رئيس النواب: تهجير الفلسطينيين يعني احتمالية نقل الصراع إلى أراضٍ أخرى
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
قال رئيس مجلس النواب المستشار د حنفي جبالي إنَّ مجلسَ النوابِ المصريَّ يقفُ اليومَ ليعبّرَ عن موقفِهِ الثابتِ والداعمِ لقضيةِ الشعبِ الفلسطينيِّ الشقيقِ، تلكَ القضيةُ التي لا تُمثّلُ فقط معركةَ نضالِ شعبٍ من أجلِ حقوقِهِ المشروعةِ، بل تجسّدُ اختبارًا لقيمِ العدلِ والسلامِ والاستقرارِ التي نؤمنُ بها.
وأكد إنَّ وقوفَنا إلى جانبِ شعبِ فلسطينَ ليسَ مجردَ التزامٍ سياسيٍّ، بل هو انحيازٌ للحقِّ وللجانبِ الصحيحِ من التاريخِ، خاصةً في ظلِّ ما عاناهُ هذا الشعبُ العصيُّ على الانكسارِ من انتهاكاتٍ جسيمةٍ واستباحةٍ لدماءِ الأطفالِ والنساءِ والشيوخِ على مرأى ومسمعٍ من العالمِ.
و أضاف خلال الجلسة العامة لمجلس النواب إنَّ التوصلَ إلى اتفاقِ وقفِ إطلاقِ النارِ وتبادلِ الرهائنِ والأسرى في قطاعِ غزةَ ليسَ سوى خطوةٍ أولى في مسارٍ طويلٍ نحوَ تحقيقِ السلامِ. وقد جاءَ هذا الاتفاقُ في مرحلةٍ فارقةٍ تجرّعَ فيها الشعبُ الفلسطينيُّ مرارةَ الحصارِ والتجويعِ والقمعِ لأكثرَ من خمسةَ عشرَ شهرًا، في ظلِّ عجزٍ دوليٍّ مريبٍ عن مواجهةِ تهديدٍ خطيرٍ للسِّلمِ والأمنِ الدوليين.
وتابع: لقد جاءتِ الجهودُ المصريةُ، بالتعاونِ معَ الجهودِ الصادقةِ لكلٍّ من الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ وقطرَ الشقيقةِ، لتثبتَ مرةً أخرى أنَّ مصرَ تظلُّ القلبَ النابضَ لقضايا الأمةِ العربيةِ. فمنذُ اللحظةِ الأولى، عملتْ مصرُ بكلِّ تفانٍ وإخلاصٍ على إنجازِ هذا الاتفاقِ، وها هيَ اليومَ تواصلُ تركيزَ جهودِها على تثبيتِه، من خلالِ ضمانِ تنفيذِ بنودِهِ بمراحلهِ الزمنيةِ الثلاثِ، ومنعِ أيِّ تصعيدٍ جديدٍ، معَ الاستمرارِ في تقديمِ الدعمِ الإنسانيِّ والمساعداتِ الحيويةِ التي يحتاجُها أهلُ غزةَ. ومع ذلك، لا يمكننا أن نغفلَ الخطرَ الكبيرَ الذي تُمثّله الأطروحاتُ المتداولةُ بشأنِ تهجيرِ الفلسطينيينَ من أرضِهم.
