أكبر نصر للمؤمنين في الوقت الحاضر يتحقق في سوريا وفلسطين بعد الجزائر
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
ربطا بما يجري من أحداث جسام وتحولات جذرية مذهلة فاقت كل التوقعات عرفنا إرهاصات بدايتها قبل سنوات ونشهد بوادر نهاياتها هذه الأيام على ساحة الأمة بعد مخاض عسير نود أن نذكر المعتبرين بدروس التاريخ الحي الذي عشناه في أولى هذه الثورات جهادًا و"استشهادًا" وانتصارًا بعد ما يزيد عن السبع سنين مماثلة لما رآه العالم على المباشر من أهوال الحرب (غير المتكافئة) بين الحق والباطل في معركة الأحزاب الثانية في سوريا وفلسطين الحالية والجزائر الماضية.
صورة تذكارية للدكتور أحمد بن نعمان من أيام الاحتفال بفرحة الاستقلال يوم الخامس من يوليو سنة 1962..
وقد كنا نظن، وإن بعض الظن ليس إثما، أن ثورات الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال التي عرفتها مختلف أنحاء المعمورة قد تجاوزتها الوحوش البشرية المسلحة بالنووي والحقد الأعمى في معاداة الإنسان العربي المسلم خارج حقوق الإنسان غير المسلم التي يحميها حق الفيتو الظالم أمام كل أنظار العالم الأعمى الأصم والأبكم!! مما يؤكد لكل ذي عقل وبصيرة أن الإسلام والاستعمار ضدان لا يلتقيان على الإطلاق لا في مبدأ ولا في غاية.!!؟! فالإسلام دين الحرية والتحرير، والاستعمار دين الاستعباد والتخريب والتدمير.
إن هذا الجو الاحتفالي بالنصر المبين الذي تعيشه شعوب الأمة في الميدان أو عن بعد مثلنا بأضعف الإيمان، تعود بي الذاكرة إلى أكثر من ستة عقود خلت عن تحقيق أول انتصار للأمة في جناحها الغربي لم تعرف مثله منذ تحرير القدس على أيدي الناصر صلاح الدين في القدس وحطين..والإسلام شرع الرحمة والرفق، وأمر بالعدل والإحسان، والاستعمار قِوامه على الشدة والقسوة والطغيان. الإسلام يدعو إلى السلام والاستقرار، والاستعمار يدعو إلى الحرب والتقتيل والتدمير والاستغلال. الإسلام يثبت الأديان السماوية ويحميها ويقرّ ما فيها من خير ويحترم جميع أنبيائها وكتبها، بل يجعل الإيمان بتلك الكتب وأولئك الأنبياء والرسل قاعدة من قواعده وأصلا من أصوله، والاستعمار يكفر بذلك كله ويعمل على هدمه خصوصا الإسلام ونبيه وقرآنه ومعتنقيه.
وهذا المكيال العجيب الغريب بين إنسانين بمكيالين لا يثير القلق فقط حول مصير البشرية في هذا العالم (وحيد القرن) فحسب، وإنما يعيد السؤال أيضا وبإلحاح عما إذا كان للمعارك الحضارية الكبرى التي سعت لتوحيد البشرية على أساس العدل والمساواة أخذت تنحدر إلى ما تحت الصفر المطلق كما رأيناها في مجازر المغول الجدد بالصوت والصورة في سوريا العلوية (الوحشية) وغزة العزة والحرية والإباء والرحمة والإنسانية التي تحتضر بمستشفياتها المنكوبة اليوم في كل محافظات القطاع والمقطوعة عن الحياة أمام أعين الذين يسمون أنفسهم دعاة ورعاة لحقوق الإنسان (الحجري) غير المسلم وليس الإنسان المتعلم المتحضر والمتقدم!!
وإن هذا الجو الاحتفالي بالنصر المبين الذي تعيشه شعوب الأمة في الميدان أو عن بعد مثلنا بأضعف الإيمان، تعود بي الذاكرة إلى أكثر من ستة عقود خلت عن تحقيق أول انتصار للأمة في جناحها الغربي لم تعرف مثله منذ تحرير القدس على أيدي الناصر صلاح الدين في القدس وحطين..
