سنة 2024: تعزيز الترسانة القانونية المغربية بقوانين السجون والإضراب والعقوبات البديلة
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
تعززت الترسانة القانونية المغربية في سنة 2024 بإقرار مشروعي قانونين يتعلقان بالمؤسسات السجنية وبالعقوبات البديلة، بينما المشروع الثالث المهم الذي أخذ مساره التشريعي في عام 2024، فيتعلق بمشروع القانون التنظيمي للإضراب، الذي صودق عليه في مجلس النواب وأحيل على مجلس المستشارين.
القاسم المشترك بين مشروعين من المشاريع القانونية الثلاثة هو اندراجهما في إطار تنزيل أحكام دستور 2011، فالقانون المتعلق بالمؤسسات السجنية يأتي تماشيا مع الفصل 23 من الدستور، الذي ينص لأول مرة على « تمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية، وبظروف اعتقال إنسانية »، أما مشروع القانون التنظيمي للإضراب فيأتي انسجاما مع الفصل 29 من الدستور، الذي يؤكد على أن « حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيم شروط وكيفيات ممارسته ».
قانون الإضراب
وفي الأسبوع ما قبل الأخير من العام 2024، صادق مجلس النواب بالأغلبية، على مشروع قانون تنظيم الإضراب المثير للجدل، خلال جلسة عامة غاب عنها 250 نائبا من إجمالي عدد أعضاء مجلس النواب البالغ 395.
ووافقت الحكومة على تعديلات تمنع المشغل من اتخاذ إجراءات تعسفية ضد المضربين، كالطرد أو النقل التعسفي، طالما أن الإضراب تم وفق القانون، كما تم إقرار تعديلات طلبها البرلمانيون، بما يشمل حذف « العقوبات الجنائية والسجنية » في حق الداعين للإضراب، والتراجع عن نص كان يمنع « أي إضراب يُنفذ لأهداف سياسية ».
كما تم التراجع عن نص كان يحصر الجهات المسموح لها بالدعوة لإضرابات في النقابات الأكثر تمثيلا، بحيث بات هذا الحق ممنوحا لكل النقابات التي حازت مقاعد في الانتخابات المهنية.
ورغم استجابة الحكومة لتعديلات بشأن مشروع القانون، إلا أنه لا يزال يواجه رفضا من حقوقيين ونقابيين، في انتظار استكمال المسطرة التشريعية بعد إحالة المشروع على مجلس المستشارين.
ويعود مشروع قانون تنظيم الإضراب إلى نحو 10 أعوام مضت، حين أحالته حكومة عبد الإله ابن كيران على البرلمان للمرة الأولى أوائل 2015، لكن لم يتم إحراز تقدم بشأنه جراء معارضة النقابات وبعض الأحزاب له، قبل أن يدرج مجددا في يوليوز 2024، على جدول أعمال مجلس النواب.
المؤسسات السجنية
وتميزت سنة 2024 بالإقرار النهائي لمشروع القانون المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية من طرف البرلمان، حيث صادق عليه مجلس المستشارين في 04 يونيو 2024، إذ أكد آنذاك وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن إعداد مشروع هذا القانون جاء تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، الداعية إلى حماية حقوق الإنسان وجعلها في صلب المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي.
ونص القانون على إمكانية استفادة السجناء من برامج للتكوين وإعادة الإدماج، ونص على إضفاء الطابع الإنساني على ظروف العيش بالسجون كفضاء للتأهيل الاجتماعي للأشخاص المحرومين من حريتهم وإعادة إدماجهم في النسيج المجتمعي، وضمان استقلاليتهم في ظل احترام القانون، وضمان حقوق السجناء غير القابلة للتقييد في تحسين ظروف الاعتقال والمعاملة.
وضمن القانون أيضا، « حق اتصال المعتقل بمحام من اختياره وحق الزيارة وتوجيه الرسائل وتلقيها وحق التطبيب والترفيه وتقديم كل التسهيلات لمتابعة الدراسة والتكوين المهني، وحق المزاولين من المعتقلين لنشاط منتج في مقابل منصف وحقوق الدفاع »، بالإضافة إلى « مقتضيات تهم الرخص الاستثنائية للخروج بقصد الحفاظ على الروابط العائلية ولتهيئ إدماجهم في المجتمع ».
العقوبات البديلة
حتى وإن لم تشرع الحكومة في تفعيله، إلا أن قانون العقوبات البديلة دخل حيز التنفيذ في شهر غشت الماضي، بعدما نشر بالجريدة الرسمية. وفي الأسبوع الأول من شهر دجنبر الماضي، قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن تفعيل القانون المتعلق بالعقوبات البديلة سيتم في غضون الأشهر الـ5 المقبلة، لتفادي الاكتظاظ داخل السجون.
جاء ذلك خلال اجتماع ترأسه آنذاك عزيز أخنوش، وحضره عدد من الوزراء والمسؤولين لمناقشة آليات تفعيل القانون المتعلق بالعقوبات البديلة.
ومن بين العقوبات البديلة التي يقرها القانون الجديد، « العمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق، أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، والغرامات اليومية ».
وتم الاتفاق على تشكيل لجنة للقيادة ولجان فرعية، لدراسة الإشكاليات التقنية والعملية المرتبطة بهذا القانون، في أفق إخراج المراسيم التنظيمية المتعلقة بالعقوبات المذكورة، بمدة لا تتعدى 5 أشهر، وفق بيان لرئاسة الحكومة.
وأثار القانون المذكور الكثير من الجدل، خاصة بعد تحذير المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، من ارتفاع عدد السجناء، بعدما بلغ 105 آلاف سجين، مطالبا بتوفير « الظروف الملائمة » لتفعيل العقوبات البديلة، كما أشار إلى طلب تعزيز الموارد البشرية لإدارة السجون حتى تتمكن من الانخراط في تنزيل مضامين القانون.
كلمات دلالية العقوبات البديلة حصيلة 2024 قانون الإضراب قانون المؤسسات السجنيةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: العقوبات البديلة حصيلة 2024 قانون الإضراب قانون المؤسسات السجنية العقوبات البدیلة القانون المتعلق مشروع القانون مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
الـ”umt” ينضم لمعارضي مشروع قانون الإضراب ويتهم الحكومة بالتراجع عن التزامات الحوار الاجتماعي
أعلن الاتحاد المغربي للشغل عن رفضه التام للصيغة الحالية لمشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب، والذي كان قد تم الاتفاق على إخراجه أثناء المفاوضات التي أسفرت عن توقيع اتفاق الحوار الاجتماعي.
وأكد الاتحاد في بلاغ له أنه يتمسك بملاحظاته ومقترحاته السابقة التي قدمها للحكومة بشأن هذا المشروع، مشددًا على ضرورة إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، الذي يعتبره قيدًا خطيرًا على حرية العمل النقابي.
وأشار الاتحاد المغربي للشغل، إلى أن الحكومة قدمت المشروع بصيغة “انفرادية”، وهو ما يعتبر إخلالًا صارخًا بالالتزامات التي تعهدت بها في إطار اتفاقات الحوار الاجتماعي الموقعة سابقًا.
وأضاف الاتحاد أن هذا المشروع يتعارض مع المبادئ الأساسية للعمل النقابي التي تضمن حقوق العمال في ممارسة الإضراب، والذي يعتبر من أهم وسائل الدفاع عن حقوقهم.
وذكّر الاتحاد، في بلاغه بأهمية إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، الذي يجرم الإضراب في بعض الحالات، معتبراً أنه يمثل تهديداً لحرية العمل النقابي ويحدّ من قدرة العمال على الدفاع عن مصالحهم المشروعة.
وحث الاتحاد، الحكومة على فتح حوار جاد ومفتوح مع جميع النقابات والهيئات المعنية لضمان وضع قانون يعكس فعلاً حقوق العمال ويعزز من حرية النقابات.
كما شدد الاتحاد المغربي للشغل على أن استمرار الحكومة في إعداد مثل هذه القوانين بعيدًا عن التشاور مع المنظمات النقابية يعكس تراجعًا عن التزاماتها في إطار الحوار الاجتماعي، الذي كان يهدف إلى إيجاد حلول توافقية للمشاكل العمالية.
وأكد الاتحاد أنه لن يتوانى في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، وسيواصل معارضته لكل ما من شأنه المساس بحرية العمل النقابي وحقوق الإضراب.