البوابة نيوز:
2025-04-13@15:23:50 GMT

حوار أخير مع مصطفى بيومي

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق قصائد «بكائيات القلب الأخضر» تكشف عن تميز وتمكن وتفرد شاعر شاب دون العشرين من عمره

"... إذن لن تجئ ؟

ولو كان مابيننا البحر جئت

ولكنه الموت 

وحدى إذن"

******

مقطع من قصيدة "بكائية" من ديوان بكائيات القلب الأخضر لمصطفى بيومي.

قد لا يعرف الكثير من متابعى قلم مصطفى بيومى وإبداعه المتنوع، أنه بدأ شاعرًا واعدًا، واحتفى به والد الشعراء فؤاد حداد، ونشر له قصيدة على صفحتين فى مجلة "روزاليوسف" عام ١٩٧٦، وكان دون الثامنة عشرة من عمره، تجربة ومرحلة استمرت سبع سنوات، ضمها ديوانه الوحيد "بكائيات القلب الأخضر"، وصدر الديوان فى طبعة محدودة فى فبراير١٩٨٤.

ضم الديوان ٣٢ قصيدة، موزعة على ثلاثة أقسام، الأول: ماتيسر من سورة الضياع، الثانى: صلوات للمطر والترحال، الثالث: تهليلات الموت والقيامة.

ويحرص الشاعر مصطفى بيومى وهو يقدم ديوانه للقراء على التأكيد أن «أزمة الشعر فى مصر ليست أزمة شعرية خالصة.. إنها محصلة لأزمات الواقع الذى يتيح للطير من كل جنس أن يغنى.. ويحرم الغناء على العشاق..." ويقدم ديوانه للقارئ على أنه "محصلة سنوات سبع من الغناء فى زمن الصمت.. من أجل الأيام القادمة الخضراء».

تجربة مصطفى الشعرية إذا وضعت فى السياق العام لتجاربه الإبداعية والحياتية – مر عليها أكثر من اربعين عامًا – تكشف عن تميز وتمكن وتفرد لشاعر شاب دون العشرين من عمره، قد نرصد فيه بعضًا من ملامح عالم الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، وقد كان الفتى مصطفى وقتها مفتونا به.. ويمكننا القول أن مقولة "عبد الصبور" الشهيرة "معذرة ياصحبتى.. قلبى حزين.. من أين آتى بالكلام الفرح؟" خير دليل ومعبر يدخل به القارئ للعالم الشعرى فى قصائد ديوان الفتى والشاب مصطفى بيومى.

الموت اللفظة والمعنى والقيمة.. أكثر الألفاظ والمعانى والقيم التى حضرت فى أغلب قصائد الديوان.. وهو أمر لافت يثير الدهشة.."غواية الموت" كيف ولماذا تسللت لوجدان القلب الأخضر.. قلب فتى دون العشرين؟!!.. قلب لايخاف الموت أو كما يقول: "من عرف العشق يومًا.. فليس يخاف من الموت..".

ويقرر مصطفى أن يتوقف عن كتابة الشعر، لكن هل يعنى ذلك أنه غادر عالم الشعر والشعراء؟ أقول بثقة: لا.. يكفيك أن تراه وتسمعه سابحًا فى عالم الشاعر العربى العباسى "الشريف الرضي"، أقرب الشعراء القدامى لقلب مصطفى، أو وهو يحدثك بشجن نبيل عن عالم صلاح عبد الصبور، ويعليه على رفاق مسيرته الشعرية.. أذكر كنا (عبدالرحيم وأنا) أقرب وأكثر تواصلًا مع شعر أحمد عبد المعطى حجازي، وأزيدك ليس بيتا من الشعر، بل "مئة بيت من الشعر العربى القديم" عنوان الكتاب الذى صدر لمصطفى عام ٢٠٢٠، لتكتشف "متانة" علاقته بالشعر، ولتشهد على مهارة ورقى ذائقته الشعرية المبدعة.

وهنا يبرز السؤال: لماذا كف مصطفى عن مواصلة "قرض" الشعر؟، وهو المالك بتمكن ودراية بأدوات ومهارات كتابة الشعر، قديمه وحديثه (عروضه وأوزانه وبحوره الخليلية، وصوره وموسيقاه الداخلية)؟.. مصطفى بيومى الذى كتب على غلاف ديوانه الوحيد "الشعر ضرورة.. وأعذب الشعر أصدقه.. والشاعر الحقيقى - كما أراه – لا ينبغى أن تروقه الحياة الكائنة.. بل يتطلع إلى الحياة كما يجب أن تكون..".

والرأى عندى للرد على هذا السؤال يذهب إلى أن الفتى /الشاب تكشف له أنه يعايش ويواجه "كونًا خلا من الوسامة"، فرأى أن يهيئ قلمه وكلمته لمواجهة مباشرة وحادة مع عالم "قاسٍ وموحش" ورديء فى الكثير من قيمه ومعاييره وسلوكه ومسالكه - عالم لا يصح أن نكتفى بتفسيره وهجائه.. بل علينا أن نسعى لتغييره، وعندها ربما أيقن أن حال الشاعر وحيله وأدواته، تبدو كسلاح "خفيف"، لن يسعفه فى معارك المواجهة الفكرية والإبداعية، التى عقد العزم على خوضها، لهدم جدار الخوف وأقانيم الجمود والتخلف، واقتلاع أشواك الكراهية والغطرسة وزيف الرايات المخادعة.. إنه "واقع" شديد الواقعية لن يجد معه نفعًا خطاب المجاز وتهاويم الصور.

إن الدافع الرئيس، والحافز المحرك والملهم لقدرة ورغبة مصطفى على الكتابة، والشعار الناظم لمجمل مشروع مصطفى الإبداعى والبحثى هو: "أنسنة العالم، وجعله صالحًا للحياة، أو على الأقل لائقا للموت". 

وفى هذه السطور، لا أسعى لقراءة نقدية لديوان مصطفى - أعد أن أُنجزها لاحقًا- لكن سطورى الحالية مجرد إطلالة عاجلة وتعريف أولى ببكائيات القلب الأخضر.. قلب مصطفى بيومي..

تلك السطور حوار وعتاب مع الصديق ورفيق العمر

ها أنذا راحل 

وهاهو درب الحياة 

سيمتد.. يمتد 

ألقاك فى آخر الدرب 

نمضى معاُ..

وأهمس فى أذنيك

أنت أجمل من كل شئ سوى الموت 

.............

أسميك باسمى 

أسميك ظلى..

أسميك موتى 

أسميك موتى"

******

فى اللقاء الأخير قبلت رأسك، ورجوتك أن تبقى 

******

"لكنى رحلت دونما وداع 

ياليتنى نتظرت 

ياليتنى انتظرت»

******

ليتك أنتظرت يا صاحبى 

******

"وأدركت أنى أموت 

وأن الوصول لعينيك مثل الوصول إلى النهر صعب 

وأنك لن تحزنى"

******

لا.. يامصطفى 

لقد حزنت لموتك كل المعانى والقيم التى دافعت عنها.. كل الحروف التى كتبت.. كل الأهل والصحاب.. كل الأحلام الخضراء التى بشرت بها.

الكل حزين وموجوع لرحيلك.

******

"هل ضاع منكم؟ 

لقد ضاع منا 

وقد كان يوما هنا.. ومات"

******

ولا أخرى.. يا مصطفى

فمثلك لا يضيع.. باقٍ فى العقول والقلوب 

باقٍ فى أولادك وأحفادك وتلاميذك ومحبيك 

باق عطاؤك... وباقية محبتك.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: القلب الأخضر مصطفى بیومى

إقرأ أيضاً:

حوار بين الحشرة والشجرة

بقلم : فراس الحمداني ..

الحشرة كائن صغير يتحرك لمسافة محدودة يمكن دهسه بالأحذية وينتهي أمره خلال لحظات ولا يعرف مصيره لأنه لن يكون له من بقايا فقد تساوى جثته بالطين أو الأوراق والتراب ويضيع إلى الأبد ولا صوت يلفت الإنتباه له ولا يميزه الناس من بين الأصوات الكثيرة عادة في الحديقة أو في الغابة يحتاج إلى وقت طويل ليعثر على طعامه أو ليأكل من ورق الشجرة الباسقة ولا يستطيع الوصول إلى أي مكان فيها وهو ينظر إلى الشجرة ويشتمها ولكنها لا تسمعه ويطيل النظر إليها وهي لا تراه لصغر حجمه وتواضعه في الحياة بمعنى آخر لا أهمية له في مقابل بقية الحيوانات والأشجار والمخلوقات جميعها وهو موجود لحكمة بالغة دون التقليل من القيمة الإعجازية لخلقه لأن الله سبحانه وتعالى يقول : إنا كل شيء جعلناه بقدر .
في المقابل فإن الشجرة كائن مختلف يحتاج إلى مساحة كبيرة من الغابة ليتمدد فيها وكمية من الماء ليتم ريه وسقيه والشجرة فيها مئات وٱلاف الأغصان وربما عشرات آلاف الأوراق وجساق الشجرة كبير وممتد وعظيم يعادل ملايين وربما مليارات الحشرات التي تتجمع حول الشجرة وتحاول تسلقها أحياناً كثيرة وكما قلت فلا قيمة للحشرة في مواجهة الشجرة وعادة ما تكون الشجرة مثمرة ، وكلما رميت بحجر أو بشيء ما تساقط منها بعض ذلك الثمر وتمدد وإنتشر وتناول منه الناس ما يكفيهم من طعام وقد تأكل منه الحيوانات وحتى الحشرات التي تسرح في الغابة وتعيش ولولا الشجرة لماتت الحشرة جوعاً أو برداً أو غرقاً ، فالشجرة مفيدة في كل شيء ولكل شيء بينما الحشرة فقد تكون مؤذية وسامة وغير نافعة إلا لمن يعرف ما هو نفعها من العلماء والباحثين .
هذه الحشرة التافهة تحاول غالباً القيام بأفعال وأعمال مؤذية وتظن إنها تؤثر في الشجرة وفي غيرها وتلفت الإنتباه بل وأن بعض الأشخاص يشبهون هذه النوعيات من الحشرات حين يظنون أنفسهم كبارا ويتوهمون العظمة وهم يشبهون في حالهم ما يقوله المثل الشهير : ذبابة مصابة بداء الفيل ، وتظن نفسها كبيرة للغاية وعظيمة . ويتوهم بعض الأشخاص إنهم وصلوا إلى مراحل متقدمة في الوصول والحصول على ما يريدون بينما هم في الحقيقة لا يمتلكون الكثير من الإمكانات والأشياء والمواهب والعلوم وقد لا يملكون شيئاً ولكنهم يعيشون في زمن الفوضى التي تجعل من الأعمى يقود ومن الأعرج يركض ومن الأحمق مفكرا لإختلاط الحابل بالنابل وإنتشار الجهل والتخلف والأمية والضياع والفساد وعدم وضوح الهوية فتكون الأشياء كلها مرتبطة ببعضها بطريقة عبثية نتيجة للجهل والتخلف وسيطرة المارقين والتافهين وتحكمهم بشؤون الناس ولكنهم برغم ذلك لا يستطيعون إثبات أنهم الأفضل والأحسن والأجدر بالقيادة وإدارة الحياة لأن ما يملكونه وهم وليس حقيقة ولا قدرة لهم على فعل شيء حقيقي . Fialhmdany19572021@gmail.com

فراس الغضبان الحمداني

مقالات مشابهة

  • حوار ايران وجريمة تكريت
  • حوار بين الحشرة والشجرة
  • شرح أيقونة قيامة سبت العازر
  • رحل رفيق العمر.. الموت يفجع الفنانة عارفة عبد الرسول
  • مي مختار: "النبش في الذاكرة" نافذة على عالم مصطفى بيومي مليء بالأصدقاء غير العاديين
  • الناقد سيد الوكيل: مصطفى بيومي تجربة نقدية فريدة لن تتكرر
  • حسام الحداد: مصطفى بيومي باحث شامل مُلهم لأجيال من المثقفين
  • نجل الراحل مصطفى بيومي: والدي عاش للكتابة ومات في حضنها
  • انطلاق حفل تأبين الراحل مصطفى بيومي
  • الناقدة سلوى بكر تقدم مقترحا لإحياء تراث مصطفى بيومي