أيها الإسلاميون بشروا ولا تنفروا: ود الحسين والظاظا لمقدم الشرطة عبد الله سليمان (2-2)
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
عبد الله علي إبراهيم
أطال وجدي ميرغني في رده على اتهامات المقدم عبد الله سليمان وسائر خصوم لجنة التمكين لهم. وخص بالرد المطول نوعاً ما كلاً من جبريل إبراهيم وزير المالية وقتها ولا يزال، ومني أركو مناوي والي ولاية دارفور، اللذين جمعتهما معارضة دولة الإنقاذ ثم فرقتهما الثورة. ومعلوم عن جبريل أنه لم يكن في قرارة نفسه مقتنعاً بمبدأ التفكيك عن طريق اللجنة الدستورية المتفق عليها.
ومع ذلك لم يقتصر عيب (قحت) على إهمالها التوعية بعمل للجنة التي كانت في عين عاصفة المتضررين منها والإسلاميون بعامة، بل ربما كان نكير دوائر من قحت على اللجنة أنكى وأشد.
فلم تمتنع دوائر من الثوريين عن التوعية بعمل اللجنة فحسب، بل اعتزلتها أيضاً. ولم تعتزلها فحسب، بل أقامت لجنة ضراراً لها أيضاً. فأصدرت جماعة من وجوه القلم والرأي في 16 سبتمبر (أيلول) 2021 مذكرة مهرها بالتوقيع 163 منهم رتبت لقيام هيئة مستقلة لمحاربة فساد دولة الإنقاذ استدبرت بها لجنة تفكيك تمكين نظام الـ30 من يونيو 1989 استدباراً صريحاً. فدعت المذكرة إلى "تفكيك حيوي" للفساد بتشكيل "مفوضية حقيقية لمكافحة الفساد بحسب المعايير العالمية، وبسلطات كاملة، وبعضوية شخصيات نزيهة ومستقيمة وعادلة". فالإيحاء هنا لا ريب أن اللجنة القائمة غير حقيقية، ولا تحتكم إلى معايير عالمية، ولا سلطات لها كاملة، والأعضاء فيها غير نزيهين ولا مستقيمين ولا عادلين. واستبقوا إجازة الدولة لمفوضيتهم بتزكية الصحافي الاستقصائي عبدالرحمن الأمين لرئاستها. والمعلوم أنه على خصام سافر وغير سافر مع لجنة تفكيك التمكين. فسفر مثلاً بقوله إن كل ما يصدر عنها "هو عبارة عن تخدير لا أكثر ولا أقل".
وجاءت المذكرة هكذا صريحة باستبدال لجنة التمكين. فلم تذكرها مجرد ذكر بتاتاً وإن طاعنتها هنا وهناك. وستجد أن مفهوم المذكرة لمفوضية الفساد هو نفسه المفهوم الذي من وراء لجنة تفكيك التمكين. فجاء في المذكرة وجوب تفكيك "مافيا الفساد" التي تشكلت في ظل نظام الإنقاذ وتعيق الانتقال الديمقراطي. وهو ما كانت تقوم به لجنة تفكيك التمكين في إطار تفويضها بتأمين التحول الديمقراطي من شرور هذه المافيا العائدة للإنقاذ. فرتب أهل المذكرة لاستبدالها بمفوضية محاربة الفساد مما أوقعهم غير محتسبين في خرق الوثيقة الدستورية التي قضت بتكوين لجنة لتفكيك نظام الإنقاذ سياسياً واقتصادياً وكادراً في نفس الوقت الذي دعت فيه لقيام مفوضية لمحاربة الفساد تختص بفساد المرحلة الانتقالية وما بعدها. وسبق لدوائر سياسية في اليمين واليسار أن دعت، وقد تحرجت كل بسببها من أداء لجنة التفكيك، إلى الإسراع بتكوين مفوضية الفساد قطعاً لطريق لجنة التفكيك القائمة وحكماً عليها بالموت، ولكن عن سكات.
واستحق ذلك النزوح الجماعي لمثل تلك الطائفة النادرة بين الثوريين عن صف لجنة التمكين وقفة لا يزال من مثل وجدي. فالراجح ربما أنهم أنفسهم مج عقلهم اللجنة من فرط إحداق الفلول والعسكريين بها من كل صوب وطلبوا الثورية في غيرها. فصاروا في مضرب القول الذي ينعى على طلب المرء ما أضاعه في مكان مضيء في حين كان فقده في مكان معتم.
ولكن ما يحز في نفس المرء حقاً هو استثمار الإسلاميين المبالغ فيه في نبأ المقدم سليمان في النيل من لجنة إزالة التمكين. فهرولوا بالنبأ في الوسائط لا يلوون على شيء عن هذا الشاهد الذي شهد على أهله. ولم يتحر حتى صحافيون منهم أو من غيرهم عن صحوة ضميره التي طالت أربعة أعوام قبل أن يدلي بشهادته عن مفاسد لجنة التمكين للتاريخ، كما قال. وللعميد تظلمات من الشرطة وغير الشرطة خلال عمله في لجنة التمكين عرضنا لها دالة على أنه تمتع بولاء استثنائي للجنة ووظيفتها طوال ما كان عضواً فيها. فكيف لمثله أن يخلص في منشط اللجنة ومكرهها يحارب الفاسدين يمنة ويسرى بينما ينخر الفساد بيئة لجنة التمكين التي هو فيها!
جاء لصف الجيش في هذه الحرب جماعة كثيرة ممن استوحوا ثورة ديسمبر 2018 في قرارهم. ويستغرب المرء كيف يريد الإسلاميون، كالجماعة المنظمة الوحيدة ربما في صف الجيش ليومنا، تعبئة الناس من كل فج للحرب العوان القائمة بينما يتربصون بالثورة كما رأينا يتبعون كل ناعق ضدها لا يسألونه على ما قال برهاناً. وهذا تنفير لا تبشير.
من أطرف ما يروى عن الإسلاميين مما له مساس بما عرضنا هنا حكايتهم مع ود الحسين القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي. جاءه من يثق فيه من الإسلاميين يطلب منه أن يوظف نفوذه لتأمين انتخاب العميد عمر حسن أحمد البشير رئيساً للجمهورية في انتخابات انعقدت بعد عقد من انقلابه في 1989. فوافق ود الحسين وعمل جهده للغاية. ولكنه بدأ يسمع أن إسلاميين آخرين احتجوا على خلطته بهم وهو الذي لم يدخر وسعاً في إسقاط زعيمهم حسن الترابي حين ترشح للجمعية التأسيسية عن دائرة حي الصحافة بالخرطوم في 1986. فغضب ود الحسين. وأضرب عن الشغل في انتخابات البشير. فجاءه من يستفسره الخبر. فقال له:
-سمعت ما لا يرضيني.
قيل له: ماذا؟
- فيكم من استنكر عملي لانتخاب البشير لأنني أسقطت الترابي في 1986.
-سيبك منهم ديل.
-شوفو إنتو جيتو قلتو لي ساعدنا في انتخاب الترابي؟
-لا.
-قلتو لي ساعدنا في انتخاب البشير. وقبلت بخاطر طيب.
-حصل بارك الله فيك
-والله لو الترابي اترشح تاني عليّ الطلاق أسقطوا ليكم تاني.
وهكذا عن تحالف كثيرين ليومنا مع الإسلاميين دعماً للجيش. ولكن لو كان أمرهم من الحرب هو تلميع الإنقاذ ودولتها فـ"عليهم بالطلاق" يسقطونها تاني.
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: لجنة التمکین لجنة تفکیک
إقرأ أيضاً:
علي جمعة يكشف عن اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله سبحانه وتعالى أرشدنا في كتابه الكريم أن ندعوه بأسمائه الحسنى فقال: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف: 180]، وقال: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الإسراء: 110]، وقال: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [طه: 8]، وقال: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الحشر: 24].
وبين "عبر صفحته الرسمية على فيس بوك" ان الحسنى مؤنث الأحسن؛ أي لله تعالى أحسن الأسماء وأجلها وأعظمها وأشرفها لاشتمالها على معاني التقديس والتعظيم والتمجيد، وهي أحسن المعاني وأشرفها، وعلى صفات الجلال والكمال لله رب العالمين.
اسم الله الأعظم
وكشف عن اسم الله الأعظم الذى إذا دعى به أجاب واذا سئل به أعطى وقال إن أسماء الله الحسنى كثيرة، ولفظ الجلالة "الله" هو الاسم الأعظم، وهو أعلى مرتبةً من سائر الأسماء؛ قال تعالى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].
أسماء الله الحسنى
وتابع: ومن هذه الأسماء تسعة وتسعون اسمًا من حفظها دخل الجنة، لقوله ﷺ: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة» [البخاري]. وقيل: من أحسن مراعاتها والمحافظة على ما تقتضيه، وصدق بمعانيها وعمل بمقتضاها. وقيل: من أخطر بباله عند ذكرها بلسانه معانيها وتفكر في مدلولاتها متدبرًا ذاكرًا راغبًا راهبًا معظِّمًا لها ولمسمياتها، مقدِّسًا للذات العلية، مستحضرًا بباله عند ذكر كل اسم المعنى الدال عليه.
وأوضح انه لا يُفهم من قوله ﷺ في الحديث المتفق عليه: «تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا» أن الأسماء محصورة في العدد المذكور فقط؛ لأن أسماء الله تعالى لا يمكن أن يحصيها العد، إذ لا يمكن لأحد من الخلق أن يحيط بكنهه تعالى. فقد قال سبحانه في وصف كلماته: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) [لقمان: 27].
وقد نقل اتفاق العلماء على ذلك الإمام النووي فقال: "واتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى؛ فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة؛ فالمراد: الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء" [شرح صحيح مسلم].
ولفت إلى أن أسماء الله سبحانه وتعالى منها ما هو أسماء جمال، ومنها أسماء جلال، ومنها أسماء كمال. فأسماء الكمال كالأول والآخر والمحيي والمميت والضار والنافع، وأسماء الجمال مثل: الرحمن والرحيم والعفو والغفور، وأسماء الجلال كالمنتقم والجبار والمتكبر.
اسماء لا يجوز إطلاقها على غير الله
وذكر ان من أسمائه ما لا يجوز إطلاقه على غيره سبحانه كـ"الله والرحمن"، ومنها ما يجوز كـ"الرحيم والكريم". ومنها ما يُباح ذكره وحده كأكثرها، ومنها ما لا يُباح ذكره وحده كـ"المميت والضار"؛ فلا يقال: يا مميت ويا ضار، بل يقال: يا محيي يا مميت، ويا نافع يا ضار؛ وذلك تأدبًا في حقه تعالى وتفاديًا من إيهام ما لا يليق بجلاله تعالى.
ومثل صفاته تعالى وأفعاله يجب تنزيه أسمائه سبحانه عما لا يليق بعظمته وجلاله، ويجب تنزيه سائر أسمائه عن تفسيرها بما يوهم نقصًا في حقه تعالى وينافي كماله، كتفسير الرحيم برقيق القلب لاستحالة ذلك عليه تعالى. قال تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) [الأعلى: 1-2]، أي: نزِّه اسمه تعالى عن كل ما لا يليق به.
ومذهب جمهور أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية أن أسماءه تعالى توقيفية كصفاته؛ فلا يُثبت له اسم ولا صفة إلا إذا ورد ذلك في النصوص الشرعية أو ثبت بالإجماع.
الحكمة من ذكر اسماء الله الحسنى
ومن حكمة الله في ذكر أسمائه وصفاته أن نتخلَّق بها كما ورد في الأثر: (تخلَّقوا بأخلاق الله)، فنتخلَّق من الرحيم بالرحمة، ومن الكريم بالكرم، ومن الحليم بالحلم... وهكذا؛ فإن جميع الأسماء للتخلُّق إلا اسمه تعالى "الله" فإنه للتعلُّق.
ولأهمية أسمائه تعالى في الإيمان به وأمره عباده بالتخلُّق بها، ختم سبحانه وتعالى كثيرًا من الآيات في كتابه الكريم بالأسماء الحسنى؛ فلا تكاد تجد صفحة من المصحف إلا وقد ختمت كثير من الآيات فيها باسم أو اسمين من أسمائه تعالى، وما ذلك إلا لأمرين اثنين:
الأمر الأول: دلالة هذه الأسماء على معانٍ عظيمة.
الأمر الثاني: الدلالة على أن الطريق إليه تعالى لا يتأتى إلا عبر المرور من باب معرفة أسمائه سبحانه وتعالى والتعبد بها.
واختتم كلامه قائلا: إن أسماء الله سبحانه وتعالى مليئة بالحِكَم والأسرار التي يعرفها أهل الله الذاكرون السائرون في طريقه، فعلى كل مسلم أن يذكر الله سبحانه في كل حال بما يحب من أسمائه، ويجتهد في التخلق بهذه الأسماء ومراعاتها في حياته كلها، ليفتح له أبواب أسرارها.