عربي21:
2025-05-01@16:58:38 GMT

القلق الغربي من حرية العربي ومقاوم المحتل

تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT

أعادت المواقف السياسية المرتبطة بالتغيير الحاصل في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، تأكيد ثوابت غربية وأمريكية عن النفاق المتبع مع قضايا عربية، منها التحرر من الاستبداد والاحتلال معا. الرسائل التي حملها زوار دمشق من باريس وبرلين والاتحاد الأوروبي، تحمل شروط ما يجب أن يكون ولا يكون لإقامة علاقة "سليمة" مع سوريا ما بعد الأسد، من منطلق خوف هذه الدول على العلاقة التي تحكم نظام الحكم الجديد مع الشعب السوري، وربط مسألة رفع العقوبات عن سوريا بهذه الشروط، بما يفضح تذكير الشعوب بسياسة الابتزاز الغربي للشعوب، لأن أسباب فرض العقوبات ارتبطت بجرائم النظام السابق وسلوكه، ونظريا من المفترض أن تزول مع زوال النظام، لكن ما اتُخذ من مواقف غربية يؤكد جملة مفضوحة من السياسة الغربية والأمريكية حيال مسألة حقوق الإنسان والأقليات والمرأة وفصل الدين عن الدولة، والأهم المواقف الرسمية من القضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة.



لقد منحت تجربة المواقف الأمريكية والغربية، من حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، الشرح الوافي لأبعاد النفاق من مسألة القلق على حقوق الإنسان والديمقراطية، والكيل بمكيالين عند التطرق للشرعية الدولية وقوانينها، بالانحياز المطلق للاحتلال، وتوفير كل مستلزمات الجريمة من قنابل وذخائر وتوفير مظلة سياسية له بالمحافل الدولية. وهنا ينبغي علينا عدم تضخيم مسألة القلق التي يبديها بعض السياسيين في الغرب ممن توافدوا على دمشق في الآونة الأخيرة، لاستكشاف المسار السوري الجديد.

منحت تجربة المواقف الأمريكية والغربية، من حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، الشرح الوافي لأبعاد النفاق من مسألة القلق على حقوق الإنسان والديمقراطية، والكيل بمكيالين عند التطرق للشرعية الدولية وقوانينها، بالانحياز المطلق للاحتلال، وتوفير كل مستلزمات الجريمة من قنابل وذخائر وتوفير مظلة سياسية له بالمحافل الدولية
فالمواقف التي عبر عنها وزيرا خارجية فرنسا جان نويل بارو ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، حول حماية الأقليات وتأكيد الوجود بجانب المسيحيين، وما إلى هنالك من مواقف تتعلق بمسألة رفع العقوبات وحقوق المرأة، فهذه نغمة مكشوفة الهدف لأن من كان يتشاطر هذا القلق في المنطقة هم السوريون أنفسهم، ضحايا هذا التصنيف والتهميش الذي رسخه النظام البائد، بعد نزع المواطنة عنهم وسلبهم حريتهم وكرامتهم والدوس على كل القوانين المحلية والدولية، ومن يمارس جرائم ضد الأطفال والنساء ويرتكب إبادة جماعية في غزة ضد الوجود الفلسطيني كله يحظى بدعم القلقين جدا على الأقليات والمكونات السورية.

إن منطق الاستمرار أو التعامل مع التجارب الماضية لمواقف غربية وأمريكية من قضايا المنطقة، وعلى رأسها قضية فلسطين وقضايا التحرر العربي من الاستبداد، عبر حقبة أو فكر سياسي استعلائي استعماري، لم يتغير حين وُضع تحت اختبار حقيقي مباشر، وفي مواجهة جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة، فكانت التطلعات والآراء الثقافية والسياسية والأخلاقية لخطاب غربي مهيمن بشكل فعال ضد مقاومة الاحتلال والثورات العربية، مع بروز تحالفات يمينية شعبوية في الغرب تدعم الثورات المضادة باستحضار الموجة المشحونة بفزاعة محاربة الإرهاب والإسلاموفوبيا والتحريض على اللاجئين، مما خلق حالة من الضيق والتندر عند البعض الغربي من مراقبة هزيمة "قيم" المحتل، وسقوط سرديته، فمذابح المستعمر الصهيوني استهدفت النسبة الأكبر من النساء والأطفال في غزة، لا بل الجرائم مستمرة على الهواء مباشرة، ضد كل بُنى المجتمع الفلسطيني، والتي بررتها وزيرة الخارجية الألمانية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بأن لإسرائيل الحق في قتل المدنيين بقصف المناطق التي يعيشون فيها، إذا كان هناك "إرهابيون يسيئون استخدامها".

الموقف الفرنسي لم يبتعد عن نظيره الألماني، عندما تعلق الموضوع بتنفيذ مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، لاعتقال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه الأسبق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة، ومنحه استثناء وحصانة في حال زيارته فرنسا.

العوامل والملامح والظروف المشتركة لمنطق الاستعلاء الغربي والأمريكي بالتعاطي مع الملفات العربية، هو بالضبط ما يجب أن تتعاطى معه قوى التغيير في سوريا الجديدة، وهو ما يجب أن يكون تراكما للحاضر الفلسطيني والعربي بكل نتائجه، لأن ملمح التحول المضاد لتطلعات الشعب السوري، قد بدأ بشكل ناعم من خلال تسجيل العديد من المواقف الغربية تحت غطاء جس نبض القيادة الجديدة، واعتلاء منبر القلق على حقوق الإنسان والمرأة والأقليات، وبموازاة عزف وسائل اعلام الاستبداد العربي على الوتر الغربي في الحالة السورية من التعبير عن القلق على أمنها، وعلى مستقبل البلاد ووحدة أراضيها، وهي التي بقيت داعمة لنظام الإجرام الأسدي طيلة 14 عاما وحتى لحظة هروبه.

الهامش المتاح أمام خطاب غربي يهتم بقضايا المنطقة، هو تعاطف بجوانب إنسانية محددة، وبالحديث عن استعداد لتقديم مساعدات غذائية ودوائية كما في الحالة السورية، والإعراب عن القلق في الحالة الفلسطينية وصمت عن جرائم الإبادة والحرب في غزة وعجز عن ردعها، ونفاق في مسألة حل الدولتين، والمجال يضيق هنا بالحديث عن الهوامش الغربية ضمن إطار أيديولوجي مصطنع
مجمل المخاوف الغربية مما جرى في سوريا بعد الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مقتبسة من نمط تفكير استعلائي مصدرها نظرة دونية للعقل العربي، ولذلك سببت الحالة السورية ألما واضحا عند المتهافتين نحو دمشق، فهذا نموذج قدم نفسه متسامحا متنورا كما يمكن أن يساعد على إلهام إنجازاته العظيمة في التخلص من الطاغية السوري حسما لكثير من الشعوب المقهورة والمضطهدة بعد الثورات المضادة، ولمثل هذه النهاية التي انتهى إليها نظام الإجرام والسجون والتحطيم الشامل للمجتمع السوري، أن تناضل شعوب عربية، لأن المشكلة والقضية لا تنحصر فقط في تنميط صورة العربي في الدونية والتطرف والإرهاب، بقدر ارتباط هذه المعضلة مع خطاب عربي قاصر عن المواطنة وسيادة القانون. فالزائر الغربي لدمشق على سبيل المثال الفرنسي والألماني الذي اجتمع مع ما أطلق عليها أقليات؛ لم يسمع منها مفهوما عن المواطنة وسيادة القانون التي يتساوى الجميع تحتهما، وأخذ من زواره قشور القلق على مكون قد يتعرض للتهديد وفق رغبة الزائر.

أخيرا، الهامش المتاح أمام خطاب غربي يهتم بقضايا المنطقة، هو تعاطف بجوانب إنسانية محددة، وبالحديث عن استعداد لتقديم مساعدات غذائية ودوائية كما في الحالة السورية، والإعراب عن القلق في الحالة الفلسطينية وصمت عن جرائم الإبادة والحرب في غزة وعجز عن ردعها، ونفاق في مسألة حل الدولتين، والمجال يضيق هنا بالحديث عن الهوامش الغربية ضمن إطار أيديولوجي مصطنع، وبعيد عن متن القضايا العربية الموضوعة في إطار مليء بالانفعالات والتحيز الدفاعي عن المستبد والمحتل وجرائمه، هو مضمون الخطاب الغربي والأمريكي الذي يحكم علاقته مع القضايا العربية، بمضمون استعلائي قشرته القلق على مصير أقليات شكلت عمق هوية مجتمعاتها عبر التاريخ، اتخذ الاحتلال هذه السردية للسيطرة والاستبداد سخرها في التباكي على مصيرها ووجودها، وحقيقة الأمر يراد لها البقاء في مسلسل التدمير الذاتي لسرقة مستقبل وحاضر المنطقة، بإفشال أي عملية تغيير وتحرير يقدم عليها عربي الحرية ومقاوم الاحتلال.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الغربي الفلسطينية الحرية سوريا فلسطين حرية الغرب مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحالة السوریة حقوق الإنسان القلق على فی الحالة فی غزة

إقرأ أيضاً:

كريم خالد عبد العزيز يكتب: قوة المقاومة.. مفتاح التغلب على التحديات

المقاومة جزء لا يتجزأ من حياتنا، بها نتغلب على الصعوبات، نتخطى العراقيل، ونجتاز الأحزان .... مقاومة الضغوطات النفسية تعزز من قوتنا الداخلية وتمكننا من الاستمرار في مواجهة الحياة بكل تحدياتها .... المقاومة ليست فقط سلاحًا نحارب به الطاقات السلبية، بل هي أيضًا دليل على قوة الشخصية واستطاعتها التغلب على التحديات .... عندما نقاوم، نثبت لأنفسنا وللآخرين أننا أقوياء وقادرون، لأن المقاومة تعزز من ثقتنا بأنفسنا وتجعلنا نواجه المواقف الصعبة، مما يجعلنا أكثر قدرة على تحقيق أهدافنا والوصول إلى ما نريد في الحياة.

الضعفاء الذين لا يستطيعون المقاومة غالبًا ما يكونون عرضة للاستغلال والظلم في حياتهم، وهذا ما يجعلهم يستسلمون بسهولة .... هؤلاء الأشخاص قد يحتاجون إلى دعم ومساندة من الآخرين لمساعدتهم على المقاومة من أجل التغلب على تحدياتهم والوصول إلى حياة أكثر استقرارًا ورفاهية .... علينا أن نقدم الدعم والمساعدة والمساندة لهؤلاء الأشخاص الذين لا يستطيعون المقاومة؛ يمكننا مساعدتهم على بناء قدراتهم وتحسين ظروف حياتهم، حتى لو من خلال النصيحة، وذلك أضعف الإيمان.

ورغم تأثير المقاومة الإيجابي على حياة الفرد، هناك نوع من المقاومة يجب تجنبه، أو ما يعرف بالمقاومة السلبية، على عكس المقاومة النشطة التي يجب أن نطبقها .... المقاومة السلبية هي المقاومة بالتجنب والإهمال والإنكار والتجاهل، ومن ثم الهروب من المشكلة الحقيقية. هذا النوع يوفر للشخص راحة مؤقتة، ثم يزيد فيما بعد عليه الضغوطات .... أما المقاومة النشطة فتتضمن إجراءات فعّالة وردود أفعال حازمة لمواجهة ما يعكر صفو أيامنا سواء بالإصرار على الفرح، أو إيجاد حلول لمشكلة تحتاج لحل أو هجوم من شخص يحتاج لردع .... علينا أن نميز جيدًا بين المواقف وندرك أن هناك مواقف تحتاج منا رد فعل بالتجاهل، وهناك مواقف أخرى تحتاج منا رد فعل قوي.

تطبيق المقاومة النشطة في حياتنا هو أفضل خطوة لحياة إيجابية وصحية، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك بعض المواقف الاستثنائية تحتاج إلى تجاهل، وهذا لا يعني تبني فكرة المقاومة السلبية .... قاوموا الطاقات السلبية في حياتكم والضغوطات النفسية لتكونوا قادرين وأقوياء.

طباعة شارك الضغوطات النفسية مقاومة الضغوطات النفسية الطاقات السلبية

مقالات مشابهة

  • اعلام العدو :الحرائق لا تزال مشتعلة.. آلاف الدونمات احترقت وخسائر بالملايين
  • استعرض الفرص التنموية التي تم إطلاقها.. نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع وزارة الموارد البشرية بالمنطقة
  • تعزيل شبكة ري سد سحم الجولان بريف درعا الغربي
  • بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير تبوك يطّلع على المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة
  • فايننشال تايمز: هكذا تستطيع أوكرانيا أن تفكك التحالف الغربي
  • بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير منطقة تبوك يطلع على المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة
  • بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير منطقة تبوك يطلع على المشاريع التي تُنفّذها أمانة المنطقة
  • النائب العام السعودي باجتماع مع نظيره الروسي يؤكد قرب تسوية مسألة استئناف الرحلات بين البلدين
  • للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود.. إلغاء مسيرة العودة السنوية بالداخل الفلسطيني المحتل (شاهد)
  • كريم خالد عبد العزيز يكتب: قوة المقاومة.. مفتاح التغلب على التحديات