يبدو أن نمط التصريحات الانتخابية مازال مسيطرا على أحاديث الرئيس الأمريكي الجديد منذ اعلان فوزه الى حفل تنصيبه وحتى بعد تولية مسؤولية ممارسة دوره الرئاسي.. ولكن بالرغم من مدى خطورة تلك التصريحات على الرأي العام العالمي وعدم تقبله لها وما تحدثه من زيادة في مساحات التوترات دوليا بالإضافة الى تغير كبير في توجهات دول كانت موالية للولايات المتحدة الأمريكية وأصبحت من الخصوم، الا ان الدور الأمريكي الذي اكتسبته منذ قرون بإرساء قواعد الديمقراطية والأمن والسلم العالمي انحسر فعليا  وأصبح في طي الماضي بسبب التصرفات الامريكية منذ تولي جورج بوش الابن  وأوباما وبايدن ثم ترامب مقاليد ادارة اكبر دولة راعية للأمن والسلم العالمي.

 

والجديد هنا في ولاية ترامب أنه يتخيل بعقلية رجل الاعمال الذي يحتكر بعض السلع والماركات العالمية ان لديه القوة والقدرة في ان يغلق سوقا ويفتح آخر ويكسب فصيلا ويفقد فصيلا آخر او ينشر اخبارا وأقوالا تثير التخوف والقلق، اي انه يتحكم في الدول وحدودها بل ومن يحارب ومن لا يجب ومن يؤخذ منه ارض وآخر يأخذ منه مالا ومن يبقي في امريكا ومن يجب ان يطرد. 

والسؤال كيف وصل الشعب الأمريكى في ان يترك حق التملك والتفرد والقرار في كل ممتلكات الدول وحرية الشعوب من خلال تصريحات تطلق في أصداء الفضاء دون حساب تتطال العالم دون حدود بل وتزيد من أعداء امريكا. 

هل يعقل لدي المواطن الامريكي ان يصرح رئيسها بأن قناة بنما لابد ان تكون تحت السيادة الامريكية والتعليل ان الرسوم علي السفن والأساطيل الحربية الامريكية باهظة الثمن بالمقارنه للسفن والأساطيل الصينية وكأنه اعلان حرب من خلال تصريح باحتلال قناة بنما التي هي شريان التجارة العالمية والصينية خاصة.. ان الشعب البنمي بذل الغالي والنفيس من ابناء وطنه حتي يتم حفر تلك القناة وعمل ومات ودفن آلاف من البنميين تحت مياه القناة من اجل ان يكون لهم مصدر رئيسي اقتصادي بعد ان ذاقوا ويلات الاستعمار الإسباني ومن ثم أراد الفرنسيون شق قناة تربط المحيط الهادي بالمحيط الاطلنطي كي تقرب المسافة بين القارتين  الأمريكيتين وبدأوا حفر القناة في سنة ١٨٨٠ تحت تنفيذ وإدارة المهندس الفرنسي ديليسبس ومات الكثير من شعب بنما ولكن عقد الفرنسيون معاهدة مع كولومبيا لضمان بناء القناة ولكن تكلفة البناء فاقت  التخمينات، والفساد اللذان أديا إلى التخلي عن المشروع وخلال فترات التدخل، لجأ الانفصاليون إلى الفوضى السياسية بهدف التحريض على الانفصال عن كولومبيا وتأسيس دولة مستقلة.

وعندما سعت امريكا إلى بناء وتملك مشروع القناة، تبيّن أن التعامل مع كولومبيا التي تملك ارض بنما غير بناء، وإن الجانب الفرنسي يمكن ان يتم شراء نصيبه في بناء القناه وحينها أعلنت بنما استقلالها عن كولومبيا، وتفاوضت بنما مع امريكا في بناء القناة، ووقعت معها معاهدة هاي بونو فاريا.

وكانت أمريكا أول دولة تعترف باستقلال جمهورية بنما ، وأرسلت قواتها البحرية لمنع كولومبيا من الاستيلاء على أراضي بنما في مقابل دفاع الولايات المتحدة عن جمهورية  بنما وبناء القناة، منحت بنما أمريكا عقد إيجارٍ مدى الحياة يشمل الأراضي المحيطة بالقناة، والتي عُرفت باسم منطقة قناة بنما، لكن ملكيتها أُعيدت لاحقًا إلى بنما وفق أحكام معاهدات توريخوس كارتر والتي اعادت الولايات المتحدة بموجبها القناة الي سيادة بنما في عهد الرئيس جيمي كارتر بعد قضاء حق الانتفاع للقناة والذي دام ٨٧ عاما تحت السيادة الامريكية ومنذ ذلك التاريخ والكل في امريكا بل والعالم طبقا لميثاق الامم المتحدة ان قناة بنما وأرضها ملكية خاصه بدولة بنما وليس هناك سياده لأحد علي جمهورية بنما المستقلة منذ عام ١٩٠٤ الا شعبها وما يفعل غير ذلك ينافي القوانين والأعراف الدولية المتفق عليها وان الخلل في تلك الأمور الواضحه والبينة ما هو الا اعتداء علي سيادة دولة بنما وحجر سلطتها واحتلال ارضها وسلب ممتلكاتها . 

لكن ماذا يعني تصريح ترامب علي وسائل إعلام  عالمية بدون سند قانوني او حتى تصريح رسمي له خلفية حكومية غير ان هذا التاريخ قلب حالة الاستقرار لدولة ذات سيادة اعطت في فترة زمنية تصل الي ٨٧ عاما من حق الانتفاع من قناة بنما نظير تكاليف البناء ثم استعادت سيادتها لها من امريكا بطريقه رسميه قانونية.

إن الكثير من تلك التصريحات المتلاحقة دون تقييم او توازن والتي يصدرها ترامب كلما أراد عمل تويتة او التحدث الي وسائل الاعلام مثال ضم دولة كندا كي تكون ولاية من ضمن ولايات امريكا او نزع ملكية جرين لاند التابعه للسيادة الدنماركية كي تكون ولاية أمريكية او طرد كل المهاجرين خارج امريكا او طرد كل الطلاب من الجنسيات المختلفة والذين ثبت تعاطفهم مع القضية الفلسطينية وكذلك التصريح الاخير الذي اثار موجة من السخط واللغط والسخرية الفجة فيما صرح به ترامب  من تهجير الفلسطينيين في غزة الي مصر والأردن وهو يعلم جيدا الرد المصري والأردني الصريح والذي قاله ممثلو وزارة الخارجية لدولة مصر والاردن ردا علي المقترح الذي حمله بلينكن من بايدن وكان الرد المصري الواضح بعدم قبول التهجير القصري للفلسطينيين وان سيناء خط احمر ورفض الموضوع جمله وتفصيلا وان الصفقه التي يسعي اليها ترامب مؤخرا في تصريحاته او حتي صفقه الظل مع اللوبي الصهيوني الأمريكى  لن تفلح لان الرأي العام المصري موحد تجاه ضمان حقوق القضية الفلسطينية والدفاع المستميت عن كل ذرة تراب من الاراضي المصرية تحت اي مسمي سواء تهديد عسكرى او اقتصادي  لان كل السيناريوهات مطروحة لدينا في المجتمع المصري .

إن استمرار إهمال المجتمع الدولي لحقوق الفلسطينيين في ارضهم واقامه دولتهم ما هو الا انذار بتفاقم الوضع الكارثي لدي ٢مليون من المواطنين الذين ضاعت ارواحهم وابناؤهم ودمرت منازلهم وشتتوا لأكثر من ٥٠ عاما ولست مبالغا ان حجم الدمار الذي خلفه جيش اسرائيل العنصري وحكومته التي تطبق الإبادة العنصرية للجنس الفلسطيني ولاهل غزه خاصه وما أحدثوه من تجريف ودهم وتدمير لكل البنية التحتيه في غزة جعل منهم مشاريع من الشهداء لن يتركوا اسرائيل تنعم بالأمن او الاستقرار بعد الان ولن يتحقق المشروع الصهيوني لارض الميعاد طالما ان هناك شعبا مصريا وعربيا مؤمنا بأن الدفاع عن ارضهم ومقاومة الظلم والكراهيه البينة من اسمى مراتب الشهادة في سبيل الله وفي سبيل الوطن والأهل ودون خشية من امريكا او غيرها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أمريكا ترامب جمهورية بنما المزيد قناة بنما

