أدى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، اليوم الاثنين، اليمين الدستورية رئيسا للولايات المتحدة، وذلك في المراسم التي جرت داخل قبة مقر الكونغرس (الكابيتول).
وقال ترامب، في خطابه، إنه سيجعل من أميركا أمة عظيمة، وسينتهي الانهيار الأميركي، وتعهد باستعادة أميركا مكانتها الصحيحة "باعتبارها أعظم وأقوى وأكثر الدول احتراما على وجه الأرض"، كما تعهد باستعادة القضاء العادل.
وكرر ترامب تصريحاته السابقة التي وعد فيها باستعادة قناة بنما، وقال إن الولايات المتحدة أنفقت كثيرا من الأموال، وكثير من الأميركيين فقدوا حياتهم في أثناء بناء قناة بنما. وتعهد ترامب أيضا بتغيير اسم خليج المكسيك ليصبح خليج أميركا.
وهذه أبرز النقاط التي جاءت في خطاب ترامب: سأضع أميركا أولا. الانتخابات الأميركية الأخيرة هي الأعظم في تاريخ بلدنا. أميركا ستصبح قريبا أقوى وأكثر استمرارية عما كانت عليه في السابق. علينا أن نكون صادقين إزاء التحديات التي نواجهها وأعداؤنا يحاولون التأثير على الكثير من أمورنا. حكومتنا فشلت في حماية مواطنينا الذين يلتزمون بالقانون بينما دافعت عن مجرمين مدانين. الأميركيون من أصل أميركي وآسيوي صوتوا لصالحي وأشكر الأميركيين السود وذوي الأصول اللاتينية على ثقتهم بي. سنحاول أن نواجه كل أزمة بكرامة وقوة وسنتحرك بسرعة لاستعادة الأمن والأمل لكل مواطنينا من كل لون. نحن عاجزون عن تقديم أي رعاية صحية للكثير من أبناء شعبنا وهذا الأمر سيتغير تماما. شاهدنا النيران التي كانت تلتهم المنازل في كاليفورنيا ولم يكن لنا أي رد فعل. لدينا حاليا حكومة تستطيع مواجهة الأزمة في بلدنا. سنستعيد أمننا وسيادتنا وميزان العدالة. أنقذني الله من أجل أن أجعل من أميركا أمة عظيمة. منذ هذه اللحظة فإن الانهيار الأميركي قد انتهى. سأمنح قوات الأمن الإمكانية من أجل القضاء على العصابات التي تجلب الإجرام إلى حدودنا وبلادنا. لن نسمح باستخدام قوة الدولة على أنها سلاح ضد الشعب وسنستعيد القضاء العادل. سأرسل آلافا من قواتنا إلى الحدود لوقف تدفق المجرمين وسنتعامل مع عناصر العصابات على أنهم إرهابيون. الحلم الأميركي سيعود مرة أخرى وإدارتي ستؤسس قسما يسمى الكفاءة الحكومية. سنفرض تعريفة جمركية وضرائب على منتجات الدول الأجنبية. سندعم كل العاملين في الولايات المتحدة وسيتمكن الأميركيون من شراء السيارات التي يرغبون فيها. أميركا ستكون أمة مصنِّعة مرة أخرى وسنمتلك أكبر قدر من النفط والغاز وسنُخفِّض الأسعار وسنصدر طاقتنا إلى العالم. سأعطي توجيهات إلى حكام الولايات لمواجهة أزمة التضخم المتفاقمة وسأعلن حالة طوارئ خاصة بالوقود. جيشنا سيكون الأقوى على مستوى العالم. قواتنا المسلحة ستركز على مهمتها الوحيدة، وهي إلحاق الهزيمة بأعداء أميركا. سنستعيد قناة بنما، ورسالتي للأميركيين اليوم أنه حان الوقت لنتحرك بشجاعة، لأننا أمة عظيمة. الولايات المتحدة أنفقت كثيرا من الأموال، وكثير من الأميركيين فقدوا حياتهم في أثناء بناء قناة بنما. سنغير اسم خليج المكسيك ليصبح خليج أميركا. أمتنا اليوم أكثر طموحا من أي أمة في العالم. نحن على أعتاب أعظم السنوات في التاريخ الأميركي. سنرفع العلم الأميركي على كوكب المريخ. سنؤسس مجتمعا يقوم على الأخلاق والكفاءة لا على اللون. سياسة الحكومة