من الدلتا إلى الصعيد «الري الذكي» يحول وجه الزراعة المصرية.. سويلم: المشروع يهدف لمساعدة المزارعين.. وخبراء: كفاءة النظام الحديث والذكي يصل لـ85%
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مشروعات الري الذكي أصبحت واحدة من أهم الحلول لمواجهة التحديات المائية في مناطق مختلفة حول العالم، وقد بدأت العديد من الدول في تطبيق هذه التقنيات لتحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة وزيادة الإنتاجية، وحققت مشروعات الري الذكي التي تم تنفيذها في مناطق مختلفة، منها مشروع الري الذكي في الإمارات العربية المتحدة بمدينة مصدر، حيث تم تطبيق تقنيات الري الذكي في الزراعة باستخدام أنظمة ري موفرة للمياه تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويتم استخدام أجهزة استشعار لمراقبة رطوبة التربة، ويتم تحديد الكميات المناسبة من المياه تلقائيًا وفقًا لاحتياجات النباتات، ونجح هذا المشروع في تقليل استخدام المياه في الزراعة بنسبة تصل إلى 30%، مما ساعد في الحفاظ على الموارد المائية في منطقة تعاني من نقص المياه، وكذلك مشروع الري الذكي في أستراليا بمناطق ولاية فيكتوريا، حيث تم استخدام تقنيات الري الذكي في الزراعة الحضرية من خلال نظام «Smart Watering» الذي يعتمد على الاستشعار لتحديد احتياجات التربة والمناخ، حيث يتم توفير المياه بشكل دقيق استنادًا إلى البيانات التي يتم جمعها من المستشعرات، وأثبت النظام نجاحه في تقليل الفاقد من المياه بنسبة 60% مقارنة بالأنظمة التقليدية، كما ساعد في تحسين نوعية المياه المستخدمة في الري.
وبخطوات واثقة، تمضي مصر نحو الجمهورية الجديدة، متجاوزة العديد من المراحل الهامة في طريقها لتحقيق رؤية مصر 2030، التي تعتمد على رقمنة جميع قطاعات الدولة، وهو توجه يعكس حرص الدولة على تسهيل الخدمات وتقديمها للمواطنين بشكل أكثر كفاءة، ففي خطوة هامة نحو تعزيز استدامة الموارد المائية وزيادة الإنتاجية الزراعية، اطلقت مصر مشروعًا طموحًا لتحديث منظومتها المائية والتحول إلى الري الذكي، بالتعاون مع الحكومة الإسبانية، ويهدف هذا المشروع إلى تحسين كفاءة استخدام وإدارة المياه في القطاع الزراعي، ويعتبر من المشروعات الاستراتيجية التي ستساهم بشكل كبير في مواجهة التحديات المتعلقة بنقص المياه وندرتها في بعض المناطق، ويستهدف المشروع تحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة من خلال الاعتماد على تقنيات الري الحديثة والذكية، «البوابة نيوز» قامت بجولة للتعرف علي مشروع تحديث المنظومة المائية والتحول للري الذكي في مصر.
أنظمة متطورةيعتمد المشروع على تطبيق أنظمة ري متطورة تتسم بالكفاءة في استهلاك المياه، مما يساهم في تقليل الفاقد وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المائية المتاحة، كما يساهم التحول إلى الري الذكي في تحسين الإنتاجية الزراعية في مناطق الدلتا والصعيد، التي تعد من أكثر المناطق الزراعية أهمية في مصر، حيث تسعى وزارة الموارد المائية والري من خلال هذا المشروع إلى توفير الحلول المبتكرة التي تساعد المزارعين على رفع كفاءة استخدام المياه وزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية، وقد تم تصميم المشروع ليشمل تحسين الإنتاج الزراعي بشكل مستدام، ما يساهم في دعم الأمن الغذائي لمصر في ظل التحديات المتزايدة الناتجة عن التغيرات المناخية، ومن المقرر أن يكون للمشروع أثر مباشر في تقليل التكلفة الزراعية وزيادة العوائد الاقتصادية للمزارعين.
ويعد تعزيز استخدام الرقمنة لمتابعة وتنظيم عمليات الري واحدة من أبرز ملامح المشروع، فمن خلال تقنيات حديثة مثل الأجهزة الذكية وأنظمة التحكم عن بعد، سيكون من الممكن مراقبة تدفق المياه في شبكات الري بشكل دقيق، مما يسمح باتخاذ القرارات الأكثر فعالية في الوقت المناسب، ويهدف المشروع إلى ربط مراكز التحكم في المياه بالمزارع بشكل مباشر، مما يمكن المزارعين من متابعة الري بشكل إلكتروني واستخدام المياه بشكل أكثر دقة، كما يساهم استخدام هذه التقنيات في تسهيل إدارة المياه وزيادة كفاءتها، ما يعني تقليل الفاقد من المياه وتحقيق استفادة أفضل من الموارد المحدودة، كما توفر الرقمنة بيانات هامة تساعد في تحسين إدارة الري في جميع مراحل الزراعة.
تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الإسبانيةمن جانب آخر، يعد تبادل الخبرات مع الحكومة الإسبانية جزءًا أساسيًا من المشروع، حيث تعد إسبانيا من الدول الرائدة في مجال الري الذكي والتكنولوجيا الزراعية الحديثة، فيتضمن التعاون مع الخبراء الإسبان نقل المعرفة حول أفضل الممارسات في مجال الري، بما في ذلك تحسين أنظمة الري الحديثة، والتدريب على استخدام التقنيات الجديدة، وكيفية تفعيل روابط مستخدمي المياه.
كما أن إسبانيا تتمتع بتجارب ناجحة في تحسين إدارة المياه في المناطق التي تواجه تحديات مشابهة لتلك التي تواجهها مصر، وبالإضافة إلى ذلك، يتضمن المشروع تبني منهجيات متكاملة لإدارة المياه على مستوى الترع الفرعية، حيث سيتم العمل على تحسين التنسيق بين المزارعين في مناطق محددة لضمان الاستخدام الأمثل للمياه المتاحة، وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز فكرة التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية بالمياه، وذلك لتفادي الفاقد وتحقيق أفضل استخدام للموارد.
ويمثل المشروع جزءًا من خطة طويلة الأجل تهدف إلى تحقيق إدارة مستدامة للموارد المائية في مصر، حيث تم وضع استراتيجيات تشمل تحسين التخطيط وإدارة الموارد المائية على المدى البعيد، فالمشروع يركز على تقليل الفاقد من المياه وتعزيز استخدامها في الزراعة بشكل يعكس التوجهات البيئية المستدامة، ويشمل المشروع تحسين كفاءة استخدام مياه الري والصرف الزراعي، مما يسهم في تقليل الضغط على الموارد المائية الطبيعية، كما يولي المشروع اهتمامًا خاصًا بتطبيق مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وهي المبادئ التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين استخدام المياه في الزراعة والاحتياجات الأخرى من هذه الموارد الحيوية، ويهدف ذلك إلى توفير حلول مبتكرة ومستدامة للتحديات المتعلقة بتوافر المياه في مناطق متعددة في مصر.
وفي إطار تنفيذ هذا المشروع، يولي القائمون عليه أهمية كبيرة لدعم البحث العلمي، حيث يتم العمل على إشراك مراكز البحث العلمي والجامعات المصرية في مختلف مراحل المشروع، تم بالفعل مناقشة عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه التي تتعلق بالري الذكي وتحسين إدارة المياه في الزراعة، وعلى سبيل المثال، تمت مناقشة رسالة دكتوراه في جامعة سوهاج تناولت تقنيات الري الذكي وتطبيقاتها في تحسين الإنتاج الزراعي باستخدام تقنيات التحكم في المياه، كما تم مناقشة رسالة ماجستير في جامعة أسيوط تهتم بدراسة أثر استخدام الأنظمة الذكية على كفاءة استهلاك المياه في الأراضي الزراعية في مناطق الصعيد، وتسعى هذه الدراسات إلى تقديم حلول علمية قائمة على البيانات لتحسين كفاءة إدارة المياه في الزراعة وتحقيق استدامة الموارد.
كما تشمل الخطة التنفيذية للمشروع العديد من الأنشطة والمراحل التي سيتم تنفيذها وفقًا للإطار الزمني المحدد، في المرحلة الحالية، يتم التركيز على تنفيذ الأنظمة الذكية لتوزيع المياه على الأراضي الزراعية، وتوفير التدريب اللازم للمزارعين على كيفية استخدام هذه التقنيات بفعالية، كما تشمل المراحل المقبلة تطوير البنية التحتية اللازمة لدعم النظام الرقمي لمتابعة منظومة الري، ومن المتوقع أن يساهم المشروع في تحقيق نقلة نوعية في طرق الري والزراعة في مصر، ما يسهم في تحسين كفاءة استخدام المياه، وزيادة الإنتاج الزراعي، وتعزيز الأمن الغذائي في المستقبل.