أذكر مثل يومنا هذا في صبيحة الخامس من شهر يوليو سنة 1962 الذي هو نفسه يوم ذكرى الغزو الصليبي للمحتل الفرنسي الغادر سنة 1830.. مما يدل على أن كل استقلال قد يحمل بذور الخيانة والاحتلال كما أن كل احتلال قد يحمل بذور الاستقلال.. مما يدل أنه لا يوجد احتلال دائم ولا استقلال دائم وإنما توجد خيانة مستمرة وجهاد قائم وأن المسؤولية تقع على النظام الحاكم أو الجيل القائم (الخائن أو الخادم أو النائم...)، قلت أذكر أننا أتينا بأسلحتنا وبزاتنا العسكرية (في شاحنات مدنية) من مدينة ذراع الميزان بولاية تيزي وزو إلى الجزائر العاصمة للمشاركة في الاحتفال بتحقيق ذلك الاستقلال الغالي الذي ضحى من أجله الملايين من خيرة الرجال على امتداد العديد من العقود والأجيال.. كما تشهد عليه جماجم الأبطال في متاحف الاحتلال..
وتقديرًا لشخص قائد الولاية الثالثة التاريخية المجاهد العقيد (سي محمد وَلحاج،) وهو أكبر الضباط سنا وأكثرهم فضلا وقدرا وكان يسمى "أمغار" ومن معاني هذه الكلمة بالقبائلية "الشيخ أو الحكيم"، وهو الذي وقع عليه الإجماع كما يشهد على ذلك زميله العقيد الدكتور سي حسن خطيب (قائد الولاية الرابعة التاريخية) اختير عميد عقداء الثورة لرفع العلم الوطني بمكان دخول الاحتلال الغادر والسافر في ميناء سيدي فرج بغرب الجزائر العاصمة في ذات اليوم المشؤوم من سنة 1830، وكان عميد العقداء لا يعرف العربية (بسبب سياسة التجهيل ومحاربة اللغة العربية التي مارسها الاحتلال ذاته طوال وجوده الظالم والمظلم على البلاد والعباد) فامتنع الرجل ابن حزب الشعب الجزائري العظيم صاحب الشعار الباديسي المقدس الذي يمثل أساس الهوية الوطنية التي حمت الجزائر من أن تصبح غرناطة فرنسية وهو: "الإسلام ديننا العربية لغتنا الجزائر وطننا" كما جسده لاحقا بيان نوفمبر الخالد وكان أساس التفاوض الشاق مع العدو بعد ذلك حتى نهاية حرب التحرير بتوقيف القتال وتقرير المصير واعتراف فرنسا باستقلال الجزائر مرغمة أمام العالم بأسره في مساء ذلك اليوم التاريخي المجيد !!
قلت قد امتنع عن أن يلقي كلمته بالفرسية لغة المحتل ورمز هويته القائمة وسلطته الحاكمة في تلك اللحظات التاريخية (الاستثنائية) المشحونة بالذكريات، وألقى كلمته بالقبائلية (وهي إحدى اللهجات البربرية لسكان شمال إفريقيا قبل اعتناق الإسلام وتبني لسان القرآن واستبداله بلسان الرومان الذي ما يزال يصارع من أجل البقاء في إدارة البلاد حتى الآن!! لقد ألقى خطابه بكل عفوية وصدق وروح وطنية أمام أغلبية من جنود وضباط الولاية الرابعة الذين لا يعرفون القبائلية بطبيعة الحال، وقد صفق له الجميع بكل روح جهادية دون أية عقدة ذات خلفية جهوية أو قومية عنصرية، لأن القبائلية وغيرها من اللغات الشفهية المتعددة في الجزائر وكل بلاد المغرب العربي على غرار كل البلاد العربية والافريقية (مسلمة وغير مسلمة)، هذه اللغات موجودة كواقع اجتماعي وتاريخي على هذه الأرض مثل غيرها من الشفاهيات الأخريات، وستبقى هذه اللغات تٌؤدي وظيفتها الاجتماعية والثقافية المحلية، على غرار جميع اللغات المحلية والجهوية الأخرى داخل الوطن ككل البلاد العربية وغير العربية فوق الكرة الأرضية، لأن الفصحى للمتعلمين فقط وليس للأميين الذين كانوا وما يزالون يمثلون الأغلبية النسبية في بلدان العالم بأسره، حيث يبلغ عدد اللغات المكتوبة وغير المكتوبة حوالي 6700 لغة (حسب آخر إحصائيات منظمة اليونسكو).
إذا كانت الأهرامات المصرية من العجائب البشرية السبعة في الدنيا.. فإن أنفاق غزة هي الأعجوبة المدبرة من القدرة العليا. ومن بين العشرات المتداولة كتابيا من هذه اللغات عبر كل التاريخ البشري في العالم تأتي لغة الذكر الحكيم المحفوظ فيها وبها في الترتيب الرابع عالميا بعد الانجليزية والصينية والإسبانية!!!! و96% من دول وشعوب العالم المتحضر يتداولون كتابيا هذه اللغات الحضارية المكتوبة التي لا تتجاوز العشرات يتقاسمها رسميًا 194 دولة من الأعضاء الرسميين في المنظمة الأممية؟!
ولكن هذا التكامل الطبيعي في وسائل التواصل بين البشر محليا ودوليا يكْمٌن في أن كل اللغات المحلية في العالم، (المكتوبة أو الشفوية)، تلعب دورا اجتماعيًا ووظيفيًا في الحياة اليومية للمواطن وهي أشبه ما تكون في ذلك بالفرق الجهوية بالنسبة للفريق الوطني الذي يٌمثل اللغة الجامعة أو العملة الرسمية الوحيدة المتداولة بين جميع المواطنين على مستوى التراب الوطني في الوطن الواحد مثل العملة الواحدة والعلم الواحد..
ونؤكد هنا أن لكل واحدة من هذه اللغات الشفهية المحلية والجهوية وظيفةً مٌحددة في المٌجتمع لا تتجاوز حدودها حتى لا تنقلب إلى ضدها على غرار دور الأميرات أو الوصيفات بالنسبة للملكة في الدولة. فلكل ملكة شعب واحد وعدد غير محدود من الأميرات المساعدات مع الفارق أن الملكة تنوب عن جميع الأميرات، ولكن لا يمكن لأية أميرة أن تنوب عن الملكة في الحٌكم والمسائل الرَسمية بين الدٌول إلا عند الضرورة القصوى المٌبررة.. (والتي تمثل الاستثناء وليس القاعدة بأي حال من الأحوال مثل استعمال لغة العدو كوسيلة تواصل في حرب التحرير من باب الاضطراري إلى أكل لحم الخنزير!!)
ولذلك رفع المجاهد "آمغار" العلم الوطني الواحد خاطبا في الحاضرين بإحدى وسائل التواصل المتاحة في سيدي فرج بكل عفوية وأخوّة جهادية، وقد صفق له الجميع كما قلنا لأنهم كلهم ثوار أحرار مجاهدون من أبناء حزب الشعب الجزائري الواحد (وليس حزب الشعوب الجزائرية والقبائل المتنافرة والمتناحرة على خرافة "الإله أنزار و"كيفية كتابة لغة شفهية لم يتفق مستعملوها على اسم وحرف أو رسم موحد تكتب به في الوجود عبر الحدود!!!) قلت حزب الشعب الجزائري الواحد مفجر الثورة ذي الشعار الواحد والثابت المعروف السالف الذكر المتمثل في الوطنية والإسلام والعربية المكتوب في بطاقة النضال المحمولة في جيب كل مناضل وطني بدون استثناء عبر جميع ولايات الوطن الذي طلع من جباله صوت الأحرار ينادي للاستقلال بكل أنواع السلاح المتاح للنزال والقتال بهدف استئصال كل أسباب ومظاهر وأنواع الاحتلال المادي (العسكري) والمعنوي (الثقافي والسيادي والهوياتي!!) وإذا كان للعوامل الظرفية والاستثنائية أن تكذب على الماضي، (حسب الأهواء الشخصية وموازين القوى الفعلية الظزفية القسرية) فإنه لا يٌمكن لأية قوة مادية على الإطلاق أن تجعل الشيء الذي حصل بالفعل في الماضي وتحقق في الواقع وكأنه لم يحدث ولم يقع، فذلك أمر مستحيل !!
فمن المستحيل مثلا إنكار اندلاع ثورة نوفمبر المجيدة بحزب الشعب المذكور، أو انعقاد مؤتمر الصومام في المكان والزمان المعروفين وقراراته الحاسمة التي كان لها مفعولها في تاريخ الثورة المجيدة، ومن المستحيل كذلك إنكار تضحية مئات الآلاف من الشهداء، أو إنكار النتائج الرسمية للاستفتاء على تقرير المصير، (وهي نسبة 97،5 ٪ بنعم لاستقلال الشعب الجزائري الواحد الموحد ذي الدين الغالب واللسان الوطني الجامع والواحد (كما هو منصوص عليه في بنود البيان الجهادي المؤسس القائد..) والعلم الوطني الواحد والنشيد الوطني الخالد حتى ولو ندم البعض على ذلك الاستقلال المعطوب السيادة في بعض الجوانب المتعلقة بتوحيد استعمال اللسان الرسمي والوطني في القانون الدستوري (المجمد تطبيقه منذ 1992 حتى الآن ..!!؟!)، ولكن الندم لا يغير من الأمر شيئا، مهما وجد لدى النادمين من مبررات كتمني الموتى عودتهم إلى قيد الحياة.... !!؟؟؟
وخلاصة القول في الختام كمشاركة متواضعة مني لكل أفراد أمتنا ذات العين البصيرة واليد القصيرة، المبتلاة بأسوء خلق الله من الآفات البشرية الحاكمة الظالمة والمحكومة المظلومة كمشاركة لكل أبناء الأمة فرحتهم بهذا النصر المبين كأضعف الإيمان نختم بهذه المعاني المشحونة في كلمات موزونة على وقع هذا الانتصار غير المنتظر إلا من الواحد القهار فوق كل عباده المؤمنين العاجزين والكفار المتجبرين على عباده المستضعفين:
1 ـ إذا كانت الأهرامات المصرية من العجائب البشرية السبعة في الدنيا.. فإن أنفاق غزة هي الأعجوبة المدبرة من القدرة العليا.
2 ـ عندما يستنفد المؤمنون كل الأمل في أهل الأرض من الجيران والأشقاء.. يفتح الله عليهم رحمته الواسعة من باب السماء!!
3 ـ من لا يعرف معنى الآية الكريمة "إن بعد العسر يسرا.، فلينظر إلى واقع المحتسبين من أهل غزة حصرا.
4 ـ إن الشعب الفلسطيني المؤمن الصابر المنصور، بعث في الأمة روح المقاومة من تحت القبور!!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الثورات سوريا الجزائرية الفلسطيني سوريا فلسطين الجزائر رأي ثورات أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الجزائری هذه اللغات حزب الشعب فی سوریا
إقرأ أيضاً:
د. عماد أبو الدهب لـ "الفجر": حلم التميز العلمي يتحقق في جامعة حلوان
في إطار سعي الجامعات المصرية إلى تعزيز مكانتها العلمية والبحثية إقليميًا ودوليًا، تواصل جامعة حلوان جهودها الحثيثة لدعم منظومة الدراسات العليا والبحث العلمي، انطلاقًا من رؤيتها الاستراتيجية الرامية إلى تحقيق التميز الأكاديمي والمساهمة الفاعلة في خدمة قضايا المجتمع. ومن هذا المنطلق، تلعب إدارة الدراسات العليا والبحوث دورًا محوريًا في تطوير الأداء البحثي، ودعم الباحثين، وتحفيز الابتكار العلمي داخل الجامعة.
وفي هذا السياق، أجرينا حوارًا موسعًا مع الدكتور عماد أبو الدهب، نائب رئيس جامعة حلوان للدراسات العليا والبحوث، الذي استعرض خلاله ملامح الخطة الطموحة التي تتبناها الجامعة للنهوض بالبحث العلمي، وآليات دعم الطلاب والباحثين، إلى جانب الجهود المبذولة لتعزيز الشراكات البحثية مع المؤسسات الوطنية والدولية. كما تطرق الحوار إلى البنية التحتية البحثية المتطورة بالجامعة، والمبادرات التي أطلقتها لدعم التميز البحثي وتشجيع النشر العلمي الدولي.
في السطور التالية، نفتح نافذة شاملة على واقع البحث العلمي بجامعة حلوان، وطموحاتها المستقبلية، والتحديات التي تواجهها، من خلال رؤية متكاملة يقدمها لنا د. عماد أبو الدهب بخبرته الأكاديمية الواسعة.
يُعد الدكتور عماد أبو الدهب واحدًا من القامات العلمية البارزة في مصر، إذ يمتلك سجلًا أكاديميًا حافلًا بالإنجازات في مجال الدراسات العليا والبحث العلمي. يشغل حاليًا منصب نائب رئيس جامعة حلوان للدراسات العليا والبحوث، حيث يقود جهودًا حثيثة لتطوير منظومة البحث العلمي وتعزيز مكانة الجامعة على المستويين المحلي والدولي.
تخرج د. أبو الدهب في كلية العلوم بجامعة حلوان، وواصل مسيرته الأكاديمية حتى حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في تخصصه الدقيق، وتميز بأبحاثه الرصينة التي نشرت في كبرى الدوريات العلمية العالمية. كما تقلد عدة مناصب أكاديمية وإدارية بارزة، وأسهم في الإشراف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، إلى جانب مشاركته الفاعلة في المؤتمرات الدولية.
يعرف عن د. أبو الدهب التزامه الشديد بدعم الطلاب والباحثين الشباب، وسعيه الدؤوب لتوسيع آفاق التعاون الدولي، واهتمامه الكبير بربط البحث العلمي بقضايا التنمية الوطنية، مما جعله رمزًا للتميز والابتكار في المجتمع الأكاديمي المصري.
س: بدايةً، كيف تصفون الدور الذي تلعبه جامعة حلوان في دعم البحث العلمي على مستوى مصر؟جامعة حلوان تمثل نموذجًا فريدًا ومتميزًا بين الجامعات المصرية، فهي تتسم بطابع أكاديمي متنوع يشمل مختلف المجالات العلمية والفنية والإنسانية. هذا التنوع يوفر للجامعة قاعدة واسعة للمساهمة في إثراء البحث العلمي على مستوى الدولة، ويجعلها أحد المحاور الأساسية الداعمة لتطور المشهد البحثي الوطني. نحن لا نكتفي بإنتاج أبحاث متخصصة، بل نركز أيضًا على التداخلات بين التخصصات المختلفة، مما يخلق فرصًا فريدة للابتكار وإيجاد حلول علمية تطبيقية تخدم احتياجات المجتمع المصري.
س: ما أبرز القطاعات الأكاديمية التي تمنح الجامعة هذا التميز البحثي الفريد؟تضم جامعة حلوان مجموعة واسعة من القطاعات الأكاديمية، تشمل مجالات الفنون الجميلة والفنون التطبيقية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والسياحة والفنادق، بالإضافة إلى العلوم الطبية والصحية، والهندسية، والعلوم الأساسية. كل قطاع من هذه القطاعات يساهم بطابعه البحثي المتخصص، مما يمنح الجامعة قدرة فريدة على تغطية طيف متنوع من التخصصات البحثية. هذا التنوع يعزز من قدرة الجامعة على تقديم حلول علمية متكاملة وشاملة لمختلف القضايا المجتمعية.
س: كيف ينعكس هذا التنوع في القطاعات على نشاط الجامعة البحثي وإنتاجها العلمي؟التنوع الأكاديمي في جامعة حلوان ينعكس بشكل واضح ومباشر على نشاطها البحثي. كل كلية وكل قطاع أكاديمي يسهم بإنتاج علمي متميز في مجاله. هذا التعدد يثري البيئة البحثية بالجامعة، حيث تتيح التفاعلات بين مختلف التخصصات العلمية خلق مشروعات بحثية متعددة الأبعاد. نجد أن الأبحاث التي يتم إنجازها ليست أحادية النظرة، بل تعتمد على دمج الرؤى والخبرات المتعددة، مما يزيد من فعاليتها وتأثيرها العلمي والمجتمعي. وهذا يظهر في الكم والنوع في رسائل الماجستير والدكتوراه، بالإضافة إلى الأبحاث المنشورة في مجلات دولية مرموقة.
س: بعيدًا عن الكليات، هل تمتلك الجامعة بنية تحتية بحثية تواكب هذا النشاط الأكاديمي المتنوع؟بالتأكيد. جامعة حلوان تولي اهتمامًا بالغًا بتطوير بنيتها التحتية البحثية. تمتلك الجامعة مراكز بحثية متخصصة مثل مركز النانوتكنولوجي، والمعمل المركزي، إلى جانب المعامل البحثية المتطورة المنتشرة داخل الكليات. هذه المراكز مزودة بأحدث الأجهزة والمعدات التي تواكب المعايير العالمية في البحث العلمي. كما تتيح هذه البنية التحتية للباحثين والطلاب إجراء أبحاث متقدمة بجودة عالية، بما يدعم رسائل الماجستير والدكتوراه، ويعزز من فرص النشر العلمي في الدوريات المرموقة.
س: في ضوء هذه الإمكانيات، كيف ترى مساهمة جامعة حلوان في الارتقاء بمنظومة البحث العلمي بمصر؟جامعة حلوان تؤمن بدور البحث العلمي كقاطرة للتنمية الوطنية. من خلال تنوعها الأكاديمي وبنيتها البحثية الحديثة، تقدم الجامعة مساهمات فعالة في دعم أهداف الدولة البحثية. نحن نحرص على تحفيز الباحثين ودعمهم ماديًا ومعنويًا، ونشجع ثقافة الابتكار والإبداع العلمي. كما نركز على ربط الأبحاث العلمية باحتياجات المجتمع الفعلية، مما يجعل لنتائج الأبحاث أثرًا واقعيًا يسهم في تطوير القطاعات المختلفة.
س: ما هي أبرز الخطط والاستراتيجيات التي تعتمدها الجامعة لدعم وتشجيع البحث العلمي؟جامعة حلوان تعتمد استراتيجية متكاملة لدعم البحث العلمي. في مقدمتها إطلاق مبادرات سنوية تهدف إلى تحفيز المجتمع الأكاديمي وتشجيع روح التنافس الإيجابي. هذه المبادرات تشمل تنظيم مسابقات لاختيار أفضل الباحثين وأفضل الرسائل العلمية، بالإضافة إلى تكريم الكليات الأكثر تميزًا في الإنتاج البحثي. كما نحرص على تقديم دورات تدريبية متقدمة للباحثين لتنمية مهاراتهم، ونوفر بيئة تنافسية تشجع على الابتكار.
س: وما تفاصيل المبادرات السنوية التي تطلقونها لتكريم التميز البحثي؟تشمل هذه المبادرات تنظيم مسابقات بحثية سنوية يتم فيها اختيار أفضل باحث في الجامعة، وأفضل رسالة ماجستير، وأفضل رسالة دكتوراه. كما يتم تكريم الجهة الأكاديمية الأكثر نشرًا للأبحاث العلمية، بالإضافة إلى الباحثين الأفراد الأكثر نشاطًا في مجال النشر الدولي. تهدف هذه الجوائز إلى تسليط الضوء على الإنجازات العلمية وتحفيز باقي أعضاء المجتمع الأكاديمي على مضاعفة جهودهم البحثية.
س: هل تقتصر جهود الجامعة على الجوائز التقديرية فقط؟لا تقتصر جهود الجامعة على الجوائز التقديرية. بل توسعنا في تقديم جوائز إضافية مثل "جائزة الرواد" و"جائزة التفوق" لتكريم الباحثين المتميزين في مختلف القطاعات الأكاديمية، سواءً في الفنون أو العلوم الطبية أو العلوم الأساسية. كما نقدم دعمًا ماديًا مباشرًا للباحثين الذين يحققون إنجازات بحثية دولية بارزة.
س: هل توفر الجامعة دعمًا ماليًا مباشرًا للباحثين الذين يحققون إنجازات بحثية دولية؟بالتأكيد. لدينا سياسة تحفيزية واضحة تقوم على تقديم مكافآت مالية للباحثين الذين ينشرون أبحاثهم في مجلات دولية ذات معامل تأثير مرتفع، خاصة تلك المفهرسة ضمن قواعد بيانات "سكوبس" و"ويب أوف ساينس". هذه السياسة أسهمت بشكل ملحوظ في رفع جودة الأبحاث وزيادة معدلات النشر الدولي للجامعة.
س: كيف تقيّمون أثر الجوائز والحوافز على تطوير البحث العلمي في الجامعة؟لقد كان لهذه الحوافز أثر إيجابي بالغ على تطوير منظومة البحث العلمي بجامعة حلوان. لاحظنا زيادة ملموسة في عدد الأبحاث المنشورة، وتحسنًا في جودة النشر، بالإضافة إلى ارتفاع ترتيب الجامعة في التصنيفات الدولية. كما ساعدت هذه السياسات على خلق بيئة بحثية تنافسية نشطة تشجع على الابتكار والإبداع العلمي.
س: حدثنا عن جهود الجامعة في دعم وتمويل المشروعات البحثية، سواء عبر التمويل الخارجي أو من خلال آليات داخلية؟جامعة حلوان تتبنى مسارين رئيسيين لدعم المشروعات البحثية. الأول هو التمويل الخارجي من خلال برامج مثل "إيراسموس" والتعاون مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ووزارة البحث العلمي. أما المسار الثاني، فهو التمويل الداخلي من خلال "صندوق البحث العلمي" بالجامعة، الذي يمول مشروعات أعضاء هيئة التدريس والباحثين وفقًا للأولويات الاستراتيجية للجامعة. نحن نستثمر سنويًا نحو أربعة ملايين جنيه مصري لدعم هذه المشروعات.
س: ما المعايير الرئيسية التي تعتمدون عليها لاختيار المشروعات البحثية التي تحظى بالدعم؟نحن نركز على المشروعات التي تقدم حلولًا عملية لمشكلات المجتمع المصري، في مختلف القطاعات مثل الصحة والصناعة والبيئة. كما نولي أهمية خاصة للمشروعات التي تواكب خطة الدولة للبحث العلمي والتنمية المستدامة. يتم تقييم المشروعات بناءً على جدواها العلمية ومدى قابليتها للتطبيق العملي، بالإضافة إلى جودة الإنتاج العلمي المتوقع منها.
س: بالنظر إلى المجالات البحثية داخل الجامعة، ما أبرز القطاعات التي تشهد نشاطًا مميزًا؟القطاع الطبي يمثل أحد أنشط القطاعات البحثية في جامعة حلوان. كلية الطب، بالإضافة إلى كليات الصيدلة والتمريض، تحقق معدلات نشر بحثي مرتفعة بفضل الدعم الذي توفره المستشفيات الجامعية مثل مستشفى بدر الجامعي والمعامل البحثية المتخصصة. هذه الأبحاث تسهم بشكل مباشر في تحسين الخدمات الصحية وتطوير أساليب التشخيص والعلاج.
س: كيف تضمن الجامعة استمرارية تحديث وصيانة بنيتها التحتية البحثية؟تلتزم الجامعة بإجراء صيانة دورية شاملة لجميع المعامل والمراكز البحثية. كما نحرص على تجديد الأجهزة المعملية بشكل مستمر، وتزويد الكليات بأحدث التقنيات البحثية التي تلبي متطلبات الأبحاث العلمية المتقدمة. هذه الاستراتيجية تضمن توفير بيئة بحثية تواكب أحدث التطورات العلمية.
س: على مستوى الشراكات الوطنية والدولية، كيف تعمل جامعة حلوان على توسيع شبكة تعاونها البحثي والصناعي؟جامعة حلوان تشارك بفعالية في المبادرات الوطنية مثل مبادرة "التحالف والتنمية" التي تهدف إلى تطوير مشروعات بحثية بالتعاون مع المؤسسات الصناعية ومراكز الأبحاث. نسعى من خلال هذه الشراكات إلى تطوير نماذج أولية قابلة للتحول إلى منتجات محلية، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويقلل الاعتماد على الاستيراد. كما ننظم ورش عمل واجتماعات دورية بين كليات الجامعة وشركائنا الصناعيين لتعزيز هذه التعاونات.
س: أخيرًا، ما هو الطموح المستقبلي لجامعة حلوان في مجال البحث العلمي؟طموحنا هو أن تصبح جامعة حلوان واحدة من أبرز الجامعات البحثية على المستويين الإقليمي والدولي. نسعى إلى مواصلة دعم الباحثين، وتعزيز ثقافة الابتكار، وزيادة معدلات النشر الدولي، وتوسيع شبكة شراكاتنا البحثية. نؤمن أن البحث العلمي هو حجر الزاوية لتحقيق التنمية الشاملة، وسنواصل الاستثمار في بنيتنا التحتية البحثية وفي كفاءاتنا الأكاديمية لتحقيق هذا الهدف.
في ختام حوارنا مع الدكتور عماد أبو الدهب، تتجلى بوضوح الرؤية الطموحة التي تتبناها جامعة حلوان للنهوض بقطاع الدراسات العليا والبحث العلمي، وجعل الابتكار والمعرفة أدوات رئيسية في تحقيق التنمية المستدامة.
فقد أكد سيادته أن الجامعة تمضي بخطى واثقة نحو تهيئة بيئة بحثية محفزة، تدعم الإبداع العلمي، وتوفر للباحثين كافة الإمكانات اللازمة للتميز على المستويين المحلي والدولي.