ما وراء (التنزيح) في الجزيرة (3-3)
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
في الاقتصاد السياسي لاستلاب المزارعين
ما وراء (التنزيح) في الجزيرة (3-3)
طارق بشري (شبين)
تمرحلات سوق العمل السوداني و الرأسمالية النيوليبرالية{٩}
في دراسة ل جاي أوبراين (By ROPE -September 28, 2020)( The formation of the agricultural labour force in Sudan) تتخذ من علاقة الرأسمالية والحكم الكولونيالي البريطاني للسودان و تمرحلات تاريخ سوق العمل وفق المنطق الرأسمالي تصل الي ان هناك ٤ مراحل لهذا السوق و هي:
المرحلة 1: 1898-1925: هيمنت الأهداف الاستراتيجية البريطانية في احتلال السودان على السياسة في جميع المجالات.
المرحلة 2: 1925-1950: هيمن ضمان توفير إمدادات آمنة من العمالة الموسمية لمخطط الجزيرة الذي افتتح عام 1925، وعدد قليل من مزارع القطن الخاصة المروية بالمضخات التي افتتحت لاحقاً، على جميع سياسات العمل وتم تقييد جميع أشكال التنمية الاقتصادية الأخرى تقريباً. وقد شجع البريطانيون توطين أعداد كبيرة من المهاجرين المسلمين من غرب إفريقيا في منطقة الجزيرة وما حولها كمصدر للعمالة الزراعية. تتوافق هذه المرحلة مع فترة الامتياز الممنوحة للشركة الزراعية (SPS)، وهي شركة بريطانية، لإدارة مشروع الجزيرة.
المرحلة الثالثة: 1950-1975: بدأت هذه الفترة بتأميم وسودنة مشروع الجزيرة و توسعت سريعاً الزراعة الرأسمالية الالية، المروية على حد سواء، بما في ذلك بدايات الاستثمار السوداني الخاص واسع النطاق في الزراعة. وقد تحقق التوسع المقابل في القوى العاملة الموسمية من خلال نظام متقن للتوظيف، وأدى إلى تكوين قوة عاملة مقسمة إلى حد كبير إلى أسواق متميزة تقريباً لمختلف المهام الزراعية.
المرحلة 4: 1975 إلى الوقت الحاضر: بدأت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة المصحوبة بتسارع التضخم ابتداءً من عام 1973 في إحداث آثار ملحوظة على أسواق العمل الزراعي و بعام 1975 بدأت معدلات الأجور في الارتفاع الحاد مما قاد لانهيار نظام التوظيف بين قطاعات سوق العمل.
وقد تعنينا المرحلة الاخيرة و التي وفقا له بدا من 1975 ة بدايات تبني نظام نميري سياسات التحرير الاقتصادي وإعادة الهيكلة و التي فيما بعد بدا من التسعينيات (نظام الانقاذ) قطع فيها شوطا بأسلوب الصدمة
ارتينا العديد من آثارها على مؤشرات الاقتصاد الكلي ة التنمية والتي من ضمنها التأثيرات السالبة بحدة على سوق العمل في التوظيف الرسمي وغير الرسمي.و نزعم ان جاز لنا القول بكوننا قبيل الحرب وما بعدها ندخل في مرحلة خامسة من تمرحل سوق العمل والتي قد تشهد تحويل الآلاف من صغار المزارعين والمنتجين إلى عمال بالأجر يعملون غالبا لأصحاب المزارع الرأسمالية واسعة النطاق المحتملة ة في موجة جديدة من الاستحواذ على الأرض (second stage of land grabbing)ة لهذا علاقة جدلية بما يجري من نزوح قسري.ة لهذا شكل جديد من عملية التراكم الرأسمالي ة تعميق تبعية الاقتصاد الوطني أكثر للمراكز الرأسمالية إقليميا وعالميا.