أهداف المشروعيهدف ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺗﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻟﻠﺮﻱ ﺍﻟﺬﻛﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ، ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ، وﻳﺘﻀﻤﻦ المشروع ﻋﺪﺓ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺮﻗﻤﻲ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﻭﺗﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺒﻮﺍﺑﺎﺕ ﻭﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻱ، وﻳﻬﺪﻑ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻷﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﺗﺤﺴﻴﻦ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﺑﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺪﻟﺘﺎ ﻭﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، وﻳﻬﺪﻑ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺮﻱ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﺬﻛﻴﺔ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺼﻮﻟﻴﺔ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ، ومن فوائد نظام الري الذكي والحديث، زيادة الدخل والعائد بما يقلل تكلفة الانتاج، وتوفير العمالة وترشد استهلاك الاسمدة لزيادة الانتاجية بما يعود بالنفع على المزارع، كما يساعد الري الذكي على توزيع المياه، إذ يتم توصيل المياه لكل نبات عبر شبكة من الأنابيب، وتسهم أنظمة الري الذكي في تحسين جودة المزروعات بشكل يقيها من الأمراض، ويخفض من تكاليف الري على المزارع، وكذلك تمكن المنظومة المزراع من معرفة مدى احتياج الارض للمياه ودرجة الرطوبة، ويمكن للمزراع أن يتحكم في ماكينات الري أوتوماتيكياً أو يدوياً بناء على البيانات المقاسة.
خطة طويلة
وكان الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، عقد اجتماعًا لمتابعة تقدم سير العمل في مشروع تحديث المنظومة المائية والتحول للري الذكي، والجارى تنفيذه بالتعاون بين الوزارة والحكومة الإسبانية.
وأشار سويلم، إلى أن هذا المشروع يهدف لتحسين كفاءة استخدام وإدارة الموارد المائية المتاحة لأغراض الزراعة وتحسين الإنتاجية الزراعية بمناطق الدلتا والصعيد فى مصر، كما يهدف المشروع لاستخدام تقنيات الرى والممارسات الزراعية الذكية لمساعدة المزارعين على رفع كفاءة إستخدام المياه وزيادة الإنتاجية المحصولية وتعزيز الأمن الغذائي بتقنيات ذكية مناخيًا، كما سيدعم المشروع عملية الرقمنة فى متابعة منظومة الري لمساعدة المزارعين على الاستخدام الفعال للموارد، كما يعزز المشروع من التبادل المستمر للمعرفة حول أنظمة الري الاسبانية.
وأوضح سويلم، أن الوزارة وضعت خطة طويلة الأجل لتحقيق الإدارة المستدامة للمياه، مع السعى لتبادل الخبرات والاستفادة من الممارسات الناجحة فى مجال المياه، مثل الإستفادة من الخبرات الأسبانية في مجالى الري الحديث والرى الذكي، بالاضافة للتجارب الاسبانية الناجحة فى تفعيل روابط مستخدمى المياه والتى تسعى مصر للاستفادة منها لمواجهة التحدى الخاص بتفتت الملكية الزراعية بالشكل الذى يعزز من النهج التشاركي في إدارة المياه على مستوى الترع الفرعية، وتحسين عملية تخطيط وإدارة المياه وإتباع مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية لرفع كفاءة استخدام مياه الري وزيادة الاستفادة من مياه الصرف الزراعى والحفاظ على نوعية المياه.
ووجه سويلم، بمتابعة تنفيذ أنشطة ومكونات المشروع المختلفة طبقاً لخطة العمل الموضوعة والإطار الزمنى المعتمد لتنفيذ مكونات المشروع.
إنتاج جهاز التحكم الذكيوكانت وزارة الموارد المائية والري، أعلنت في وقت سابق عن إنتاج جهاز التحكم الذكي الذي يهدف إلى تنظيم عملية الري وتقليل استهلاك المياه، مما يسهم في زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية، ويتميز هذا النظام الذكي بقدرته على قياس درجة الحرارة والرطوبة في التربة الزراعية، ويعمل باستخدام الطاقة الشمسية، كما أنه يرسل رسائل نصية إلى هاتف المزارع المحمول ليخبره بحالة رطوبة التربة، سواء كانت مشبعة «رطبة» أو جافة.
في حال جفاف التربة، ترسل الوحدة الذكية رسالة نصية للمزارع ليتمكن من اتخاذ إجراء سريع، ويمنح النظام المزارع خيارين للتحكم: الأول هو الري «الأوتوماتيكي»، حيث تبدأ الوحدة في ري الأرض بمجرد قراءة جفاف التربة، وتستمر في الري حتى تصل التربة إلى مستوى التشبع، ثم تتوقف عملية الري تلقائيًا، أما الخيار الثاني فهو الري اليدوي، حيث يتحكم المزارع في تشغيل أو إيقاف عملية الري.
ويتميز النظام أيضًا بقدرته على الفحص الذاتي لوحدة التحكم، حيث يقوم بإرسال رسالة تحذيرية في حال انخفاض كفاءة البطارية لضمان استمرارية العمل دون الحاجة لتدخل بشري، كما يمكن برمجة الوحدة لإرسال 3 رسائل نصية إلى 3 مستخدمين مختلفين، إما من خلال وحدة برمجة متنقلة أو عبر إرسال رسالة مباشرة للمزارع من الوحدة.
