سلط موقع "نوتيتسي جيوبوليتيكي" الضوء على التقارب الاقتصادي بين الصين وباكستان من خلال مشروع الممر الاقتصادي المشترك، معتبرا أن هذا التقارب يواجه تحديات كبيرة بسبب الأوضاع الداخلية في باكستان والصراع على النفوذ بين القوى العالمية.

وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الصين وباكستان أعادتا تأكيد التزامهما بتطوير المرحلة الثانية من الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، والذي يُعد ركيزة أساسية في مبادرة الحزام والطريق الصينية.



وجاء هذا الإعلان في 11 كانون الثاني/ يناير 2025، عقب الاجتماع الثنائي الذي جمع نائب وزير الخارجية الصيني سون ويدونغ، ووزيرة الخارجية الباكستانية آمنة بلوش، في بكين.

تضمن اللقاء الجولة الرابعة من المحادثات الدبلوماسية والاجتماع الخامس لمجموعة العمل المشتركة للتعاون الدولي بين الصين وباكستان، حيث قام ممثلو البلدين بتحديد الخطوات الضرورية لتعزيز هذه الشراكة الاقتصادية الحيوية.


وذكر الموقع أن الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني بدأ رسميا في عام 2015، ويمثل واحدًا من أكثر الاستثمارات الصينية أهمية في جنوب آسيا، حيث تم تخصيص عشرات مليارات الدولارات للبنية التحتية والطاقة والتنمية الصناعية في باكستان.

وتركز المرحلة الثانية، التي أُطلق عليها اسم "CPEC 2.0"، على الصناعات المتقدمة، وتطوير المناطق الاقتصادية الخاصة، والطاقة النظيفة والاستدامة، بالإضافة إلى الزراعة وتحسين ظروف المعيشية في باكستان.

تحديات كبيرة
أوضح الموقع أن المشروع يواجه تحديات كبيرة رغم التفاؤل المعلن، حيث إن انعدام الاستقرار السياسي في باكستان، والأزمة الاقتصادية، والمشكلات المزمنة في قطاع الطاقة، تشكل اختبارًا لقدرة إسلام آباد على الوفاء بالتزاماتها.

وشهدت منطقة غلغت-بلتستان في أقصى شمال باكستان، وهي منطقة رئيسية في الممر الاقتصادي، في الفترة الأخيرة احتجاجات من السكان المحليين بسبب الظروف المعيشية القاسية والانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي في مناخ شديد البرودة.

وقال الموقع إن هذه الاحتجاجات أدت إلى إغلاق طريق قراقرم السريع، وهو شريان رئيسي للتجارة بين الصين وباكستان، مما أعاق مرور الشاحنات المتجهة نحو الحدود، وأظهر مدى هشاشة البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية.

أكبر دائن لباكستان
حسب الموقع، يقوم التعاون الاقتصادي بين الصين وباكستان يقوم تاريخيًا على علاقة ذات منفعة متبادلة، لكنه ليس خاليًا من الاختلالات. وتُعد الصين أكبر دائن لإسلام آباد، حيث يرتبط 13% من إجمالي الدين الباكستاني بمشاريع بنية تحتية ممولة من بكين.

ووفقًا للبيانات الرسمية، أقرضت الصين باكستان ما يقرب من ضعف ما قدمه كل من البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي، مما خلق تبعية اقتصادية تثير مخاوف على الصعيدين الداخلي والدولي.

مع ذلك، ترى باكستان في الاستثمارات الصينية الجديدة فرصة لتخفيف أزمتها الاقتصادية وسد فجوات البنية التحتية التي تعيق تطورها.

التعاون العسكري
إلى جانب الاقتصاد، تمتد الشراكة بين الصين وباكستان إلى المجالين العسكري والاستراتيجي، وتُعد إسلام آباد أكبر مستورد للأسلحة الصينية، حيث تستورد 40% من صادرات بكين من الأسلحة.

وذكر الموقع أنه خلال الفترة بين عامي 2017 و2021، تجاوز حجم التعاون العسكري بين البلدين  نظيره بين الصين وروسيا. وشمل التعاون التدريبات المشتركة، وتبادل الخبرات التكنولوجية، والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية.


ويؤكد هذا التحالف العسكري على دور باكستان كحليف رئيسي للصين في المنطقة، مما يُسهم في موازنة النفوذ الهندي والأمريكي في البلاد، وفقا للموقع.

طموحات متباينة
أضاف الموقع أن الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني يُعد عنصرا أساسيا في استراتيجية بكين لتعزيز نفوذها الجيوسياسي والتجاري في جنوب آسيا. ويمثل ميناء جوادر، المتصل بالممر الاقتصادي، نقطة حيوية للوصول إلى بحر العرب وتوسيع المسارات اللوجستية نحو إفريقيا والشرق الأوسط.

واعتبر الموقع أن هذا الممر يبقى رغم التحديات مشروعًا استثنائيا قادرًا على النهوض باقتصاد باكستان وتعزيز مكانة الصين كقوة عالمية، لكن استدامته تعتمد على قدرة إسلام آباد على تحقيق الاستقرار الداخلي، وعلى استعداد بكين لمواصلة الاستثمار في بلد يعاني من مشاكل سياسية واقتصادية كبرى.

وفي المرحلة الثانية من المشروع، تراهن باكستان على الخروج من حالة الركود الاقتصادي، بينما تسعى الصين لاختبار نفوذها العالمي، ويرى الموقع أن السؤال الذي يُطرح الآن: "هل ستتمكن هذه الشراكة من الصمود أمام التحديات التي يفرضها سياق دولي يزداد تعقيدًا؟".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاقتصادي الصين باكستان اقتصاد الصين باكستان صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین الصین وباکستان الممر الاقتصادی فی باکستان الموقع أن

إقرأ أيضاً:

عُمان والصين شراكة استراتيجية لتعزيز التنمية والسلام في منطقة المحيط الهندي

مسقط - الرؤية

◄ المبعوث الصيني: سلطنة عُمان ذات تأثير فريد في الشرق الأوسط ومحور رئيسي في المحيط الهندي

رعى معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، يوم أمس افتتاح أعمال مؤتمر المحيط الهندي (IOC) الثامن، والذي تستضيفه سلطنة عُمان تحت شعار "رحلة نحو آفاق جديدة من الشراكة البحرية"، بحضور عدد من أصحاب المعالي وزراء خارجية الدول المطلة على المحيط الهندي وممثلين من 60 دولة ومنظمة دولية.

وقال تشاي جون  المبعوث الخاص وممثل الحكومة الصينية بشأن قضية الشرق الأوسط  في المؤتمر الثامن للمحيط الهندي خلال كلمته: إن سلطنة عمان دولة ذات تأثير فريد ومهم في الشرق الأوسط، وخلال 47 عامًا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين عُمان والصين، حققت العلاقات الثنائية تطورًا كبيرًا.

موضحًا أن الصين مستعدة للسعي إلى تعزيز التكامل بين استراتيجيات التنمية، وتوطيد الثقة السياسية المتبادلة، وتعزيز التعاون العملي، وتعميق التبادلات الشعبية، من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الصين وعمان، وجلب المزيد من الفوائد لشعبينا .

وأكد تشاي جون على أن سلطنة عمان محور رئيسي في منطقة المحيط الهندي،كما إنها دولة بنيت على تقاليدها البحرية، وقد قدمت مساهمات كبيرة في تعزيز التبادلات والتعلم المتبادل بين الدول الآسيوية،حيث ، أبحر أبو عبيد، الملاح العماني قبل أكثر من 1200 عام  من صحار على طول سواحل المحيط الهندي، حتى وصل إلى مدينة قوانغتشو الصينية، مسطرًا فصلًا رائعًا في التاريخ. متابعًا انعقاد المؤتمر الثامن للمحيط الهندي في سلطنة عُمان له أهمية كبيرة، وبفضل جهود عُمان ودعم الدول المشاركة سيحقق نجاحًا كبيرًا بلا شك.

وقال ممثل الحكومة الصينية بشأن قضية الشرق الأوسط: إن جمهورية الصين الشعبية دولة مجاورة لمنطقة المحيط الهندي ولديها روابط وثيقة مع المنطقة في مجالات التبادلات الشعبية والتجارة والثقافة، وبتالي يتمتع الجانبان العماني والصيني بصداقة تقليدية منذ العصور القديمة؛ فقد قامت أساطيل تشنغ خه بسبع رحلات بحرية عظيمة، وسافرت إلى جنوب آسيا وشبه الجزيرة العربية وسواحل شرق إفريقيا.

وأضاف المعوث الصيني: "أن المحيط الهندي هو ملتقى القارات والمحيطات الكبرى في العالم، وهو مركز مهم للتبادلات الاقتصادية والتجارية العالمية. كما أنه المنطقة التي تضم أكبر عدد من الدول النامية، وأحد المناطق التي تتمتع بأكبر إمكانات للتنمية. وفي العصر الجديد، طرح الرئيس شي جين بينغ رؤية بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وقدم مبادرات مثل مبادرة التنمية العالمية (GDI)، ومبادرة الأمن العالمي (GSI)، ومبادرة الحضارة العالمية (GCI). كما اقترح طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين ومفهوم مجتمع بحري ذي مستقبل مشترك، ويعتبر المحيط الهندي جزءًا لا غنى عنه في جميع هذه المبادرات". 

وأكد تشاي جون  على أن الصين على استعداد لتعميق التعاون التنموي مع المنطقة، وبناء مجتمع بحري مشترك بين الصين ودول المحيط الهندي، وتحقيق تنمية عالية الجودة ومستدامة في المنطقة كما يجب أن نبني محيطًا هنديًا يسوده السلام والأمان، خصوصًا في ظل التهديدات التي تواجه المنطقة حاليًا وتتصاعد التوترات الجيوسياسية والمنافسات بين الدول الكبرى.  مبيننا أن الصين ملتزمة بتعزيز الأمن البحري الشامل والدائم، وتقديم طاقة إيجابية للمنطقة لتعزيز الأمن الإقليمي؛ حيث ترسل الصين أساطيل بحرية لمرافقة السفن في خليج عدن منذ عام 2008، لضمان المرور البحري الآمن والمفتوح.

وذكرتشاي تتمتع الصين بعلاقات تجارية وثيقة مع دول المحيط الهندي بإعتبارها أكبر سوق استيراد لأكثر من 20 دولة في المنطقة، وأكبر وجهة تصدير لأكثر من 10 دول، كما انضمت عشرات الدول إلى التعاون عالي الجودة في مبادرة الحزام والطريق . مشيرًا إلى أن الصين مستعدة لمشاركة نتائجها وخبراتها في تنمية البحار لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين بشكل أفضل. وقد نظمت الصين منتدى منطقة المحيط الهندي حول تنمية الاقتصاد الأزرق ثلاث مرات، ونفذت تعاونًا واسعًا مع الدول في مجالات تشمل السياحة البحرية، ومصايد الأسماك، واستخدام مياه البحر، وإمكانية الوصول إلى الموارد البحرية، والنقل البحري، وحماية النظام البيئي البحري.

 

 

مقالات مشابهة

  • مبعوث فرنسا الاقتصادي: الممر الهندي لن يكون منافسا لقناة السويس
  • "الممر الاقتصادي".. خطة أمريكية إسرائيلية لمواجهة طريق الحرير الصيني
  • أسامة ربيع يبحث التعاون مع مبعوث الرئيس الفرنسي لشئون الممر الاقتصادي الهندي
  • مبادرة الممر الاقتصادي الجديدة… هل ستشكل طعنة جديدة لمصر ودول المنطقة؟!
  • 7 أسئلة لفهم الصراع المعقد بكشمير بين الهند وباكستان والصين
  • أبوظبي والصين تعززان التعاون التجاري والاستثمارات المشتركة
  • عُمان والصين نحو شراكة استراتيجية لتعزيز التنمية والسلام في منطقة المحيط الهندي
  • عُمان والصين شراكة استراتيجية لتعزيز التنمية والسلام في منطقة المحيط الهندي
  • هل يصمد الموقف العربي الموحد في القمة العربية أمام الطرح الأمريكي الإسرائيلي؟ السفير حسام زكي يجيب
  • مصر والصين تعززان الشراكة الأفريقية برؤية موحدة للمستقبل