أبوظبي: سلام أبو شهاب

عقد المجلس الوطني الاتحادي، خلال جلسته السابعة، أمس الأربعاء بقاعة زايد في مقر المجلس بأبوظبي، برئاسة صقر غباش رئيس المجلس، وبحضور عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل رئيسة الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، وناقش خلالها موضوع سياسة الحكومة في شأن رفع كفاءة العاملين في القطاع الحكومي، وتبنى 9 توصيات، حيث طالب بإجراء مراجعة تشريعية لتبنّي نماذج أعمال جديدة لزيادة المرونة وتحفيز الابتكار في ظل التغيرات التقنية والتكنولوجية المتسارعة.


أوصى خلال الجلسة التي ترأس جانباً منها الدكتور طارق حميد الطاير النائب الأول لرئيس المجلس، بإصدار نظام التدريب والتطوير لموظفي الحكومة الاتحادية مع التركيز على التعلم الرقمي والذاتي، وتعديل البند (2) من المادة (60) من اللائحة التنفيذية لقانون الموارد البشرية على أن يتضمن إلزام الجهات الحكومية تبنّي برامج التدريب الرقمي بما فيها التطورات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، وتبنّي البرامج التعليمية والتدريبية، ودعم برامج تعليم المهارات الرقمية بالقطاعات الحكومية الموجهة للمهارات المستقبلية، وتطوير المناهج التعليمية وتشجيع التعليم التطبيقي، وتفعيل خدمات التوجيه والإرشاد الأكاديمي في مؤسسات التعليم العالي.
كما طالبت التوصيات بمراجعة وتحديث السياسات المتعلقة باستقطاب واستبقاء المواهب بشكل دوري، مع تعزيز فاعليتها عبر آليات جديدة، لضمان جذبها واستدامتها، ووضع برامج تدريبية متخصصة لأصحاب الهمم.
كفاءة العاملين
قبل الشروع في مناقشة موضوع سياسة الحكومة في شأن رفع كفاءة العاملين في القطاع الحكومي، أعربت عهود الرومي عن أن التوصيات تنسجم مع توجهات العمل الحكومي في المستقبل، وقالت إن عملنا ينطلق من توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في عيد الاتحاد عام 2023 بأن التعليم المستمر هو مسعى لكل الإماراتيين والمقيمين في الدولة، وأن يصبح مجتمع الإمارات مركزاً للتعلم الذي لا يعترف بالوقت ولا المكان وموطناً لاكتساب المهارات الجديدة خاصة مهارات المستقبل التي تفتح آفاقاً جديدة من التقدم.
وأضافت إن اللائحة التنفيذية لقانون الموارد البشرية أعطت الأولوية لبرامج التدريب والتطوير والتعلم الرقمي والذاتي وسيتم تعديلها بما يتفق مع توصيات اللجنة، مشيرة إلى أن مبادرة «جاهز» منصة رقمية لتعزيز جاهزية الموظفين الحكوميين بمهارات المستقبل العامة التي تنطبق على الجميع، وتتضمن 25 مهارة رقمية، واستكمال التدريب الزامي لكافة الموظفين، وتم إطلاق سباق جاهز للتحفيز على استكمال هذه الساعات التدريبية، وتم استكمال مليون و223 ألف ساعة، ويتم حالياً تطوير تطبيق ذكي خاص للمنصة لضمان سهولة الوصول وسيتم إطلاقه قريباً.
دعم المواهب
قالت عهود الرومي، إن موضوع تعزيز المرونة ودعم المواهب موضوع واسع وتم تحديث أكثر من 15 سياسة تتعلق بمنظومة الموارد البشرية، مشيرة إلى سياسة المسار السريع التي تدعم أصحاب الوظائف العالية والواعدة، وقامت الهيئة بدعم نظام جديد للحوافز، مشيرة إلى مبادرة مجلس الشباب للمواهب الحكومية الذي يضم سبعة أعضاء من الشباب الواعدين من مختلف التخصصات، بهدف إشراكهم في تحديث وتطوير السياسات الموجودة بالحكومة الاتحادية، وأنجز المجلس مشروعين هما تطوير إطار عام لإدارة المواهب الواعدة، وتطوير برنامج مسار وهو برنامج نظام رعاية خريجي الطلبة في الثانوية العامة المواطنين في الحكومة الاتحادية لدراسة تخصصات معينة بحيث يركز على الوظائف المستقبلية.