قال الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الموارد المائية والري الأسبق وخبير المياه الدولي، إن نظام الري في مصر هو نظام قديم موجود منذ زمن القدماء المصريين، وهو بحاجة لتحديث وفق أليات وأدوات، ومن بين تلك الأليات هي تحويل الري السطحي أو الري بالراحة، للري بالنظام الحديث، فالري السطحي يعتمد علي انسياب المياه من اسوان جنوبا الي الإسكندرية شمالا عن طريق الجاذبية الأرضية، علي عكس الري بالنظام الحديث والذكي.
وأضاف القوصي، خلال تصريحاته لـ«البوابة نيوز»، أن الوضع حاليا يختلف اختلاف كلي وجزئي فالنظام القديم به العديد من أسباب التسرب وإهدار المياه وزيادة فواقد المياه، بسبب الرشح والنباتات المائية، ولتقليل تلك الفواقد يجب علينا الاتجاه لنظام الري الحديث للحد من ذلك.
وذكر القوصي، أن نظام الري الحديث ينقسم لنوعان ري بالرش والأخر الري بالتنقيط، فالأول وهو الري بالرش يصلح للنباتات الكثيفة مثل القمح والذرة والفول، وأما الري بالتنقيط فهو يصلح للبساتين والأشجار والخضروات.
وأوضح القوصي، أن كفاءة الري السطحي إن كانت 50% فإن كفاءة الري بالرش تصل 75% وكفاءة الري بالتنقيط تصل لـ 85%.
ولفت القوصي، أن هناك مشكلة كبيرة في تفتت الحيازة الزراعية، فنحن نمتلك 10 مليون فدان زراعي و20 مليون حائز ما بين مالك ومستأجر، فالحيازة في مصر يتراوح متوسطها لنصف فدان تقريبًا، ونظم الري الحديث تحتاج الي مساحات زراعية أوسع، فلا يعقل أن يتم عمل فتحه لكل ربع فدان، فهناك حاليًا اتجاه لعملية جديدة هي التجميع الزراعي، فالحوض بالكامل يزرع محصول واحد وفي نفس التوقيت، وتقسم بينهم كمية المياه والمصروفات، وهو ما وصفناه بجمعيات مستخدمي ومستهلكي المياه، بحيث يكون علي مستوي كل حوض جمعية وتتولي تلك الجمعية عملية الإدارة لتقديم الخدمة، والمياه التي سيتم توفيرها باستخدام نظام الري الحديث سيتم استصلاح أراضي صحراوية بها.
الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الموارد المائية والري الأسبق وخبير المياه الدوليوعن أهمية مشروع تحديث المنظومة المائية في مصر، وكيف يسهم في تحسين كفاءة إدارة الموارد المائية، يقول الدكتور عباس شراقي ـ أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إن مشروع تحديث المنظومة المائية في مصر يهدف إلى رفع كفاءة استخدام الموارد المائية فى مصر، والمحدودة منذ بناء السد العالى فى 1971 بكمية 55.5 مليار م3 من مياه النيل، وزيادة الانتاج الزراعى لمواجهة النمو السكانى المتزايد، باستخدام أحدث الطرق التكنولوجية فى الزراعة والرى.
وذكر شراقي، أن هناك عدة تحديات يواجهها مشروع تحديث المنظومة المائية في ظل الظروف الحالية، من بينها الزيادة السكانية بمعدل 1.5 مليون نسمة سنويا، ممل يتطلب 1،5 مليار م3 سنويا، والاختلافات المناخية من ارتفاع فى درجات الحرارة وما يترتب عليها من زيادة البخر، والتوسع العمرانى بانشاء حوالى 24 مدينة جديدة، وزيادة النشاط الزراعى مثل مشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروع الدلتا الجديدة لزراعة 2.2 مليون فدان، ومن قبل المشروعات القومية الكبرى فى توشكى، وشرق العوينات، وترعة السلام لزراعة حوالى 1.5 مليون فدان أيضا، وزيادة التلوث من مياه الصرف الزراعى والصناعى والصحى، وهذا يتطلب إنشاء العديد من محطات معالجة المياه مثل محطة المحسمة وبحر البقر وحاليا محطة الدلتا الجديدة، وانخفاض قيمة الجنيه يشكل ضغطا كبيرا فى تنفيذ المشروعات المائية وتطويرها وصيانتها، وكذلك تفتيت الحيازة الزراعية فى الوادى والدلتا، وانخفاض مستوى دخل المزارع المصرى، وأخيرا التخزين السريع فى سد النهضة الاثيوبى على مدار 5 سنوات باجمالى 60 مليار م3 بالاضافة إلى الفقد من البخر والتسرب.
وأوضح شراقي، أن طرق الرى الحديثة واستخدام الذكاء الاصطناعى يساعد فى زيادة كفاءة استخدام المياه وتقليل الفاقد، وزيادة الانتاجية، وبالتالى يخفف بعض الشئ من نقص المياه الذى يصل إلى حوالى 50%، ويتم التغلب عليه باعادة استخدام مياه الرى عدة مرات، مع استيراد بعض المنتجات الزراعية مثل القمح والذرة.
الدكتور عباس شراقي ـ أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة تقرير الري الذكي تقرير مشروع الري الذكي تقرير مشروع الري الذكي تقرير مشروع الري الذكي تقرير مشروع الري الذكي 1 2 3المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الري الذكي استخدام المياه الامارات التحديات المائية الذكاء الاصطناعي الري الصرف الزراعي بناء السد العالي محطات معالجة استخدام المیاه فی الزراعة الموارد المائیة والری کفاءة استخدام المیاه تحسین کفاءة استخدام إدارة المیاه فی المیاه وزیادة تقلیل الفاقد تقنیات الری هذا المشروع الری الحدیث ملیون فدان المائیة فی نظام الری من المیاه العدید من فی مناطق ما یساهم فی تحسین المیاه ا فی تقلیل یسهم فی من خلال فی مصر
إقرأ أيضاً:
الأراضي الزراعية في خطر .. شح المياه وطلبات تغيير الاستعمال يهددان الإنتاج الزراعي
تزايدت في السنوات الأخيرة طلبات تغيير استعمال الأراضي الزراعية وتحويلها إلى أراضٍ سكنية أو أراضٍ سكنية تجارية وفق موقع المزرعة أو الأرض، حيث يلجأ الكثير من مُلّاك هذه الأراضي لتغيير الاستعمال لعدة أسباب، من بينها الجدوى المالية نظير تغيير الاستعمال، وكذلك الصعوبات التي تواجه استمرارية الأراضي الزراعية نظرًا لشح المياه وصعوبات الحصول على تصاريح حفر أو تعميق آبار الري، مما يجعل من مُلّاك هذه المزارع يبحثون عن مسار آخر للاستفادة من أراضيهم واستثمارها.
في هذا الاستطلاع نتعرّف على وجهات نظر بعض القائمين على الأراضي الزراعية، سواءً من خلال الانتفاع أو إدارة هذه الأراضي، حيث قال الدكتور محسن بن ناصر السالمي: إن تزايد الطلب على تغيير استعمالات الأراضي الزراعية إلى سكنية أو سكنية تجارية له عدّة أسباب، منها ما هو عائد إلى الحكومة، ومنها ما هو عائد إلى ظروف طبيعية، وأخرى تعود إلى مالكي الأراضي أنفسهم، مضيفًا إن من الأسباب التي تعود إلى الحكومة -ففي رأيي- أن الأراضي الزراعية الكبيرة التي وزعتها الحكومة ما كان ينبغي أن تُملك للأفراد، وإنما تبقى ملكيتها للدولة، ويُعطى الأفراد صلاحية استثمارها فقط وفق عقود تُبرم، وشروط تُحدَّد، وبذلك فهو سيعمل على الاستفادة منها قدر المستطاع، ولا يفكر في ترك إصلاحها بغية تحويلها وبيعها بأثمان كبيرة، فإن تعذَّر قيامه بإصلاحها أوكل الأمر إلى غيره، وقال: إن مساحة كثير من الأراضي الزراعية التي وُزعت كبيرة جدًا، ونسبة ما يُستصلح منها قليل، وفي هذا إشارة إلى أن التوزيع وتحديد المساحات لم يكن مدروسًا، وكان من المفترض أن تسهم هذه المزارع إسهامًا ملموسًا في السوق المحلي وتغطي حاجته، أضف إلى ذلك قلّة الدعم من الحكومة، وضعف التسويق للمنتجات الزراعية -بعد أن كان ملموسًا لدى المزارعين لعدة سنوات- فأصبح كثير من المزارعين لا يجدون من يُعينهم على تسويق منتجاتهم، مما يوقعهم في الخسارة، ويشعرون بأن الزراعة -بدلًا من أن تكون مصدر رزق لهم- أصبحت عبئًا تُكلّفهم الجهد والمال، وأحد الإخوة ذكر لي قريبًا أن محصوله من البصل في مزرعته العام الماضي كان كبيرًا، وعندما عرضه للبيع قُدّم له مبلغ زهيد جدًا، وليس عنده قدرة على تخزينه، فبدلًا من تركه يفسد وزّعه على الناس، فمثل هذا كيف سيتشجع على زراعة شيء يعلم أن نتيجته الخسارة؟!
