبح أكثر اعتمادًا على العمليات الفردية التى يسهل تنفيذها دون الحاجة إلى بنية تنظيمية معقدة، مما يجعله أكثر قدرة على الصمود فى وجه الحملات الأمنية التى استهدفت مراكزه التقليدية.

ورغم أن هذا التحول قد يبدو تكتيكًا جديدًا، إلا أنه فى جوهره يعكس حالة الضعف التى يمر بها التنظيم، بعد فقدانه مناطق نفوذه فى العراق وسوريا وتراجعه فى عدة ساحات أخرى.

فلم يعد بإمكانه تجنيد المقاتلين كما فى السابق، أو تنظيم عمليات عسكرية واسعة، مما اضطره إلى تبنى نهج العمليات الفردية المتسلسلة كبديل عن الاستراتيجيات القديمة.

لكنه، فى المقابل، يحاول تسويق هذا النهج على أنه أسلوب جهادى مشروع، سعيًا للحفاظ على جذوة فكره متقدة، ولإقناع أنصاره بأن التنظيم لا يزال موجودًا وقادرًا على التأثير رغم انحساره الميداني.

ومع ذلك، فإن هذا الخطاب لا يزال يشكل تهديدًا حقيقيًا، نظرًا إلى قدرته على استقطاب أفراد غير منتمين تنظيميًا، وتحريضهم على تنفيذ هجمات إرهابية بأساليب يصعب تتبعها أمنيًا.

فتقديم صورة "المقاتل المتسلسل المسلم" كقدوة جهادية قد يدفع بعض الأفراد المتأثرين بدعاية التنظيم إلى تنفيذ عمليات مستوحاة من هذا النموذج، دون الحاجة إلى تلقى تدريب مباشر أو الحصول على دعم لوجستي. وهذا يجعل مواجهة هذا الخطاب ضرورية، ليس فقط من خلال التدابير الأمنية، ولكن أيضًا عبر تفكيك الأيديولوجيا التى يقوم عليها، وكشف زيف مبرراته الدينية والشرعية.

إن التصدى لمثل هذا الطرح يستلزم فضحه على مستويين رئيسيين: الدينى والإعلامي. فمن الناحية الدينية، ينبغى توضيح أن تأويلات داعش للنصوص الإسلامية تتناقض مع مبادئ الشريعة التى تحرم استهداف الأبرياء وتؤكد على العدل والسلم.

أما من الناحية الإعلامية، فيجب تسليط الضوء على تناقضات التنظيم، وفضح استغلاله للدين من أجل تبرير العنف، وإبراز نتائجه الكارثية على المجتمعات الإسلامية نفسها قبل غيرها. فقط من خلال تفكيك هذا الخطاب، وكشف زيفه أمام جمهوره المستهدف، يمكن تقليل تأثيره والحد من قدرته على استقطاب أتباع جدد.

التنظيم يراهن على أن استمرار عملياته الفردية سيضمن بقاءه حاضرًا فى المشهد الأمنى والإعلامي.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: داعش فلسطين المقاومة القضية الفلسطينية تنظيم داعش الاحتلال إسرائيل الذئاب المنفردة هذه الافتتاحیة على العملیات التنظیم على الترکیز على تنظیم داعش أن التنظیم هذا الخطاب یرکز على یسعى إلى ما یجعل على نشر لا یزال من خلال على أن التى ت رغم أن فى هذا الذى ی لم یعد

إقرأ أيضاً:

عصام فضيل ولى الأدبار، عثمان عمليات فارق أرض العمليات (وكبرها)

▪️لايشغلنا ذيل أنقسام العقرب ( تقدم) المشبع بسم الجنجويد وقد بدأت في لدغ نفسها..
▪️الذي يشغلنا إنقسام الجنجويد وتشظيهم وحصار الجيش يخنقهم في كافوري ويكتم أنفاسهم في سوبا والحيرة تقتلهم..

▪️معلومات أكيدة تقول أن هواتف ما تبقى من قياداتهم مقفوله ، عصام فضيل ولى الأدبار ، عثمان عمليات فارق أرض العمليات (وكبرها)..

▪️كل الشواهد تقول شرك أم زريدو يطبق عليهم من كل الإتجاهات..
#ام_وضاح

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الإخوان "مكملين" في التآمر.. ماذا يريد التنظيم الإرهابي؟
  • أطفال الأنابيب.. حلم الأمومة يتحول إلى معاناة في العراق
  • رئيس التنظيم والإدارة يشارك في اجتماعات القمة العالمية للحكومات بالإمارات
  • مؤتمر للنزاهة يناقش دور الخطاب الديني في الحث على حرمة المال العام ونبذ الفساد
  • هذا هو وجه الشبه بين خطاب القسم والبيان الوزاري
  • وزراء خارجية الاتحاد الأفريقي يجتمعون اليوم والأنظار تتجه لقمة السبت .. أزمة السودان تتصدر أجندته
  • محمد بن راشد: «قمة الحكومات» لخدمة الشعوب
  • فانس يتحدى "التنظيم المفرط" للذكاء الاصطناعي في أوروبا أثناء حضوره قمة باريس
  • عصام فضيل ولى الأدبار، عثمان عمليات فارق أرض العمليات (وكبرها)