ستكون وجود جنسين فقط ذكور وإناث. أميركا ستستعيد مكانتها الصحيحة باعتبارها أعظم وأقوى وأكثر الدول احتراما على وجه الأرض. الولايات المتحدة ستنسحب من اتفاق باريس للمُناخ. أريد أن يكون إرثي هو أنني صانع سلام ووحدة. ستوقف قوتنا الحروب وتجلب روحا جديدة من الوحدة إلى عالم كان غاضبا وعنيفا وغير قابل للتنبؤ تماما. سنكون أمة لا مثيل لها مليئة بالرحمة والشجاعة والاستثنائية. سنواصل عمليات التنقيب عن الوقود الأحفوري. لن يتم مرة أخرى أبدا استغلال القوة الهائلة التي تمتلكها السلطات لاضطهاد المعارضين السياسيين. سنضع حدا لكل الحروب. سأكافح من أجل الشعب الأميركي وسنحقق النصر كما لم يحدث في السابق. إذا عملنا معا فلن يكون هناك شيء لا نستطيع فعله ولا حلم لا نستطيع تحقيقه. إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تداعيات معارك ترامب.. الولايات المتحدة تواجه خطر فقدان نفوذها في القارة مع توسّع نفوذ الصين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق فيتنام وتايلاند وماليزيا تتجه إلى بكين للتعاون الاقتصادى والشراكات الأمنية.. وواشنطن تبدو أقل التزامًا بنظام إقليمى مستقرإصرار الرئيس الأمريكى على ربط الإنفاق الدفاعى بالاتفاقيات التجارية أفقد الثقة فى البيت الأبيض كشريك أمنى موثوق
فى عهد الرئيس دونالد ترامب، انحرفت السياسة الأمريكية تجاه آسيا إلى اتجاه غير متماسك وغير مُجدٍ، ما أدى إلى تفاقم التحديات التى تدفع المنطقة نحو الصين. هذا التحول، الذى اتسم بالرسوم الجمركية والعزلة الاقتصادية الذاتية والسياسة الخارجية غير المتوقعة، يهدد بتقويض الأمن والقيادة الاقتصادية للولايات المتحدة فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهى منطقة كانت دائمًا حجر الزاوية فى النفوذ الأمريكي.
لأكثر من سبعة عقود، اعتمدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على الولايات المتحدة كضامن أمنى وشريك اقتصادى رئيسي. ومع ذلك، فى السنوات الأخيرة، تعطلت هذه الديناميكية. فالصعود السريع للصين كقوة اقتصادية جعلها الشريك التجارى المهيمن للعديد من دول المنطقة، ما قلل من نفوذ الولايات المتحدة. لقد ساهم فرض ترامب تعريفات جمركية صارمة على الصين، وخطابه "أمريكا أولًا"، وانسحابه من اتفاقيات تجارية رئيسية مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)، فى تسريع هذا التراجع الأمريكى. وبحلول نهاية عام ٢٠٢٤، حلت الصين محل الولايات المتحدة كشريك تجارى رئيسى لمعظم الدول الآسيوية، حيث نمت التجارة البينية إلى ما يقرب من ٦٠٪ من إجمالى التجارة فى آسيا.
فى حين أن سياسات ترامب التجارية تهدف إلى كبح هيمنة الصين وإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، إلا أن هذه الجهود كانت غير متسقة وغير فعالة إلى حد كبير. كان الهدف من التعريفات الجمركية هو الإضرار بالصين، لكنها عطّلت أيضًا الأعمال التجارية فى جميع أنحاء آسيا، وخاصة فى دول مثل فيتنام وتايلاند وماليزيا، التى أصبحت وجهات مهمة لإعادة التصنيع إلى الوطن فى إطار مبادرة "الصين +١". وبينما تكافح هذه الدول للتكيف مع المشهد التجارى المتغير، يتجه الكثير منها إلى الصين للتعاون الاقتصادى والشراكات الأمنية، حيث تبدو الولايات المتحدة أقل التزامًا بنظام إقليمى مستقر.
السياسة الأمنية
فيما يتعلق بالتعاون العسكري، لا تزال السياسة الأمنية الأمريكية جزءًا أساسيًا من علاقتها مع حلفائها الآسيويين. تواصل الولايات المتحدة دعم اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين فى جهودها لمواجهة ما تسميه "التدخل الصيني"، لا سيما فى بحر الصين الجنوبى وعلى طول محيط تايوان. ومع ذلك، فإن دمج سياسات ترامب الاقتصادية مع التزاماته الأمنية خلق انطباعًا بعدم الاتساق.. على سبيل المثال، أرسلت مطالبات ترامب لليابان بزيادة نفقاتها الدفاعية، مع الضغط عليها فى الوقت نفسه بشأن التجارة، إشارات متضاربة. كما أدت التوترات مع كوريا الجنوبية بشأن تكلفة تمركز القوات الأمريكية وقضية الإنفاق الدفاعى إلى تصدعات فى العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
علاوة على ذلك، فإن إصرار ترامب على ربط الإنفاق الدفاعى بالاتفاقيات التجارية، والذى تجلى مؤخرًا فى نهجه تجاه اليابان، قد قوّض الثقة فى الولايات المتحدة كشريك أمنى موثوق. مع تزايد الضغوط الصينية على القوى الإقليمية، يتضاءل ثقتها بالدعم الأمريكي، لا سيما فيما يتعلق بمخاوف وجودية مثل أمن تايوان. ويزيد عدم القدرة على التنبؤ بسياسة ترامب الخارجية من حالة عدم اليقين.
كما أدى نهج ترامب إلى تراجع كبير فى القوة الناعمة الأمريكية فى المنطقة. ويشير تفكيك وكالات مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وإذاعة صوت أمريكا، اللتين دأبتا على الترويج للقيم والثقافة الأمريكية، إلى تراجع فى القيادة العالمية. وقد ترك هذا الانسحاب فراغًا تسعى الصين جاهدةً لملئه، مستخدمةً مبادرة الحزام والطريق وغيرها من الجهود الدبلوماسية لكسب النفوذ فى آسيا وخارجها.
كان التأثير النفسى على الحلفاء عميقًا. فعلى سبيل المثال، أعرب وزير الدفاع السنغافورى عن أسفه لتحول الولايات المتحدة من "محرر" إلى "مُخرب كبير"، بينما أعرب رئيس الوزراء الأسترالى السابق مالكولم تورنبول عن مخاوفه من أن قيم الولايات المتحدة لم تعد تتوافق مع قيم أستراليا. تتزايد شيوع هذه المشاعر فى منطقة كانت تعتبر الولايات المتحدة شريكًا لا غنى عنه.
تنظيم الصفوف
ردًا على تحوّل دور الولايات المتحدة، تتجه العديد من الدول الآسيوية نحو الصين للتجارة والاستثمار، حتى أن بعضها يناقش اتفاقيات تجارية جديدة قد تستبعد الولايات المتحدة. ويُعدّ سعى الصين للانضمام إلى اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ (CPTPP)، وجهودها للتنسيق مع كوريا الجنوبية واليابان بشأن اتفاقية تجارية ثلاثية، من المؤشرات الرئيسية على هذه الديناميكية الإقليمية الجديدة. إن النفوذ الاقتصادى للصين، إلى جانب توسع نفوذها العسكري، يضعها فى موقع اللاعب الأهم فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما يُبقى الولايات المتحدة مهمّشة بشكل متزايد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تزايد احتمالية التخلى عن الدولار الأمريكى فى التجارة الدولية يُقوّض الهيمنة المالية العالمية للولايات المتحدة بشكل أكبر. ومع سعى البلدان إلى إيجاد بدائل للدولار، وخاصة فى تعاملاتها مع الصين، فإن نفوذ الولايات المتحدة فى آسيا قد يتضاءل بشكل أكبر.
عواقب استراتيجية
أحدثت سياسات ترامب مفارقة فى آسيا. ففى حين أن موقف إدارته المتشدد ضد الصين قد زاد من حدة التنافس بين الولايات المتحدة والصين، إلا أنه دفع أيضًا العديد من الدول الآسيوية إلى التقارب مع الصين اقتصاديًا ودبلوماسيًا. ومن خلال تقويض العلاقات التجارية والقوة الناعمة، ومطالبة حلفائها بالمزيد من الإنفاق الدفاعي، أضعف ترامب، دون قصد، مكانة الولايات المتحدة فى المنطقة. ومع استمرار الصين فى تعزيز نفوذها، تُخاطر الولايات المتحدة بالتهميش فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يتزايد عدم اليقين بشأن دورها كشريك اقتصادى وأمنى رائد.
لكى تستعيد الولايات المتحدة مكانتها فى آسيا، يجب عليها إعادة تقييم نهجها، والانتقال من التعريفات الجمركية والمواجهة إلى استراتيجية أكثر توازنًا تُعيد إشراك المنطقة من خلال التعاون الاقتصادي، والاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، والالتزامات الأمنية الثابتة. إذا لم يحدث هذا التحول، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها فى دور متضائل، مع هيمنة الصين الراسخة على مستقبل آسيا.
*فورين بوليسى