وأوضحت أن تطوير نظام التدريب والتطوير قيد المناقشة في مجلس الوزراء، وهذا الإصدار تلبية لمتطلبات اللائحة التدريبية، وبرنامج مسار متاح لكافة خريجي المدارس الحكومية والخاصة المواطنين، وفيما يتصل بدمج أصحاب الهمم في سوق العمل، لفتت إلى أن الموضوع يدخل ضمن اختصاصات جهات أخرى، ويوجد نظام التدريب والتطوير وحصولهم على أفضل الفرص التدريبية، أما التوظيف فيوجد قرابة 100 موظف مواطن.
بيئة جاذبة
أكدت عهود الرومي أن الحفاظ على المواهب الموجودة في القطاع الحكومي من المواطنين، واستقطابها من خارج الدولة يتم عن طريق بيئة عمل جاذبة عبر التشريعات والأنظمة التي تشكل إطار جاذب لهم، وأن إطار إدارة المواهب يوفر كيفية معرفتها وتحفيزها، وموضوع التدريب مفتوح لجميع موظفي الحكومة الاتحادية لقرابة 53 ألف موظف، والنسبة الأعلى من التدريب للإماراتيين.
وحول التطبيق العملي لنظام تقيم الأداء والترقيات، أشارت الوزيرة إلى نظام الأداء تحت التطوير حالياً، وقالت إن التعلم المستمر يعتمد على الموظف بتطوير نفسه وكل جهة مسؤولة عن توفير بيئة عمل تضمن التعلم، مشيرة إلى أن نسبة الحفاظ على الموظفين ذات التقييم العالي 97 في المئة ومعدل الدوران هو 3.4 في المئة في 2024، مشيرة إلى أنه توجد مبادرة في الهيئة تحت مسمى بنك المهارات للاستفادة من مختلف الخبرات.
وحول تقدير الموظفين الذين حصلوا على تقدير معدل 5 في التقييم ولم يحصلوا على أي شيء، قالت إن هناك آليات محددة لضمان العدالة والنزاهة والشفافية، والنظام يجيز بترقية الموظف المتميز 3 درجات مرة واحدة، وهناك لجان تظلمات واعتراضات مركزية، وتوجد مدة زمنية للتظلم ويتم التقديم إلكترونياً.
الكوادر الرقمية
أوضحت عهود الرومي، أن برنامج مسار لرعاية خريجي الثانوية العامة يدفع لهم علاوة خلال فترة دراستهم قبل الالتحاق بالعمل، إضافة إلى تحمل نفقات الدراسة، وهذه حوافز قبل دخول العمل، أما بالنسبة لموضوع الكوادر الرقمية، فقد عملنا على مشروع مبادرة من حيث العلاوات والمسارات لهم بحيث تكون مسارات فنية وإدارية ونحافظ عليهم لتطوير المجال الفني وهي من أهم الكوادر التي نحتاجها في الحكومة الاتحادية ويجب أن تكون مسمياتهم تتماشى مع هذه التخصصات، وأيضاً نظام المكافآت والحوافز الذي تم اعتماده وتم توسيع الفئات وهناك مبالغ مجزية.
وحول دور القيادة الملهمة في تعزيز كفاءة الموظفين، ومهارات وسبل رفع كفاءة الموظفين في القطاع الحكومي، أوضحت أن القيادة هي روح المؤسسة، ويوجد إطار الكفاءات السلوكية يتضمن كفاءات لا بد أن تتواجد بالقيادات ويتم تقييم الأداء بناء على الأهداف وتوافر الكفاءات السلوكية، وهناك الكثير من البرامج المخصصة يتم إدارتها من قبل مكتب رئاسة شؤون مجلس الوزراء، وأشارت إلى تدريب جميع من يدخل الحكومة الاتحادية وكل جهة تتولى تدريب موظفيها.
وقالت الوزيرة عن دعم البعثات العلمية داخل وخارج الدولة، إنها من مسؤولية عدد من الجهات، وهناك أدوات تشريعية تساعد الموظف على الابتعاث، أما الحوافز للبعثات فتعتمد على طبيعة عمل كل جهة، والتشريعات بشكل عام تشجع وتدعم التعليم المستمر وتطوير مهارات الموظفين.
وطالبت مريم بن ثنية، بتعزيز التشريعات التي تدعم الأم العاملة للبقاء في المنزل والعمل عن بعد، ولتشجيع الأم على العمل في القطاع الخاص لابد من وضع تشريعات داعمة لهذا الأمر.

