رحلة النبي (5): مشاهد الجنة والنار في الإسراء والمعراج
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
ليلة الإسراء والمعراج واحدة من أعظم المعجزات التي اختص الله بها نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، فقد كانت رحلة روحانية عظيمة شهدت انتقال النبي من مكة إلى المسجد الأقصى، ثم إلى السماوات العُلا، حيث أراه الله من آياته الكبرى واطلعه على مشاهد من الجنة والنار، كانت هذه الرحلة بمثابة تذكير للبشرية بعظمة الله وكرمه وعدله، سنستعرض في السطور التالية أبرز ما رآه النبي من مشاهد في الجنة والنار.
رأى النبي صلى الله عليه وسلم أثناء رحلته السماوية مشاهد مبهرة من الجنة التي أعدها الله للمؤمنين، ومن أعظم ما رآه، نهر الكوثر، وهو نهر عظيم خصّه الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم تكريمًا له، جاء في الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ أَوْ طِيبُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ".
كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الجنة نفسها بتفاصيلها الرائعة، فقال:"ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ"، كانت هذه المشاهد تأكيدًا على كرم الله وجزيل عطائه لعباده المؤمنين.
مشاهد من النار: تحذير من العذاب الشديد
لم تكن الرحلة السماوية مجرد رحلة لعرض النعيم فحسب، بل أطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على مشاهد من النار، بما فيها من عذاب شديد للأقوام الذين خالفوا أمره وعصوا تعاليمه. ومن أبرز هذه المشاهد ما رواه النبي عن أقوام يُعذبون بسبب أفعالهم في الدنيا:
1. قوم يخمشون وجوههم وصدورهم بأظفار من نحاس
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لَمَّا عُرِجَ بِي رَبِّي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ. فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ"، هذا المشهد يؤكد على حرمة الغيبة والنميمة، وكيف أن العقوبة في الآخرة تعكس الفعل في الدنيا.
2. قوم تُقْرَضُ شفاههم بمقاريض من نار
رآهم النبي صلى الله عليه وسلم وسأل عنهم، فقيل له:
"هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا مِمَّنْ كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ، وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ، وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ، أَفَلَا يَعْقِلُونَ"، يُظهر هذا المشهد خطورة النفاق والوعظ بغير تطبيق، وكيف أن الجزاء من جنس العمل.
3. عذاب النساء اللاتي يغوين الرجال
رُوي أن النبي رأى نساء يُعذبن بشدة بسبب إغوائهن للرجال، وتعرضهن للعري، في تحذير واضح من التبرج والفساد.
رسائل ودروس من المشاهد
إن المشاهد التي أُريها النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة والنار تحمل العديد من الدروس والعبر، فقد أراد الله أن يُظهر للمسلمين أن حياتهم الدنيوية ليست نهاية المطاف، وأن العمل الصالح والامتثال لأوامر الله هو الطريق الوحيد للنجاة. ومن ناحية أخرى، فإن المشاهد التي تتحدث عن النار وعذاب العصاة تُعتبر تحذيرًا واضحًا من الوقوع في المعاصي والغفلة عن أوامر الله.
كما أن الرحلة تُعبر عن عظمة النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته عند الله، حيث أكرمه برؤية هذه الآيات العظيمة ورفع شأنه فوق السماوات السبع.
خاتمة: درس خالد لكل الأجيال
ليلة الإسراء والمعراج هي أعظم ليلة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ورسالته للبشرية هي تذكير دائم بضرورة التوبة والعمل الصالح. الجنة حق والنار حق، والإنسان مسؤول عن اختياره في الدنيا، فلنتخذ من هذه المشاهد عبرة ودرسًا يجعلنا نُراجع أنفسنا ونسعى لرضا الله، ونتجنب ما يُغضبه، ونستعد ليوم نلقى فيه ربنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإسراء والمعراج ليلة الإسراء والمعراج الجنة النار الإسراء العذاب نار الجنة والنار المعراج النبی صلى الله علیه وسلم الجنة والنار مشاهد من
إقرأ أيضاً:
هل يقبل الاستغفار إذا كان بنية تيسير أمر معين؟.. أمين الفتوى يجيب
الاستغفار من الأذكار التي يجب على المسلم المداومة عليها في كل وقت، لما له من فضل عظيم، فهو من مفاتيح سعة الرزق وتحقيق الأمنيات وتفريج الهموم.
كما ورد في السنة النبوية العديد من صيغ الاستغفار، من أبرزها دعاء "سيد الاستغفار".
وفي هذا السياق، تلقت دار الإفتاء سؤالًا حول كيفية الاستغفار بنية تحقيق أمنية معينة، فأجاب الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى، مؤكدًا أن الاستغفار مطلوب سواء كان بغرض التوبة والرجوع إلى الله أو لتحقيق شيء محدد.
وأوضح شلبي أن الاستغفار بأي من الصيغ المعروفة مثل "استغفر الله العظيم" أو "استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه"، أو غيرها من صيغ الاستغفار جائز ويحقق النتائج المرجوة بإذن الله.
وأشار إلى أن الأمر يعتمد على نية الشخص، فإذا كان الاستغفار بهدف تحقيق أمر معين، فإن الله سبحانه وتعالى قد ييسر ذلك له، ولكنه شدد على أهمية أن يبذل المسلم الأسباب ويجتهد في سعيه، ثم يترك الأمر في النهاية لله تعالى.
وقد ورد في القرآن الكريم فضل الاستغفار في زيادة الرزق، حيث قال الله تعالى: ﴿فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا • يرسل السماء عليكم مدرارا • ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا﴾ [نوح: 10-12].
فضل دعاء سيد الاستغفار
قال الشيخ محمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن منتهى أحلام المؤمن أن يدخل الجنة؛ ولكن قد تحول الذنوب بين العبد وبين مراده؛ فالذنوب لا تتوقف، والملائكة تحصي بدقة، وحلم دخول الجنة يتعرض للخطر.
وأضاف "وسام" خلال فيديو له عبر صفحة دار الإفتاء ، أن رسول صلى الله عليه وسلم يحب لنا الخير والنجاح، وقد علمنا قولا نقوله كل صباح ومساء يجعلنا بإذن الله تعالى من أهل الجنة، وهو سيد الاستغفار، وروى البخاري عن شداد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"، قال: "ومن قالها من النهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة".