مجموعة الأزمات: التمرد في غوما بالكونغو الديمقراطية قد يؤدي إلى حرب إقليمية
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
قالت مجموعة الأزمات الدولية إن متمردي "حركة إم 23" -المدعومة من رواندا– اجتاحوا مدينة غوما عاصمة إقليم شمال كيفو في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وسيطروا على المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة.
وأضافت المجموعة -في تقرير على موقعها الإلكتروني بعنوان "سقوط غوما في الكونغو الديمقراطية"- أن هذا التطور يمثل تصعيدا دراماتيكيا في الأزمة المستمرة منذ مدة طويلة، فقد أدى القتال إلى نزوح أكثر من مليوني شخص من ديارهم، وتعريض الآلاف في أنحاء غوما للانتهاكات من قبل المليشيا المختلفة.
وأكدت المجموعة في تقريرها أن الهدف من هذا التحرك هو توسيع النفوذ وزيادة الضغط على العاصمة كينشاسا لإجبارها على تقديم تنازلات سياسية وعسكرية.
وعلى الجانب الآخر، ذكر التقرير أن رواندا المجاورة نفت أي دور لها في الأزمة، مؤكدة أن الوضع شأن داخلي في الكونغو.
ومع ذلك، تشير الأدلة التي جمعتها مصادر الأمم المتحدة ومجموعة الأزمات إلى وجود أكثر من 4 آلاف جندي رواندي في كيفو الشمالية، مما يؤكد انخراط كيغالي العسكري في المنطقة.
ومع الانهيار السريع للدفاعات الكونغولية، ترى مجموعة الأزمات أن الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي يجد نفسه أمام أزمة سياسية وعسكرية غير مسبوقة، خاصة بعد فشل قواته في الاحتفاظ بأكبر معاقلها في الشرق.
إعلانوأضافت المجموعة أنه وفقا لمصادر أمنية، فإن الجيش الكونغولي لم يكن مجهزا لمواجهة "حركة إم 23" التي حصلت على دعم عسكري ولوجستي من رواندا، عزز قدراتها القتالية.
ورغم إرسال ألفي جندي من بوروندي لدعم الدفاعات الكونغولية قبل سقوط مدينة غوما، فإن هذه التعزيزات لم تكن كافية لوقف تقدم المتمردين.
وساطات متعثرة
ومع تصاعد الأزمة، تتجه الأنظار إلى المساعي الدبلوماسية الرامية إلى احتواء التصعيد العسكري، فقد دعت مجموعة شرق أفريقيا بقيادة الرئيس الكيني وليام روتو إلى عقد محادثات طارئة في 29 يناير/كانون الثاني الجاري، بحضور قادة الكونغو ورواندا وأنغولا، في محاولة لإيجاد تسوية سياسية للنزاع المستمر.
لكن فرص نجاح هذه المفاوضات ضئيلة، في ظل استمرار رواندا في دعم "حركة إم 23″، ورفض كينشاسا التفاوض المباشر مع المتمردين، معتبرة إياهم أداة بيد كيغالي، وفقا لمجموعة الأزمات الدولية.
وأشار التقرير نفسه إلى أن هناك اقتراحا بإنشاء إدارة مؤقتة لمدينة غوما بإشراف قوة أفريقية محايدة، لكن هذا السيناريو يتطلب موافقة رواندا وكينشاسا معا، وهو أمر لا يزال غير متفق عليه.
تداعيات إقليميةوحذرت مجموعة الأزمات من أن فشل المفاوضات قد يدفع المنطقة إلى حرب واسعة النطاق، خاصة مع العوامل التالية:
أولا: تصاعد التوتر بين رواندا وبوروندي اللتين تواجهان خلافات عرقية وسياسية تعود لعقود مضت. ثانيا: احتمال تدخل دول شرق أفريقيا عسكريا لمنع "حركة إم 23" من السيطرة على مدينة بوكافو (شرقي الكونغو)، مما قد يؤدي إلى صراع واسع النطاق. ثالثا: اقتراح مجموعة شرق أفريقيا نشر قوات جديدة لاحتواء الأزمة، لكن ذلك يواجه عقبات دبلوماسية.وأضاف تقرير المجموعة أن هناك تقارير استخباراتية تشير إلى أن كيغالي تسعى إلى ترسيخ سيطرتها على كيفو الشمالية، ليس فقط عبر "حركة إم 23″، بل أيضا من خلال تشكيل تحالفات مع متمردين محليين، في خطوة تهدف إلى إعادة رسم موازين القوى في شرق الكونغو.