الموافقة على مشروع تعديل القوانين الاتحادية

وافق المجلس على مشروع قانون اتحادي بتعديل بعض القوانين الاتحادية، وحسب مشروع القانون، فإنه وعلى ضوء صدور المرسوم بقانون اتحادي رقم (28) لسنة 2023 بإنشاء مؤسسة الإمارات للدواء الذي أناط للمؤسسة ممارسة الاختصاصات المتعلقة بشؤون الأسمدة والمصلحات الزراعية والمستحضرات البيطرية والسلامة الأحيائية من الكائنات المحورة وراثياً والمبيدات، تم اقتراح تعديل القوانين الاتحادية، بحيث تكون مؤسسة الإمارات للدواء هي الجهة الاتحادية المعنية بتلك القوانين، وهي: القانون الاتحادي رقم (39) لسنة 1992 في شأن إنتاج واستيراد وتداول الأسمدة والمصلحات الزراعية، والقانون الاتحادي رقم (9) لسنة 2017 بشأن المستحضرات البيطرية، والقانون الاتحادي (9) لسنة 2020 في شأن السلامة الأحيائية من الكائنات المحورة وراثياً ومنتجاتها، والقانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2020 في شأن المبيدات.

ويتكون مشروع القانون من (4) مواد، تضمنت: حلول مؤسسة الإمارات للدواء محل الجهات التي وردت في تلك القوانين وهي: وزارتا الزراعة والثروة السمكية والتغير المناخي والبيئة، وتعديل بعض التعريفات، والحكم المتعلق بالإلغاءات، والحكم المتعلق بنشر القانون والعمل به.

آمنة الضحاك: تحديث استراتيجية الأمن الغذائي

أكدت الدكتورة آمنة بنت عبد الله الضحاك ألشامسي وزيرة التغير المناخي والبيئة، أن الوزارة تعمل على تحديث الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي بالتنسيق مع الشركاء وأصحاب العلاقة، بما يضمن تحديث المشاريع ذات العلاقة، وتحديث الأدوار والمسؤوليات، بناء على التحديثات في عدد من المؤسسات والجهات المرتبطة بتطبيق هذه الاستراتيجية، بما يحقق الأهداف الوطنية ويعمق أثر التطبيق.

ورداً على سؤال برلماني مقدم من سمية عبد الله السويدي عضو المجلس، حول المبادرة الوطنية للوجبات المدرسية، التي تتضمن توزيع وجبات غذائية مجانية لطلبة المدارس الحكومية على مستوى الدولة بحلول عام 2025، قالت الوزيرة في رد كتابي ورد للمجلس، إنه سيتم التركيز على تعزيز القيمة الغذائية للمحاصيل في السلة الغذائية، ووضع مبادرات ومشاريع لرفع نسب مساهمة الإنتاج المحلي في الاحتياجات الغذائية المحلية، مع مراعاة معايير ومتطلبات السلامة الغذائية.

عهود الرومي: لم نتلق طلبات للعمل المرن

رداً على سؤال برلماني مقدم من مريم ماجد بن ثنية النائب الثاني لرئيس المجلس، حول مراعاة الأم الموظفة التي ترعى فئات خاصة مثل الأبناء من أصحاب الهمم أو من هم دون سنّ المدرسة، وذلك بالدوام عن بعد، أكدت عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل، رئيسة الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، أن الحكومة وضعت نظاماً لأنماط العمل منها العمل عن بعد والجزئي والمضغوط، أو العمل الهجين، ومرونة في العمل عن بعد يوم الجمعة، وإجازة مرافقة مريض، سواء داخل الدولة أو خارجها، ومسؤولية التطبيق تقع على عاتق الوزارات والجهات الاتحادية مع ضرورة أن تكون الوظيفة قابلة للعمل عن بعد، حتى لا تتأثر خدمات وأعمال الجهة حسب طبيعة عملها.

وأكدت أن الهيئة لم تتلقَّ أي طلب من أي موظف أو جهات العمل حول عدم الاستفادة من أنماط العمل المرنة، وفي حال وجود أي حالات تحتاج لدعم، نأمل بموافاتنا بالمعلومات حتى يتم متابعتها من قبل فريق الهيئة مع جهات العمل.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات المجلس الوطني الاتحادي الإمارات فی الحکومة الاتحادیة فی القطاع الحکومی التدریب والتطویر القانون الاتحادی عهود الرومی مشیرة إلى عن بعد إلى أن فی شأن

إقرأ أيضاً:

«المهارات المُجاورة» في الابتكار التكنولوجي

أشار تقرير مستقبل الوظائف الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أنه ابتداء من عام (2025م)، ستحتاج المؤسسات الحالية إلى إعادة تأهيل مهارات القوى العاملة لديها، وذلك بسبب متطلبات تبني النهج الابتكاري، وتسارع توظيف التكنولوجيا، ودخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم الأعمال، وتؤكد هذه التوقعات على ضرورة التركيز على تطوير المهارات كعنصر أساسي في استراتيجيات التشغيل المعاصرة، ويبدو ذلك بديهيا في المؤسسات الكبيرة والخدمية، لأن الأتمتة والتحول الرقمي في العمليات والخدمات هما الأبرز، والأوفر نصيبا، ولكن ماذا عن شركات التكنولوجيا العلمية؟ وكيف يبدو مشهد المواهب في هذه الشركات في ظل الطلب المتزايد على الحشد الاستراتيجي للمواهب والذي يتماشى مع التوجهات المتنامية للاقتصاد القائم على المهارات؟

يُمثل «اقتصاد المهارات» من التحولات الجذرية التي ظهرت مؤخرا، وهو يرتبط باتجاهات جديدة في طريقة فهم وتوظيف القيمة المهنية للمهارات الفردية، والجماعية لفرق العمل والمؤسسات، وهو لا يقتصر على المهارات التي تمتلكها أو تحتاجها المؤسسة، ولكنه يشتمل أيضا على قدرة هذه المؤسسات على اكتساب مهارات جديدة بجانب العائد من الشهادات العلمية، والخبرات العملية المرتبطة بالمسميات الوظيفية التقليدية. وهذا ما يطرح الكثير من الأسئلة على المديرين التنفيذيين، وأهمها: هل تمتلك المؤسسة المواهب والمهارات الكافية للحفاظ على الميزة التنافسية؟ وما هو الخطر التشغيلي الأكثر أهمية بين حالات انعدام أو تكدس هذه المواهب والمهارات؟، حيث تضع العديد من الشركات التكنولوجية استراتيجياتها بشكل صحيح؛ لكن الإخفاق في عملية التنفيذ يعود إلى عدم امتلاكها الكفاءات، والمهارات المطلوبة، لتنفيذ المبادرات في الوقت المناسب. ومن أجل ذلك يُعدّ تبني اقتصاد المهارات في الوقت الراهن متطلبا جوهريا لضمان الاستفادة من المهارات المتنوعة والقادرة على تسريع الوصول إلى حلول رائدة للتحديات، وابتكار مستدام، في عام سريع التغير.

فإذا توقفنا عند فجوة المهارات، سنجد بأن السبب الأساسي لظهور اقتصاد المهارات كان اتساع فجوة المهارات في بيئات العمل، والذي نشأ كنتيجة مباشرة لتسارع التقدم العلمي والتكنولوجي، وبذلك تتغير المهارات التي يحتاجها سوق العمل بوتيرة أسرع من عملية تدريب وتأهيل الموارد البشرية، وهي تظهر بشكل كبير في الشركات الابتكارية التي تتطلب وجود كفاءات علمية مواكبة للتطورات، وعلى اطلاع بالمستجدات على المستوى التقني والفكري، وبالتالي فإن فجوة المهارات لا تقل أهمية عن المخاطر التشغيلية الأخرى، ومن أجل معالجة هذا المحور، فإنه على الشركات الناشئة التكنولوجية اتباع أسلوبٍ صارمٍ في إدارة ملف استقطاب الكفاءات، وذلك عبر بناء استراتيجية عمل قائمة على المهارات، ومعززة بالتحليل العميق لثلاث ركائز وهي: المجموع الكلي لمهارات فرق العمل، والاحتياجات المستقبلية من المهارات، وسيناريوهات تغير هذه الاحتياجات على المدى القريب والمتوسط، ويأتي تحليل المهارات بمثابة الخطوة الأساسية الأولى في تمكين التحول نحو تبني فكر وممارسات الاقتصاد المبني على المهارات.

وتأتي بعدها عملية المواءمة بين المهارات المتاحة والمطلوبة من جهة وبين المهام والعمليات التي تستوعب هذه المهارات من جهةٍ أخرى، وذلك بإنشاء مستودع مركزي للمهارات والمواهب على مستوى المؤسسة، أو فريق العمل، وتكمن أهمية هذا المستودع في دوره الكبير في عملية تعريف «المهارات المُجاورة»، وهو مصطلح مستحدث، ويعود ضمنيا إلى المهارات الثانوية الداعمة، أو المكملة للمهارات الأساسية المتوفرة في المستودع المركزي، وكذلك تعبر عن مهارات وثيقة الصلة بالمواهب التقنية أو الإدارية التي يمتلكها أعضاء الفرق، أو منتسبي المؤسسة. وبالنسبة لشركات التكنولوجيا، فإن المهارات المجاورة تمثل حجر الأساس في مواكبة التطورات التكنولوجية، إذ إن التكيف مع متطلبات الابتكار قد لا تحتاج إلى البحث عن مهارات جديدة كليا، وإنما يكتفى بتعزيز وتنمية المهارات المجاورة لضمان سد الثغرات الكبيرة في المهارات المطلوبة، مع تأصيل ثقافة التعلم المستمر لرفع كفاءة الأداء التشغيلي، وتقليل تكلفة استقطاب الكفاءات العلمية والتقنية الاحترافية، والتي غالبا ما تكون مكلفة بالمقارنة مع القدرات المالية للشركات الناشئة العلمية.

وهذا يقودنا إلى أهم الآثار الإيجابية لتعزيز مسارات بناء المهارات المجاورة في شركات التكنولوجيا، وهي التقليل من مخاطر تضخم المواهب وهدرها، إذ يُعد تكديس المواهب من أبرز تحديات التنفيذ غير السليم لنهج اقتصاد المهارات، وبناء مهارات فرق العمل هو أحد الطرق الأكثر احتمالا لضمان الحفاظ على توزيع ديناميكي ومتوازن للمهام بين فرق العمل، وتمكين التفاعل الإيجابي بين مختلف مستويات التشغيل عبر فرق العمل الماهرة والمتعددة الوظائف، وذلك بخلاف الأسلوب التقليدي الذي يقوم على توظيف مالكي المهارات كلما ظهرت الحاجة إلى هذه المهارات والتي قد تتراكم مع الوقت، مما يؤدي بشكل أو بآخر إلى عزل الكفاءات والقدرات المالكة للمهارات التي تقادمت، أو التي تم إحلالها بمهارات أخرى، لا سيما في عالمٍ تتغيّر فيه المهارات بسرعة كبيرة، ويتطور مشهد المواهب في أزمنة قياسية لمواكبة اتجاهات الصناعة، والحفاظ على القدرة التنافسية.

إن التحوّل إلى نهج الاقتصاد القائم على المهارات هو ضرورة استراتيجية لشركات الابتكارات الناشئة العلمية والتكنولوجية، وعلى قادة هذه الشركات إدراك أهمية فهم الدور المحوري للمهارات المجاورة في سد فجوة المهارات الآنية، مع إتاحة الحشد الاستراتيجي لمجموعة متكاملة من مهارات حل التحديات المعقدة، ودفع عجلة الابتكار، والتكيف بسرعة مع التغييرات والمستجدات بناء على المهارات، بدلا من التسلسل الهرمي التقليدي. ويستوجب ذلك سرعة المواءمة بين المهارات المتاحة، والمواهب التي يمكن صقلها إلى مهارات، وكذلك تأطير بنائها في مختلف مراحل دورة حياة الموهبة، ورفع المرونة في اكتساب المهارات عبر برامج التنقل الاستراتيجي للمواهب داخل وخارج الشركات العلمية، وكذلك عن طريق ترسيخ ثقافة التعلم المستمر والتطوير الممنهج، والاستثمار في البرامج التدريبية التي تتماشى مع اتجاهات الصناعة الحالية، وبما يضمن استعداد فرق العمل للتكيف مع المستقبل، وذلك بإيلاء الأولوية للتوجه الاستباقي، والتركيز على تحقيق التوازن في تلبية الاحتياجات المستقبلية عبر الاستشراف الاستراتيجي، والتخطيط الدقيق الذي يضمن الالتزام في قيادة التغيير، مع رفع الكفاءة التشغيلية، وتقليل المخاطر.

د. جميلة الهنائية باحثة فـي سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار

مقالات مشابهة

  • مناقشة سير التدريب في مساق الباطنية بفرع مجلس الاختصاصات الطبية في الحديدة
  • «الوطني الاتحادي» يعتمد تقرير سياسة الحكومة في تعزيز دور الإعلام
  • لتحفيز الابتكار.. آلية جديدة لتحديد ضوابط الاستخدام الثانوي للبيانات
  • خطاب: بناء منظومة تشريعية تستند إلي مبادئ حقوق الإنسان أمر جوهري
  • مياه الفيوم تستقبل فريق التفتيش من المجلس الوطني للاعتماد (EGAC)
  • «المهارات المُجاورة» في الابتكار التكنولوجي
  • 406 وظائف في نماء لخدمات المياه ضمن المرحلة الثانية من برنامج التدريب والتوظيف
  • "نماء" تعلن توفير 406 وظائف ضمن برنامج التدريب المقرون بالتشغيل
  • السوداني: (156) تريليون ديناراً حجم الإنفاق الحكومي في 2024
  • محافظ بني سويف يوجه بمراجعة وضع لافتة بمواعيد عمل الأطباء في 207 وحدات صحية