تعد قناة بنما إحدى البنى التحتية الأكثر أهمية في العالم، وهي تربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، مما يجعلها شرياناً حيوياً للتجارة العالمية، ومع أن السيطرة على القناة انتقلت إلى بنما منذ عقود، فإن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تعيد السيطرة على هذه القناة، نظراً لأهميتها الاستراتيجية في الأمن القومي الأمريكي.

ويقول ألكسندر غراي، الذي شغل منصب نائب مساعد للرئيس وكبير الموظفين في مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض، في الفترة من 2019 إلى 2021، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إن ترامب أعرب مؤخراً عن أسفه لأن الولايات المتحدة، تخلت عن السيطرة على قناة بنما لصالح بنما في عهد إدارة الرئيس الراحل جيمي كارتر، وهو موقف يتسم بالمنطق الاستراتيجي ويتوافق مع السياق التاريخي.

"The Panama Canal today serves essential military purposes for the United States, which alone justify continued American control," argues Alexander Gray. https://t.co/FuNHxgnoLe

— National Interest (@TheNatlInterest) January 6, 2025

وأوضح أن ترامب، الذي يعد الرئيس المحافظ الأكثر تأثيراً منذ عهد رونالد ريغان، يشترك مع ريغان في فهمه الغريزي للمصالح الوطنية الأمريكية، وبشكل أكثر تحديداً، في تشككه المنطقي تجاه التنازل عن القناة التي شقتها الولايات المتحدة.

وتعكس تصريحات ترامب الأخيرة بشكل وثيق، مواقف ريغان خلال مناظرة عام 1978 بشأن التصديق على معاهدات توريخوس-كارتر، التي أنهت السيادة الأمريكية على القناة. وقال ريغان، الذي كان يستعد لمنافسة جيمي كارتر في انتخابات 1980، إنه "سيتحدث لأطول فترة ممكنة وبأعلى صوت ضد ذلك"، محذراً بحس استشرافي: "أعتقد أن العالم في الأساس لن ينظر إلى هذا (التنازل عن القناة) على أنه بادرة سخية من جانبنا، كما يريدنا البيت الأبيض أن نعتقد".

ومثل العديد من مبادرات ترامب في السياسة الخارجية، جلبت معارضة ريغان المستمرة للتخلي عن القناة سخرية الخبراء في السياسة الخارجية في ذلك الوقت. وحتى ويليام باكلي الابن، الأب الروحي للحركة المحافظة الحديثة، اختلف مع ريغان وأيد إعادة القناة إلى بنما. ومع ذلك، أدرك ريغان، مثل ترامب، أن المصلحة الأمريكية في القناة تتجاوز العلاقات الأمريكية مع البنميين، أو احتمالية الحصول على قدر غامض من "حسن النية" من دول العالم الثالث (التي تعرف اليوم غالباً باسم الجنوب العالمي)، من خلال منح السيطرة المحلية.

ويقول غراي إنه "أولاً، كما كان الحال في زمن ريغان، لا تزال قناة بنما اليوم تلعب دوراً عسكرياً حيوياً للولايات المتحدة، وهو ما يبرر وحده استمرار السيطرة الأمريكية عليها". ويتطلب نقل الجزء الأكبر من القوة البحرية الأمريكية في أوقات الأزمات من السواحل الشرقية إلى الغربية، ومن ثم إلى منطقة المحيط الهادئ، وصولاً غير معرقل إلى القناة.

وأوضح أن هذا المنطق هو نفسه الذي دفع الرئيس ثيودور روزفلت، في أوائل القرن الـ20 إلى الشروع في شق القناة في المقام الأول، والذي حدد أبعاد بناء السفن الحربية الأمريكية لعقود طويلة لضمان قدرة السفن البحرية على عبور نظام الغلق المتعلق بالقناة.

قصة قناة بنما.. من روزفلت إلى تهديدات ترامب - موقع 24فتح ترامب جبهة جديدة قبل توليه الرئاسة رسمياً في 20 يناير (كانون الثاني) القادم، بتهديده استعادة السيطرة على قناة بنما المائية الحيوية والتي تربط المحيطين الهادئ بالأطلسي، لكن الحكومة البنمية ردت على لسان رئيسها بالرفض التام، مع التأكيد على أحقيتها المطلقة في السيطرة على أهم ممر تجاري في أمريكا ...

وعلى الرغم من أن السفن اليوم أصبحت أكبر حجماً وأن الحرب باتت أكثر تعقيداً، لا تزال الضرورة الأساسية لنقل أطنان ضخمة من القوة البحرية عبر أقصر طريق ثابتة ولم تتغير منذ اكتمال القناة عام 1914.

وثانياً، كما كان الحال خلال الحرب الباردة، تقع قناة بنما اليوم في خطوط المواجهة لصراع القوى العظمى، وهذه المرة بين الولايات المتحدة و الصين. وبينما كانت واشنطن غارقة في حربين مستمرتين في أفغانستان والعراق، استحوذت شركة مقرها هونغ كونغ على اثنين من أهم 5 موانئ في بنما، وهي الآن بصدد بناء ميناء عميق ومحطة رحلات بحرية وجسر رابع عبر القناة.

وكما هو الحال في أفريقيا وجنوب المحيط الهادئ، تستخدم الصين مثل هذه البنية التحتية للحصول على سيطرة اقتصادية وسياسية قسرية، كما تجسد ذلك في حملتها للضغط على بنما لإيقاف اعترافها بتايوان في عام 2017. وسيكون من الغفلة القصوى الافتراض أن اهتمام بكين ببنما والقناة ليس له علاقة بالأهمية الاستراتيجية لهذا الممر المائي بالنسبة للدفاع الوطني الأمريكي، بحسب غراي.

وأخيراً، كان ريغان يرى أن السيطرة الأمريكية على القناة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بنفوذ الولايات المتحدة على الساحة العالمية، وجدية الطريقة التي تؤخذ بها كلمات واشنطن في العواصم الأجنبية.

وتساءل ريغان خلال الجدل حول نقل القناة: "ماذا يعني هذا لحلفائنا حول العالم، بشأن نوايانا القيادية ودورنا الدولي ورؤيتنا لقدرتنا الدفاعية الوطنية؟". ومثل الرئيس الأسبق، يبدو أن ترامب يرى أن قدرة الولايات المتحدة على التأثير ومواجهة تأثيرات الأعداء على القناة، تعد حالة اختبار لقوة واشنطن العالمية. وإذا كان بإمكان واحدة من أعظم عجائب الخبرة الهندسية الأمريكية و الصلابة الوطنية أن تسلم بشكل متهور، رغم كل المنطق الاستراتيجي، وتوضع تحت تهديد التدخل الأجنبي المستمر، فما هي الرسالة التي سترسل إلى الأعداء من طهران إلى موسكو إلى بيونغ يانغ؟

وقوبلت تعليقات ترامب التي تشير إلى إمكانية استعادة الولايات المتحدة للقناة، بهجوم متوقع من مراكز الأبحاث في واشنطن، وحتى أبواق الدعاية التابعة للحزب الشيوعي الصيني. ومع ذلك، فإن الرئيس الـ 45 والـ 47، مثل الرئيس الـ 40 قبله، يمتلك إحساساً فطرياً بمصالح أمريكا الوطنية الأساسية، وهو ما يبدو أنه يفلت من أيدي العقول الكبيرة في واشنطن. 

يختم غراي بأنه "مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ستجد هذه البصيرة عالماً في حاجة ماسة إلى رئيس أمريكي مستعد لمتابعة قضايا مثيرة للجدل، من أجل الميزة الاستراتيجية لبلاده وأمن مواطنيها".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب قناة بنما عودة ترامب بنما الولایات المتحدة السیطرة على على القناة قناة بنما

إقرأ أيضاً:

ترامب يجدد تهديده: ستفتح أبواب الجحيم على الشرق الأوسط

شمسان بوست / متابعات:

أكد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اليوم الثلاثاء، أنه يتطلع إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة قبل موعد تنصيبه المقرر الشهر الجاري.

وقال ردا على سؤال حول مفاوضات غزة في مؤتمر صحفي في منتجع مار إيه لاغو: “إذا لم يتم إطلاق الرهائن بحلول موعد تنصيبي فإن أبواب الجحيم ستفتح على مصراعيها”.

وكان ترامب أصدر في 2 ديسمبر تحذيرا شديد اللهجة، مؤكدا أنه إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى قبل تنصيبه في 20 يناير 2025، فستكون هناك “مشكلة خطيرة في الشرق الأوسط”.

وبالتزامن مع موقف ترامب اليوم، قال مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إنه “يأمل في تحقيق نتائج طيبة في ما يتعلق بمحادثات الرهائن في غزة بحلول موعد تنصيب ترامب في 20 يناير”.

من جهة أخرى، أفاد ترامب بأنه “لا يستبعد الإكراه العسكري والاقتصادي على قناة بنما وغرينلاند”.

وفي الآونة الأخيرة، أثار الرئيس المنتخب دونالد ترامب جدلاً بتصريحاته حول قناة بنما وغرينلاند، بعدما اقترح أن تستعيد الولايات المتحدة السيطرة عليها، متهمًا بنما بفرض رسوم “سخيفة” على السفن الأمريكية، مشيرا إلى تزايد النفوذ الصيني في المنطقة.

وفي حديثه عن غرينلاند، فقد أعاد ترامب إحياء فكرة شراء الجزيرة من الدنمارك معتبرا ذلك “ضرورة للأمن القومي الأمريكي”.

وكانت هذه الفكرة قد طُرحت سابقا في عام 2019 وأثارت آنذاك رفضا قاطعا من قبل حكومة الدنمارك، التي أكدت أن غرينلاند ليست للبيع.

مقالات مشابهة

  • أطماع ترامب في غرينلاند وقناة بنما ما علاقتها بتغير المناخ؟
  • ردا على ترامب.. بنما تؤكد أنّ سيادتها "ليست قابلة للتفاوض"
  • ترامب يجدد تهديده: ستفتح أبواب الجحيم على الشرق الأوسط
  • دونالد ترامب يتعهد بتغيير اسم خليج المكسيك إلى “خليج أمريكا”
  • ترامب: جرينلاند مهمة لأمننا الوطني.. وقناة بنما حيوية لبلدنا
  • لاستعادة قناة بنما وضم غرينلاند..ترامب لا يستعبد العمل العسكري
  • ترامب يهدد بالسيطرة عسكريا على قناة بنما وغرينلاند.. هذا ما نعرفه
  • ناشونال إنترست: ترامب على خطى ريغان بفرض السيطرة على قناة بنما