والتكلفة الاقتصادية للحرب تزداد مع استمرار الحرب وإلى الحد الذي قد يفلس فيها الاقتصاد أو يصل مرحلة متقدمة نحو ذلك و الذي تديره حكومة الأمر الواقع و تصريحات وزير ماليتها جبريل ابراهيم الأخيرة(٣١ ديسمبر ٢٠٢٤. https://www.sudanindependent.com) في لقائه مع الصحافة والذي أشار فيه ضمن ما أدلى به تجاه حكومته إلى بيع( أصول الدولة) و هنا لا يستبعد أن تؤجر لعقود طويلة بعض من مشاريع زراعية و مزيد من الأراضي الزراعية الخصبة لرأس المال الأجنبي.
مقاربة 3 تجارب دولية {١٠}
سوف ندلف هنا إلى عكس بعض التجارب الدولية و التي تبدو لنا اكثر مقاربة لمسالة النزوح القسري للمزارعين مما تعنيه من بعد في مآلات الصراع الاجتماعي الطبقي - عبر الية الحرب والعنف - من تركيز ملكية الأرض بيد رأس المال المحلي والأجنبي.تبدو التجربة الكولومبية هي الأكثر توافر تنظيرا و الأقرب لنا في السودان بكونها يتداخل فيها دور الدولة (النيوليبرالية) و جيشها والميليشيات المتعاونة معها و مع الدور البارز لرأس المال الأجنبي في الاستحواذ على تلك الأراضي المنزوعة من أصحابها من صغار المزارعين.ايضا سوف نعكس بعض من تجارب باكستان وتركيا على سبيل المثال لا الحصر.
كان الصراع على ملكية الأراضي بين القوى الاجتماعية سواء بزيادة أو تقليل الحيازات الاحتكارية سمة بارزة في تاريخ أمريكا اللاتينية و بل كانت سببا ضمن اسباب أخرى للحروب الداخلية. وفي كولومبيا، نجحت النخبة المالكة للأرض في التغلب على جميع محاولات كسر احتكارها. في أواخر القرن التاسع عشر، واجهت النخبة التجارية الحضرية في كولومبيا التحدي بمفردها، ولكن في العقود الأولى من القرن العشرين، شكلت النخبة التجارية الحضرية في كولومبيا تحالفًا مع البرجوازية الصناعية و التجارية الناشئة. ولم ينقطع احتكار ملكية الأراضي تقريبًا حتى القرن 21. وكانت إحدى النتائج الأكثر ديمومة لتركيز ملكية الأراضي هي خلق واحدة من أكثر النتائج انحرافًا في توزيع الثروة في العالم.
في كولومبيا، وفقًا الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، بلغت حصة الشريحة العليا % 20 من الدخل القومي خلال الفترة 1990-2010. علاوة على ذلك، يؤكد بيكيتي أن مستويات عدم المساواة في كولومبيا أعلى من تلك التي شهدتها الولايات المتحدة للفترة نفسها إذا ما تم خصم المكاسب الرأسمالية.ما يفسر هذا التركز العالي للثروة هو أن 11,000 من ملاك الأراضي في كولومبيا نجحوا في تجميع %67 من الأراضي الأكثر خصوبة، بينما ذهبت الـ %38 المتبقية من الأراضي إلى نحو 11 مليون شخص. نشأ هذا التراكم في حيازات الأراضي من قبل نخبة صغيرة من خلال نزع الملكية والتهجير القسري للملايين، وهي عملية تاريخية ظلت مستمرة إبان الحقبة الاستعمارية وما بعد الاستعمار الاسباني.مع استمرار الطبقة الاجتماعية الحاكمة في توسيع احتكارها للأراضي كان هناك دور متزايد أيضا إلى الشركات عابرة القومية وكبار المضاربين والصناديق السيادية والمؤسسات المالية.كولومبيا هي البلد الأكثر تفاوتاً في أمريكا اللاتينية في الحصول على الأراضي. وقد ارتفع مؤشر جيني منذ عام 1984 وبلغ 0,897 في عام 2014. زادت مساحة العقارات التي تزيد مساحتها عن 500 هكتار بنسبة 940% بين عامي 1970 و2014. وتضاعفت هذه المساحة بين عامي 2002 و2014 عندما بلغت 47'201.700 هكتار (أوكسفام، 2017).هذه الظاهرة هي نتيجة للنزاع المسلح الذي جرد الفلاحين من 6 ملايين هكتار من الهكتارات وأدى إلى نزوح 10% من إجمالي السكان في كولومبيا. بالإضافة إلى ذلك، أثر العنف على عدم المساواة الشديدة في ملكية الأرض.
