سودانايل:
2025-04-14@12:46:19 GMT

اليسار السوداني بين التشظي ورهانات المستقبل

تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT

زهير عثمان

اليسار السوداني، كتيار فكري وسياسي، لعب دورًا محوريًا في تشكيل الوعي السياسي والاجتماعي في السودان منذ منتصف القرن العشرين. ورغم إسهاماته الكبيرة، فإن تشظيه وتحولاته تعكس صراعات داخلية وخارجية مرتبطة بالواقع السوداني المعقد. لفهم هذه الظاهرة، يتعين التعمق في جذور اليسار السوداني، ديناميكيات تطوره، وتأثير السياقات المحلية والعالمية عليه.


منطلقات الماركسية السودانية
اليسار السوداني بدأ بنهج ماركسي كلاسيكي مستلهَم من الأدبيات الأممية، حيث سعى إلى تفسير التناقضات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. تبنى الماركسيون السودانيون رؤى مستمدة من الأدبيات اللينينية، مع محاولات لتكييفها مع السياق السوداني، الذي يتميز بتنوع إثني وثقافي واسع. لكن، وبمرور الوقت، برزت تحديات كبرى تمثلت في غياب القدرة على تحقيق التوافق بين النظرية والممارسة، خاصة في ظل تدخلات الأنظمة الحاكمة وقمعها.

الانشقاقات والتحولات
شهد اليسار السوداني عدة انشقاقات كانت في جوهرها تعبيرًا عن خلافات أيديولوجية وتنظيمية. من أبرزها انشقاق مجموعة حق، التي جاءت كرد فعل على الجمود الأيديولوجي داخل الحزب الشيوعي السوداني. حركة حق، بمحاولتها إعادة قراءة الماركسية، عكست توجهًا جديدًا يميل إلى تخفيف النزعة الأيديولوجية لصالح مقاربات أكثر واقعية.

هذا الانقسام لم يكن ظاهرة منعزلة، بل يعبر عن جدلية الصراع داخل تيارات اليسار عالميًا، حيث تأثرت الحركات اليسارية في السودان بتراجع الماركسية التقليدية عالميًا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وصعود النيوليبرالية كأيديولوجيا مهيمنة.

مقاربات جديدة للماركسية
في أواخر حياته الفكرية، أبدى ماركس اهتمامًا بتنوع سبل التطور التاريخي، متخليًا عن التصور الآلي للتاريخ الذي كان حاضرًا في البيان الشيوعي. هذا التحول، الذي التقطه مفكرون عالميون، انعكس في محاولات قادة يساريين كنهرو وسنغور وماو تسي تونغ لتكييف الماركسية مع واقع بلدانهم.

بالنسبة للسودان، فإن هذا التوجه يفتح آفاقًا لإعادة قراءة الماركسية بما يتناسب مع التحديات السودانية، مثل التعدد الثقافي، والنظام القبلي، والتركيبة الاقتصادية الريفية. هذه القراءة قد تسهم في تطوير رؤية يسارية حديثة تنطلق من الواقع السوداني بدلًا من استنساخ نماذج خارجية.

اليسار بين الهوية الوطنية والعولمة
أحد التحديات الكبرى التي تواجه اليسار السوداني اليوم هو التوفيق بين الهوية الوطنية ومتطلبات العولمة. فبينما تسعى التيارات اليسارية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية داخل السودان، تجد نفسها مضطرة للتعامل مع أنماط اقتصادية وسياسية عابرة للحدود. هذا التحدي يستدعي إعادة صياغة المفاهيم التقليدية لليسار بما يضمن الحفاظ على الخصوصية السودانية مع الانفتاح على القضايا العالمية.

رهانات المستقبل
في ظل التحولات الراهنة، يحتاج اليسار السوداني إلى مواجهة عدة أسئلة جوهرية: كيف يمكنه استعادة دوره كقوة فاعلة في الحراك السياسي؟ ما هي الأدوات التي يحتاجها لتجاوز الانقسامات الداخلية؟ وهل يستطيع بناء مشروع سياسي يجمع بين الطموح الوطني والتحديات الكونية؟

الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب تجاوز الخطاب النخبوي والانفتاح على قضايا الجماهير. كما تتطلب تبني رؤية شاملة ترتكز على العدالة الاجتماعية، والمساواة، واحترام التنوع الثقافي. هذه الرؤية لن تتحقق إلا من خلال تجديد الفكر اليساري السوداني وتطوير أساليب عمله.

اليسار السوداني يقف اليوم على مفترق طرق، حيث تتقاطع فيه التحديات الداخلية والخارجية. وبينما يمثل التشظي عائقًا، فإنه أيضًا فرصة لإعادة بناء المشروع اليساري على أسس جديدة. هذا المشروع يحتاج إلى قراءة نقدية للتاريخ، واستلهام الدروس، مع الانفتاح على المستقبل بروح تقدمية تتجاوز الأيديولوجيات الجامدة.

اليسار السوداني، إذا استطاع تجاوز أزماته الراهنة، يمكن أن يكون قوة تغيير حقيقية تساهم في بناء سودان جديد قائم على العدالة والمساواة والحرية.

zuhair.osman@aol.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الیسار السودانی

إقرأ أيضاً:

أكاديمية "كؤوس المستقبل" تختتم بطولاتها الداخلية

 

 

المصنعة- الرؤية

تصوير/ زكريا المشيفري

اختُتِمت البطولة الداخلية الثانية لأكاديمية كؤوس المستقبل، تحت رعاية الشيخ الدكتور عبدالله بن سالم الجرادي، وذلك على أرضية ملعب فريق الجزيرة الرياضي، وسط أجواء رياضية مميزة وحضور لافت من أولياء الأمور ومحبي الأكاديمية. وقد جاءت هذه المناسبة تتويجًا لجهود متواصلة في دعم وتنمية المواهب الكروية بمختلف فئاتها السنية، من البراعم إلى الناشئين.

وشهد الحفل الختامي حضورًا مميزًا للفرق المشاركة، إلى جانب الجهاز الفني للأكاديمية المكوّن من المدربين ذياب الغفيلي، نواف البدري، وخليفة مطر السعدي، الذين أسهموا في الارتقاء بالمستوى الفني للاعبين طوال فترة البطولة. أدار مباريات النهائي الحكم محمد صالح البلوشي بكفاءة عالية.

وتميزت البطولة بتألق عدد من المواهب اللافتة، حيث حصل اللاعب حسام الشبيبي من فريق المجد على جائزة أفضل لاعب في فئة الأشبال، بينما نال اللاعب حسام عبدالحليم المنوري من نفس الفريق جائزة أفضل لاعب في فئة البراعم. وفي فئة الناشئين، تألق اللاعب المصطفى ناصر المخيني من فرع المجد ونال جائزة أفضل لاعب عن هذه الفئة.

وعلى صعيد النتائج، توّج فريق المجد بالمركز الثاني في فئة الأشبال، كما حقق المركز الأول في فئة البراعم، في حين جاء فريق التعاون في المركز الثاني ضمن نفس الفئة. أما في فئة الناشئين، فقد حقق فريق التعاون المركز الأول، بينما حلّ فريق المجد في المركز الثاني، فيما حصد فريق التعاون أيضًا المركز الأول في فئة الأشبال.

وفي لمسة وفاء وتقدير، قدّم أحمد بن درويش العفاري هدية تذكارية لراعي الحفل الشيخ الدكتور عبدالله بن سالم الجرادي؛ تعبيرًا عن الامتنان لرعايته الكريمة ودعمه المستمر لنشاط الأكاديمية.

وعبَّر الشيخ الجرادي في ختام الحفل عن إعجابه بالمستوى الفني والتنظيمي للبطولة، مشيدًا بجهود المدربين والإداريين، ومؤكدًا أهمية الاستثمار في مثل هذه الطاقات الواعدة لخدمة مستقبل الرياضة في سلطنة عُمان.

 








 

مقالات مشابهة

  • السغروشني: المغرب منخرط في المستقبل الرقمي
  • بنكيران: اليسار انتهى وهيمنة رأس المال تُهدد الحياة السياسية.. و”ترامب ديالنا” هو أخنوش
  • أكاديمية "كؤوس المستقبل" تختتم بطولاتها الداخلية
  • الإمارات تبهر العالم في «إكسبو أوساكا» بقصة أمة تصنع المستقبل
  • الاستثمار في الماضي برؤية المستقبل.. مصر تنشئ بنكا مركزيا للسياحة
  • مخزومي: لبنان بين دروس الماضي وفرص بناء المستقبل
  • المستقبل اتخذ القرار
  • هل يبدو المستقبل قاتمًا في هذه اللحظة؟
  • منتدى المستقبل يناقش رواية بالحبر الطائر للكاتبة عزة رشاد الثلاثاء المقبل
  • وزير الخارجية السوداني: الحرب السودانية دخلت مرحلة الطائرات المسيرة