انخفاض أسعار العقارات في لبنان على وقع الأزمة بنحو 50%، لم يكن كافيًا لحدوث فورة عقارية، بسبب تلاشي قدرة اللبنانيين على التملّك، بالتزامن مع توقّف القروض السكنيّة واحتجاز الودائع في المصارف. مؤخرًا يجري التداول بمعلومات مفادها أنّ السوق العقاري عاد ليسجّل نشاطًا، والأسعار بدأت تعاود الإرتفاع. ما حقيقة ذلك؟ هل زاد الطلب فارتفعت الأسعار؟ المؤشر الحقيقي للطلب على العقارات هو ما تسجّله الدوائر العقارية من عمليات بيع، وهذا المؤشر غائب بفعل إقفال الدوائر العقارية، بالتالي لا يمكن معرفة حجم البيوعات العقارية طيلة العام 2023.

في الأعوام السابقة واستنادًا إلى أرقام الدولية للمعلومات، سجّلت البيوعات العقارية الأرقام التالية:


 
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لفت عبر "لبنان 24" إلى أنّ هذه الأرقام تظهر ارتفاع عمليات البيع لعدّة أسباب "في مقدمها لجوء المودعين إلى تحرير أموالهم من المصارف، تدني أسعار العقارات بنسبة 50%، والإستفادة من رسوم التسحيل المنخفضة. ولفت إلى أنّ عمليات بيع قد تكون حصلت ولم تُسجّل، ولاحقًا عمد أصحابها إلى تسجيلها في السجل العقاري مستبقين رفع الرسوم. أمّا اليوم فيسجل طلب من قبل حاملي الفريش دولار، لا سيما المغتربين منهم، الذين كانوا يحوّلون أموالهم إلى المصارف مستفيدين من الفائدة، ويتوجه قسم منهم إلى السوق العقاري، ما أدى إلى رفع الأسعار. ولكن هذا الطلب لم يرتفع إلى المستوى الذي كان عليه في السابق بسبب غياب القروض السكنية. وبرأيي عند حصول أول انفراج سياسي سترتفع الأسعار أكثر".

موسى: الطلب لا يتجاوز 20% 
يبدو جليًّا أنّ الطلب على العقارات لم يتوقف منذ بدء الأزمة حتى يومنا، لكنّه مرّ بمراحل عدّة، لكلّ منها أسبابها، وفق ما لفت رئيس نقابة الوسطاء والإستشاريين العقاريين في لبنان وليد موسى في حديث لـ "لبنان 24" موضحًا أنّه في بداية الأزمة عمد المودعون إلى تهريب أموالهم المحتجزة في المصارف، فلجأوا إلى السوق العقاري حيث كان متاحًا الدفع بالشيكات المصرفيّة، ومن ثمّ أصبح الدفع مناصفة بين الكاش والشيك المصرفي، وصولًا إلى اعتماد الكاش وسيلة وحيدة للدفع. عن حقيقة ارتفاع الطلب في الأشهر الأخيرة لفت موسى إلى وجود طلب، ولكنه اليوم مقارنّة بالعام 2019 لا يتخطّى الـ 20%، وهذا الرقم يبقى في إطار التقدير لتعذّر الحصول على أرقام دقيقة، بفعل إقفال الدوائر العقارية، كون السجل العقاري يشكّل المرجع الوحيد لمعرفة حجم البيوعات العقارية، كما أنّ هناك آلاف العمليات غير مسجّلة في الدوائر العقارية.

ارتفاع الأسعار في المناطق الميسورة فقط ولا سوق من دون قروض
وفق موسى الأسعار التي هبطت بفعل الأزمة عادت لترتفع في بعض المناطق، ولكنّها لم تصل إلى الحدّ الذي كانت عليه قبل الأزمة. "في المناطق المصنّفة ميسورة كوسط بيروت والرملة البيضاء وفقرا وبعض الأحياء في الأشرفية، ارتفعت الأسعار ولكن ليس بالقدر الذي كانت عليه قبل الأزمة، بحيث بات حجم الإنخفاض يُقدّر في بنسبة 30% بدلًا من 50%". أضاف موسى أنّ ارتفاع الأسعار لا يعني إطلاقًا ارتفاعًا في الطلب على العقارات، بل يؤشّر إلى أنّ المطوّر ميسور وقادر على الإنتظار، وليس مجبرًا على خفض أسعاره أكثر من 30% في المناطق الميسورة. "أمّا في المناطق غير الميسورة التي تعتمد على اليد العاملة والقدرة الشرائيّة اللبنانية، فتحافظ الإسعار على انخفاضها بنسبة 50 إلى 60%. بسبب نقص التمويل، واستطيع أن أجزم بأنّه لن يكون هناك سوق عقاري في لبنان من دون قروض سكنيّة. أمّا القرض الذي أعلن عنه من قبل مصرف الإسكان في الأيام الماضية، فلا يحرّك السوق العقاري، كونه يعطي قروضًا بحدود الـ 40 ألف دولار فقط، وهو مبلغ أقل بكثير من قيمة العقار، ربما ينفع في الأرياف، في حال تمكّن المقترض من دفع مبلغ إضافي بحدود 20 ألف دولار".