وقال إنَّ هذه الأفكارَ تتجاهلُ تمامًا الحقيقةَ الراسخةَ بأنَّ القضيةَ الفلسطينيةَ ليست مجردَ قضيةٍ سكانيةٍ أو نزاعٍ جغرافيٍّ، بل هيَ قضيةُ شعبٍ يناضلُ من أجلِ حقوقِه التاريخيةِ والمشروعةِ. فهل يتصوَّرُ أحدٌ أنَّ الفلسطينيينَ، الذين قدّموا آلافَ الشهداءِ وضحّوا بالغاليِ والنفيسِ، يمكنُ أنْ يقبلوا بالتخلّي عن أرضِهم ومقدّساتِهم مقابلَ أيِّ بديلٍ؟
و تابع :" على الجميعِ أن يُدركَ أنَّ الشعبَ الفلسطينيَّ ليس مجردَ مجموعةٍ من الأشخاصِ يبحثونَ عن مأوى، بل هو شعبٌ له تاريخٌ عريقٌ وأرضٌ مقدسةٌ وحقٌّ أصيلٌ لا يسقطُ بالتقادم، ولن يتنازلَ عن هذا الحقِّ أبدًا، ولن تتنازلَ الأمةُ العربيةُ قَبلَهُ عن هذا الحقِّ".
واستطرد: الزميلات والزملاء نواب شعب مصر؛ إنَّ مجلسَ النوابِ المصريَّ يُؤكِّدُ أنَّ مثلَ هذه الأطروحاتِ، التي تحاولُ الالتفافَ على حقوقِ الشعبِ الفلسطينيِّ، لا تقتصرُ على تهديدِ الفلسطينيينَ وحدَهم، بل تُمثِّلُ خطرًا جسيمًا على الأمنِ والاستقرارِ الإقليميِّ؛ لما قد تسبِّبُه من عرقلةٍ لجهودِ استدامةِ الهدنةِ الحاليةِ ووصولِها إلى وقفٍ دائمٍ لإطلاقِ النار. هذا فضلًا عن أنَّ تهجيرَ الفلسطينيينَ يعني احتماليةَ نقلِ الصراعِ إلى أراضٍ أخرى، بما يحملهُ ذلك من تداعياتٍ كارثيةٍ على المنطقةِ بأسرِها.
و قال رئيس البرلمان إنَّ مجلسَ النوابِ المصريَّ يرفضُ بشكلٍ قاطعٍ أيَّ ترتيباتٍ أو محاولاتٍ لتغييرِ الواقعِ الجغرافيِّ والسياسيِّ للقضيةِ الفلسطينيةِ، لأنَّ مثلَ هذه السياساتِ لم تُؤدِّ في الماضي إلا إلى تعميقِ الأزمةِ وتكريسِ الظلمِ. ولذا، نؤكدُ أنَّ الحلَّ الوحيدَ لتحقيقِ السلامِ الدائمِ هو تنفيذُ حلِّ الدولتينِ، بما يضمنُ للشعبِ الفلسطينيِّ إقامةَ دولتِهِ المستقلةِ على حدودِ عامِ 1967 وعاصمتُها القدسُ الشرقيةُ، ويضمنُ كذلك أمنَ واستقرارَ المنطقةِ بأسرِها.
وتابع:ولن يتحققَ هذا الهدفُ إلا من خلالِ إطلاقِ عمليةٍ سياسيةٍ جادةٍ وشاملةٍ، تتضمنُ تمكينَ السلطةِ الوطنيةِ الفلسطينيةِ من القيامِ بمهامِها في غزةَ والضفةِ الغربيةِ، ودعمَ مشروعاتِ إعادةِ الإعمارِ وتدفقِ المساعداتِ الإنسانيةِ. وعلى المجتمعِ الدوليِّ أن يتحمَّلَ مسؤولياتِهِ التاريخيةَ تجاهَ الشعبِ الفلسطينيِّ، فهذهِ ليستْ فقط مسؤوليةً عربيةً، بل هي واجبٌ أخلاقيٌّ وإنسانيٌّ على العالمِ بأسرهِ.
و تابع رئيس المجلس :" إنَّ مصرَ التي زرعتْ بذورَ السلامِ في المنطقةِ منذُ سنواتٍ طوالٍ، تُؤكِّدُ اليومَ، من تحتِ قبةِ مجلسِ النوابِ المصريِّ، أنَّها ستظلُّ تُدافعُ عن حقوقِ الشعبِ الفلسطينيِّ، وترفضُ بكلِّ حزمٍ جميعَ محاولاتِ تصفيةِ القضيةِ الفلسطينيةِ أو المساسِ بحقوقِ هذا الشعبِ العظيمِ، فالقضيةُ الفلسطينيةُ ليستْ فقط قضيةَ العربِ، بل هي قضيةُ الإنسانيةِ جمعاء. حفظَ اللهُ مصرَ والأمةَ العربيةَ، ووفَّقَنا جميعًا لما فيه خيرُ شعوبِنا واستقرارُ أوطانِنا".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رئيس مجلس النواب الجلسة العامة لمجلس النواب المستشار د حنفي جبالي مجلس النواب المصري الشعب الفلسطيني المزيد
إقرأ أيضاً:
جنرال إسرائيلي يحذر: خطة تهجير الفلسطينيين من غزة قد تنفجر في وجه الاحتلال
تتزايد الاعترافات الإسرائيلية بأن التهجير القسري لفلسطينيي قطاع غزة يشكل انتهاكا خطيرا لاتفاقية جنيف، وحتى لو غادر الكثيرون منهم طواعية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: من سيبقى، مع ترجيح أن يكونوا من أصحاب الأفكار المعادية، مما سيمنع أي فرصة للسلام وحسن الجوار على المدى الطويل، وهذا خبر سيئ للاحتلال.
الجنرال الإسرائيلي ليرون ليبمان، المحاضر بكلية سابير والجامعة العبرية، والرئيس السابق لقسم القانون الدولي السابق في جيش الاحتلال، والمدعي العام العسكري الرئيسي، أكد أنه "من بين ردود الفعل العديدة على تصريح الرئيس ترامب بشأن نيته إخلاء سكان غزة لدول أخرى، اعتبار ذلك انتهاكا للقانون الدولي، وبالتالي سيكون صعبا تنفيذ الخطة بالكامل في إطار هذا القانون، كما أن تنفيذها الجزئي يثير تساؤلات حول جدواها".
وأضاف في مقال نشره موقع "ويللا" العبرية، وترجمته "عربي21"، أن "المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر طرد السكان، أو نقلهم قسراً من الأراضي المحتلة أثناء الحرب، ويُعرف ذلك بأنه انتهاك جسيم لها، أي جريمة حرب، مما يفرض مسؤولية جنائية شخصية على المتورطين، بما يتجاوز مسؤولية الدولة، وبموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الترحيل الذي يتم كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية".
وأكد أن "هذه التعريفات لخطة تهجير الفلسطينيين من غزة، تعني أننا أمام تطهير عرقي لها، لأن تفسير الصليب الأحمر لاتفاقية جنيف الرابعة يضيف كلمة قسري لعبارة الطرد أو النقل، وقررت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري بشأن وضع الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، أن الإكراه لا يوجد فقط عندما يتم استخدام القوة البدنية، بل أيضاً عندما لا يكون أمام السكان أي خيار سوى المغادرة، وأكدت أن قوانين الحرب لا تنطبق فقط على الحالة الفلسطينية، بل أيضاً قوانين حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون الدولي".
وأشار إلى أن "المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على أن لكل شخص يقيم بصفة قانونية داخل دولة ما الحق في حرية التنقل، واختيار مكان إقامته، والحق في مغادرة أي بلد، بما فيها بلده، كما لا يجوز حرمان أي شخص تعسفاً من حق العودة إليها، ووفقاً للمادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فلا يجوز حرمان الشخص من هذا الحق بشكل تعسفي".
وأوضح أنه "في سياق غزة، حتى لو قبلنا الحجة القائلة بأن إخلاء الفلسطينيين ضروري لأمنهم، ولإعادة إعمارها بعد الحرب، فإن القاعدة العامة أن مثل هذا الإخلاء يجب أن يتم داخل أراضيها، لأن إخلاءهم خارجها ممكن فقط إذا "كان من المستحيل تجنبه، وهذا يتطلب من أصحاب الخطة أن يوضحوا لماذا من المستحيل ضمان أماكن آمنة للسكان للإقامة المؤقتة داخل القطاع أثناء إعادة الإعمار".
