مؤمن الجندي يكتب: على صخرة الطمع
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
في الحياة، تنشأ الأحلام كطيور مهاجرة، تبحث عن فضاء أوسع لتحلق فيه، لكنها كثيرًا ما تصطدم بأسوار حب التملك والرغبة في السيطرة.. نرى من يتمسك بكل شيء بين يديه، يخشى أن يفقده حتى وإن كان ذلك على حساب طموح الآخرين أو تطورهم! وكأن العالم ساحة صراع بين رغبة الإنسان في الامتلاك وحق الحياة في أن تمضي بانسيابية.
حب التملك ليس في ذاته شرًا مطلقًا؛ إنه نزعة فطرية تُمكننا من الحفاظ على ما نحب، وتدفعنا للسعي خلف أحلامنا.. لكنه حينما يتجاوز الحد، يصبح كالطوفان الذي يُغرق كل شيء.
في مشهد كرة القدم المصرية، تُظهر الأندية تمسكًا شديدًا بمواهبها التي تنضج مبكرًا، خاصة حينما تصل تلك المواهب إلى مرحلة تُغريها العروض الاحترافية الأوروبية.. هذا التمسك قد يبدو منطقيًا في سياق الحفاظ على قوة الفريق وتدعيم خزينة النادي، لكنه يتحول في كثير من الأحيان إلى صورة من صور حب التملك المفرط، الذي يُغفل المصالح الأوسع، فاللاعب الذي تُحرم موهبته من الاحتراف الخارجي لا يخسر تطوره الشخصي فحسب، بل تحرم الكرة المصرية نفسها من فرصة أن تُصدر صورة مشرقة عالميًا.. ولنا في صلاح ومرموش الآن خير مثال! الأندية قد تنظر إلى مكاسبها المالية القريبة، لكنها تُضيع فرصة بناء سمعة رياضية دائمة تصب في مصلحة الوطن، فما قيمة الطمع حين يُعطل طموح المواهب ويُطفئ شغفها؟
هنا تبرز السماحة كضوء في نفق مظلم.. السماحة ليست ضعفًا، بل قوة ناعمة تُعيد الأمور إلى نصابها، إنها التذكير بأننا لسنا في سباق دائم نحو الاستحواذ، وأن الحياة أكبر من حدود الأشياء التي نملكها.. السماحة تُعلمنا أن الطموح الحقيقي ليس في الاستحواذ، بل في البناء.
في مواقف الحياة، قد نجد أنفسنا أمام خيارين، أن نتشبث بما نريد بأي ثمن، أو أن نختار السماحة وندع الحياة تسير بانسيابية.. السماحة هي الحكمة التي تذكرنا بأننا لسنا خالقي هذا العالم، بل ضيوف فيه، وأن التملك الدائم وهم، وأننا حين نترك شيئًا برضا، فإننا نكسب لا محالة.
تخيل إنسانًا أحب وردة، وأصر أن يقطفها ليحتفظ بجمالها.. في لحظة، سيموت الجمال الذي أسره، وستتحول الوردة إلى ذكرى باهتة! لكن، إن أحب الوردة وتركها تنمو، سيظل جمالها حاضرًا، وربما تُزهر ورودًا جديدة تزيد من بهائها.. هكذا هي السماحة، لا تُضعف الإنسان، بل تجعله أكثر استفادة ونبلًا وعمقًا.
وفي النهاية، الحياة ليست في مقدار ما نملك، بل في كيف نعيش.. السماحة هي المفتاح الذي يفتح لنا أبواب الحرية الداخلية، ويذكرنا أن الأهم ليس فيما نحتفظ به، بل في القلوب التي نترك فيها أثرًا طيبًا لا يُنسى.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: عمر مرموش محمد صلاح ليفربول مانشستر سيتي الدوري الانجليزي ابراهيم عادل بيراميدز مؤمن الجندی یکتب
إقرأ أيضاً:
الهندي عز الدين يكتب: لماذا يسجن البرهان البشير ورفاقه ؟!
يكمل الرئيس السابق القائد العام والأعلى للقوات المسلحة السودانية المشير عمر البشير هذا الشهر رمضان السادس في الحبس هو وقادة الجيش الفريق أول ركن بكري حسن صالح ، الفريق أول ركن مهندس عبدالرحيم محمد حسين والعميد الركن يوسف عبدالفتاح محمود ، وليس عليهم أية أحكام قضائية داخل أو خارج السودان.
لماذا يبقى البشير في الحبس وعمره اليوم (81) عاماً وهو مريض بجملة من الأمراض ؟
لماذا يبقى بكري في الحبس وفي قلبه جهاز وعمره (75) عاماً ؟
لماذا يبقى عبدالرحيم وهو في ذات العمر ويوسف الذي يكابد الداء ؟
أهكذا يعامل الجيش قادته العظام بينما عتاة المجرمين وتجار المخدرات قد هربوا من السجون؟
القانون الجنائي السوداني يمنع حبس المدان الذي بلغ السبعين من العمر واستبدل العقوبة بالتغريب وهم غير مدانين.
الواجب الوطني والأخلاقي والتزام القانون يحتّم على رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان أن يصدر أمره بالإفراج عنهم والسماح لهم بالعلاج خارج السودان (ولو على سبيل التغريب) عاجلاً غير آجل.
الهندي عز الدين
إنضم لقناة النيلين على واتساب