إقرأ أيضاً:

تصريحات ترامب فجّرت الطلب على الملاذ الآمن

اهتزت الأسواق العالمية مجدداً تحت وطأة الحروب التجارية الجديدة. فمن جهة، تصريحات ترامب المتخبطة، ومن جهة أخرى، الردود التي تبادر بها الدول في مواجهة الرسوم الجمركية الإضافية، كل ذلك أدى إلى انفجار الطلب على الذهب كملاذ آمن. وزاد من حالة القلق في الأسواق تهديد ترامب بإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، معبّراً عن استيائه من معدلات الفائدة، ما دفع سعر أونصة الذهب لتجاوز 3509 دولارات.

وتُظهر مواقف ترامب المتكررة بشأن الفائدة تعارضاً واضحاً مع توجهات الاحتياطي الفيدرالي، ما يساهم في ترسيخ أجواء القلق في الأسواق. هذا المشهد المتوتر دفع بالدولار للتراجع، وسرّع في الوقت ذاته من اندفاع المستثمرين نحو الذهب كخيار آمن. كما لمّح ترامب إلى احتمال تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، بينما استمر في انتقاد باول الذي يفضّل عدم تغيير معدلات الفائدة حتى تتضح آثار خطط الرسوم الجمركية على التضخم.

الذهب الذي يُنظر إليه كملاذ آمن أمام الأزمات، كان مع بداية العام عند مستوى 2674 دولاراً للأونصة، لكنه واصل صعوده السريع منذ تولي ترامب مهامه. وفي واحدة من أكثر الفترات اضطراباً، أثبت الذهب مجدداً مكانته كخيار استثماري موثوق، حيث لامس سعر الأونصة 3000 دولار خلال الأسبوع الأول من مارس، وتخطى هذا المستوى في أبريل 2025. ومع بداية أبريل، كان السعر عند 3200 دولار، لكنه قفز في غضون 20 يوماً فقط متجاوزاً 3500 دولار، مسجلاً مستوى تاريخياً جديداً. ومنذ بداية العام، بلغ معدل الارتفاع في سعر الأونصة 31.2%. أما في السوق المحلية، فقد واصل الذهب صعوده؛ حيث تجاوز سعر الغرام 4300 ليرة تركية، وارتفع سعر الربع ليرة ذهب إلى أكثر من 7000 ليرة.

اقرأ أيضا

أمر نادر الحدوث في سوق الذهب.. خبير تركي يحذر

الثلاثاء 22 أبريل 2025

وفي مذكرة صادرة عن بنك الاستثمار الأمريكي “جيفريز غروب” ومقره نيويورك، جاء فيه: “نعتقد أن الذهب أصبح آخر ملاذ آمن حقيقي، وذلك في ظل موجة بيع سندات الخزانة الأمريكية مؤخراً، ونظراً للعلاقة الوثيقة بين هذه السندات وسياسات الرسوم الجمركية، ومع استمرار الحرب التجارية مع الصين والتوتر المالي الداخلي في أمريكا”.

مقالات مشابهة

  • جامعة القناة تعزز قيم الولاء والانتماء في ندوة توعوية بدار الرحمة للبنات احتفالًا بأعياد تحرير سيناء
  • وفد اقتصادية قناة السويس يزور محطة الرحلات البحرية التابعة لمجموعة موانئ أبو ظبي
  • سامح قاسم يكتب | رنا التونسي.. شاعرة الحافة التي تنزف جمالًا
  • عشرات القتلى الفلسطينيين في غارات إسرائيلية على غزة
  • ترامب: تصريحات زيلينسكي حول القرم تضر بمفاوضات السلام مع روسيا 
  • ترامب: تصريحات زيلينسكي تضر بمحادثات السلام مع روسيا
  • تجمع عوائل الشهداء الفلسطينيين: تصريحات عباس طعنة لشعبنا واساءة للشهداء
  • رئيس هيئة السويس: نستهدف تحويل القناة إلى منصة لوجستية متكاملة وخلق فرص عمل للشباب
  • قناة السويس تُعزز أسطولها بقاطرتين عملاقتين صديقتين للبيئة من إنتاج مصنع سفاجا
  • تصريحات ترامب فجّرت الطلب على الملاذ الآمن