من الغلابة للحكومة: بعد الدعم نعيش على إية ؟!
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
رغيف العيش والتموين ملاذ البسطاءد. عمار على حسن : الأسر تفتقد الحد الكافى للعيشد. مصطفى بدرة: لا بد من مراعاة فروق التضخم والأسعار العالمية خبراء: الدعم لا بد أن يكون قيمة وليس رقماً محدداً .. ويجب ربطه بالتضخيم
على طريقة فكاهة البخلاء فى الأدب العربى «من يأخذ مليماً لا يتعشى» هكذا لمحت الحكومة فى دعواتها إلى تحويل الدعم العينى «التموين والخبز» إلى دعم نقدى فى محاولة لاستطلاع رأى 67 مليون مواطن وهم «المستفيدون من الدعم»، وتهيئة الرأى العام لاستقبال المقترح الجديد.
يظل الدعم ورغيف الخبز، هو حجر الاستقرار بين المصريين وأى نظام حاكم منذ أكثر من 124 عاماً، والمساس به أصعب من التعامل مع «قنبلة موقوتة»، وبالتزامن مع اتجاه الحكومة لتحويل الدعم العينى إلى نقدى، يتابع جموع المصريين هذه القضية باهتمام شديد، ويسود الأجواء قلق شعبى ومخاوف من فقدان «الدعم» الذى يعتبر نقطة «أمان» لملايين الأسر منذ أكثر من 100 عام، لذلك لقيت دعوات تحويل الدعم العينى إلى نقدى ردود فعل غاضبة، وقال «س. ح»: الحكومة دورت فى دفاترها لم تجد شيئاً تعبث به سوى كيلو الزيت والسكر، فإلغاء الدعم لن يسدد ديون مصر «أرحموا الناس».
وفى عربات مترو الانفاق أثارت «الوفد» الموضوع بين السيدات فتضاربت اصواتهن غضبا، وخرجت من بينهن سيدة فى الخمسين من العمر، تقول: «والله لم نعد نشعر بأنها بلدنا.. استكثروا العيشة علينا.. لم يبق سوى أن نمد أيدينا من الجوع.. ولا عرفين نتعالج ولا نأكل.. أتحرمنا وفاضل علينا الجوع».
وأمام أحد المخابز طرحت «الوفد» سؤالاً حول حقيقة إيقاف بطاقات التموين وتحويل الدعم، فانفعل المواطنون حد الاشتباك، وقال أحدهم: «بدلاً من إلغاء التموين وتخريب البيوت التى لا يدخلها سكر وزيت إلا على بطاقة التموين وعايشة على رغيف العيش الذى نذهب بعد صلاة الفجر للأفران للحصول عليه، عليهم البحث عن السياسات التى أوصلتنا لتلك الحالة، نحن عمالة غير منتظمة، والبناء متوقف منذ أكثر من عام، وربنا يعلم بيوتنا ماشية أزاى؟، عيالنا جاعوا، ولا عارفين نصرف على تعليم ولا غيره.. كفاية».
وفى سياق هذا الحديث، قال «ف. ى»: «ماذا بعد الجوع سوى الفوضى.. بدل التفكير فى مساندة الناس فى الظروف الراهنة، فالدولة هى المسئول الأول عما آلت إليه الأمور، لسه حتحملوا الناس فوق طاقتها، نروح فين؟.. فكروا فى مخرج.. «متجوش علينا أكثر من كدا».
الدعم فى 114 عام
وللدعم فى مصر تاريخ طويل حيث بدأ أعقاب الحرب العالمية الأولى عام 1914، مع ارتفاع أسعار السلع، فلم تجد السلطنة المصرية فى عهد السلطان حسين كامل سوى تقديم ما عرف بـ«الدعم»، وعملت على توفير الدقيق والسكر والزيت والجاز والشاى والأرز للبسطاء بأسعار رمزية لتخفيف أثار التضخم وشح السلع فى أيدى العامة، واحتكارها من قبل وكلاء الحماية البريطانية.
وفى 1939 أصدر الملك فاروق الأول، مرسوماً ملكياً بإنشاء وزارة الشئون الاجتماعية «التضامن» حالياً، وأسند إليها أعمال البر والإحسان والإشراف على مصلحة السجون وتقويم وإصلاح الأحداث، وإدارة الإذاعة والإشراف على الخدمة الاجتماعية والجمعيات التعاونية ومهام رفع مستوى معيشة العمال والفلاحين والأيتام والفقراء وذوى الاحتياجات الخاصة والمسنين.
