جماعة الإخوان ونظرية القطيع.. مقاربة سوسيولوجية
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يُعد سلوك القطيع ظاهرة اجتماعية ونفسية تعبر عن ميل الأفراد إلى اتباع الجماعة دون تفكير أو تحليل مستقل، حيث يتخلون عن آرائهم الشخصية لصالح الاتجاه السائد.
يمكن ملاحظة هذا السلوك في مجالات متعددة، مثل الحياة الاجتماعية، والسياسة، والاقتصاد، وحتى في الفضاء الرقمي.
وغالبًا ما ينبع من حاجة الإنسان إلى القبول الاجتماعي والخوف من العزلة، مما يدفعه إلى مجارات التيار العام بدلًا من اتخاذ مواقف فردية قد تضعه في مواجهة الأغلبية.
في السياق الإسلامي، يظهر سلوك القطيع في بعض الجماعات التي تعتمد على الطاعة المطلقة للقيادة، ورفض الاجتهاد، والتعبئة العاطفية، والتحكم في الإعلام، مما يؤدي إلى انغلاق فكري وغياب النقد الذاتي. تنطبق هذه الديناميكية بشكل خاص على جماعة الإخوان المسلمين، التي تستغل سلوك القطيع لتعزيز نفوذها بين الاتباع، سواء عبر وسائل الإعلام أو من خلال التأثير على أفرادها في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، فإن هذا النمط من الامتثال الأعمى قد يؤدي إلى نتائج كارثية على المستوى الفردي والمجتمعي، حيث يعوق التطور الفكري، ويمنع المراجعة الذاتية، ويعزز الاستقطاب والتطرف.
الجذور النفسية والاجتماعية لسلوك القطيعيعود سلوك القطيع إلى دوافع نفسية عميقة، حيث يسعى الأفراد بطبيعتهم إلى القبول الاجتماعي و يتجنبون العزلة أو الرفض. فالإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، ويحتاج إلى الشعور بالانتماء لجماعة تحيط به وتدعمه. عندما يجد الفرد أن غالبية المحيطين به يتبعون سلوكًا معينًا أو يتبنون رأيًا محددًا، فإنه يشعر بضغوط نفسية تدفعه إلى مجاراتهم حتى لو كان لديه رأي مخالف. هذه الضغوط قد تنبع من الخوف من التهميش أو الإقصاء، خاصة في المجتمعات التي تعطي أهمية كبيرة للرأي الجماعي وتعتبر الخروج عنه نوعًا من التمرد أو التحدي غير المرغوب فيه، وبالتالي، فإن اتباع القطيع قد يكون آلية دفاعية يلجأ إليها الأفراد لحماية أنفسهم من النقد أو العزلة الاجتماعية.
إضافة إلى ذلك، تلعب الضغوط الاجتماعية والثقافية دورًا محوريًا في تعزيز سلوك القطيع، حيث يُفضل الكثيرون اتخاذ قرارات تتماشى مع التيار العام بدلاً من تحمل عناء التفكير المستقل أو المخاطرة بمخالفة الأغلبية.
ففي بعض الحالات، يتجنب الأفراد اتخاذ مواقف فردية خوفًا من الفشل أو من تحمل مسؤولية نتائج قراراتهم. على سبيل المثال، في بيئة العمل أو في الأوساط السياسية، قد يختار الشخص مسايرة الرأي السائد بدلاً من التعبير عن رأيه الحقيقي، وذلك لتجنب العواقب السلبية المحتملة مثل العزل أو فقدان الفرص.
هذا النمط من التفكير يخلق بيئة تعزز الامتثال الأعمى، حيث تصبح الراحة في اتباع الجماعة أكثر أهمية من البحث عن الحقيقة أو اتخاذ قرارات مبنية على تحليل شخصي مستقل.
تجليات سلوك القطيع لدى الجماعات الإسلامية
سلوك القطيع يظهر بشكل واضح في بعض الجماعات الإسلامية، حيث يتم تبني الأفكار والممارسات دون تمحيص أو اجتهاد فردي، مما يؤدي إلى انتشار أنماط تفكير متشابهة تخلو من النقد الذاتي أو المرونة الفكرية، هذا السلوك يتجلى في عدة مظاهر:
1. الطاعة المطلقة للقيادةتُعزز بعض الجماعات الإسلامية مفهوم الولاء المطلق للقائد، بحيث يصبح رأي الزعيم أو المفتي مرجعية لا تقبل الجدل أو النقاش. في هذه البيئة، لا يُسمح للأتباع بمساءلة القرارات أو التوجيهات، حتى لو كانت تتعارض مع المنطق أو الظروف المتغيرة. يتم تصوير القائد على أنه معصوم من الخطأ، مما يجعل الأفراد يعتمدون بالكامل على توجيهاته، دون تفكير أو مراجعة. هذه الظاهرة تخلق حالة من الامتثال الأعمى، حيث يُنظر إلى أي اختلاف في الرأي على أنه خروج عن الطاعة، وقد يُعامل المخالف بعقوبات اجتماعية أو حتى دينية.
هذا النوع من الطاعة المطلقة يؤدي إلى شلل التفكير النقدي لدى الأفراد، حيث يُطلب منهم اتباع الأوامر دون تمحيص أو تحليل مستقل. في بعض الحالات، قد تتخذ الجماعة قرارات تتعارض مع مصلحة أعضائها أو حتى مع تعاليم الدين الأساسية، لكن الالتزام القطيعي يمنع الأفراد من الاعتراض. وعندما تُفرض هذه العقلية على نطاق واسع، تُنتج بيئة فكرية مغلقة تمنع الإبداع والابتكار، مما يؤدي إلى تكرار الأفكار ذاتها عبر الأجيال دون تطوير أو مراجعة حقيقية.
2. رفض الاجتهاد والتعددية الفكريةتتبع بعض الجماعات الإسلامية نهجًا متصلبًا في فهم النصوص الدينية، حيث ترفض أي اجتهاد جديد أو تفسير بديل. يتم تصوير تفسير معين على أنه الحقيقة المطلقة، بينما تُعتبر التفسيرات الأخرى انحرافًا عن الدين. هذه العقلية تجعل الأتباع يعتقدون أن أي محاولة لمناقشة القضايا الدينية أو إعادة فهمها وفقًا للواقع المعاصر هي نوع من التمرد أو الضلال. نتيجة لذلك، يصبح الفكر الإسلامي في هذه الجماعات جامدًا وغير قادر على التكيف مع التغيرات الاجتماعية والسياسية، مما يؤدي إلى فجوة بين الفكر الديني وحاجات المجتمع.
الخوف من مخالفة الرأي السائد داخل الجماعة يجعل الأفراد يتجنبون طرح تساؤلات أو البحث عن مصادر معرفية بديلة. يؤدي ذلك إلى إعادة إنتاج الأفكار نفسها دون تطويرها، مما يعزز حالة من الجمود الفكري. كما أن رفض التعددية الفكرية يُنتج حالة من الإقصاء الداخلي، حيث يُعامل المفكرون والمجددون بريبة وشك، وقد يُتهمون بالخروج عن تعاليم الدين. في النهاية، يؤدي هذا النهج إلى عزل الجماعة عن التيارات الفكرية المتنوعة داخل العالم الإسلامي نفسه، مما يُضعف قدرتها على التأثير في المحيط الأوسع.
3. التقليد الأعمى في الممارسات الدينية والاجتماعيةفي العديد من الجماعات الإسلامية، يتم تبني ممارسات دينية واجتماعية معينة وكأنها جزء أساسي من العقيدة، رغم أنها قد تكون نابعة من تقاليد ثقافية أو بيئية خاصة بزمان ومكان معينين. على سبيل المثال، يتم فرض أنماط معينة من اللباس أو السلوك الاجتماعي على الأفراد، ويتم تصويرها على أنها "الطريقة الشرعية الوحيدة"، رغم عدم وجود نص ديني قطعي يدعمها. هذا التقليد الأعمى يجعل الأتباع غير قادرين على التمييز بين العادات الاجتماعية والتعاليم الدينية الجوهرية، مما يؤدي إلى تحويل الدين إلى مجموعة من القواعد الشكلية بدلًا من كونه منظومة قيمية وروحية.
هذا النوع من السلوك القطيعي يُساهم في إغلاق باب التطوير الاجتماعي والثقافي داخل المجتمعات الإسلامية، حيث يصبح الالتزام بالممارسات القديمة شرطًا أساسيًا للقبول داخل الجماعة. أي محاولة لتحديث أو إعادة تفسير هذه الممارسات تُقابل بالرفض والتخوين وهكذا، تتحول بعض المجتمعات الإسلامية إلى كيانات منغلقة على ذاتها، تحكمها تقاليد متوارثة دون مراجعة نقدية، مما يعيق قدرتها على مواكبة العصر.
4. التأثر بالدعاية الجماعية والتعبئة العاطفيةتعتمد بعض الجماعات الإسلامية على الخطاب العاطفي الحماسي كوسيلة لحشد الأتباع وتوجيههم نحو أهداف محددة، يُستخدم في ذلك التكرار الإعلامي، والخطب الدينية الحماسية، والشعارات الرنانة التي تثير المشاعر أكثر مما تقدم حججًا عقلانية. هذا الأسلوب يُشجع الأفراد على اتخاذ مواقف دون تحليل منطقي، حيث يتم تحفيزهم عبر العاطفة بدلاً من التفكير النقدي. بهذه الطريقة، يمكن للجماعة توجيه أعضائها بسهولة نحو قرارات معينة، حتى لو لم تكن تصب في مصلحتهم الحقيقية.
عندما يصبح الأفراد رهائن للمشاعر الجماعية، فإنهم يفقدون القدرة على التقييم الموضوعي للأمور.
يتم تصوير القضايا على أنها "معركة بين الحق والباطل"، مما يدفع الأتباع إلى رفض أي نقاش أو تحليل بديل.
هذا الأسلوب يُستخدم أيضًا لتبرير تصرفات معينة، حيث يتم إقناع الأفراد بأنهم في "حالة استثنائية" تتطلب اتخاذ إجراءات قد لا تكون مقبولة في الظروف العادية.
وبهذا، يصبح الأفراد أكثر عرضة للانقياد وراء قرارات قد تكون ضارة لهم وللمجتمع ككل.
5. تكوين مجتمعات منغلقة ورفض الآخرتتبنى بعض الجماعات الإسلامية نهج الانعزال عن المجتمع الأوسع، حيث تعتبر نفسها الفرقة الناجية وغيرها من الجماعات أو التيارات الإسلامية منحرفة أو مضللة. هذه العقلية تُنتج شعورًا بالتفوق الأخلاقي والفكري، حيث يتم إقناع الأفراد بأن أي فكرة أو ثقافة خارج إطار الجماعة هي تهديد لعقيدتهم وهويتهم.
يؤدي ذلك إلى بناء مجتمع مغلق يرفض الحوار والتفاعل مع الآخرين، مما يُضعف إمكانية التفاهم بين مختلف التيارات الإسلامية والمجتمعات الأخرى.
هذا الانغلاق الفكري يُعزز التعصب الداخلي ويمنع النقد الذاتي.
عندما يرفض الأفراد الاستماع إلى وجهات نظر مختلفة، فإنهم يصبحون أقل قدرة على التكيف مع التغيرات، مما يؤدي إلى انفصالهم عن الواقع الاجتماعي والسياسي.
كما أن رفض النقد الداخلي يجعل الجماعة أكثر عرضة للانحراف والتطرف، حيث لا توجد آليات لمراجعة الأفكار والتوجهات. في نهاية المطاف، يؤدي هذا السلوك إلى عزل الجماعة عن محيطها وتقليل تأثيرها الإيجابي في المجتمع، مما يجعلها في حالة مواجهة دائمة مع أي طرف يخالفها في الرأي.
وفي الاخير فان سلوك القطيع في بعض الجماعات الإسلامية يُشكل عائقًا أمام الاجتهاد والتطور الفكري، حيث يُعزز الامتثال الأعمى ويمنع التفكير النقدي. الحل يكمن في تشجيع النقاش الحر، وقبول التعددية الفكرية، وتعزيز ثقافة الاجتهاد، مما يسمح للمجتمعات الإسلامية بالتطور والتكيف مع التغيرات دون التخلي عن مبادئها الأساسية.
جماعة الإخوان وسلوك القطيع:
تعتبر جماعة الإخوان واحدة من أبرز الجماعات التي يظهر فيها سلوك القطيع بوضوح، حيث تعتمد على الطاعة المطلقة للقيادة، ورفض الاجتهاد المخالف لنهجها، والتعبئة العاطفية، والتحكم في الخطاب الإعلامي، وبناء مجتمع منغلق. هذا النمط من السلوك القطيعي يتجلى في مواقع التواصل الاجتماعي، الممارسات في الشارع، والقنوات الإعلامية التابعة للجماعة.
1. الطاعة المطلقة للقيادةتعتمد جماعة الإخوان على هيكل تنظيمي صارم يُلزم الأعضاء بالطاعة العمياء لقرارات القيادة، حتى لو كانت تتعارض مع المعطيات الواقعية أو المنطقية. يُنظر إلى قادة الجماعة على أنهم أصحاب رؤية صائبة لا تحتمل النقد، ويتم تصويرهم على أنهم رموز ملهمة لا يجوز التشكيك في قراراتهم. هذه العقلية القطيعية تجعل الأعضاء يتبعون التوجيهات بشكل غير نقدي، حتى لو كانت نتائجها كارثية، كما حدث في مصر بعد عام 2013 عندما أصرّت الجماعة على مواجهة الدولة بأساليب لم تكن محسوبة العواقب.
على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر هذا السلوك في التفاعل الجماعي مع أي توجيه يصدر عن القادة، حيث يقوم أعضاء الجماعة بإعادة نشر نفس الرسائل والأفكار دون مساءلة، على سبيل المثال، عندما يصدر بيان من قيادة الإخوان حول موقف معين، سرعان ما تنتشر منشورات موحدة بين الأتباع تتبنى وجهة النظر ذاتها، دون أي تنوع في الطرح أو النقد الداخلي.
2. رفض الاجتهاد والتعددية الفكريةتتبنى جماعة الإخوان نهجًا فكريًا مغلقًا لا يسمح بمساحة للاجتهاد خارج إطار أيديولوجيتها.
أي محاولات لإعادة التفكير في استراتيجيات الجماعة أو تطوير رؤيتها السياسية تُقابل بالرفض، ويتم تصنيف أصحاب هذه المحاولات كـ"مخالفين" أو حتى "خونة".
هذا السلوك يظهر بوضوح في طريقة تعامل الجماعة مع أعضائها المنشقين، حيث يتم شيطنة أي شخص يقرر الابتعاد عن الخط الفكري للجماعة، كما حدث مع شخصيات مثل ثروت الخرباوي، ومحمد حبيب، الذين تعرضوا لحملات تشويه واسعة بعد إعلانهم الخروج عن التنظيم.
على مواقع التواصل الاجتماعي، يُلاحظ كيف يتم مهاجمة أي شخص يحاول تقديم رؤية نقدية للجماعة، حتى لو كان من داخلها.
تُستخدم أساليب مثل التخوين، والتشكيك في النوايا، والتشهير الشخصي لإسكات أي صوت مختلف. كما تُمارس نفس الأساليب في الشارع، حيث يتم إقصاء المخالفين من الأنشطة الاجتماعية والدعوية للجماعة، مما يعزز مناخ الطاعة القطيعية.
3. التعبئة العاطفية والدعاية الإعلاميةتعتمد جماعة الإخوان المسلمين بشكل كبير على الخطاب العاطفي كأداة لتوجيه الأتباع.
يتم استخدام المظلومية الدائمة، واستدعاء المشاعر الدينية، وتوظيف القصص المؤثرة لتأجيج المشاعر وتوجيه الجماهير نحو أهداف محددة. يظهر ذلك بوضوح في الخطب والمنشورات التي تركز على فكرة أن الجماعة تتعرض لـ"الاضطهاد" و"المؤامرات"، مما يدفع الأفراد إلى الانجراف وراء العواطف بدلاً من التفكير العقلاني.
في قنواتهم الإعلامية، مثل قناة "مكملين" و"الشرق" و"وطن"، يتم تقديم محتوى يعتمد على التكرار والتعبئة العاطفية، دون تقديم تحليلات عميقة أو طرح وجهات نظر متنوعة.
تُستخدم الموسيقى المؤثرة، والصور الدرامية، واللغة العاطفية لحشد التأييد، مما يجعل المشاهدين يتبنون المواقف المطروحة دون تمحيص.
4. بناء مجتمع منغلق ورفض الآخرتحرص الجماعة على خلق بيئة اجتماعية معزولة، حيث يشعر الأعضاء بأنهم جزء من كيان منفصل عن المجتمع العام. يتم تعزيز فكرة أن الجماعة وحدها تملك "الطريق الصحيح"، بينما يُنظر إلى الآخرين، سواء كانوا تيارات إسلامية أخرى أو معارضين سياسيين، على أنهم مضللون أو أعداء.
في الشارع، يظهر هذا الانعزال في شكل تجمعات مغلقة، حيث يُفضل أعضاء الجماعة التعامل مع بعضهم فقط، سواء في الأنشطة الاقتصادية أو الاجتماعية أو حتى الزواج.
على مواقع التواصل الاجتماعي، يتجلى هذا الانغلاق في رفض متابعة أو التفاعل مع أي مصادر إعلامية خارج منظومة الجماعة، والاكتفاء بالمحتوى الذي تقدمه منصاتهم الخاصة.
خاتمة
يُشكل سلوك القطيع إحدى أخطر الظواهر التي تؤثر على الفكر والمجتمع، حيث يؤدي إلى التبعية العمياء وانعدام القدرة على التحليل المستقل.
في الجماعات الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين، يظهر هذا السلوك من خلال الطاعة المطلقة للقيادة، ورفض النقد الداخلي، وتوظيف الإعلام في التوجيه العاطفي، مما يعزز بيئة فكرية مغلقة تعوق أي إمكانية للتجديد أو الإصلاح.
لمواجهة هذه الظاهرة، من الضروري تعزيز التفكير النقدي، وتشجيع الاجتهاد، وفتح المجال للنقاش الحر داخل المجتمعات، بما يضمن تطوير الفكر الإسلامي بما يتناسب مع تحديات العصر. إن الخروج من دائرة الامتثال الأعمى نحو التحليل الواعي والاختيار المستقل هو السبيل الوحيد لبناء مجتمعات أكثر نضجًا، ووعيًا، وانفتاحًا على التعددية الفكرية، بعيدًا عن التبعية القطيعية التي تكرس الجمود والتطرف.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جماعة الإخوان الجماعات الإسلامية الحياة الاجتماعية الفضاء الرقمي التحكم في الإعلام ظاهرة اجتماعية مواقع التواصل الاجتماعی التفکیر النقدی جماعة الإخوان مما یؤدی إلى هذه العقلیة هذا السلوک فی الشارع حیث یتم حتى لو أو حتى فی بعض سلوک ا
إقرأ أيضاً:
الدولة الأردنية والإسلاميون من التوافق إلى الحظر
عمّان- في تطور لافت، اعتقلت الأجهزة الأمنية الأردنية، مساء أمس الأحد، القيادي البارز في الحركة الإسلامية أحمد الزرقان، الذي يعد أرفع شخصية قيادية يتم اعتقالها منذ قرار السلطات الأردنية حظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها "جمعية غير مشروعة".
واستهجن المحامي عبد القادر الخطيب نائب رئيس لجنة الحريات في حزب جبهة العمل الإسلامي اعتقال الزرقان (72 عاما)، وقال للجزيرة نت إن نهج الاعتقالات بحق بعض قيادات الحركة الإسلامية من شأنه أن يقدم صورة مغايرة للأردن أمام الرأي العام المحلي والعالمي بما لا يخدم مصالحه العليا.
ودعا الخطيب الحكومة لتغليب الحكمة والتهدئة والإفراج عن الزرقان والقيادي الآخر في الحركة الإسلامية عارف حمدان، وعن جميع المعتقلين السياسيين على خلفية فعاليات التضامن مع غزة، لافتا إلى أنه مُنع من زيارة المعتقلين أكثر من مرة، واستدرك "لا يوجد أي مسوغ قانوني لهذه الاعتقالات واستمرارها".
ضمن الحملة
ورجَّح مراقبون أن يكون اعتقال الزرقان وحمدان مرتبطا بالتحقيقات الجارية حول الملف المالي للإخوان المسلمين، في إطار حملة أمنية للبحث عن وثائق ومستندات قد تُدين الجماعة.
وتزامنت هذه الاعتقالات مع قرار الحكومة الأردنية الأخير، الذي أعلن فيه وزير الداخلية مازن الفراية حظر جماعة الإخوان المسلمين رسميّا.
إعلانواعتبر الفراية الانتساب للجماعة أو الترويج لأفكارها عملا مخالفا للقانون، مؤكدا إغلاق مقراتها ومكاتبها كافة، حتى لو كانت بالتشارك مع جهات أخرى.
كما سارعت الحكومة -من خلال لجنة مختصة- إلى مصادرة ممتلكات الجماعة المنقولة وغير المنقولة، تنفيذا للأحكام القضائية ذات الصلة، وشدَّدت السلطات على أنّ التعامل مع الجماعة عبر وسائل الإعلام أو منصات التواصل يخضع للمساءلة القانونية.
وحسب مراقبين، فإن قرار الداخلية الأردنية لم يشمل حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي لم توجّه له أيّ تُهم رسمية، ولم تُحرّك النيابة العامّة دعوى ضدّه، مما يعني أنّ أيّ إجراء مُحتمل لا يزال ضمن دائرة التقديرات القانونية، وليس الحقائق القضائية.
وتأتي هذه التطورات وغيرها في الوقت الذي أعلنت فيه دائرة المخابرات الأردنية يوم 15 أبريل/نيسان الجاري القبض على خلية قالت إنها كانت تقود "مخططات تتمثل في تصنيع صواريخ، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة نارية وإخفاء صاروخ مجهز للاستخدام، ومشروع لتصنيع طائرات مُسيَّرة".
وتحدث الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، عن إلقاء القبض على "16 ضالعا بتلك المخططات التي كانت تتابعها الدائرة بشكل استخباري دقيق منذ 2021".
وكان الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي وائل السقا أكد أن الحزب مارس نشاطاته ومهامه كافة خلال السنوات الماضية، وفقا للدستور والقانون الأردنيين.
وأضاف -خلال مؤتمر صحفي عقده الأربعاء الماضي- أن "قرار الحكومة المتعلق بحظر النشاط السياسي لجماعة الإخوان المسلمين لا يعني الحزب".
وشدَّد الحزب على أنه يعمل وفق الدستور والقوانين الناظمة للأحزاب ويمارس دوره السياسي والوطني، مؤكدا رفضه "أي تحريض أو تطاول أو تشكيك بالدور الوطني الذي يقوم به ضمن أي خصومة سياسية".
إعلانمن جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان إنه بعد معركة قضائية استمرّت أعواما، أقرت محكمة التمييز عام 2020 مصادرة ممتلكات جماعة الإخوان المسلمين، وتضمّنت القرارات نصوصا تفيد بتأكيد أن الجماعة القديمة غير شرعية.
وأضاف "خاض حزب جبهة العمل الإسلامي، بالشراكة غير الرسمية مع الإخوان، الانتخابات النيابية في سبتمبر/أيلول 2024، وحصدوا أكبر عدد من الأصوات في تاريخ الجماعة، ولم يؤثر ذلك على موقف مؤسّسات الدولة، حتى تدحرجت الأزمة أكثر مع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة".
لكن القشّة التي قصمت ظهر البعير -وفق أبو رمان- "تمثّلت في مجموعات جرى الإعلان عنها، وقضية الأسلحة، وأغلبها من الإخوان أو في الأوساط التنظيمية والقريبة منها، مما دفع الدولة إلى وضع حدّ للحالة غير القانونية السائدة سابقا، وإعلان حظر أنشطة الجماعة، من دون التعرّض للحزب السياسي الذي يمثّلها عمليا وأغلب أعضائه من أبناء الجماعة، وله تمثيل نيابي واسع وعريض".
الأردن مختلفوحول توجه الدولة نحو مزيد من التصعيد والاعتقالات في صفوف قيادات الحركة الإسلامية، أوضح أبو رمان أنه لا يعني قرار الحكومة الأردنية حظر عمل الإخوان المسلمين أن يتم استنساخ نماذج وتجارب عربية أخرى حكمت على الجماعة وحزبها بـ"الإرهاب"، وزجّتهم جميعا بالسجون، وجرّمت بصورة قطعية الانتماء للجماعة أو حزبها أو حتى تبني هذا الخطاب.
وذكر أن القرار والسياسة الأردنيين أبعد ما يكونان عن هذا الخط، وأن المسألة ضبط العمل ليكون ملتزما بقواعد اللعبة السياسية وبمظلة القانون وعلنا، وهو أمر قد يكون في صالح الحركة الإسلامية مستقبلا، ويدفعها أكثر فأكثر نحو الواقعية السياسية والعمل العلني، بعيدا عن "الازدواجيات".
بدوره، استنكر الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن حملات "التجييش والشيطنة" التي أعقبت الكشف عن خلايا اتُهمت بتصنيع أسلحة، وتم ربطها بالحركة الإسلامية، واستغلت من قبل الخصوم السياسيين لتصفية الحسابات مع الحركة في الأردن بشكليها الدعوي والسياسي.
إعلانوعبَّر الملتقى في بيانٍ صادر عنه، أمس الأحد، عن استغرابه مداهمة مقرات حزب جبهة العمل الإسلامي، مع أنه "مرخص ويمارس أعماله تحت سقف القانون والدستور".
وكانت محكمة التمييز الأردنية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، قد قررت حلّ جماعة الإخوان المسلمين في الأردن في 15 يوليو/تموز 2020، لـ"عدم تصويب أوضاعها القانونية وفقا للقوانين الأردنية، واعتبار جماعة الإخوان المسلمين منحلة حكما وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية".