في بداية ظهورها وصفها المختصون بديلا عن السجائر التقليدية، لكن بعد سنوات من اجتذابها ملايين الأشخاص أصبحت السجائر الإلكترونية إدمانا يصعب على الكثيرين التوقف عنه. كيف ظهرت السيجارة الإلكترونية؟ ولماذا يصعب التوقف عنها؟

كيف ظهرت؟

في عام 2003، نجح الصيدلي الصيني هون ليك في ابتكار أول سيجارة إلكترونية تجارية، بهدف مساعدته على الإقلاع عن التدخين التقليدي، الذي أودى بحياة والده بسبب سرطان الرئة.

اعتمد ليك في تصميمه على تقنية أكثر أمانًا، تستبدل بالدخان المحترق بخارا سائلا، وحصل على براءة اختراع لهذا الجهاز في عام 2007.

لكن محاولات تطوير السيجارة الإلكترونية سبقت ابتكار ليك بسنوات. وفقًا لمنظمة "كاسا" (CASAA) المدافعة عن بدائل التدخين، فإن أول إشارة موثقة لهذا المفهوم تعود إلى الأميركي جوزيف روبنسون، الذي سجل براءة اختراع عام 1930، لكنها لم تُنتج أو تُطرح في الأسواق، ولم يُعرف إن كان قد صنع نموذجًا أوليًّا لها.

وفي ستينيات القرن الماضي، قدم الأميركي هربرت جيلبرت تصميمًا أكثر تطورًا، يشبه إلى حد كبير السجائر الإلكترونية الحديثة، وحصل على براءة اختراع عام 1965، بعد تقديمه الجهاز في عام 1963. ورغم أنه صنع نماذج أولية، فإنها لم تحتوِ على النيكوتين، ولم ينجح في تسويقها.

إعلان

على مدار العقود التالية، استمرت المحاولات حتى جاء ابتكار ليك، الذي قدم السيجارة الإلكترونية بشكلها المعروف اليوم. بدأ تسويقها في الأسواق الأوروبية عام 2006، ومنها انتشرت إلى الولايات المتحدة وبقية أنحاء العالم.

"الإلكترونية" للحد من "التقليدية"

مع بداية انتشارها، اعتبر بعض المختصين السجائر الإلكترونية وسيلة مساعدة للإقلاع عن التدخين وأكثر أمانًا، لكونها لا تنتج القطران أو أول أكسيد الكربون.

وتُعرف أيضًا بأنظمة توصيل النيكوتين الإلكترونية (ENDS)، حيث تحاكي السجائر التقليدية في الشكل والاستخدام لكنها تعتمد على تسخين سائل يحتوي على النيكوتين والماء والجلسرين والبروبيلين جليكول والنكهات، مما يحوله إلى بخار يُستنشق.

يرى جان فرانسوا إيتر، أستاذ الصحة العامة بجامعة جنيف، أن السجائر الإلكترونية أقل ضررًا لعدم إنتاجها القطران أو أول أكسيد الكربون.

وأوضح، في تقرير لمنظمة علم النفس الأميركية، أن النيكوتين، رغم كونه مسببًا للإدمان، فإن جرعاته عبر التبخير لا تشكل خطرا صحيا كبيرا على البالغين، مما يجعلها خيارا لمن يسعون للإقلاع عن التدخين.

السجائر الإلكترونية المحتوية على النيكوتين تسبب إدمانًا شديدًا وتضر بالصحة (شترستوك)

ويتفق معه ديفيد أبرامز، عالم النفس من معهد شرودر لأبحاث التبغ، الذي كتب في مجلة الجمعية الطبية الأميركية (يناير/كانون الثاني 2014): "لأول مرة منذ قرن، لدينا بديل حقيقي لتقليل الضرر، وهناك مؤشرات على أنها قد تكون وسيلة آمنة وجذابة للحصول على النيكوتين".

ورغم هذه الآراء، لا تزال إدارة الغذاء والدواء الأميركية ترفض تصنيف السجائر الإلكترونية كأداة رسمية للإقلاع عن التدخين.

