فى عالم الأدب العربى يبرز اسم جلال برجس كأحد الأسماء اللامعة التى تجاوزت حدود الكتابة لتسجل حضوراً قوياً فى الرواية والشعر وأدب المكان، إذ يمتلك قدرة كبيرة على خلق عوالم غنية بالكلمات تتدفق بالحنين والحكايات، موثقة ذاكرة المكان بتفاصيله المدهشة. أعماله الأدبية لا تقتصر على سرد القصص، بل تجسد الصراع الإنسانى والوجدانى، لتكون بمثابة مرآة تعكس قضايا المجتمع الأردنى والعربى.

الشاعر والروائي الأردني: المعرض فرصة للتواصل مع القارئ وإثراء الحوار الثقافي

وبمناسبة مشاركته فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، تحدّث «برجس» عن روايته الأحدث «معزوفة اليوم السابع» التى تُعدّ تجربة سردية متميزة تجمع بين الرمز والتأويل والتأمل فى مستقبل الإنسان.

ماذا يمثل لك الوجود فى معرض القاهرة الدولى للكتاب؟

- المعرض حدث ثقافى استثنائى، يتيح لى فرصة التفاعل المباشر مع القارئ العربى، وهو بالنسبة لى إضافة مهمة، إنه أكثر من مجرد فعالية لبيع الكتب، بل ملتقى ثقافى يجمع بين الكُتاب والقراء من مختلف أنحاء العالم، ما يعزز فكرة السياحة الثقافية، ويعطى دفعة قوية للحراك الثقافى العربى.

بم تفسر استخدام المدينة الخيالية والأحياء السبعة كمكون أساسى فى بناء الرواية؟.. وهل تحمل هذه الأحياء رمزية معينة؟

- المدينة المكونة من سبعة أحياء تُعد عنصراً أساسياً فى بناء رواية «معزوفة اليوم السابع»، فهى تمثل إطاراً رمزياً يحمل دلالات متعددة، هذه الأحياء السبعة ليست مجرد مساحات جغرافية، بل هى انعكاسات للعالم الداخلى للشخصيات، حيث تجد فى كل حى ما يميزه عن الآخر؛ ربما شجرة، أو طائر، أو لون جدار. تركتُ للقارئ حرية تأويل هذه الرموز، لأنها تمثل مراحل مختلفة من أزمة الإنسان فى زمننا الراهن، حيث التغيرات المتسارعة تُفضى إلى مناطق مجهولة، أنتظر القارئ ليقدم تفسيراته الخاصة التى تتماشى مع تجربته الشخصية.

أترى أن هذا الرمز يعكس الواقع المعاصر مع الوباء الذى تصاب به البشرية؟

- حاولت من خلال هذه المدينة أن آخذ القارئ فى رحلة إلى المستقبل، لكن ليس بلغة الروايات التقليدية التى تستشرف المستقبل، بل من خلال رؤية تعتمد على إسقاطات الحاضر، هذه المدينة الخيالية ما هى إلا انعكاس لما قد يحدث إذا استمرت البشرية على هذه الشاكلة، وبالتالى فإن المستقبل ليس سوى امتداد للحاضر بأزماته وتحولاته.

كيف تتعامل مع عنصر الزمن فى رواية «معزوفة اليوم السابع»؟

- الزمن فى الرواية ليس مجرد أرقام، بل هو حدث وتحوُّل، حيث تتكشف الأحداث من خلال تأثير الزمن على الإنسان، لا من خلال تعاقب الأيام فقط، أرى الزمن من خلال الأثر الذى يتركه على الكائن البشرى، والتساؤل الكبير الذى تطرحه الرواية هو: ما هو الزمن؟ وبالتالى نجد فى الرواية إسقاطاً على الواقع الحالى وتأثيراته العميقة على النفس البشرية.

ماذا عن تبرير الرواية العلاقة بين الهامش والمركز عبر شخصيات الغجر؟

- الغجر فى «معزوفة اليوم السابع» يمثلون كل الفئات التى وقع عليها الظلم فى هذا الكون، هم الجوهر العميق للهامش الإنسانى الذى تم استبعاده من المركز، وبالتالى، فإن وجودهم فى الرواية يُبرز بوضوح العلاقة المتوترة بين الهامش والمركز، حيث لم يكن من قبيل المصادفة أن تكون الحدود الفاصلة بين المدينة ومخيم الغجر هى النفايات، وهى إشارة عميقة ترمز إلى التهميش والإقصاء الاجتماعى. وكان لدىّ تساؤلات كبيرة عن الغجر مثل دينهم، حيث لا يدفنون موتاهم مع المسلمين ولا المسيحيين، ولماذا يسكنون الخيام بدلاً من البيوت؟ وما علاقتهم بالموسيقى؟ عندما دخلت فى علاقة معهم وذهبت إلى خيامهم، اكتشفت أنهم يرون الكتاب شراً والمعرفة لعنة.

ما دلالة التداخل بين الخيال والواقع فى الرواية؟ وكيف يعكس هذا التداخل قضايا الهوية والذاكرة الجمعية؟

- فى هذه الرواية لم أسعَ إلى تقديم صورة فوتوغرافية للواقع، بل اخترتُ أن أذهب إليه جلال برجس، استخدمتُ الخيال للخروج من قيود الواقع ولإسقاط أبعاد جديدة عليه، هذه المقاربة تختلف عن أعمالى السابقة التى كانت تستشرف المستقبل من خلال قراءة الحاضر، هذه الرواية بمثابة محاولة لاستخراج الأمل من عمق الألم.

كيف تعكس الرواية أزمة الإنسان فى مواجهة الموت والدمار؟

- تناولت الرواية مفهوم الموت من زاوية مختلفة، حيث يرتبط الموت هنا بخيارات الإنسان المصيرية، إما الفناء وإما الخلود، إن الرواية تتناول المنظومة الإنسانية بكاملها، وتسعى لفهم ما يحدث لها وما قد يحدث فى المستقبل.

أيمكن اعتبار الرواية دعوة لإعادة النظر فى القيم الإنسانية والتضحية الفردية فى مواجهة الظروف القاسية؟

- بالتأكيد، الرواية ليست فقط دعوة لإعادة النظر فى القيم، لكنها أيضاً محاولة لاستفزاز الإنسان، ودفعه للتفكير فى مآلات الأمور، أسأل القارئ بشكل مباشر: ماذا فعلت لتتفادى الواقع الحالى؟ وماذا ستفعل لمواجهة ما هو قادم؟

كيف تشكلت كتاباتك الأولى فى ظل الظروف الاجتماعية والسياسية للأردن؟ وما تأثير هذه الظروف على أعمالك الأدبية؟

- الكتابات الأولى لى كانت نتاجاً تفاعلياً مع الواقع الاجتماعى والسياسى، وخلال فترة من الأزمات والتحديات كنت شاهداً على التغيرات السياسية والاجتماعية التى أثرت بشكل كبير على الناس، وكنت مهتماً بالبحث عن الأبعاد الإنسانية لهذه الظروف.

تلك التأثيرات ألهمتنى فى خلق شخصيات مليئة بالصراعات الداخلية، سواء على مستوى الهوية أو الانتماء، وعملت على تصوير حياة الأفراد المهمشين، وكأننى كنت أروى قصصهم من خلال كتاباتى، محاولاً تسليط الضوء على محنهم ومعاناتهم فى ظل هذه الظروف، فى النهاية كانت أعمالى الأدبية محاولة لفهم الواقع بشكل أعمق، والتعبير عن القضايا التى تتعلق بالهوية والظلم والتهميش فى المجتمع.

مسئولية الكاتب تشكيل الوعي الجمعي للمجتمع وليس مجرد رواية القصص.. وأردت تقديم رؤية جديدة للواقع المعاصر باستخدام أدوات الخيال

ما الدور الذى يلعبه الكاتب فى تشكيل الوعى الجمعى العربى من خلال أعماله الأدبية؟ وكيف تعكس رواياته هذه المسئولية؟

- الكاتب فى رأيى لا يقتصر دوره على تقديم القصص أو الأعمال الأدبية فحسب، بل هو مسئول عن تشكيل الوعى الجمعى للمجتمع، من خلال تسليط الضوء على القضايا التى تؤثر فيه، والروايات مرآة للواقع، كلما كانت الرواية قادرة على التعبير عن آلام وآمال الناس، كان لها دور فى توجيه الفكر الجمعى للأمة. فى أعمالى، حاولت أن أتناول قضايا مثل التهميش والعنصرية والهوية، بحيث تكون الرواية ليست فقط قصة تُروى، بل أداة لإيقاظ الوعى وإثارة الأسئلة، ومن خلال شخصيات الروايات وصراعاتهم يعكس العمل الأدبى واقعاً اجتماعياً يعانى منه الكثيرون، وبالتالى تعكس الرواية مسئولية الكاتب فى خلق فضاء للحوار والنقاش حول القضايا التى تمس المجتمع بشكل عام.

الأسلوب الأدبي

لا أعتبر نفسى انتقلت من الشعر إلى الرواية، فأنا أرى أن الاثنين متلازمان، الشعر والرواية يكملان بعضهما البعض، وأرى أن كثيراً من الروائيين الناجحين بدأوا رحلتهم من عالم الشعر، الشعر يمنحنى القدرة على ابتكار شعرية الحدث الروائى، وإضفاء العمق الجمالى على النص.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: معرض القاهرة للكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض الكتاب معزوفة الیوم السابع فى الروایة من خلال التى ت

إقرأ أيضاً:

38 لاعبًا ولاعبة يمثلون مصر في بطولة إفريقيا للسباحة القصيرة بالقاهرة

أعلن مجلس إدارة الاتحاد المصري للسباحة، برئاسة المهندس ياسر إدريس، عن اعتماد تشكيل المنتخب الوطني للسباحة القصيرة للناشئين، الذي يستعد للمشاركة في بطولة إفريقيا للفئة العمرية من 14 وحتى 18 سنة، والمقرر إقامتها في القاهرة خلال الفترة من 30 أبريل إلى 3 مايو المقبل.

وجاء اختيار عناصر المنتخب وفقًا لمعيار الحصول على المركزين الأول والثاني في منافسات بطولة كأس مصر للسباحة القصيرة موسم 2024-2025.

بعد تعادل أرسنال .. ماذا يحتاج ليفربول لحسم لقب الدوري الإنجليزي؟شوبير يكشف سر قرار كولر باستبعاد معلول من قائمة صن داونزالخطيب يفاوض غزل المحلة لحسم صفقتين بالموسم المقبلكفايه حرام .. رسالة شديدة اللهجة من شوبير لمجلس إدارة الزمالكقائمة اللاعبات (20 سباحة):


لجين عمر، يسر إيهاب، حلا عمرو، لميس عمرو، أروى فيصل، رودينا سامي، جنات كريم، مريم محمود، لارا أحمد، حلا خالد (الأهلي)، دارين عادل، مريم محمد، كرمة أحمد (حدائق الأهرام)، مايا أحمد، حلا محمد (سبورتنج)، مريم أحمد عبد الفتاح (سموحة)، دانا رفيق (هليوبوليس)، لمار محمد نبيل، مريم محمد سليمان (وادي دجلة)، وعلياء إيهاب (الأهلي).

قائمة اللاعبين (18 سباحًا):
محمد أيمن، أحمد محمود، مروان علي، زياد جمال، إياد محسن، إبراهيم شمس (الأهلي)، زين هشام (الزمالك)، حازم أشرف، عبد الرحمن عمرو (الصيد)، عمر كريم (المعادي)، حاتم أشرف (جزيرة الورد)، مهند ياسر، فاروق محمد، ياسين ياسر، محمد أحمد سالم، خالد وائل (سموحة)، عمر محمد يحيى (وادي دجلة)، وآدم حسام الدين (سموحة).

في السياق ذاته، أعلن الاتحاد الإفريقي للسباحة عن استضافة مصر لبطولة إفريقيا السادسة عشرة للسباحة للناشئين لعام 2025، والتي ستقام خلال الفترة من 30 أبريل الجاري حتى 3 مايو المقبل، بمجمع حمامات السباحة في استاد القاهرة الدولي.

وتشهد البطولة مشاركة قياسية من 32 دولة، في منافسات الفئة العمرية تحت 18 عامًا، ما يؤكد على مكانة البطولة وأهمية المنافسة المنتظرة.

ويواصل الاتحاد المصري للسباحة بقيادة المهندس ياسر إدريس، استعداداته التنظيمية والفنية لضمان خروج الحدث بالشكل الذي يعكس مكانة مصر على الساحة الرياضية القارية والدولية.

مقالات مشابهة

  • الآبار اليدوية القديمة في الحدود الشمالية.. شواهد على عبقرية الإنسان وصموده في مواجهة الطبيعة
  • أمين الأعلى للشئون الإسلامية يلقي كلمة وزارة الأوقاف في مؤتمر كلية الشريعة
  • وزير المالية: «حالة حوار» ممتدة مع مجتمع الأعمال حول أولويات الإصلاح الضريبى بلورة رؤية توافقية مشتركة من خلال جلسات الاستماع الضريبى
  • "ألسن قناة السويس" تنظم مؤتمرها البحثي السابع حول بناء الإنسان في ظل التحديات
  • اليوم.. محاكمة 58 متهما فى قضية "خلية العمرانية"
  • نظر محاكمة 58 متهما اليوم فى قضية خلية العمرانية
  • عيد تحرير سيناء|قصة نصر لا تنتهى.. 25 أبريل.. يوم رفرف فيه العلم على الأرض الطاهرة.. ملحمة شعب وجيش لا تنتهي
  • الأهرام يتوج ببطولة سوبر النخبة للصحفيين بعد الفوز على اليوم السابع
  • مواجهة اليوم بين النصر والمدينة بقاعة طرابلس الكبرى ستحدد المتأهل الرابع
  • 38 لاعبًا ولاعبة يمثلون مصر في بطولة إفريقيا للسباحة القصيرة بالقاهرة