لماذا لا يوجد دستور في إسرائيل وكيف تتعرقل محاولات إسقاط رئيس الحكومة؟
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
بقي الائتلاف اليميني المتطرف في "إسرائيل" على رأس الحكم بقيادة بنيامين نتنياهو رغم ملفات الفساد الواسعة التي تلاحقه، والاستقالات العديدة من حكومة الحرب، والاتهامات بالفشل في توقع أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وكل هذا وسط الرفض من الشارع الإسرائيلي بسبب تعطيل صفقة التبادل.
وسبق ذلك صعوبة من قبل نتنياهو نفسه عندما كان في المعارضة في إسقاط الحكومة التي كانت برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد، وتحقيق حجب الثقة عنها، وقد فشل في ذلك ثلاث مرات ضمن ثلاثة مشاريع أحدها من حزب "الليكود"، والثاني من حزب "شاس" لليهود الشرقيين المتدينين، والثالث من الصهيونية الدينية، اقترحت جميعها تشكيل حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو.
ولم ينجح نتنياهو في إسقاط حكومة بينيت ولابيد عام 2022 من خلال الإجراءات القانونية أو تمكنه من حجب الثقة عنها، إنما باستغلال أو دفع رئيسة الائتلاف الحكومي، عيديت سيلمان (من اليمين اليهودي المتطرف) للاستقالة، الأمر الذي أفقد الحكومة الأبغلية المطلوبة (61 مقعدا من أصل 120)، وهي تشغل الآن منصب وزيرة حماية البيئة ضمن ائتلاف نتنياهو.
وبقيت حكومة نتنياهو رغم استقالة زعيم حزب “معسكر” بيني غانتس، رفقة رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت، وسبقهم رئيس حزب "أمل جديد" والمنشق سابقا عن حزب "الليكود" جدعون ساعر، وهو الذي انضم مرة أخرى إلى الحكومة مؤخرا بمنصب وزير الخارجية، بعد إقالة وزير الحرب يوآف غالانت.
وفي الوقت الذي يشهد فيه الائتلاف الحكومي بدايات تصدعات لافتة كان آخرها استقالة غالانت من الكنيست، يواجه نتنياهو تحديات جديدة وخطيرة، تظهر المعارضة فاقدة القدرة على أن تكون البديل لحكمه، رغم أنها حصلت على كل الشروط للنجاح، لكنها ما زالت لا تجد ذلك السياسي القادر على إسقاط أكثر من خدم في منصب رئيس الوزراء، وتغيير المعادلة السياسية، في ضوء الخلافات الداخلية بينها.
ورغم أن "إسرائيل" تقدم نفسها عالميا كالدولة الديموقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي يحكمها القانون وتكون السلطة دائمًا له، إلا أنها في الواقع واحدة من مجموعة صغيرة للغاية تشترك في عدم وجود دستور، وليس هذا فحسب بل إنها تبرر عدم وجوده أو العمل على صياغته بشكل ضبابي ومنقوص.
لماذا لا يوجد دستور إسرائيلي؟
أجاب عن هذا السؤال عضو في الكنيست عام 1956، واسمه مناحيم بيغن (أصبح رئيس الوزراء في الفترة ما بين 1977 حتى 1983)، قائلا: "من يريد أن يحاول شرح سبب تفادينا لهذا العمل الدستوري، فليس أمامه خيار سوى محاولة الذهاب إلى مدينة أخرى، إلى بلد آخر، وخاصة إلى فترة أخرى في الماضي البعيد".
وأضاف "لنتخيّل أننا في أثينا القديمة اليوم، عند تناول مشكلة الدستور سنجد موقفين، إما من موقع رجل الدولة أو الديماغوجي (مصطلح يشير إلى إستراتيجية سياسية للحصول على السلطة والكسب للقوة السياسية).. الديماغوجي طالما أنه يتمتع بالأغلبية، يريد أن يضمن لنفسه يد حرّة في البلاد، ولا يريد أن يتخيّل أنه سيكون يومًا ما أقلية".
وأضاف بيغن في ذلك الوقت أن "رجل الدولة هذا لا يريد عناصر ثابتة، إذ أنّ السلطة بالنسبة إليه كالفريسة ولا يريد أن يتركها، بينما يعرف رجل الدولة أن الأغلبية والأقلية في البلاد تتغير ومتقلّبة، كونه أقلية فإنه يقبل قانون الأغلبية، لكنه يعلم أنه يحق له المطالبة بحقوق معينة لنفسه"، بحسب ورقة صادرة عن "كلية هرتسوغ للدراسات اليهودية".
وأوضح أن "رجل الدولة هذا على استعداد لقبولهم على افتراض أنه عندما يكون في الأغلبية، فإنه سيمنح الحقوق للأقلية، هذا هو الاختلاف فيما يتعلق بالدستور بين هذين النوعين"، مشيرا إلى أن "العُطل الأساسيّ لكتابةِ الدستور، مرتبط في الحزب الحاكم، والعقليّة السياسيّة القانونيّة التي تحكمهم".