وأكد أن "وجود منطقة إنسانية في المواصي يثير تساؤلات حول مدى مصداقية الإخلاء الكامل من القطاع، وحتى لو كان من المبرر إخلاء سكانه بالكامل خارجه من أجل إعادة الإعمار، فإنه يجب أن يكون مؤقتاً فقط، وفي نهاية إعادة الإعمار يجب السماح للسكان بالعودة، لأن اتفاقية جنيف لا تقتضي السماح للسكان الذين تم إجلاؤهم بالعودة فحسب، بل يحظر قانون حقوق الإنسان حرمان أي فرد بشكل تعسفي من ممتلكاته الخاصة، أو من القدرة على العودة لبلده".
وأضاف أن "المصادرة الإسرائيلية للممتلكات الفلسطينية في غزة، والحظر الشامل على جميع سكانها ممن يرغبون بالعودة إليها بعد إعادة إعمارها، يصعب تبريرها على أنها عمل غير تعسفي وتمييزي، رغم مزاعم ترامب بأن هدف خطته هو إفادة الفلسطينيين، الذين سيتمتعون بظروف معيشية أفضل في أماكن أخرى، ومهما كانت دوافعه، فإن هناك تصريحات عامة من جانب سياسيين، بما في ذلك وزراء إسرائيليين، وحتى وثيقة وزارية حكومية إسرائيلية، تعبر عن الرغبة بتشجيع "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة، وإقامة مستوطنات فيها".
وحذر أنه "من السهل تفسير هذا السلوك الإسرائيلي باعتباره نية للتطهير العرقي للفلسطينيين، ودليلا على هدف غير مشروع، مما يؤكد أن الأجواء الدولية، بما فيها المؤسسات القانونية، لا تبشر بالخير بالنسبة دولة الاحتلال، لأن العديد منها يبذل جهداً لنسب كل جريمة يمكن نسبها إليها، حتى أن المحكمة الجنائية الدولية اتهمت بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت بتجويع الفلسطينيين في غزة كأحد أساليب الحرب، وسيكون من غير المسؤول أن نتجاهل هذا الواقع".
وأوضح أن "الرئيس المصري السيسي أعلن أن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى بلاده خط أحمر، لأن خروج الفلسطينيين عبر معبر رفح، حتى عندما كان مفتوحا، كان بأعداد قليلة، خاصة للأجانب والجرحى، مما يثير مخاوف من أن حقوق الإنسان لسكان غزة، وحقهم في مغادرة القطاع، والسعي لحياة أفضل في مكان آخر، يتم التضحية بها على مذبح المصالح السياسية، وهذه أيضًا سياسة غير مقبولة ومخالفة للقانون الدولي".
ولفت إلى أنه "حتى في حالة إفساح المجال أمام هجرة الفلسطينيين من غزة، فإن السؤال عمن سيغادر، ومن سيبقى، لأن العديد من البلدان تقبل أصحاب التعليم والمهارات، وتتجنب قبول غير المتعلمين والمشتبه بصلاتهم المسلّحة، لأنه أصبح واضحا مؤخرا أنه حتى الدول الصديقة لحماس ليست في عجلة من أمرها لقبول الأسرى المفرج عنهم في صفقة التبادل".
وختم بالقول إن "هذا يعني أن من سيبقى في غزة هم اليائسون وغير المهرة، ومغسولو الأدمغة، وكارهو الاحتلال الصريحون، وفي غياب العناصر البراغماتية والمتعلمة، تتباعد فرص مستقبل من السلام وحسن الجوار مع الإسرائيليين، حتى على المدى الطويل، ومن المشكوك فيه أن يخدم هذا مصالحهم".