لماذا يصعب الإقلاع عن السجائر الإلكترونية؟

أفاد تقرير لمجلة تايم الأميركية بأن السجائر الإلكترونية، التي صُممت في الأصل للمساعدة في الإقلاع عن التدخين، لم تحقق هذا الهدف، بل أدت إلى استهلاك كميات أكبر من النيكوتين مقارنة بالسجائر التقليدية، مما جعل الإقلاع عنها تحديا بحد ذاته.

إعلان

يُرجع بنجامين تول، أستاذ في الجامعة الطبية بولاية كارولينا الجنوبية، ذلك إلى تصميمها الذي يجعلها أكثر إدمانا، إذ تفتقر إلى نقاط التوقف الطبيعية الموجودة في السجائر التقليدية.

فبينما تحتوي العلبة العادية على عدد محدود من السجائر تحترق خلال وقت قصير، توفر السجائر الإلكترونية آلاف النفخات المليئة بالنيكوتين، مما يسمح بالاستخدام المستمر دون انقطاع تقريبًا.

كما أن عدم الحاجة إلى إشعالها يجعل استخدامها أسهل في أماكن يُحظر فيها التدخين التقليدي. وأوضح تول أن بعض المستخدمين يصبحون مدمنين لدرجة الاحتفاظ بها تحت الوسادة لاستخدامها فور الاستيقاظ، مما يزيد من التعرض المستمر للنيكوتين.

وأضاف: "رغم أن الكثيرين يلجؤون إليها للإقلاع عن التدخين، فإن البعض يجدون أنفسهم عاجزين عن التوقف عنها، مما يؤدي إلى تفاقم الإدمان بدلاً من تقليله".

كيف تقلع عن السيجارة الإلكترونية؟

تحظر 34 دولة بيع السجائر الإلكترونية، خاصة مع ارتفاع شعبيتها بين الأطفال وصغار السن.

وأفاد تقرير لمنظمة الصحة العالمية بأن عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاما يستخدمون السجائر الإلكترونية، أكثر من المستخدمين البالغين في جميع أقاليم منظمة الصحة العالمية، وذلك بفضل التسويق المكثف لها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين، حيث تتوفر منها ما لا يقل عن 16 ألف نكهة. وتستخدم بعض هذه المنتجات شخصيات كرتونية وتتميز بتصميمات أنيقة تجذب الجيل الأصغر سنا.

أشار التقرير إلى أن السجائر الإلكترونية المحتوية على النيكوتين تسبب إدمانا شديدا وتضر بالصحة. ورغم أن تأثيراتها طويلة الأمد لم تُفهم بالكامل بعد، فقد ثبت أنها تنتج مواد سامة، يرتبط بعضها بالإصابة بالسرطان، فيما يزيد البعض الآخر من مخاطر أمراض القلب والرئة.

كما قد يؤثر استخدامها على نمو الدماغ ويسبب اضطرابات في التعلم لدى الشباب، إضافةً إلى تأثيرها السلبي على نمو الجنين عند النساء الحوامل.

34 دولة تحظر بيع السجائر الإلكترونية، خاصة مع ارتفاع شعبيتها بين الأطفال وصغار السن (رويترز)

وفي الوقت الذي لا توجد فيه أدوات كثيرة للمساعدة في الإقلاع عن التدخين الإلكتروني ومطالبة منظمة الصحة تفعيل إجراءات للحد من بيع وتسويق تلك المنتجات خاصة للأطفال، يمكن للشخص وضع خطة لمساعدة نفسه ذاتيا للحد من التدخين الإلكتروني وصولا إلى الإقلاع عنه:

إعلان

1- تحديد سبب الإقلاع سواء كان للحفاظ على الصحة أو توفير المال أو غيرهما.

2- وضع إستراتيجية مناسبة يمكن البدء بتقليل التدخين الإلكتروني تدريجيا، والالتزام بعدم شراء المنتج إلا بحلول تاريخ محدد حتى لو نفد قبلها. ووضع جدول زمني للتوقف تماما عن التدخين حتى لو استغرق الأمر أشهرا.