خطورة كبيرة: بيع العقار نفسه أكثر من مرّة
الإهتمام بالسوق العقاري موجود على الدوام في الذهنيّة اللبنانية، وفق مقاربة موسى كون اللبناني بطبيعته يرغب في التملّك "حتّى لو لم يكن يريد الشراء، نراه يسأل دائما عن أوضاع السوق العقاري، بغرض الإستكشاف أكثر من الشراء. ولكن ذلك لا يؤشر إلى حصول عمليات عقارية، وهناك جملة عوامل لا تساعد على تحريك السوق العقاري، في مقدمها غياب القروض السكنية، عدم وجود استقرار مالي سياسي، وعدم وجود دوائر عقارية لتأكيد انتقال الملكية، وهو أمر بالغ الحساسية والخطورة، بحيث لا نعرف اليوم خفايا عمليات الشراء التي تمّت عبر العقود، قد يكون هناك مطوّرون عقاريون باعوا العقار نفسه أكثر من مرة، مستغلّين إقفال الدوائر العقارية، وهذا ما سيُكشف لاحقًا".

البيع محدود
بالمحصلة هناك عمليات شرائيّة تحصل، ولكنّها محدودة ومتفاوتة في المناطق "والأسعار عادت لترتفع في مناطق ميسورة وهذا لا يعني أّنّنا في قطاع عقاري سليم، بفعل غياب القروض، وهناك عائق إضافي يتمثّل برفض المصارف تلقّي الأموال المتأتيّة من بيع العقارات وتحويلها إلى الخارج".

رغم الأزمة المالية الحادة منذ تشرين 2019، وما تبعها من حجز الودائع في المصارف وانهيار الرواتب والقدرة الشرائية للغالبية العظمى من اللبنانيين، لم ينهار القطاع العقاري في لبنان، والأسعار انخفضت ولكن لم تصل إلى مرحلة الإنهيار، والسبب برأي موسى يعود إلى طبيعة اللبناني المحب لتملّك العقارات، بحيث يراود اللبناني دومًا حلم شراء شقّة، كما أنّ الإغتراب كان ولا يزال ركيزة الإقتصاد، والقطاع العقاري من صلب اهتماماته، والمغترب عادة ما يلجأ في الوقت نفسه إلى تشييد منزل في بلدته وتملك شقّة في بيروت أو محيطها. ولكن القطاع العقاري بلا قروض ومصارف واقتصاد سليم لن يستقيم.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الدوائر العقاریة السوق العقاری فی المناطق ارتفاع ا فی لبنان أکثر من قروض ا

إقرأ أيضاً:

القاهرة للدراسات: تصدير العقارات سيحقق لمصر إيرادات تصل لـ15 مليار دولار سنويًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور  عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية الاستراتيجية، أن تصدير العقارات سيحقق لمصر إيرادات تصل إلى 10-15 مليار دولار سنويًا، إذا تم تنظيم القطاع بشكل جيد

وشدد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية الاستراتيجية في الصنايعية بودكاست الذي يقدمه الإعلامي محمد ناقد، على أهمية وضع سياسات واضحة لدعم تصدير العقارات وتوفير بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين الأجانب.

وأوضح، أن قطاع التطوير العقاري يعد من القطاعات المهمة، لكنه لا يمكن أن يكون القطاع الوحيد الدافع للتنمية في أي دولة، مؤكدا أن أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب تنوعًا في القطاعات، مثل الصناعة والزراعة والسياحة والاتصالات، لضمان نمو اقتصادي متكامل.

وأشار إلى أن السوق العقاري في مصر يتمتع بحجم كبير، لكن هناك عدة تحديات تؤثر على تصدير العقارات، من بينها عدم وجود بيانات دقيقة حول حجم العقارات المصدرة، وغياب جهة موحدة لتنظيم وتطوير هذا القطاع على غرار النماذج العالمية.

ويرى أن بعض الدول، مثل الإمارات، تمكنت من تحقيق إيرادات ضخمة من تصدير العقارات، حيث بلغت صادرات دبي وحدها في 2024 أكثر من 18 مليار دولار، بينما يتجاوز إجمالي صادرات العقارات في الإمارات 45 مليار دولار، وهو ما يعكس أهمية تنظيم القطاع والاستفادة منه في جذب الاستثمارات الأجنبية.

ونوه إلى أن السوق العقاري العالمي يبلغ حجمه نحو 250 مليار دولار سنويًا، وهو ما يبرز الفرص الكبيرة التي يمكن أن تستفيد منها مصر إذا تمكنت من تحسين منظومتها العقارية وتصدير الوحدات بشكل أكثر كفاءة.

وأوضح، أن من أبرز العقبات التي تواجه تصدير العقار المصري هي عدم تشطيب معظم الوحدات السكنية بشكل كامل، وهو ما لا يتماشى مع معايير السوق الدولية. 

وأكد أن المشترين الأجانب عادة ما يبحثون عن وحدات جاهزة للسكن فورًا، وهو ما يستدعي تغيير سياسات المطورين العقاريين لتقديم منتجات تناسب احتياجات السوق العالمية.

وأضاف، أن العقود العقارية في مصر تعاني من عشوائية كبيرة، حيث إنها في كثير من الحالات تفتقر إلى الشفافية وتعتمد على عقود إذعان تضع المشتري في موقف ضعيف أمام المطورين.

وأكد أن العقود العقارية يجب أن تكون واضحة وتخضع لجهة إشرافية لضمان حقوق جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن غياب التنظيم القانوني يجعل المستثمرين الأجانب يترددون في شراء العقارات المصرية، خوفًا من النزاعات القانونية التي قد تستغرق سنوات لحلها.

وتابع قائلًا، إن هناك أيضًا مشكلات تتعلق بالرسوم والاشتراطات الإدارية داخل الكمباوندات، مثل ضرورة الحصول على موافقات لبيع الوحدات أو فرض رسوم إضافية عند نقل الملكية، وهو ما يشكل عائقًا أمام المستثمرين.

وشدد الدكتور عبد المنعم السيد على ضرورة إنشاء جهة مركزية لتنظيم وتطوير القطاع العقاري في مصر، تتولى وضع ضوابط واضحة للعقود والتشطيبات والمعايير المالية للمطورين العقاريين، فضلًا عن اعتماد نظام الحسابات البنكية المشروطة، بحيث يتم إيداع أموال المشترين في حسابات مخصصة للبناء، ولا يتم استخدامها إلا في عمليات التطوير العقاري، مما يضمن الجدية والشفافية.

وأشار إلى أن الوسطاء العقاريين يلعبون دورًا رئيسيًا في السوق، لكن يجب أن يتم تنظيمهم بشكل أفضل، حيث إن بعضهم يعمل بدون تراخيص أو رقابة، مما يؤدي إلى ممارسات غير عادلة تؤثر على الأسعار وتجربة المشترين.

مقالات مشابهة

  • رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة لـ "البوابة نيوز": فكرة تعطيش السوق ممكن تنفع في أي سلعة إلا الدواء.. الشركات تطالب بزيادة الأسعار لضمان استمرارية الإنتاج.. إنشاء مصانع للمواد الخام
  • بعد فشلها في ضبط أسعار اللحوم..الحكومة تدرس إلغاء الإعفاءات الجمركية على استيراد المواشي
  • خبير: تصدير العقارات سيحقق لمصر إيرادات تصل إلى 10-15 مليار دولار سنويًا
  • القاهرة للدراسات: تصدير العقارات سيحقق لمصر إيرادات تصل لـ15 مليار دولار سنويًا
  • حساب يتعرّض للجيش... والقاضي الحجار يتحرّك
  • أحمد موسى: أسعار الخضروات تنخفض.. ومصر في مرحلة التعافي الاقتصادي
  • أحمد موسى: أسعار الخضروات تنخفض بفضل جهود الدولة
  • ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمي بعد الهجوم الأمريكي على الحوثيين
  • بلدية أجدابيا: رغم ارتفاع الأسعار نسبيًا.. أسعار الملابس مستقرة مقارنة بالعام الماضي
  • صعوبة في الحفاظ على زخم ارتفاع أسعار الأسهم الأميركية رغم تراجع مؤشر أسعار المستهلك