في عام 2013 كانت كولومبيا تحتل المرتبة الثانية بعد سوريا من حيث عدد النازحين داخليًا ، حيث بلغ عددهم ما يقرب من 6 ملايين نازح، وقد اتسمت هذه العملية التوسعية بالعنف، و ترافقت مع مجازر ومظاهر علنية من الفظائع والاغتصاب وقطع الرؤوس والإعدامات التي تهدف إلى بث الرعب في نفوس الفلاحين.
كان التوسع في تربية الماشية على نطاق واسع في مقاطعات منها بوليفار وقرطبة وسيزار ولا غواخيرا وسوكري - مدعومًا ضمنيًا من خلال سياسات حكومية مثل تسهيل الائتمان والإعانات المالية والضرائب المنخفضة على ممتلكات الأراضي والماشية.خلق منطق التوسع الرأسمالي وضخ رؤوس الأموال الجديدة طلبًا على الأراضي في سوق احتكارية غير مرنة بالفعل. أدى ذلك إلى نشوء ديناميكية صراع بين مربي الماشية وصغار الفلاحين الملاك والعمال الزراعيين.وقد اتخذت شريحة من البرجوازية الكولومبية و التي تشتغل في صناعة (المخدرات) مجال شراء الأراضي كآلية ميسورة لغسيل أموالها عبر شرا العقارات و الاراضي الزراعية.(( https://shorturl.at/TW9rQ).Columbia | Journal of International Affairs By Nazih Richani
April 20, 2015).
والتجربة الثانية و التي قد تتلامس واقع تجربتنا في السودان بعد ان اشرنا الى الملامح الجوهرية و التي عكست التجربة الكولومبية هي مبادرة باكستان الخضراء التي أطلقتها الحكومة وما تبنته من سياسات زراعية تنحاز لرأس المال الخاص والأجنبي والذي استهدف الاستحواذ على أخصب الأراضي - من تعظيم الربحية- في أقاليم باكستان والتي منها على سبيل المثال البنجاب والسند و بلوشستان و التي طرحت فيها السلطة الحاكمة ما يقدر وقتها 4.8 مليون فدان من الأراضي .وقد أدت هذه السياسة الزراعية في سبيل تأسيس المشروعات الزراعية واسعة النطاق لصالح رأس المال الخاص والأجنبي إلى تشريد آلاف الفلاحين المعدمين وصغار المزارعين بحجة التحديث الزراعي.و لكن في المقابل فقد واجه صغار المزارعين و الفلاحين المعدمين هذه السياسة - و التي اعتبروها سم قاتل للفلاحين والعمال الزراعيين وصغار المزارعين والتي استهدفت انتزاعهم قسرا من أراضيهم بالمقاومة.كما أن هذه السياسة تستجيب بشكل إيجابي لمؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي والخدمة الاستشارية للاستثمار الأجنبي، اللتين كانتا مؤثرتين في تشكيل بيئة الاستثمار الزراعي في باكستان وتتماشى مع التعديلات التي يتطلبها اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الزراعة….حاولت السياسة الزراعية للشركات في محاولة لتحديث القطاع الزراعي الذي يعتمد معظمه على الزراعة الأسرية القائمة على الكفاف والحيازات الصغيرة، والتي تتسم بتشكيلات اجتماعية تشمل الإقطاع وعدم امتلاك الأراضي والبنية القبلية.تقديم 7 ملايين فدان - في مرحله اخري - من الأراضي الباكستانية للمستثمرين الأجانب بموجب عقود إيجار تتراوح مدتها بين 49 و99 سنة….وكجزء من إطلاق هذه السياسة، أعلن وزير الاستثمار الاتحادي أنه سيتم إنشاء قوة أمنية قوامها 100 الف لحماية الاستثمارات.وهكذا أضعف الحرمان التاريخي لمجتمعات الفلاحين من حقوقهم في المساومة في الصراع على ملكية الأراضي، وهو ما ينعكس في أنماط ملكية الأراضي غير المتكافئة بشكل صارخ: تمتلك أغنى 4% من الأسر الريفية أكثر من نصف مجموع الأراضي المزروعة؛ و49% من الأسر الريفية لا تملك أرضًا(https://shorturl.at/UIJcG).
و لنعد مرة أخرى لإضفاء مزيد من الضوء على التجربة الكولومبية بكونها- كما اشرنا اعلي المقال - الأكثر تنظيرا و بخاصة من جهة التحليل الماركسي و الأقرب لتجربتنا السودانية.حيث يبدو من الجهه الاخري من الاستقطاب الاجتماعي والطبقي أن المزارعين والعمال الزراعيين الذين تم انتزاعهم من أراضيهم يجهرون صوتهم في فضاء منظمات المجتمع المدني العالمي مطالبين بحقهم و حقوقهم ضمن آليات اخرى للمقاومة داخل كولومبيا - من أجل استعادة الأراضي التي سُلبت واحتلت لصالح الرأسمالية المحلية و الامريكية و التي أرادت تحويل أراضيهم لزراعة نخيل الزيت وتربية الماشية بدل مزارع الموز منذ تهجير سكان المنطقة عام 1997 على يد الجيش الكولومبي الممول من الولايات المتحدة وفرق الموت شبه العسكرية التابعة لها اضافة الى ميليشيا شبه عسكرية تدعى ”مفوضية الدفاع الذاتي الأمريكية“.و عملية اقتلاعهم من أراضيهم والتي تمت في فضاءات الحرب الأهلية كانت تتسم بكثير من الوحشية و حسب وصفهم:جاءت هذه المجموعة العسكرية وطلبت من الفلاحين الخروج. وقالوا لهم: ”اخرجوا وإلا سيأتي أناس ليقتلوا الناس ويقطعوا رؤوسكم“.كانوا يقيدون الفلاحين. وعندما كانت القوات شبه العسكرية أو الجيش ينالون من الناس، كانوا يقطعون اصابعهم وآذانهم وكانوا يقتلونهم بالمناشير(https://shorturl.at/sXuzB
ان الحروب الأهلية هي بشكل جوهري ووفق السياق الاجتماعي السياسي صراع مسلح على السلطة السياسية والسيطرة على الموارد. فبالإضافة إلى إنتاج فائزين وخاسرين وتدمير الممتلكات والبنية التحتية، يمكن للحروب الأهلية أن تنتج أو تعزز التغيرات الاجتماعية والديموغرافية والاقتصادية ذات الآثار طويلة الأمد. تصف هذه المقالة ثلاث عمليات اجتماعية واقتصادية وديموغرافية مترابطة أوجدها أو عززها نظام الحرب التي دامت واحدًا وخمسين عامًا والتي عصفت بكولومبيا.اقتصاد سياسي ريعي في المناطق الريفية، سمة أساسية فيه هي المضاربة في أسعار الأراضي.تشريد أكثر من مليوني شخص بين عامي 1946 و1958، وما يقرب من 6 ملايين شخص بين عامي 1985 و 2014.زيادة تركيز ملكية الأراضي من قبل النخبة المالكة للأراضي( https://shorturl.at/QxEf2)
و في مقاربة ثالثة تعكس العلاقة الجدلية بين مصالح رأس المال على المستوى الوطني والعالمي و النزوح القسري للمزارعين و تركيز ملكية الأرض بأيدي القلة و الحرب والاقتتال الأهلي نود هنا ان نشير الى خلاصات محددة حول ذات التجربة في تركيا.آخذين في الاعتبار النزعة الاستبدادية للحكم بقيادة أردوغان وسياسة النيوليبرالية المطبقة منذ سنوات عديدة هناك.تشير دراسة ((The Journal of Peasant Studies 2018 ..)https://shorturl.at/FBvAc) إلى أن هناك ديناميتان بارزتان بشكل خاص. أولاً، كان أردوغان وحزبه العدالة والتنمية كان فعالًا بشكل خاص في تعميق الليبرالية الجديدة في الاقتصاد والمجتمع. فقد خلقت سياساتهم شكلًا جديدًا من النيوليبرالية التنموية الجديدة، حيث أصبح يُنظر إلى حلول جميع العلل الاجتماعية على أنها ممكنة من خلال النمو الاقتصادي السريع.