مقاتلون من "حركة إم 23" في نقطة مراقبة بشمال كيفو شرقي الكونغو الديمقراطية (الجزيرة) المسار المقبلومع تعقد الأزمة، ترى المجموعة أن جميع الخيارات تبقى مطروحة، في وقت تسعى فيه كينشاسا إلى حشد دعم إقليمي ودولي لاستعادة السيطرة، وفي ظل استمرار رواندا و"حركة إم 23″ في تعزيز نفوذهما الميداني.
إعلانويؤكد تقرير مجموعة الأزمات أن تحقيق الاستقرار في غوما ومنع أي تصعيد داخلها يجب أن يكون أولوية، مشددة على أن الحلول المستدامة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر طاولة المفاوضات، وليس بالتصعيد العسكري.
كذلك شدد على ضرورة إشراك جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك كينشاسا ورواندا وأنغولا التي تدير مسار وساطة منفصلا بطلب من الاتحاد الأفريقي لضمان حل شامل ومستدام.
وفي إطار الجهود الدبلوماسية، دعت المجموعة إلى تعاون وثيق بين الدبلوماسيين الإقليميين والأمم المتحدة لإنشاء ممرات إنسانية تضمن وصول المساعدات إلى آلاف المدنيين المحاصرين.
وعلى الصعيد الدولي، شددت مجموعة الأزمات على ضرورة دعم هذا المسار من قبل القوى الفاعلة، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مع توجيه تحذيرات واضحة إلى كيغالي بشأن أخطار التوغل العسكري داخل الكونغو، لما قد يترتب عليه من تداعيات إقليمية خطيرة.
يذكر أن "إم 23" هي حركة مسلحة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، أُسّست عام 2012 بعد فشل اتفاق تم توقيعه عام 2009 بين الحكومة والمتمردين، وتوصف بأنها الجناح المسلح لإثنية التوتسي التي يواجه قادتها اتهامات بأن لهم ارتباطات بحكومة رواندا.
وبعد أشهر من السيطرة على مناطق واسعة من منطقة كيفو الشمالية، تعرضت هذه الحركة لهزائم ساحقة عام 2013، ثم عادت للظهور بقوة منذ عام 2021.
كذلك خاضت "إم 23" معارك ضارية ضد الجيش الكونغولي طوال عام 2024، وارتفعت وتيرة المعارك في ديسمبر/كانون الأول وتسببت في نزوح أعداد كبيرة وخلّفت معاناة إنسانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الکونغو الدیمقراطیة مجموعة الأزمات حرکة إم 23
إقرأ أيضاً:
الكونغو تحترق.. كيف أعادت أم 23 شبح الإبادة الرواندية؟
مازالت المعارك مستعرة في أنحاء واسعة من جمهورية الكونغو الديمقراطية، مع تداول أنباء عن سيطرة جماعة "أم 23" المسلحة بمؤازرة قوات رواندية على مدينة غوما شرق البلاد.
وكانت صحف محلية أوردت أن مطار غوما قد وقع بالفعل تحت سيطرة الجماعة المسلحة منذ الثلاثاء، وتعتبر غوما من المدن الكونغولية الرئيسة في الشرق، وتعرضت منذ الأحد لهجوم عنيف من مقاتلي حركة "أم 23" بدعم من قوات رواندا.
اتساع رقعة سيطرة "أم 23" شرق الكونغوتتسارع الأحداث في جمهورية الكونغو الديمقراطية مع اتساع رقعة سيطرة مقاتلي حركة "أم 23" بدعم من رواندا على مساحات شرق البلاد. وحتى اللحظة، يبدو أن مقاتلي الحركة سيطروا على أجزاء استراتيجية من مدينة غوما، شرق الكونغو، بما في ذلك مطار المدينة.
ووفقا لوسائل إعلام متعددة، قالت مصادر أمنية إن مقاتلي حركة "أم 23" استولوا على مطار غوما الثلاثاء، مضيفة أن "أكثر من 1200 جندي كونغولي استسلموا وهم يتمركزون" في قاعدة مطار تابع لبعثة الأمم المتحدة في الكونغو الديمقراطية.
تصعيد خطير في منطقة غنية بالمواردويمثل الهجوم الخاطف تصعيدًا كبيرًا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغني بالمعادن والموارد الطبيعية والذي نهشته سنوات طويلة من القتال بين الجماعات المسلحة المدعومة من جهات إقليمية متنازعة منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
وتقع غوما، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها مليون نسمة وكانت تضم نحو 700 ألف نازح داخلي قبل أعمال العنف الأخيرة، على ضفاف بحيرة كيفو على الحدود مع رواندا.
مطالبات دولية بالتدخل العاجلوقالت فيفيان فان دي بيري، نائبة الممثل الخاص لحماية العمليات في بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية "مونوسكو"، لمجلس الأمن الدولي في نيويورك: "الوضع في غوما يتطلب تدخلاً دوليًا عاجلاً ومنسقًا".
وأضافت أن متمردي حركة "أم 23" إلى جانب القوات الرواندية، شنّوا هجومًا على مدينة غوما يوم الأحد باستخدام الأسلحة الثقيلة، موضحة أن "هذه الهجمات لا تزال تدمر المدينة، مما أسفر عن مقتل وإصابة وتهجير المدنيين وتفاقم الأزمة".
وتسببت الأحداث شرق الكونغو في أزمة إنسانية متصاعدة، إذ حذرت الأمم المتحدة من اضطرار مئات الآلاف إلى ترك منازلهم، ونقص خطير في الغذاء، ونهب للمساعدات، وإرهاق المستشفيات وانتشار الأمراض في غوما وحولها.
تفاقم الأزمة الإنسانية وارتفاع عدد الضحاياوأسفر القتال العنيف في المدينة عن انتشار أعداد كبيرة من الجثث في الشوارع، بينما هاجم محتجون يشكون من تقاعس دولي في إيجاد حل للأزمة، سفارات في العاصمة كينشاسا.
ووردت تقارير عن ارتكاب مقاتلي "أم 23" أعمال عنف جنسي واغتصاب ونهب للممتلكات، بما في ذلك مستودع للمساعدات الإنسانية، فضلا عن استهداف منشآت إنسانية وصحية في المدينة، بحسب ما ذكره المتحدث باسم مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة ينس لايركه.
إلى ذلك، نُقل أكثر من 100 قتيل ونحو ألف جريح إلى المستشفيات في غوما خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من الاشتباكات، وفقًا لحصيلة أعدتها فرانس برس الثلاثاء استنادًا إلى تقارير المستشفيات.
وخلال مؤتمر صحفي الثلاثاء، قال لايركه: "الوضع الإنساني في غوما والمناطق المحيطة بها لا يزال مقلقًا للغاية، وفي صباح الثلاثاء (كان هناك) إطلاق نار كثيف من الأسلحة الصغيرة وقصف بالهاون في جميع أنحاء المدينة، مع وجود العديد من الجثث في الشوارع". وأضاف أن المستشفيات "تكافح لإدارة تدفق الجرحى".
احتجاجات ضد الصمت الدوليوكانت العاصمة كينشاسا قد شهدت احتجاجات واسعة النطاق ضد رواندا وحركة "أم 23"، حيث أضرمت مجموعات من المحتجين النار في سفارات رواندا وفرنسا وبلجيكا وكينيا، بذريعة صمت المجتمع الدولي إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في الكونغو الديمقراطية. وعلقت الخطوط الجوية الأوغندية رحلاتها إلى كينشاسا على خلفية أحداث العنف.
شبح حرب الإبادة الرواندية يطل في الكونغووحركة "أم 23" هي جماعة مسلحة متمردة، وتعرف أيضًا باسم "جيش الكونغو الثوري" (تأسست بعد انهيار اتفاق السلام الموقع في آذار 2009)، تنشط في المناطق الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبالأخص في مقاطعة كيفو الشمالية، التي تحد كلا من أوغندا ورواندا، غالبية أفرادها من قبيلة "التوتسي" التي ينتمي إليها الرئيس الرواندي بول كاغامي.
ومنذ اندلاع المعارك، تتهم جمهورية الكونغو الديمقراطية رواندا بالسعي للاستفادة من المعادن الوفيرة في المنطقة، والتي تشمل الذهب والكولتان والنحاس والكوبالت، في حين نفت رواندا هذه المزاعم قائلة إن هدفها هو التصدي لجماعة مسلحة تسمى "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا"، وتتألف في المقام الأول من مسلحين من الهوتو، تشكلت في أعقاب الإبادة الجماعية في رواندا.
وتصاعد النزاع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يثير مخاوف دولية من تفاقم الأزمة الإنسانية والأمنية في المنطقة. بينما تتبادل الأطراف الاتهامات حول الدوافع الحقيقية وراء الصراع، يبقى المدنيون هم الضحية الأكبر لهذا النزاع المسلح المستمر، في ظل دعوات متزايدة لتدخل دولي عاجل لإنهاء الأزمة واحتواء تداعياتها.