وفى 1941 خصص الملك فاروق، مبلغاً مالياً لدعم البسطاء، ووقتها عرف المصريون دعم السلع الأساسية كالزيت والسكر والوقود والأرز والشاى والكهرباء والكوبونات والبطاقات التموينية.
وبعد ثورة 23 يوليو 1952 أصبح الدعم أولوية قصوى للمواطنين البسطاء، وتتطورت أشكاله لتشمل الصحة والتعليم والاسكان والكهرباء والغاز، واعتبرت الثورة الدعم بمختلف أشكاله أحد أهم أركان العدالة الاجتماعية فى المجتمع المصرى، وبلغت قيمته فى الموازنة العامة للدولة نحو 7.3% من اجمالى الانفاق العام.
وفى عهد الرئيس محمد أنور السادات ارتفعت مخصصات الدعم لتشمل 18 صنفاً من السلع الغذائية الأساسية، ومنها: الأسماك والدجاج واللحوم المجمدة، إضافة إلى دعم البنزين والكهرباء والصحة والتعليم وخدمات النقل الداخلى، وبعد تداعيات الأضرار الاقتصادية فى أعقاب حرب أكتوبر 1973، اضطرت الحكومة إلى رفع أسعار السلع المدعمة بنسب طفيفة، وبلغت مخصصات الدعم فى ميزانية الحكومة خلال عام 1980 نحو 15.6% من إجمالى الانفاق العام، وارتفعت نسبة الدعم من الإنتاج المحلى الإجمالى لنحو 10.1%، ليصبح نصيب الفرد 37.5 جنيه فى العام 1980.
الدعم فى عهد مبارك
وبلغت مخصصات الدعم فى الموازنة العامة للدولة عام 1982 نحو مليار جنيه، وانتهج نظام الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، سياسة تقليص عدد المستفيدين من البطاقات التموينية من 99% من السكان لنحو 70%، واعتبرت الحكومة أن الدعم هو السبب فى عجز الموازنة العامة، وتم تخفيض عدد السلع الغذائية المدعمة مع الحفاظ على دعم رغيف الخبز، وقلصت الحكومة مخصصات الدعم إلى 4.1% من الإنفاق عام 2001، فى حين بلغ حجم الدعم فى 2011 نحو 26% من إجمالى الإنفاق العام، ورفعت حكومات مبارك الدعم عن السمك والدجاج واللحوم المجمدة والشاى، والأرز، خلال عامى 1990 و1992، وفى نفس العام رفعت الدعم عن الخبز السياحى، وتم إنقاص وزن الرغيف من ١٥٠ إلى 130 جراماً، وأصبحت أصناف السلع المدعمة 4 فقط، وهى: الخبز البلدى والدقيق البلدى والسكر والزيت خلال عام 1997.
واقعية تحويل الدعم
ورصدت «الوفد» الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى تحويل الدعم العينى إلى نقدى فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، خاصة مع فشل الرقابة وعدم السيطرة على الأسعار والأسواق، بالإضافة إلى احتمالات التعويم وارتفاع نسب التضخم، ما طرح تساؤلات حول قدرة الدولة على رفع قيمة الدعم النقدى بالتزامن مع تحريك أسعار الخدمات والسلع من حين لآخر، أم سيكون المبلغ ثابتاً رغم كل المتغيرات؟
التموين
وفى هذا السياق قال مصدر بوزارة التموين، رفض ذكر اسمه، إن فكرة الدعم العينى تقوم على تحمل الدولة فرق تكلفة السلع التموينية عن المواطن وفق متغيرات السعر العالمى، لافتاً إلى أن منظومة التموين قبل 2010 كانت تحتوى على 2 كيلو سكر و2 كيلو أرز و2 زجاجة زيت، والآن نصيب الفرد فى منظومة التموين 50 جنيهاً، وكيلو السكر يباع بـ35 جنيهاً والأرز كذلك، و2 زيت بـ140 جنيهاً، تكون حصة الفرد فى السوق الحر 280 جنيهاً تقريباً، وهنا سؤال هل مبلغ القيمة الشرائية لتلك السلع يوازى مبلغ الدعم على بطاقة التموين؟
وأكد «المصدر» أن تحويل الدعم يتنبى فكراً مشروطاً بالـ50 جنيهاً فقط، وهناك بعد استراتيجى آخر، على سبيل المثال كيلو السكر الآن بـ35 جنيهاً مع تحريك الأسعار كل ثلاثة شهور قد يصل إلى 100 جنيه، من سيتحمل فرق التضخم فى الأسعار نتيجة هذه السياسات المالية والاقتصادية؟، فالمواطن ليست لديه القدرة على تحمل فرق التضخم، ولذلك الدعم النقدى يعد خطوة واضحة لانسحاب الحكومة من تحمل فاتورة الدعم، وهذا يعد «مخالفة» لأن الدستور يكفل لكل مواطن الحق فى الغذاء والتعليم والصحة.
وقال المصدر: «إنه فى حالة تطبيق سياسات الدعم النقدى يجب ربط مبلغ الدعم بالقيمة الشرائية للسلع الأساسية عالمياً مع مراعاة فروق التضخم، والقياس على السعر العالمى ونسب التضخم ارتفاعاً وانخفاضاً، لذلك فالأمر يحتاج إلى وضع دعم نقدى «قيم» وليست «أرقاماً»، فالأرقام تنخفض بناء على التضخم، ولابد أن يوازى الدعم النقدى السعر الحر، مع ربط سلع أساسية على الدعم النقدى، لتوفير أبسط سبل المعيشة للمواطنين، خاصة أنه فى القرى والأرياف هناك أسر شديدة الاحتياج وتعيش على الدعم العينى.
ودعا المصدر إلى تحديد مبلغ الدعم بما يعادل عدداً من السلع وفقاً لسعر السوق الحر، مع تغيير قيمة الدعم النقدى طبقاً لسعر السوق كل ثلاثة شهور، كما يتم تسعير الخدمات مثل: الكهرباء والمياه والغاز.
البعد الدستورى
ورداً على دستورية تحويل الدعم العينى إلى نقدى، يقول المستشار أحمد القرمانى، إن الدستور يكفل فى المادة 79 لكل مواطن الحق فى الغذاء الصحى والماء النظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين، وأضاف أن: تحويل الدعم ليس مخالفاً طالما سيحصل المواطن على دعم أين كان صورته وشكله.
وأضاف المستشار أحمد القرمانى، أن تحويل الدعم العينى إلى نقدى، هو تعليمات من صندوق النقد الدولى وبعض رجال الأعمال، وهذه الخطوة ستوقع الدولة فى مشكلة كبيرة مع المواطنين، فتلك الخطوة سيتبعها تلاعب فى الأسعار واحتكار للسلع من قبل الموردين ورجال الأعمال، وهنا سيحدث انفجار شعبى، ولذلك على الدولة اليقظة وعدم الانصياع وراء دعوات صندوق النقد.
البعد الاقتصادى
وأوضح الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ الاقتصاد: أن الدولة تتجه لتحويل الدعم العينى إلى نقدى، وهو أمر جيد حال تمت مراعاة الضوابط، والحكومة تؤكد أن التحول سيكون على مراحل «تجريبية» خلال سنوات حتى يعمم على كل المواطنين من مستحقى الدعم وستبدأ فى محافظتين أولاً.
وأضاف «بدرة»: تحويل الدعم له إيجابيات وسلبيات، فالأولى تمنح المواطن حرية شراء ما يرغب فيه، والثانية ترتكز حول أن بعض المواطنين لا يستخدمون الدعم إلا فى صرف سلع تموينية، مثل أصحاب المعاشات والمسنين والمواطنين الأكثر احتياجاً، فعلى سبيل المثال المواطنون فى الأرياف يحرصون على صرف السلع ولا يرغبون فى الأموال، وهنا يأتى دور الدولة فى البحث عن تلك الشرائح وتوجيه مخصصات مالية أكثر لهم مثل تكافل وكرامة وحياة كريمة لمساندتهم إلى جانب الدعم السلعى.
واقترح الدكتور بدرة التوسع فى الدعم النقدى، والسماح للمواطن باستخدام هذه الأموال فى دفع فواتير الكهرباء والمياه والغاز عبر بطاقات الكترونية أو بطاقات تكافل وكرامة أو شراء سلع، مع ضرورة قياس مبلغ الدعم على مؤشرات ارتفاع وانخفاض التضخم.
شرائح مستفيدى الدعم
وتابع أن هناك شرائح فى حاجة لمزيد من الدعم، وهم الأولى بالرعاية، ولهم الحق فى بطاقات التموين والمعاشات، فمن الأفضل معالجة شرائح مستفيدى الدعم السلعى حتى نصل إلى الشريحة الدنيا من الأسر الأكثر احتياجاً.
وأشار إلى ضرورة عمل منظومة لمعرفة مستحقى الدعم النقدى، ومن يمكنه تحمل شراء السلع مع الحفاظ على حق الشريحة الدنيا فى الدعم العينى إلى جانب المساندة المالية وإدراجهم تحت مظلة الحماية الاجتماعية مثل برامج تكافل وكرامة وحياة كريمة وغيرها من برامج الحماية.
قانون «ملزم»
وحول قدرة الدولة على توفير دعم نقدى يتماشى مع التضخم والسياسات الاقتصادية المتغيرة، قال الدكتور مصطفى بدرة، إن تحويل الدعم العينى إلى نقدى يلزمه قانون ربط زيادة الدعم بمعدلات التضخم بشكل «إجبارى» على الدولة، مع ضرورة زيادة المعروض من السلع التموينية فى سوق اليوم الواحد، بالاضافة إلى أحكام الرقابة وتلك مهمة «شبه مستحيلة» وتواجهها الدولة بمعارض السلع ما يؤدى إلى خلق نوع من المنافسة لخفض الأسعار فى السوق الحر.
وأكد أن نجاح تحويل الدعم العينى إلى نقدى متوقف على جهود الدولة وآليات التنفيذ الصحيحة والعادلة، وحول تقبل المجتمع المصرى لدعوات تحويل الدعم أكد أن الشعب المصرى من أذكى المجتمعات التى تتعايش مع أى أوضاع اقتصادية، وإرضاء المواطن يكون من خلال توفير السلع وحصوله على المقابل المادى العادل.
البعد السياسى
وكشف الدكتور عمار على حسن، أستاذ علم الاجتماع السياسى، البعد الاجتماعى السياسى لتحويل الدعم العينى إلى نقدى قائلاً: إن التحول من الدعم العينى إلى نقدى يأتى فى اطار تخفف الدولة من أعباء تقديم الدعم للمواطنين، وهذا التحول أمامه عدة تحديات، أهمها: الحاجة إلى الدقة الشديدة لضمان وصول الدعم لمستحقيه، لاسيما فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشها المصريون، مع افتقاد أسر كثيرة للقدرة على توفير الحد الكافى من الغذاء والدواء والكساء والإيواء.
أما التحدى الثانى فهو تراجع القيمة النقدية أو القدرة الشرائية للنقود، ففى الدعم العينى الدولة تحدد عدداً من السلع، ومهما تغيرت أسعارها فالمواطن يحصل عليها، أما فى الدعم النقدى فأسعار السلع تتغير، ومع ارتفاع التضخم وافتقاد الجنيه قدرته الشرائية بمرور الوقت يصبح مبلغ الدعم «لا يساوى شيئاً» ولن يوفر الحد الأدنى من السلع، ولن يستطيع المواطن شراء ما كان يحصل عليه من سلع تموينية.
وتابع «عمار» لابد للدولة حتى تتلافى هذه التحديات أن تكون ضامنة لوصول هذه المبالغ لمستحقيها، حتى لا تذهب هذه النقود إلى فئات أخرى، مع توفير زيادة مطردة على القيمة النقدية المدفوعة للمواطنين حتى تواجه التضخم المتزايد.
وأضاف: أن هذا التفكير ينم عن افتقاد السلطة السياسية القدرة على توفير حد الكفاية بالنسبة للطبقة العريضة من المصريين، مع سقوط أغلب الشرائح الاجتماعية تحت خط الفقر، وارتفاع أسعار السلع، وتعذر القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة جمود الدخول أو تضاؤلها أو زيادتها بشكل محدود لا تكافئ ما هو مطلوب من أجل عيش مناسب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دعم السلع الأساسية الوفد وزارة التموين السعر العالمي بطاقات التموین مخصصات الدعم الدعم النقدى أسعار السلع مبلغ الدعم على توفیر فى الدعم من السلع الدعم فى أکثر من
إقرأ أيضاً:
مصر تدعم وحدة الدولة السودانية ومؤسساتها .. «الدعم السريع» يستولي على قاعدة «جبل عيسى» قرب الحدود الليبية
كمبالا: أحمد يونس القاهرة: «الشرق الأوسط» أعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، يوم الأحد، أن القاهرة تدعم الدولة السودانية ومؤسساتها، وتحرص على سرعة استعادة الأمن في السودان، مضيفاً أنه «يجب التركيز على الحلول التي تضمن بقاء السودان موحداً ومستقراً».
من جهة أخرى، قالت الممثلة المقيمة في السودان للأمم المتحدة، كلمنتاين سلامي، إن هناك ملايين الأشخاص في السودان يواجهون الجوع، مشيرةً إلى أن السودان من بين البلدان الأربعة الأولى على مستوى العالم التي تعاني من أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد. وشددت سلامي على الحاجة الماسة لتمويل عاجل لدعم السودان، قائلةً إن المجتمع الإنساني يقدم المساعدات الغذائية والتغذوية، لكن الموارد آخذة في النفاد.
ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع» الاستيلاء على قاعدة عسكرية تابعة للجيش السوداني في منطقة المالحة قرب الحدود مع دولتي ليبيا وتشاد، وذلك بعد إعلانها قبل يومين عن السيطرة على مدينة المالحة الاستراتيجية. وأوضح إعلام «الدعم السريع» أن قواته سيطرت على قاعدة «جبل عيسى» التابعة للجيش في عمق الصحراء في محلية المالحة بولاية شمال دارفور غرب السودان، وبث مقطع فيديو لقوات تابعة له تستعرض القاعدة، فيما هدد أحد المتحدثين في الفيديو باستهداف مناطق في شمال البلاد، عقب استيلاء قواته على المالحة وقاعدة «جبل عيسى».
وجاءت تصريحات «قوات الدعم السريع» بانتصاراته في معارك صحراء شمال دارفور، عقب إعلان الجيش اقترابه من السيطرة على وسط مدينة الخرطوم، صباح الأحد، واستعادة القصر الجمهوري، الجمعة الماضي، فيما أكد شهود أن «قوات الدعم السريع» انسحبت من القصر ووسط العاصمة، وسط حصار مطبق تفرضه عليها قوات الجيش.
مقتل 3 مدنيين
وقتل 3 مدنيين، طفلان وامرأة، يوم الأحد، في قصف من «قوات الدعم السريع» على مدينة أم درمان، الواقعة في الخرطوم الكبرى، وفق ما أفاد مصدر طبي. وأضاف المصدر في مستشفى «النو» أن القصف أسفر أيضاً عن إصابة 8 آخرين. وأفاد شهود عيان بأنهم سمعوا صوت سقوط 7 قذائف على أحياء مدنية تحت سيطرة الجيش. وقصفت صباح يوم الأحد بالمدفعية والطيران المسير، محلية كرري، بالأخص منطقة كرري العسكرية، حيث يتمركز الوجود الأكبر للجيش في العاصمة، وذلك ضمن استهداف ممنهج بالمدفعية والطائرات المسيرة للمنطقة ظلت «قوات الدعم السريع» تنفذه في تلك المنطقة.
وكان الجيش السوداني قد نجح في السيطرة على مواقع استراتيجية، خلال اليومين الماضيين، من بينها القصر الرئاسي وبنك السودان والمتحف الوطني. وقال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني نبيل عبد الله إن «قوات الدعم السريع» تكبّدت خسائر كبيرة في الأرواح خلال محاولتها الانسحاب من بعض المناطق التي كانت فيها وسط الخرطوم، مما يعكس تصاعد حدة الصراع في المنطقة.
يذكر أن الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» يخوضان قتالاً منذ أبريل (نيسان) عام 2023 للسيطرة على الحكم في البلاد، أسفر عن أزمة إنسانية ونزوح داخل البلاد وإلى خارجها، ومقتل آلاف الأشخاص، حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
وحقق الجيش انتصارات كبيرة على «قوات الدعم السريع» بدأت في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعبور جسر الحلفايا، ما مكنه من استعادة مدينة بحري، ومصفاة البترول، ومناطق شرق النيل، إضافة لأحياء بوسط الخرطوم وجنوبها، من بينها أحياء اللاماب، والحلة الجديدة، والقوز، والسجانة، إضافة إلى المنطقة الصناعية بما فيها مطبعة العملة.
استعادة الوزارات والمؤسسات
وأكمل الجيش عملياته القتالية ضد «الدعم السريع» باسترداد القصر الجمهوري، ومعظم الوزارات والمؤسسات الحكومية والبنك المركزي ومباني جامعتي السودان والنيلين، ومنطقة المقرن، والسوق العربي، وجسور الفتيحاب، والنيل الأبيض، وتوتي، والمك نمر، والنيل الأزرق، وكوبر.
وفي مدينة أم درمان، حقق الجيش تقدماً لافتاً في منطقة أم بدة والمناطق الجنوبية الغربية من المدينة، وسط تراجع لافت لـ«قوات الدعم السريع» باتجاه سوق ليبيا الشهير.
ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على مطار الخرطوم، وأحياء شرق مقر القيادة العامة للجيش مثل البراري، والمنشية، والرياض، والطائف، والمدخل الغربي لجسر المنشية، وتمتد مناطق سيطرة «الدعم السريع» في هذه الناحية جنوباً حتى مدينة سوبا، والمدخل الشرقي لجسر سوبا.
وفي جنوب غرب الخرطوم، لا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على أحياء الخرطوم 2، والخرطوم 3، وامتداد الدرجة الثالثة، والديوم، والصحافة، وجنوب الحزام الأخضر، وكامل محلية جبل أولياء التي تعد المخرج الوحيد للقوات من الخرطوم.