ثانيًا، كثفت هذه السياسات من تحول الريف,حيث فتحت الأشكال الجديدة من نزع الملكية ونزع الملكية الريفية الطريق أمام حملة استخراجية غير مسبوقة. وفي ورقة أخرى((The Journal of Peasant Studies 2022)(https://shorturl.at/PjzYw ) تدرس ذات الإشكالية تذهب بالقول :أن هناك ثلاثة أسباب أساسية للتغييرات الاجتماعية والمكانية غير المسبوقة التي أدت إلى ظهور (الجيتوهات ghettos) الريفية في جنوب تركيا. أولاً، أدى التحول الزراعي النيوليبرالي إلى تغيرات في تركيبة المحاصيل الزراعية، مما أدى إلى الحاجة إلى عمالة رخيصة على مدى فترات زمنية أطول. ثانيًا، تدفع مستويات الفقر المدقع للعمال الموسميين الأكراد إلى عدم العودة إلى ديارهم والبقاء في مستوطنات الخيام حول المزارع. ثالثاً، إن ارتفاع مستوى الفقر والضعف لدى اللاجئين السوريين يجبرهم على قبول الوظائف ذات الأجور المتدنية وأنواع السكن الأكثر بدائية مثل مستوطنات الخيام. لذلك تصل الورقة إلى أن التعايش بين التحول الزراعي وتدفقات الهجرة المعاصرة أدى إلى تغير اجتماعي مكاني في المناطق الريفية في تركيا.
نتدارس في القسم الأخير من المقال حول مقاربتنا لهذه التجارب الدولية ونرى كيف أنها من الممكن والمحتمل أن تتقارب و واقع حرب 15 أبريل و و ما بعدها من أثر النزوح القسري لآلاف المزارعين والعمال الزراعيين و المعدمين في ولاية الجزيرة وغرب دارفور على سبيل المثال لا الحصر.
زبدة القول{١١}
قولنا في هذا المقال يلامس المسالة الزراعية وعلاقتها بالتغيرات في القطاع الزراعي و المسار التنموي والإقتصاد السوداني و ارتباطاته بالنظام الرأسمالي العالمي و بشيء من التحديد الملموس تحدثنا عن حرب 15 أبريل هنا و تمظهراتها من النزوح القسري و الذي ميلنا فيه بنوع محدد من مفاهيم النزوح القسري
و الذي ارتينا من خلاله ان النزوح القسري وخاصة بين صغار المزارعين و العمال و المتحصل جراء الحرب( ولاية الجزيرة مثالا) لا بكونه(فقط) أثرا جانبيا للحرب حيث قسر النازحين التوجه لمناطق أخرى بحثا السلامة وحفظ النفس و إنما (هبشنا) التحديد الأولي ل الاقتصاد السياسي للأبعاد الاستراتيجية للنزوح القسري بكونه وفق التحليل الملموس يشي إلى أنه من المحتمل ان يتم نسخ تجربة كولومبيا (قيام مزارع
واسعة النطاق - تركيز واسع لملكية الأرض بيد فئات من الرأسمالية الحاكمة ورأس المال الاجنبي المستثمر في الزراعة -وطرد اصحاب الارض و الغالب كونهم من صغار المزارعين والعمال والمعدمين).أنه في السياق التاريخي للسياسات النيوليبرالية منذ بدايات الثمانينيات وبتحليل للتناقضات الاجتماعية الطبقية و التي تلعب فيها السلطة الحاكمة دورا جوهريا في غلبة مصالح رأس المال الطفيلي و المعولم على حساب مصالح العمل و قواه المنتجة - بالتحديد - فيما يعنينا هنا- صغار ومتوسطي المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة والمتوسطة ، العمال الزراعيين و المعدمين في( ولايتي)الجزيرة وغرب دارفور-وفي مرحلة أخرى من عملية الاستحواذ على الارض الخصبة(second stage of land grabbing)-و التي كانت منطقة الجزيرة جزء منها و التي تقدر مساحتها الكلية ما يقارب ال ٥ مليون هكتار من الأراضي الممنوحة بعقد إيجار يتراوح ما بين 25 إلى 99 عاما- فإن الحرب وما بعدها يشير الى ان انه من المحتمل جدا أن يتم تحويل منطقة مشروع الجزيرة والمناقل إلى حيازات ذات مساحات اكبر او واسعة النطاق بدلا من الحيازات الصغيرة و (الحواشات) أي زيادة تركيز ملكية الأرض لصالح مصالح الرأسمالية المحلية و المعولمة (في القلب منها رأس المال الخليجي(الإمارات والسعودية الخ).و من غير الوارد أعمال عملية استبدال سكاني بالمفهوم الليبرالي و التحليل الثقافوي. او انه ليس الهدف الاستراتيجي ورا التهجير و النزوح القسري(أي استبدال مجموعة ثقافية بأخرى و كفي).و باستدعاء تاريخ تداخل بالبنك الدولي ومشروع الجزيرة والأزمة المتمظهرة على مستوى عالمي منذ 2008 في أزمة الغذاء و الطلب العالمي للمنتجات الغذائية.ما قد يتم هو تحويل أصحاب (الحواشات و الي عمال تستغلهم الشركات المعولمة و المحلية و التي تستهدف القيام باستثمارات كثيفة رأس المال والتكنولوجيا،,و ان منتوجات سياسات التحرير الاقتصادي والسوق الحر(و الذي هو ليس بحر) من الخصخصة الواسعة لمشروع الجزيرة و تدهور الإنتاج الزراعي بعد رفع الدولة يدها عن التمويل و إفساح المجال واسعا للبنوك بأن تجحف حينا و تجفف حينا في التمويل لدرجة رهن الحواشات و مع الافقار الواسع للريف و بخاصة للمنتجين و العمال الزراعيين و مع اعتبارات الحرب و توقعها إلى تسريع حالات الفقر فان الرأسمالية الطفيلية تهيئ المسرح لبيع المشروع هكذا منطق التحليل في مقالنا والذي ننشره في عدة أجزاء(المقال كاملا موقع الحوار المتمدن https://shorturl.at/aKyuw).
tarig.b.elamin@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: صغار المزارعین الاستحواذ على ملکیة الأراضی النزوح القسری واسعة النطاق فی کولومبیا ملکیة الأرض من الأراضی الأراضی ا رأس المال سوق العمل من خلال
إقرأ أيضاً:
كولومبيا: ارتفاع حصيلة ضحايا الاشتباكات الأخيرة مع جيش التحرير الوطني إلى نحو 60 قتيلا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ارتفعت حصيلة ضحايا أعمال العنف الأخيرة التي قام بها مسلحو جيش التحرير الوطني في شمال شرق كولومبيا، على الحدود مع فنزويلا، إلى "نحو 60 قتيلا"، وفق ما أعلن مكتب الوسيط الكولومبي.
وأفاد مكتب الوسيط الكولومبي، اليوم الأحد، حسبما أورد "راديو فرنسا الدولي"، بأن "حوالي 60 شخصًا لقوا حتفهم بصورة بشعة في كونفينسيون وأبريجو وتيوراما وإل تارا وهاكاري وتيبو" في منطقة كاتاتومبو.
وتشن حركة "جيش التحرير الوطني" المتمردة هجمات ضد السكان المدنيين منذ يوم الخميس الماضي، وتعارض انشقاق مقاتلي القوات المسلحة الثورية الكولومبية السابقين في المنطقة.
وبلغت الحصيلة السابقة لأعمال العنف التي أعلنتها السلطات نحو 40 قتيلا.