من السلطان علي دينار الى الرئيس البرهان
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
لـواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد يكتب:
من السلطان علي دينار الى الرئيس البرهان
السلطان علي دينار يُعد من أشهر سلاطين الفور في المملكة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ الإنساني في الفترة مابين ( *١٦٠٣م _ ١٨٧٤* ) ثم الفترة الثانية ( *١٨٩٨م _ ١٩١٦م* ) وهو صاحب سطوةٍ وجاه، وُجد في مذكراته التي لم يكتبها بنفسه وإنما تناقلتها الألسن في لهجها الروائي للسِير والأخبار، والمُلح والطرائف في بلاط السلاطين، وقيل ضمن ما قيل أن السلطان علي دينار قد وقع تحت طائلة ( *قحاطة* ) ذلك الزمن فأوغروا صدره على الرجال الأفذاذ، والفرسان المغاوير، وأهل الحكمة والحضرة والنصيحة والرأي السديد، فأصبحوا يقدّمون له مرة ( *كشفاً للإحالة للمعاش* ) كما فعل القحاطة وحميدتي مع ضباط القوات المسلحة، والشرطة، وهيئة العمليات، حيثُ أُحيل إلى المعاش آلاف الضباط من المؤسستين فضلاً عن حل هيئة العمليات بدعوى أنهم فلول وكِيزان ( *بكسر الكاف على لحن الجنجويد* ) السلطان في غمرته كانت كشوفات الإحالة عنده هي الموت الزؤام ببرنامجٍ مُرعب، حيثُ يُنادى على المغضوب عليه ليدخل على السلطان، وفي الممر إلى الحضرة يقف صفّان من القتلة ( *أمثال قجة* ، *وجلحة* ، *وشارون* ، *وشطة* ) ، وغيرهم ممن ليس في قلوبهم رأفة، يحملون عصي ( *جمع عصا* ) إسمها ( *أم سُبّاغة* ) مأخوذة من شجر الكتر والكداد، رأسها مدبب، يُترك الشوك على حاله، فقط ينظّف موضع الممسك، وبمجرد الدخول ينهال عليه هؤلاء بالضرب المميت، وهكذا حتى نخر الضعفُ في جيش السلطان، والأعجب أن ( *قحاطة علي دينار* ) كانوا على تواصل مع الإستخبارات الإنجليزية التي دخلت السودان بعد هزيمة الدولة المهدية وترغب في ضم دارفور وإخضاعها لسُلطة بريطانيا، فوجدت بينهم النسخة الأصل لمجموع القحاطة ( *حمدوك* ، *خالد سلك* ، *وجدي* ، *فكي منقة* ، *إبراهيم الشيخ* ، *عروة* ، *البرير* ، *جعفر سفارات* ، *وغيرهم من التعساء* ) فأفشوا الأسرار وأغروا ( *فولكر* ) بضرورة التدخل الأممي ( *البريطاني أوانها* ) لإقامة دولة الحرية والسلام والعدالة في دارفور.
وفعلاً تقدّمت القوات بقيادة المقدم ( *فيليب جيمس* ) في شهر مارس عام ١٩١٦م بقوة قوامها نحوا من ألفي رجل.
ولما علم السلطان ذلك، ( *ضرب الكبسة* ) وهي صافرة جمع عاجل، فتفقّد الرجال وسأل عن القيادات، وكلّما ذكر أين فلان؟ يجئ الرد الخائف الخجول ( *نزل معاش* ) بلغة تآمر قحط وحميدتي، بينما هو بلغة قحط السلطان ( *إنجغم* ).
هنا قرّر السلطان الهروب من الفاشر والإستعصام بجبال برنجية، الأمر الذي حرّض الإعلام المحلي عليه، فتجرأ بعضهم بالقول الذي أصبح مثلاً شرودًا في نداوة المعنى حيث قال أحدهم ( *سلطان* *سَلّ الجُدُول* *والبرد جي* *بتدّفأ بي شنو* ) بمعنى أن السلطان قلع جذوع الأشجار التي يستدفئُ بها الناس في الشتاء، وهو الآن بلا وقود والبرد قادم.
وفعلاً قُتل السلطان، وباد مُلكه ، وإنفض عنه القحاطة وأصبحوا خدمًا في بلاط الإنجليز.
وأهم ما قِيل في هذا الخصوص هو قول ( *الهَدّاي* ) وهو الشاعر الشعبي: الراكوبة ما بتقيف بلا مُرَداس ( *العود القوي ويُسمّى الأمينة* )
والسرير ما بقيف بلا رصاص ( *أعواد رقيقة تُسمى المطارق* )
والكلام ما بنقاس بلا رجال دُقّاس ( *أعمارهم أكثر من خمسين سنة* )
ألبس قريب ليك وأركّب ضَكر نَكّاس ( *حصان ذكر قوي* )
والحَربة ما بِتدّاوس بلا فُرّاس
والطَرَدْ رجالة ما بلقى رجالَ الناس
نعم هذه شذرات من وقائع التاريخ السوداني في سياق الصراع على السُلطة، وأساليب الخونة في إضعاف الدولة وإستهداف الحاكم نفسه من باب النصيحة المفخخة.
الرسالة لسعادة رئيس السودان، وقائد جيشه ( *العظيم* ) لعل وقع الخُطى هو هو برغم المسافة الزمنية، والمؤكد من خلال الصراع المسلح، والحروب التي خاضها الجيش السوداني، ليس من ظهيرٍ موثوق به، وفيِّ الصُحبة، صادق النيّة، قويّ العزم، ذو بأسٍ شديد، خفيف عند الفزع، ثقيل عند الطمع، أفضل من الإسلاميين بطيفهم الواسع، وذلك منذُ بواكير حرب قرنق عام ١٩٨٣م، وحتى تحرير توريت عام ٢٠٠٥م، ثم رأيتهم تتزاحم أكتافهم بين يدي نداء الإستنفار الذي أعلنته، تركوا ما في أيديهم من مشاغلٍ وهموم وجاؤوك بالخيل بلا سرج عجلاً.، نسورًا كالريح ، تطير بأجنحةٍ ما قالت يومًا مكدودة ،،،، والربح السودان الآمن .
قدموا بلا إمتنان أغلى ما عندهم ، وأنفقوا مما يُحبون، أنفسهم، ودماءهم، وأبناءهم، لا يرجون جزاءًا من أحد ولا شكورًا .
ولأن الحكمة هي وضع الشئ المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب بالكيف المناسب،
نجدُ أنّ في مضمون قصة السلطان علي دينار بعض ما يهمك من رسائل، فالقحاطة خونة أوطان بالأدلة والبراهين التي لا تقبل الجدل، وبأ… إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: السلطان علی دینار
إقرأ أيضاً: