أثار قانون المسئولية الطبية وحماية المريض، والذى تمت مناقشته فى لجنة الصحة بمجلس النواب قبل أيام، الكثير من التساؤلات والمخاوف من قبل الأطباء، خاصة فيما يتعلق بعقوبة الحبس على الخطأ الطبي والتى تضمنها القانون. وعلى الرغم من أن اللجنة قررت بالتوافق مع نقابة الأطباء الاكتفاء بعقوبة الغرامة فقط في حالة الخطأ الطبي، وعلى إقرار عقوبة الحبس في حالة الخطأ الجسيم فقط، فإن الأطباء تحدثوا عن صعوبة هذه القيود فى خلق بيئة عمل مناسبة ومشجعة على الاستمرار فى مهنة أصبحت طاردة.
على مدى الأيام الماضية تصادف سماعي لقصص عن أطباء كبار قرروا العمل فى إحدى الدول العربية بمزايا مادية ومهنية مغرية، بالرغم من أنهم بارعون فى تخصصاتهم وبالطبع يجنون دخولا كبيرة، والسبب هو بيئة العمل. قال لى أحد الاطباء: إن السن الطبيعية للهجرة والعمل بإحدى الدول الأوروبية تكون بعد التخرج بسنوات قليلة، غير أن ما يحدث الآن هو هجرة جيل الوسط أيضا والذى تزايد بشكل كبير فى السنوات الأخيرة.
طبيب آخر تحدث عن نقص المستلزمات فى المستشفيات الحكومية، وأنهم يعتمدون على التبرعات فى سد هذا النقص، بل إن بعضهم يقوم بتجميع مبالغ مالية من الزملاء الأطباء لشراء بعض هذه المستلزمات، وهو ما يصفه بأجواء العمل المحبطة، فالطب هي مهنة إنسانية ورسالة سامية، وعندما يقف الطبيب عاجزا أمام آلام مرضاه، فإن ذلك يدفعه الى البحث عن المكان الذى يوفر له بيئة عمل محفزة.
تحدثت طبيبة عن أن مسودة القانون حتى بعد تعديلها تقدم تعريفات غير واضحة، بالنسبة لها، للفرق بين الخطأ الطبي والخطأ الطبي الجسيم، وبالتالي هي لا تأمن عواقب ذلك عليها. طبيبة أخرى اضطرت لتحمل ظروف عمل صعبة داخل المستشفيات الحكومية وفى المراكز الخاصة، حتى حصلت على درجة الماجستير، وبعدها قررت السفر هي وزوجها وأطفالها الى إحدى الدول العربية أيضا، وقالت لى: إن قرار السفر لا تحكمه العوامل المادية، على أهميتها، فقط ولكن تحكمه أيضا الظروف المناسبة وبيئة العمل.
وطبقا لبيانات وزارة الصحة لدينا طبيب لكل 800 مواطن، بينما فى الدول الأوروبية يوجد طبيب لكل 200 مواطن، ما يعني أننا نعاني عجزا شديدا مع موجات متزايدة لهجرة الأطباء، وهوما ينذر بالخطر على مهنة عرف فيها الطبيب المصري بكفاءته النادرة.
ما يحدث هو أننا نقوم بتقديم الاطباء مؤهلين لتستفيد بهم دول أخري، دون تكلفة عليهم، فاذا أعددنا إحصائية عن المتقدمين لاختبارات السفر، لوجدنا نسبة كارثية، وهو ماسبق أن أشارت اليه وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد أمام الجلسة العامة لمجلس النواب قبل سنوات عندما أكدت أن 65%من الأطباء المهاجرين يعملون فى السعودية.
المشكلة الكبرى التى ستواجه مهنة الطب هي تدني المستوي العلمي للخريجين، فلم تكن دراسة الطب من قبل متاحة إلا للمتفوقين والنوابغ فقط، وبالتالي عرف الطبيب المصري بمكانته وشهد له مرضاه، غير أن ما جري فى نهر دراسة الطب فى السنوات الأخيرة ينذر بالكثيرمن المخاطر، خاصة بعد أن تم فتح الجامعات أمام الطلاب الدارسين فى الجامعات الروسية والأوكرانية والسودانية وجميعهم من أصحاب المجاميع والمستوى العلمي المتوسط، ناهيك عن خفض الحد الأدني لكليات الطب بالجامعات الأهلية، ومن ثم فعلينا أن ننتبه لمهنة تتعلق بأرواح البشر.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الخطأ الطبی
إقرأ أيضاً:
كيف عرف مشروع قانون المسؤولية الطبية الخطأ الطبي الجسيم؟
وافقت لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، خلال اجتماعها على تحديد تعريف "الخطأ الطبي" و"الخطأ الطبي الجسيم"، وحددت لهما تعريفات خاصة بهم في مشروع القانون.
وجاء التعريف في مشروع القانون، كما يلي:
ماهو الخطأ الطبي الجسيم؟
الخطأ الطبي الجسيم: هو الخطأ الطبي الذي يبلغ حدًا من الجسامة يكون معه الضرر محققًا والذي ينشأ عن إهمال أو رعونة أو عدم احتراز، وعلى الأخص إذا كان مقدم الخدمة متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الطبي أو نكل وقت الواقعة عن مساعدة من وقع عليه الخطأ الطبي أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.
أما الخطأ الطبي: هو كل فعل يرتكبه مقدم الخدمة أو امتناع عن إجراء طبي واجب عليه اتخاذه وفقًا لأحكام هذا القانون أو القوانين الأخرى المنظمة لذلك، لا يتفق مع الأصول العلمية الثابتة، أو آداب وتقاليد المهن الطبية الصادرة وفقًا لأحكام القوانين المنظمة للنقابات المعنية أو المواثيق الأخلاقية المهنية التي يصدرها المجلس الصحي المصري، حسب الأحوال.
ووافقت اللجنة برئاسة الدكتور أشرف حاتم، نهائيا على مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض، بعد الاستجابة لمطالب نقابة الأطباء، مؤكده أن مشروع القانون بصيغته النهائية يحقق التوازن بين حماية حقوق الطبيب والمريض على حد سواء ووفقا لأحكام الدستور، وبما يحقق الصالح العام.
وكانت اللجنة وافقت على المادة (٣٠) كما هى وأصبح رقمها ٢٨، وجاء نصها كالتالي:
للمجني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص أن يطلب من جهة التحقيق أو المحكمة المختصة، حسب الأحوال، وفى أي حالة كانت عليها الدعوى إثبات الصلح مع المتهم في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وتأمر جهة التحقيق بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة الحكم باتًا، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة أو على الدعوى المدنية.
ونصت مادة ٢٣ على أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب على الأفعال المبينة في المواد التالية بالعقوبات المنصوص عليها فيها.
كما نصت المادة ٢٤ بأن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز عشرة آلاف جنيه، كل من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد أحد مقدمي الخدمة أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها.
فيما نصت المادة ٢٥ بأن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه، كل من أتلف عمدًا شيئًا من المنشآت أو محتوياتها، أو تعدى على أحد مقدمي الخدمة أو قاومه بالقوة أو العنف أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها، فإذا حصل الإتلاف أو التعدي باستعمال أية أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى تكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة، وفي جميع الأحوال، يحكم على الجاني بدفع قيمة ما أتلفه.