القاهرة- تأجلت أزمة بين الحكومة والبرلمان من جهة، ونقابة أطباء مصر من جهة أخرى، بعد إرجاء الجمعية العمومية الطارئة للأطباء لمدة شهر، عقب توافق مبدئي داخل لجنة برلمانية على تغييرات في مشروع قانون المسؤولية الطبية، أهمها حذف مادة تتيح الحبس الاحتياطي للأطباء في الأخطاء الطبية، لكن لا يزال للأطباء مطالب رئيسة كشرط لقبول القانون.

ولا يوجد إحصاء رسمي عن عدد الأخطاء الطبية في مصر، ولكن وفق إحصائيات غير رسمية، فإن العدد يقدر سنويا بـ180 ألف حالة، في حين يتم شطب نحو 20 طبيبا من النقابة سنويا بسبب تلك الأخطاء.

ويبلغ عدد الأطباء المصريين طبقا لآخر إحصائيات رسمية، نحو 121 ألف طبيب، في حين بلغ عدد المرضى الذين تم علاجهم على نفقة الدولة بالخارج والداخل نحو 3 ملايين مريض تقريبا.

إشادة حكومية

من جانبه، طمأن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الجميع، مؤكدا أن القانون يحتوي على مزايا عدة وحماية أكبر للأطباء، خاصة بعد تعديل النقطة مثار الجدل المتعلقة بالمسؤولية في حالة وقوع خطأ جسيم من طبيب، مشددا على أنه سيتم استيعاب الملاحظات خلال الفترة المقبلة.

وأحد أهم مزايا مشروع القانون، بحسب وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، محمود فوزي، في بيانه أمام مجلس الشيوخ المصري، هي أنه:

إعلان يميز بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية المعروفة، ولا يعتبرها خطأ طبيا بل تنتفي عنها مسؤولية الطبيب بجانب تعزيز الثقة بين الطبيب والمريض. حماية الأطقم والمنشآت الطبية من أية تعديات قد تقع عليهم. ترك مهمة محاسبة الأطباء إلى أنفسهم من خلال اللجنة العليا.

وأوضح وزير الصحة، خالد عبد الغفار، في تصريح رسمي، أن هناك تفاصيل بمشروع القانون لم تكن موجودة من قبل، وبعضها أدى لإحداث لبس بين المضاعفات والأخطاء الطبية والأخطاء الجسيمة، وهو ما استوجب الإيضاح.

مطالب نقابة الأطباء

نقابيا، يؤكد أبو بكر القاضي أمين صندوق نقابة أطباء مصر، أن إرجاء الجمعية العمومية إلى الثالث من فبراير/شباط المقبل، جاء استجابة لبعض المطالب النقابية في مجلس النواب، والحصول على وعود معلنة بخروج قانون منصف وعادل للطبيب والمريض، على اعتبار أن الجمعية العمومية وسيلة وليست غاية في ذاتها.

ويضيف القاضي في حديثه للجزيرة نت أنه يقدر كل الجدل والغضب المثار في مجلس النقابة والجمعية العمومية، لكنه يرى أهمية تحويله إلى جهد جماعي لاستمرار عرض وجهة نظر الأطباء في القانون، مؤكدا أن قرار انعقاد الجمعية العمومية موجود إذا تعذر الحل، في حين شدد على حرص النقابة على حق الطبيب والمريض معا.

وعقد مجلس النقابة اجتماعا الأحد الماضي (الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري)، مع نقباء وأمناء النقابات الفرعية بمحافظات مصر، برئاسة نقيب الأطباء أسامة عبد الحي، أكد فيه أن تأجيل الجمعية العمومية، كان لا بد منه حرصا على مصلحة الأطباء وسلامتهم، وفق تعبيره في بيان رسمي.

واتفق الحضور، على 4 مطالب رئيسة لقبول القانون وهي:

ضرورة إعادة تعريف الخطأ الطبي الجسيم الذي يستوجب العقوبة الجنائية، بشكل واضح لا لبس فيه. قصر العقوبة في الأخطاء المهنية الوارد حدوثها على تعويضات للمرضى لجبر الضرر. ضرورة إحالة كافة الشكاوى الخاصة بالأضرار الطبية إلى اللجنة العليا للمسؤولية الطبية قبل بدء التحقيق فيها. ضرورة تحمل الصندوق دفع التعويضات اللازمة للمتضرر، وليس المساهمة فيها فقط حفاظا على حق المريض. إعلان حملة نقابية موازية

في مسار موازٍ، قدم أكثر من 600 طبيب شكاوي جماعية، خلال الأيام الأخيرة لرئيس الجمهورية، لوقف تمرير القانون، لحين تعديله، منهم منى مينا العضو السابقة في مجلس نقابة الأطباء.

وفي حديثها للجزيرة نت، تستنكر مينا تأجيل الجمعية العمومية، مؤكدة أنه بقدر توحيد صوت الأطباء، وسعيهم الجماعي بقدر ما تكون النتيجة النهائية إيجابية.

وترى النقابية البارزة أهمية وجود نص واضح في القانون بمنع الحبس الاحتياطي حتى لا يتم حبس الأطباء بقانون العقوبات، وعدم الاكتفاء بحذف المادة فقط، مستنكرة استمرار اعتبار رأي اللجنة ليس الرأي الفني الوحيد الذي ترجع له سلطات التحقيق.

وتنتقد مينا، التعريفات المطاطة للخطأ الطبي الجسيم، مشيرة إلى أن مشروع القانون يحددها بوجود "ضرر ينشأ عن إهمال أو رعونة أو عدم احتراز"، من دون تعريف محدد لها، فضلا عن ترك نص "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر"، في المادة 23، وهو ما تعتبره بابا مفتوحا للحبس بقانون العقوبات.

حقوق المريض

ويقول الحقوقي محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري لحماية الحق في الدواء، للجزيرة نت إن "أول المناقشات حول القانون بدأت في عام 2005، مع تزايد أعداد القضايا حول الأخطاء الطبية، حتى إنني مكثت بصفتي مديرا لمركز حقوقي في قضية لمريض تعرض لخطأ طبي، 5 سنوات و7 شهور بالضبط، كي نعرف من المسؤول بالضبط عن بتر قدمه بالخطأ، هل قصور تجهيزات المستشفى الحكومي السبب كما قال الأطباء أم أن الطبيب أخطأ؟".

ويضيف فؤاد أنه كمدير لمركز حقوقي معني بحقوق المرضى، يدافع عنهم في القانون الراهن، وقدم مذكرة رسمية بذلك لمجلس النواب، لكنه لا يقبل بالحبس الاحتياطي للأطباء على خلفية القضايا المهنية وتحويلهم لمجرمين.

ويوضح أن النسخة الأخيرة من مشروع القانون تحفظ حقوق المريض، وأوجدت طريقة مختلفة للإبلاغ في الأخطاء الطبية، عبر لجنة طبية عليا، برئاسة مستشار، وعضوية أطباء، لنظر الشكوى، وتحديد ما يترتب عليها.

إعلان

ويأسف فؤاد لعدم وجود إحصائيات رسمية عن الأخطاء الطبية، لدى الحكومة، ولا لدى نقابة الأطباء، مشيرا إلى أن العادة المتوارثة في المجتمع في قضايا الأخطاء الطبية، حبس الطبيب احتياطيا بعد استدعائه لامتصاص غضب ذوي المريض، ثم إخلاء سبيله للتراضي مع أهل المريض.

وعود برلمانية

ووافق مجلس الشيوخ المصري على مشروع القانون الذي قدمته الحكومة، في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، من دون اعتبار لمطالب نقابة الأطباء، ما أثار غضبا نقابيا، حاولت لجنة الصحة بمجلس النواب احتواءه بإعلانها قبول بعض المطالب مطلع العام الجاري.

ويؤكد النائب عاطف مغاروي، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، للجزيرة نت، ثقته في صدور قانون متوازن يحافظ على حق المريض والطبيب، بمشاركة نقابة الأطباء كشريكة دستورية في مناقشة قانون يختص بمهنتها، ودفاع النواب عن صوت المواطن المريض، متوقعا أن يتم مناقشة مشروع القانون قريبا في الجلسة العامة للبرلمان، مع الاستماع لأي تعديلات أخرى عليه قبل إقراره.

ويكشف النائب محمود سامي عضو مجلس الشيوخ، للجزيرة نت أنه اقترح أثناء مناقشات مجلس الشيوخ عدم حذف مادة حبس الأطباء مع تشديد ضوابطها كالنص على التعمد أو ارتكاب جنائية، مخافة إمكانية ملاحقة الأطباء طبقا لقانون العقوبات.

ويتوقع أن مشروع القانون سيظل به بعض المواد محل الجدل، ولن يحصل على كامل الرضا كعادة أي قانون يصدر، مؤكدا أنه رغم التنازلات الحكومية عن بعض موادها، إلا أنه هناك مواد ستظل بلا تصرف مثل استمرار سلطة النيابة العامة في التصدي للشكوى، كحق دستوري، وما يترتب على ذلك من حبس إذا اتخذ وكيل النيابة قرارا مختلفا عن رأي اللجنة العليا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجمعیة العمومیة الأخطاء الطبیة نقابة الأطباء مشروع القانون مجلس النواب مجلس الشیوخ للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

قانون جديد لتنظيم الحشد الشعبي.. دون أعباء مالية ومع توقعات بتمريره بسلاسة

أبريل 9, 2025آخر تحديث: أبريل 9, 2025

المستقلة/- أكدت لجنة الأمن والدفاع النيابية أن مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي يُعد من القوانين التنظيمية المهمة، إذ يهدف إلى إعادة هيكلة الهيئة وتحديث بنيتها الإدارية، من دون أن يتضمن أية أعباء مالية إضافية، ما يعزز فرص تمريره بسهولة تحت قبة البرلمان.

وقال عضو اللجنة النائب علي البنداوي في تصريح لصحيفة “الصباح” تابعته المستقلة، إن “القانون الجديد، الذي سيحل محل القانون رقم 40 لسنة 2016، يتضمن 17 فقرة تنظم هيكلية الهيئة، وتستحدث مديريات وأكاديمية عسكرية وهيئة للطبابة، كما يحدد آلية ارتباط كل معاونية ومديرية داخل المنظومة العامة للحشد”.

وأشار البنداوي إلى أن القانون يؤكد على ارتباط الحشد الشعبي بالقائد العام للقوات المسلحة، كونه مؤسسة أمنية رسمية ضمن هيكل الدولة، ويؤكد كذلك ضرورة اعتماد ميزانية ممولة من الحكومة بما يتناسب مع أدواره وواجباته المتنامية.

وأوضح أن مشروع القانون، الذي أنهى مجلس النواب قراءته الأولى، قد خضع للمناقشة داخل اللجنة، وسيرفع للقراءة الثانية قريباً. كما شدد على أن القانون يتميز بطابعه الإداري والتنظيمي، ولا يمنح امتيازات شخصية أو مناصب معينة، ما يجعله من “القوانين السهلة في التمرير” بحسب وصفه.

وختم البنداوي بالتأكيد على أن اللجنة لا تتوقع وجود اعتراضات جوهرية على مشروع القانون، نظراً لكونه يهدف فقط إلى ترتيب أوضاع هيئة الحشد بشكل مهني، بعيداً عن التجاذبات السياسية أو الأبعاد المالية.

مقالات مشابهة

  • الفئات المعفاة من الرسوم في قضايا قانون العمل
  • مناقشة سير التدريب في مساق الباطنية بفرع مجلس الاختصاصات الطبية في الحديدة
  • مناقشة مشروع قانون مؤسسات المجتمع المدني مع فرق خيرية
  • احذر.. إتلاف المنشآت الصحية يعرضك للحبس وغرامة 50 ألف جنيه وفقًا للقانون
  • احصل عليها الآن.. هدية من نقابة الأطباء لأعضاء الجمعية العمومية
  • قانون جديد لتنظيم الحشد الشعبي.. دون أعباء مالية ومع توقعات بتمريره بسلاسة
  • غياب المستلزمات الطبية لخياطة الجروح، بمستشفى القرب بوعكاز بمدينة مراكش، يجبر الأطباء على مطالبة المرضى باقتنائها من الصيدليات.
  • تواصل مناقشة مشروع قانون مؤسسات المجتمع المدني بـالشورى
  • "الدولة" ينتهي من مناقشة 3 مشروعات قوانين
  • مواصلة مناقشة "مشروع قانون المؤسسات المدنية" بـ"الشورى"