في عام 1998، تأسس مركز النور للمكفوفين ليعنى برعاية ذوي الإعاقة البصرية في قطر، حيث بدأ نشاطه ليكون مدرسة خاصة للمكفوفين تحت رعاية صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، التي قدمت للمركز كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي.

انطلق المركز في عامه الأول بعدد محدود من الطلاب والموظفين، وكان مقره آنذاك عبارة عن فيلا مستأجرة في منطقة الناصرية.

ومع تزايد أعداد المستفيدين، انتقل المركز إلى مقره الجديد في منطقة الخليج الغربي، الذي تم تصميمه وفق معايير حديثة تراعي احتياجات ذوي الإعاقة البصرية، مثل العلامات الأرضية البارزة بلغة برايل.

من حياة حجي؟

خلال تلك الفترة، بدأت الدكتورة حياة خليل حجي مسيرتها المهنية معلمة للغة العربية بطريقة برايل للأطفال، إلى جانب تدريس التربية الإسلامية لمحو الأمية باستخدام وسائل تعليمية متنوعة. وأسهمت بشكل لافت عن طريق إعداد كتاب خاص لتعليم اللغة العربية لطلاب الصف الأول الابتدائي من المكفوفين، بالإضافة إلى مشاركتها في لجان المركز لتعديل وتكييف المناهج الدراسية بما يلبي احتياجات ذوي الإعاقة البصرية.

لم تقتصر جهود الدكتورة حياة على التدريس فقط، إذ قدمت دورات تدريبية لتعليم القراءة والكتابة بطريقة برايل للموظفات الجدد والأمهات، بهدف تمكينهن من دعم أبنائهن في أداء الواجبات المنزلية ومواجهة تحديات الحياة اليومية. كما حصلت على دورات تربوية متخصصة في مجال التربية الخاصة واللغة الإنجليزية.

إعلان

في عام 2000، حصلت الدكتورة حياة على منحة لاستكمال دراساتها العليا في الولايات المتحدة الأميركية، حيث التحقت بجامعة بنسلفانيا لدراسة اللغة الإنجليزية، قبل أن تكمل دراستها في جامعة سانت جوزيف في فيلادلفيا، حيث حصلت على درجة الماجستير في التربية الابتدائية والخاصة، ثم الدكتوراه في تخصص القيادة التربوية.

بعد عودتها إلى قطر عام 2007، تولت منصب مديرة المركز. وعن هذه التجربة، قالت: "كنت حريصة للغاية على توظيف ما تعلمته من نظريات علمية وزيارات ميدانية لمؤسسات التربية الخاصة خلال فترة دراستي لتطوير الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة البصرية".

عملت الدكتورة حياة على تطوير برامج تعليمية متخصصة تهدف إلى تلبية احتياجات ذوي الإعاقة البصرية ودمجهم أكاديميا واجتماعيا في مدارس التعليم العام. كما ركزت على استخدام التكنولوجيا والتقنيات المساعدة لتعزيز استقلالية ذوي الإعاقة البصرية، وشاركت في عديد من المؤتمرات وورش العمل لتبادل الخبرات وتحقيق تطور مستمر في هذا المجال.

ما طريقة برايل؟

تعتمد الدكتورة تدريس طريقة برايل، وهي نقاط بارزة يتعرف إليها الكفيف عن طريق اللمس عبر تمرير إصبعه عليها، وتساعد الطريقة الأشخاص المكفوفين على تعلم القراءة والكتابة، وأما المبصرون، فيستطيعون قراءة هذه النقاط البارزة بأعينهم.

وتشير حجي إلى أن طريقة برايل ليست لغة، كما يطلق عليها البعض "لغة برايل"، بل هي رموز تمكن الكفيف من القراءة والكتابة بمختلف اللغات.

وترى أن طريقة برايل تلعب دورا بارزا في حياة المكفوفين بالمجالات الأكاديمية والثقافية والاجتماعية وغيرها من المجالات المختلفة، إذ كان للأثر الأكاديمي لطريقة برايل دور محوري في تمكين المكفوفين من الكتابة والقراءة بطريقة سهلة وبسيطة، فقد ساهمت في مساعدة المكفوفين على التعبير عن أنفسهم والوصول إلى المعرفة.

الدكتورة حياة خليل حجي قدمت دورات لتعليم القراءة والكتابة بطريقة برايل للأمهات لتمكينهن من مساعدة أبنائهن (الجزيرة)

ويأتي ذلك بوساطة توفير وسيلة فعالة لقراءة الكتب والمراجع، والتعبير عن أفكارهم وكتابة ملاحظاتهم باستقلالية، وأتاحت فرصة التعليم المستقل لهم والالتحاق بالمؤسسات التعليمية، إذ عملت برايل على تعزيز قدرة القراءة والكتابة بشكل مستمر، مما جعل المكفوفين قادرين على المنافسة بفعالية في مجال التعليم وسوق العمل، وهو ما جعلها بوابة لهم إلى الحياة.

إعلان

وتلفت حجي إلى مساهمة الطريقة في تعزيز استقلالية المكفوفين، إذ أصبحت أداة تمكنهم من التعامل مع النصوص المكتوبة مثل الفواتير، وعلب الأدوية، الأمر الذي جعلهم أكثر قدرة على إدارة شؤون حياتهم اليومية من دون الحاجة إلى مساعدة مستمرة.

أهمية برايل

وساهمت طريقة برايل في إنجاح عملية اندماج المكفوفين في المجتمع، إذ سهلت عليهم التواصل مع الآخرين بفعالية وقللت من العزلة الاجتماعية التي قد يواجهونها، وشجعتهم على المشاركة الفعالة في الأنشطة الثقافية والاجتماعية وغيرها، ما مكنهم من المساهمة بفاعلية مع أقرانهم في المجتمع.

وتعدُ الطريقة أداة حيوية في تقليص الفجوة بين المكفوفين وأقرانهم من أفراد المجتمع، إذ تسهم بشكل كبير في تعزيز التوعية وتسهيل تواصل المكفوفين مع المجتمع.

وقد تطورت طريقة برايل وجرى استخدامها مع الأجهزة الحديثة، مثل مفكرات برايل والسطور الإلكترونية، ما مكن المكفوفين من توظيف التقنيات الحديثة في حياتهم.

وتقول الدكتورة حياة إن الطريقة ذات أهمية خاصة في التعليم الابتدائي للمكفوفين، إذ تشكل هذه المرحلة الأسس المعرفية والمهارات الأساسية التي يحتاجها الطلاب، موضحة أن تعلم برايل في هذه المرحلة يبني أساسا قويا للقراءة والكتابة، وإلى جانب ذلك فهو يساعد في إكساب الأطفال مهارة الاستقلالية في التعامل مع النصوص والمعلومات منذ الصغر، ويشجع التطور الحركي والإدراكي عن طريق تنسيق اللمس مع التفسير المعرفي.

الدكتورة حياة خليل حجي حصلت على الماجستير في التربية الابتدائية والخاصة والدكتوراه في تخصص القيادة التربوية (الجزيرة)

وتتابع أن التركيز يصبح على استخدام برايل أكثر تخصصا في المراحل العليا، إذ تستخدم لقراءة النصوص الأكاديمية المطولة أو تدوين الملاحظات باستخدام الاختصارات في طريقة برايل، ويجري دمجها مع الأدوات التقنية المتقدمة.

إعلان

ولقد تطورت التكنولوجيا الحديثة المساندة للمكفوفين، فأصبحت تشمل برامج ناطقة أو برايل تخدم المكفوفين سواء في أجهزة الحاسب الآلي والجوال أو الأجهزة اللوحية، فعبر استخدام تقنية برايل يجري تحويل الخط المبصر لبرايل والعكس كذلك، وبرامج ناطقة يجري من خلالها تحويل النص إلى صوت.

وتشرح حجي أن تحقيق التوازن بين تعلم برايل والأدوات التكنولوجية الحديثة يحدث بوساطة دمج التعليم التقليدي لبرايل مع استخدام التكنولوجيا الحديثة بطرائق متعددة عبر توظيف تقنيات تكنولوجية تدعم برايل، مثل أجهزة مفكرات برايل والسطور الإلكترونية، وتقديم تدريب شامل للطلاب في كيفية استخدام التطبيقات والشاشات التي تدعم الصوت أو اللمس، مع الحفاظ على مهارات برايل الأساسية، ويمكن تشجيع الاستخدام المزدوج، بحيث تستخدم برايل في المهام التي تتطلب دقة وسرعة، بينما تُستخدم التكنولوجيا الناطقة للوصول إلى المعلومات الرقمية، مما يضمن تكامل التعليم التقليدي مع التقنيات الحديثة بشكل فعال.

ومع ذلك، يواجه المكفوفون عديدا من التحديات في استخدام طريقة برايل في الحياة اليومية، إذ تعد أبرز العقبات نقص المواد التعليمية والثقافية المطبوعة بطريقة برايل في المكتبات، والتكلفة العالية لطباعة وتوزيع هذه المواد يعد عائقا في انتشارها على نطاق واسع، ومن الممكن أن تشكل بعض المشاكل الصحية للأشخاص تحديا أمام تعلمهم واستخدامهم طريقة برايل، مثل مدى حساسية اللمس لديهم.

ومن جانبه، يقوم مركز النور بتوظيف التكنولوجيا الحديثة المساندة للمكفوفين مثل مفكرات برايل وأجهزة الحاسب الآلي المزودة ببرامج قارئات الشاشة والسطور الإلكترونية، وهناك أمل أن يتعاون المركز مع جهات متخصصة عالمية لتطوير تطبيقات توفر سهولة الوصول للمكفوفين إلى المعلومات بطريقة برايل والناطق معا.

الدكتورة حياة عملت على تطوير برامج تعليمية متخصصة تهدف إلى تلبية احتياجات ذوي الإعاقة البصرية (الجزيرة) اليوم العالمي لبرايل

ابتُكرت طريقة برايل في منتصف القرن الـ19، وحصلت على اسمها نسبة إلى مبتكرها الفرنسي لويس برايل، والآن يحتفل العالم باليوم العالمي لطريقة برايل في الرابع من يناير/كانون الثاني من كل عام، وهو اليوم الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة عام 2019، إذ يُصادف هذا التاريخ ذكرى ميلاد لويس برايل، مبتكر الطريقة.

إعلان

يهدف الاحتفال إلى تعزيز ثقافة برايل في المجتمع، والتأكيد على دور هذه الطريقة في حياة المكفوفين، وتشجيعهم على القراءة والكتابة، إضافة إلى تسليط الضوء على أهمية توفير التقنيات المساعدة لهم.

هناك مهارات أساسية تسبق تعلم طريقة برايل، مثل إدراك مفهوم العدد، تحديد الاتجاهات، وتنمية مهارة اللمس، إذ تكتب الحروف بطريقة برايل باستخدام ما تسمى "خلايا برايل"، حيث تمثل كل خلية في الغالب حرفا واحدا، ويختلف كل حرف عن الآخر وفقا لشكل النقاط داخل الخلية.

كل خلية تمثل مستطيلا صغيرا يحتوي على عمودين، يتضمن كل عمود 3 نقاط، النقاط في العمود الأيسر ترقم من الأعلى إلى الأسفل بأرقام 1 و2 و3، أما النقاط في العمود الأيمن، فتُرقم بالترتيب نفسه بأرقام 4 و5 و6.

تقرأ طريقة برايل باللغة العربية من اليسار إلى اليمين، وهو اتجاه القراءة نفسه المعتمد في برايل بجميع لغات العالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القراءة والکتابة طریقة برایل فی الدکتورة حیاة بطریقة برایل حصلت على

إقرأ أيضاً:

مولوجي: وضع آليات تعتمد على التكنولوجيا للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية

أكدت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، صورية مولوجي، أن القطاع يتبنى سياسة شاملة وتشاركية في مجال حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وترقيتهم، ولاسيما حقهم في التربية والتعليم المتخصصين، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، حيث تم وضع الآليات التي تتماشى ووضعيتهم لاسيما الترتيبات القانونية والتأطير البيداغوجي المتخصص بالاعتماد على التكنولوجيا المساعدة المتمثلة في الوسائل والتجهيزات المتخصصة والمكيفة.

وفي كلمة لها قرأها نيابة عنها أبو بكر الصديق بوزيدي، رئيس الديوان بالوزارة، بمناسبة فعاليات إحياء اليوم العالمي للغة البرايل.  نظمتها المنظمة الوطنية للمكفوفين الجزائريين تحت عنوان: “البرايل في زمن التكنولوجيا”. أوضحت مولوجي أن القطاع يشرف على شبكة مؤسساتية في مجال التربية والتعليم المتخصصين. تتكون من 239 مؤسسة متخصصة و19 ملحقة، تتكفل بما يفوق 36 ألف طفل. من ذوي الاحتياجات الخاصة، من بينها 24 مدرسة للأطفال ذوي الإعاقة بصريا، وتتكفل بـ 1245 طفل.

مشيرة أن هذه المؤسسات تضمن تكفلاً نفسياً وتربوياً وتعليمياً ابتداءً من سن ثلاث سنوات، مبرزة أن المؤسسات المتخصصة. تعمل على تكييف البرامج التعليمية والتربوية وفق طرق ووسائل بيداغوجية، تتماشى مع خصوصيات مختلف الاحتياجات. الخاصة بالأطوار التعليمية، إلى جانب توفير ما يقارب 15ألف مؤطر بيداغوجي وتربوي متعدد الاختصاصات، يضم نفسانيين. وأرطفونيين وأساتذة ومعلمي التكوين المتخصص ومربين متخصصين يشرفون على تأطير الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

التكنولوجيا تساهم في تذليل الصعوبات التي تعترض الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية

كما أبرزت الوزيرة أن حق الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في التعليم من الحقوق الأساسية المعترف بها والمكرسة. ولأن طبيعة الإعاقة وما تفرضه من صعوبات في الوصول إلى المعلومات والتحصيل. بشكل عام، فإنه من الضروري مضاعفة الجهد لتوفير الإمكانيات المادية والبشرية والتكنولوجية المساعدة. والضرورية لتهيئة وتكييف مختلف الظروف لتمكينهم من الممارسة العادية لحياتهم، وفي مقدمة ذلك التعليم والقراءة.

وأوضحت مولوجي الأهمية البالغة للتكنولوجيا في تذليل الصعوبات والعراقيل التي تعترض الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية. من أجل الأخذ بيدهم لاكتساب المعارف الضرورية والكفاءات المعرفية والمهارات الأكاديمية، وما إلى ذلك من مقتضيات الحياة.  وتأتي ” لغة البراي” في مقدمة التقنيات التواصلية المساعدة كونها ـ. ووفق النمط المبتكر والذي يعتمد آلية النقاط البارزة التي تصور وتدل على الحروف والأرقام ـ. تمكن الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية من القراءة والتحصيل والنبوغ، وفي شتى أصناف المعرفة والعلوم والفنون على حد سواء. مشيرة إلى أن أهم إنجاز حققته لغة البراي على هذا الصعيد هو أنها مكنت هذه الفئة العزيزة على قلوبنا من الاندماج في المجتمع. وفي مختلف فعالياته وأنشطته، لتصبح بذلك بوابة لتحصيل المعرفة، إضافة إلى التواصل مع الآخرين. من خلال تسهيل الوصول إلى مصادر العلم والمعرفة والحصول على الخدمات المتاحة لهم بحرية واستقلالية.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • معرض يبرز التطورات الحديثة في تعليم ذوي الإعاقة البصرية
  • معلومات الوزراء يطلق حملة شاملة للتوعية بلغة برايل وتمكين ذوي الإعاقة البصرية بالمجتمع
  • لتوفير الرعاية لمدارس المكفوفين.. «تعليم القاهرة» تحتفل باليوم العالمي للغة برايل
  • وزارة التضامن الاجتماعي تحتفي باليوم العالمي لطريقة برايل بإنجازات بارزة لدعم المكفوفين
  • التضامن توفر المواد التعليمية المطبوعة بطريقة برايل للطلاب المكفوفين في المدارس والجامعات
  • اليوم العالمي للغة برايل.. درب المكفوفين للإبصار والتعليم
  • التضامن: توفير المواد التعليمية المطبوعة بطريقة برايل للطلاب المكفوفين في المدارس والجامعات
  • مولوجي: وضع آليات تعتمد على التكنولوجيا للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية
  • المنظمة العربية لذوي الإعاقة: طريقة برايل أسهمت في إيجاد نماذج مضيئة