وقال: إن هناك أسبابًا تعود إلى الظروف البيئية، كقلّة المياه الجوفية أو شُحّها في بعض الأماكن، نتيجة لقلة الأمطار من ناحية، والاستخدام غير الرشيد للمياه من ناحية أخرى، مما أدى إلى ارتفاع الملوحة في المياه، وتأثُّر التربة بالملوحة والمواد الكيميائية المُضرّة التي كانت تُستخدم بكميات كبيرة في الزراعة، خصوصًا أن الكثير من المزارع سُلِّمت إلى الوافدين دون رقابة، وبذلك أصبحت المزارع خاوية على عروشها، لأنها غير صالحة للزراعة، ولا يملك أصحابها إمكانات لإصلاحها، مما يدفعهم إلى المطالبة بتحويلها إلى أرض سكنية أو أرض سكنية تجارية.
أما من الأسباب التي تعود إلى ملاك الأراضي أنفسهم، فقد يرى أصحاب المزارع -الذين كانت نيتهم الزراعة- أن مزارعهم لا تحقق لهم أرباحًا، ولم يصبحوا قادرين على زراعتها، ويرون في المقابل أن الأراضي السكنية والتجارية لها عائد مادي كبير، ولا يتطلب ذلك مجهودًا كبيرًا، وما يُصرف من أموال لتحويلها مُربح جدًا، وفي المقابل، هناك آخرون قدموا لأراضٍ زراعية ليس بهدف زراعي، وإنما لتحويلها مستقبلًا إلى أراضٍ سكنية وتجارية ليجنوا منها أموالًا طائلة.
عند الحديث عن أثر تقليص مساحات الأراضي الزراعية على البيئة، قال: لا شك أن لذلك تأثيرات، فإزالة الغطاء الأخضر تُسرّع من تغيّر المناخ، مما يؤدي إلى حدوث حالات طقس متطرفة مثل موجات الحر والفيضانات التي تهدد المجتمعات، فالمناخ والزراعة عمليتان مترابطتان، إذ يؤثر تغيّر المناخ على الزراعة بعدة طرق، وكذلك التغيرات في الآفات والأمراض، كما أن تقليص الأراضي الزراعية يؤثر سلبًا على الكائنات الحية الأخرى.
وفيما يتعلّق بحوافز وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، فقال: إن من بين الأسباب التي تجعل المزارعين يسعون إلى تحويل الأراضي الزراعية إلى استخدامات أخرى هو قلّة الحافز والدعم، فرغم الجهود التي تُبذل في هذا المجال، إلا أنه بحاجة إلى دراسة معمّقة، والخروج بنتائج تفضي إلى قرارات سيادية تتبناها الحكومة، بحيث يُجعل أمر الزراعة أولوية من أولويات الحكومة، فالزراعة صمّام أمان لكل دولة، فالدولة التي تُنتج غذاءها بنفسها تكون قادرة على الصمود والبقاء في الظروف الصعبة والقاسية.
تقنين الاستخدام
وفيما يتعلّق بعدم وجود مساحات لأراضٍ سكنية في الأماكن الحضرية، وكيفية التوفيق بين بقاء الأراضي الزراعية وبين تغيير استعمال أجزاء منها، قال السالمي: هنا يقتضي التمييز بين نوعين من الأراضي الزراعية، النوع الأول: أراضِ الأفلاج، فهي عادة ما تكون مساحتها بسيطة، ومنها ما يكون بها بناء قديم، فمثل هذه الحالة لا ينبغي التوسيع فيها بحيث يُسمح بالبناء فيها بما يستغرق جل الأرض، وإنما يُسمح بنسبة معينة من مساحة الأرض التي كان عليها بناء قائم، أما إذا لم يكن فيها بناء قائم، وكانت مساحة البستان كبيرة -قياسًا بمساحة الأموال الخاصة في عُمان- فلا ينبغي أيضًا التضييق على الناس في أملاكهم بالمنع أو وضع أرقام كبيرة في المساحة يندر وجودها في الأموال الخاصة، وفي هذه الحالة يمكن السماح بنسبة بسيطة لا تؤثر على مساحة الأرض الزراعية.
أما الأراضي الزراعية ذات المساحات الكبيرة (المزارع)، فإن كانت قديمة -أي ما قبل 1970- فهي في غالب الأحيان تكون تربتها خصبة، ويتوافر فيها الماء، ومثل هذه الأراضي ينبغي النظر في ظروفها وأحوالها، إلا أنه لا ينبغي التفريط فيها، والبحث عن حلول لتوفير المياه الصالحة للزراعة إن كانت المياه بها شحيحة في الوقت الراهن.
أما الأراضي الزراعية المستحدثة، ففي تقديري كثير منها تربتها غير خصبة، ولا تتوافر فيها المياه بشكل كافٍ للزراعة، وربما وُزعت دون دراسة لمدى صلاحيتها، ومدى توافر المياه في جوف الأرض، ووُزعت بمساحات شاسعة لم يُستغل منها إلا مساحات بسيطة، فمثل هذه الأراضي الزراعية ينبغي إعادة النظر فيها، إما بدعم الحكومة لأصحابها لاستصلاحها وتوفير المياه لها، أو بتحويلها إلى استخدامات أخرى.
منظور تجاري
وشارك في الحديث ناصر بن عبدالله العبادي، وكيل أوقاف سور وحارة العقر، حيث قال: يتزايد الطلب على تغيير الأراضي الزراعية إلى أراضٍ تجارية أو سكنية لعدة أسباب، من أهمها النمو السكاني والتوسع الحضري، حيث يزداد الطلب على المساكن والمرافق التجارية والخدمية، مما يدفع إلى التوسع الحضري على حساب الأراضي الزراعية، إضافة إلى ارتفاع القيمة العقارية، فغالبًا ما تكون قيمة الأراضي التجارية والسكنية أعلى بكثير من قيمة الأراضي الزراعية، مما يشجع أصحاب الأراضي على تغيير استخدامها لتحقيق أرباح أكبر، وكذلك التغيرات الاقتصادية كانخفاض العائدات من الزراعة، مما يدفع المزارعين إلى البحث عن مصادر دخل أخرى، مثل بيع أراضيهم أو تحويلها إلى استخدامات أخرى، وكذلك تطور البنية الأساسية يجعل الأراضي الزراعية أكثر جاذبية للاستخدامات التجارية والسكنية، ويؤدي تغيّر المناخ دورًا، حيث قد يؤدي إلى تدهور الأراضي الزراعية وانخفاض إنتاجيتها، مما يدفع المزارعين إلى البحث عن بدائل.
وأوضح العبادي أن هذا التغيير يؤدي إلى عدة آثار، كفقدان الأراضي الزراعية، وتقليل الإنتاج الزراعي، وكذلك التأثير السلبي على الأمن الغذائي، وتدهور البيئة، وزيادة التلوث، وتغيير التركيبة السكانية، والتأثير على التنوع البيولوجي، مضيفًا إن هناك جهودًا تنظيمية لتنظيم عملية تغيير استخدام الأراضي الزراعية، بهدف الحفاظ على الأراضي الزراعية وضمان الأمن الغذائي، وذلك من خلال وضع قوانين وسياسات تحدّ من هذا التغيير، وتشجع على الاستثمار في القطاع الزراعي، حيث إن تقليص مساحات الأراضي الزراعية له تأثيرات سلبية كبيرة على البيئة، كفقدان التنوع البيولوجي، وأن الزراعة التقليدية تحافظ على تنوع المحاصيل، بينما الزراعة المكثفة التي تحلّ محلها غالبًا ما تعتمد على عدد محدود من المحاصيل، مما يقلل من التنوع البيولوجي، وتدهور التربة، حيث إن الأراضي الزراعية تساعد في الحفاظ على خصوبة التربة، إضافة إلى تلوّث المياه بالأسمدة والمبيدات المكثفة التي تتسرّب إلى المياه الجوفية والسطحية، أضف إلى ذلك، تقليص الأراضي الزراعية يزيد من جريان المياه السطحية، مما يزيد من تآكل التربة وتلوّث المياه، وعوامل أخرى كتغيّر المناخ والتصحر.
وحول إمكانية التوفيق بين بقاء الأراضي الزراعية وتغيير استعمال أجزاء منها في ظل التحدي المتمثل في محدودية الأراضي السكنية في المناطق الحضرية، قال العبادي: تبرز الحاجة إلى إيجاد حلول مبتكرة لتحقيق التوازن بين الحفاظ على الأراضي الزراعية وتلبية الحاجة المتزايدة للسكن، كالتخطيط الحضري المستدام، والتوسع الرأسي دون الحاجة إلى التوسع الأفقي على حساب الأراضي الزراعية، وإعادة تأهيل المناطق الحضرية القديمة، وإنشاء مدن جديدة مستدامة، واستخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة كالزراعة العمودية، والزراعة المائية، والزراعة الذكية، وكذلك وضع قوانين صارمة لحماية الأراضي الزراعية، وتقديم حوافز للمزارعين للحفاظ على أراضيهم، وكذلك نشر الوعي بأهمية الحفاظ على الأراضي الزراعية من خلال حملات إعلامية، وبرامج تعليمية، وتحسين دخل المزارعين ورفع مستوى معيشتهم، وتشجيع الشباب على العمل في القطاع الزراعي.
شح الأراضي بمركز المدينة
بينما قال سليمان بن ناصر الكندي، وكيل وقف حارة السويق بولاية نزوى: إن من أهم أسباب إقدام المواطنين على تغيير استخدام الأراضي يعود إلى عدم توفّر أراضٍ مهيّأة، حيث يتم توفير أراضٍ سكنية حضرية بين الجبال، سواءً بهدم الجبال أو تحت سفوح الجبال مباشرة، مع نقص الخدمات وعدم توفرها لفترة طويلة، كذلك ارتفاع أسعار الأراضي السكنية المخصصة للبيع مقارنة بالأراضي الزراعية، لذلك يلجأ الكثير من مُلّاك الأراضي الزراعية إلى محاولة تغيير الاستخدام، كما أن من بين الأسباب القوية في ولاية نزوى بالتحديد، التي تسهم في إلحاح المواطن على تغيير الاستعمال، عدم وفرة الأراضي المتاحة، حيث إن أغلب الأراضي المنبسطة والسهلية تعود لمؤسسات حكومية أو جهات وقفية وأملاك قديمة، وأراضٍ تم توزيعها منذ بداية سنوات السبعينيات، لذلك لا يوجد البديل القريب، فترتفع أسعار الأراضي السكنية، ما يُغري أصحاب الأراضي الزراعية لتغيير الاستعمال للاستفادة المادية من فوارق الأسعار.
كذلك ضيق الأراضي السكنية في مخططات مدينة نزوى بوجود مجاري الأودية والجبال، وبعد المخططات السكنية الحديثة عن خدمات مركز المدينة -لتصل بعضها لقرابة ثلاثين كيلومترًا- يؤدي إلى زيادة الطلب على الأراضي السكنية بالمناطق الحضرية، وبالتالي محاولة تغيير الاستعمال، وأخيرًا، فإن تدهور محاصيل زراعية رئيسية مثل النخيل والليمون بسبب السياسات الزراعية والآفات، أدّى إلى تصحر الأراضي الزراعية، وبالتالي يلجأ أصحابها إلى البحث عن بديل لاستغلال هذه الأراضي باستعمالات غير زراعية، والأنسب تحويلها إلى عدة استخدامات أخرى كسكنية وسكنية تجارية.
ضوابط وإجراءات تنظيمية
وبعد عرض هذه الآراء، نقلنا التساؤلات إلى المختصين بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، حيث تحدّث المهندس خلفان بن مسعود الناعبي، مدير عام التخطيط العمراني، عن تزايد الطلب على تغيير استعمالات الأراضي الزراعية إلى سكنية أو سكنية تجارية، فأوضح أن العملية في مجملها تنظيمية، ومبنية في إطار قانوني وإداري، حيث إن الأراضي الزراعية إذا كانت واقعة ضمن نطاق الاحتواء الحضري، فمن الممكن أن تتغير إلى استخدام آخر، ولكن إذا كانت الأراضي أيضًا تتداخل مع نطاقات أخرى، ومن أهمها نطاقات الأمن الغذائي الخمسة، وهي سياسة الأراضي الصالحة للزراعة المستقبلية، وسياسة زيادة إنتاجية الأراضي القائمة، وسياسة إعادة هيكلة المناطق غير المجدية اقتصاديًا، وسياسة حماية وإدارة مناطق المراعي، وسياسة تطوير قطاع الثروة السمكية بمواصفات عالمية؛ وبالتالي، إذا كانت الأرض قد وقعت ضمن نطاقات الأمن الغذائي وضمن نطاق الاحتواء الحضري، فإنها تبقى زراعية، ولا يتغير استخدام القطعة إلى استخدام آخر، وذلك للحفاظ على الأمن الغذائي والرقعة الخضراء في سلطنة عُمان.
وقال: إن الإجراءات المتبعة لدى الوزارة للموافقة على تغيير الاستعمال، إجراءات تنظيمية، ومن ضمنها اللائحة التنظيمية لضوابط تخطيط الأراضي في المادة (6)، التي شملت تغيير الاستخدام الزراعي إلى استخدام آخر إذا كانت الأرض قد وقعت ضمن النطاق الحضري، شريطة ألّا تكون مروية بالأفلاج أو العيون، على أن يتم ردم البئر وإزالة الإشغالات قبل تسلُّم سند الملكية بالاستعمال الجديد.
وأشار إلى أن هناك بعض الإجراءات التي تُنظّم عملية استخدام الأراضي الزراعية إلى استعمالات أخرى، بحيث تبقى في غرض الاستخدام نفسه، ومن ضمنها اللائحة التنظيمية لضوابط تخطيط الأراضي في المادة (19)، التي تنص على أنه يجوز إقامة المشروعات الزراعية ذات القيمة المضافة على الأراضي الواقعة في النطاق الزراعي، وذلك بعد موافقة وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.
وكل هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان استخدام الأراضي بطريقة تحقق التوازن بين التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الزراعية.