3- البحث عن بدائل صحية من خلال تغيير أسلوب الحياة، والاهتمام بممارسة الرياضة أو اليوغا والتأمل. ويمكن مضغ العلكة كبديل للتدخين.

4- البحث عن الدعم يمكن اقتراح الأمر على دائرة من الأصدقاء لتشجيع الإقلاع عن التدخين. ويمكن طلب دعم طبي متخصص وحضور مجموعات دعم خاصة.

5- الاحتفال بالإنجازات، من المهم مكافأة النفس كل فترة عند التوقف أو إحراز أي تقدم في رحلة التوقف عن التدخين الإلكتروني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السیجارة الإلکترونیة السجائر الإلکترونیة التدخین الإلکترونی الإقلاع عن التدخین للإقلاع عن التدخین السجائر التقلیدیة على النیکوتین التوقف عن التدخین ا

إقرأ أيضاً:

كيف أمنع طفلي من المراهنات الإلكترونية.. خبير أمن المعلومات يوضح «فيديو»

حذر الدكتور وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، من استمرار انتشار تطبيقات إلكترونية تعتمد على النصب والاحتيال المالي، رغم تكرار سقوط تشكيلات إجرامية تمتهن هذا النوع من الجرائم خلال السنوات الماضية، مثل «هوج بول» و«الرمال البيضاء».

وأكد حجاج خلال لقائه ببرنامج أنا وهو وهي تقديم الإعلامي شريف نور الدين وآية شعيب على قناة «صدى البلد»، أن بعض هذه التطبيقات لا تزال تعمل حتى الآن ويستمر البعض في ضخ أموال بها، موضحا أنها تغري الضحايا بمكاسب وهمية وتدفعهم تدريجيًا لدفع مبالغ كبيرة مقابل ترقيات داخلية.

وأشار إلى أن الحجب الإلكتروني الكامل لمثل هذه التطبيقات أمر غير ممكن بنسبة 100%، لكنه ممكن جزئيًا بالتعاون بين الدولة، وشركات تطوير التطبيقات، ومنصات التشغيل مثل «جوجل بلاي» و«آب ستور».

وأضاف أن الأطفال والمراهقين أصبحوا أكثر قدرة على التحايل باستخدام أدوات مثل VPN وتغيير المنطقة الجغرافية، موضحا: الحل يكمن في تفعيل أدوات تحقق إضافية مثل ربط التطبيق برقم هاتف من الدولة المصرح بها فقط، كما حدث سابقًا مع تطبيق «ChatGPT» الذي منع التسجيل بأرقام هواتف مصرية لفترة من الزمن.

اقرأ أيضاًبسبب المراهنات الإلكترونية لزوجها.. سيدة تدعي تعرضها للسرقة بالإكراه في القاهرة

الأزهر لمكافحة التطرف: المراهنات الإلكترونية نوع من القمار يهدد حياة الأفراد والمجتمع

اليوم.. محاكمة 28 متهما بممارسة أنشطة المراهنات التي تتم عبر التطبيقات الإلكترونية

مقالات مشابهة

  • أربيل.. الآسايش تحذر المواطنين من التعامل بالعملات الإلكترونية والمعدنية
  • دراسة حديثة تكشف عن علاقة التدخين الإلكتروني بالتجارة غير المشروعة للتبغ
  • نائب: مصر الأولى عربيا في تطبيق نظام الفواتير الإلكترونية
  • حسني بي: من يطالبون بالإصلاحات عليهم التوقف عن السرقة
  • شاب يوجّه رسالة تحذيرية من التدخين ..فيديو
  • قانون المرور يحدد أماكن ممنوع التوقف أو الانتظار فيها لضمان السلامة وحماية السائقين
  • التموين: الكارت الموحد وسيلة مؤمّنة للحصول على الخدمات الحكومية والمالية
  • كيف أمنع طفلي من المراهنات الإلكترونية.. خبير أمن المعلومات يوضح «فيديو»
  • طريقة منع الأطفال من المراهنات الإلكترونية.. خبير أمن معلومات يوضح
  • كيفية مواجهة الشائعات الإلكترونية في ظل العصر الرقمي