وذكر "لأننا لا نملك دستورا، ولأننا مُنعنا من تقديم وثيقة قانونية كاملة من قبل، وبعد سنوات طويلة من المناقشات وإعادة النقاش، للتحفظات والاستنتاجات والقرارات- حصلنا على قانون مجزأ، مقطوع من الكمال القانوني لقوانين الدولة، مليء بالتفاصيل غير المهمة، وفيه تفاصيل تهمها، وعلينا أن نناقش قانونًا أساسيًا يسمى "قانون الكنيست".
وقال "ليس أمامنا إلا أن نحافظ على إطار النقاش، بعد أن قلت ما قلته، وسأقف أولا على القسم الأول من القانون المقترح. فهو يقول: الكنيست هي الهيئة التشريعية للدولة، وهذا التعريف نموذجي جدًا لمؤيدي القانون وواضعيه، ولا توجد حقيقة قانونية في هذا التعريف.. اذهبوا وانظروا في الولايات المتحدة الأمريكية هناك فصل بين السلطات وتم قبول هذا المبدأ، لا يمكن القول إنها مثالية، لكنها بعيدة المدى، ومع ذلك، في الدستور الأمريكي، عندما يتعلق الأمر بالجزء التشريعي، يقال في القسم الأول من ذلك الجزء: جميع الصلاحيات الدستورية الواردة في في هذا الدستور تُمنح لكونغرس الولايات المتحدة".
وأضاف "يتم التركيز على كلمة "كل"، لأنه من الواضح أن الكونغرس الأمريكي، تحت عنوان "القسم التشريعي"، يُمنح صلاحيات سن القوانين، لكنهم لم يكتفوا بذلك، بل قالوا: كل السلطات الدستورية منوطة بالكونغرس، وبهذا لا يحق لأي سلطة أخرى أن تسن القوانين".
وأشار إلى أن "الوضع مختلف معنا، ليس لدينا فصل بين السلطات بالمعنى المقبول في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي حالتنا تعتبر الحكومة لجنة عمل مختارة للكنيست، وفي بلادنا تتمتع الحكومة بسلطة سن القوانين، سواء بموجب أنظمة الطوارئ، وهي سيئة السمعة منذ زمن الحكم البريطاني، أو بموجب القانون القائم، الذي يخول للسلطة التنفيذية سن قوانين فرعية، وهذا يعني: أن سلطة الكنيست وحدها في سن القوانين لا تُمنح لها، ومع ذلك، فقد اكتفى واضعو القانون بجملة بسيطة، وهي: الكنيست هي الهيئة التشريعية لدولة إسرائيل".
وأوضح بيغن "ليس هناك ما هو صحيح: فالكنيست يشكل حكومة ويزيل حكومة، وفي نهاية المطاف يشرف الكنيست، أو على الأقل ينبغي عليه أن يشرف، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال لجانه، على الحكومة وأعمالها، وبطبيعة الحال، فإن إحدى وظائف الكنيست هي سن القوانين، لكن هذا ليس دوره الوحيد، وها نحن نأتي للمرة الأولى، ونقول إن وظيفة المجلس التشريعي الوحيدة والحصرية هي سن القوانين، وهذا ليس صحيحا، وهذا لا يعبر عن الواقع، وهو بالتأكيد لا يحترم موقف الكنيست".
عقدية الاختلاف
قال المُحاضر والباحث الإسرائيلي في مجال القانون يهوشاع سيجف، إن عدم الاتفاقّ بينَ الأحزاب والشرائح السياسيّة يميّز الحقل السياسيّ في "إسرائيل" مما يجعل من كتابة دستور، كوثيقةٍ سياسية قانونيّة عليا، أمرا مستحيلا.
ويرى في دراسة له أن سمة عدم الاتفاقّ هي الغالبة عند الإسرائيليين حاليا وفي العقود الماضية، وهي ما تعيق كتابة وتبنّي دستور، ويعكس ذلك على تاريخ الحركة الصهيونيّة وتأسيس "إسرائيل"، وانها قامت بالأل على عدم الاتفاق ثلاثة أمور أساسيّة إضافة للاختلاف على معانيها وتطبيقاتها وهي: القوميّة اليهوديّة والدين اليهودي والأرض اليهودية.
واعتبر أن أيّ حسم دستوري في إحداها قد "يهدم الصهيونية بأكملها، بالإضافةِ إلى تهديد بحرب ثقافيّة ودينية بين يهود متديّنين والحريديم من جهةٍ، ويهود علمانيين وليبراليين واشتراكيين من جهة أخرى".
وأشار إلى اعتقاد البعض أن قادة اليهود في البلاد كانوا يخشون بصدق حربًا ثقافية بين الدوائر العلمانية والدينية قد تتطور إلى مواجهة مع الأحزاب الدينية، التي قد تُعرّض مشروع "بناء الأمة" للخطر في ذلك الوقت.
وأضاف أن "البعض الآخر يعتقد أن بن غوريون توصّل ببساطة إلى استنتاج مفاده أنه سيُمنح مزيدا من المرونة الحكومية بدون دستور، وعلى أي حال كانت هذه خلافات جوهرية حالت دون اعتماد دستور مكتوب مع قيام الدولة، وأعطى كل فصيل تفسيره الخاص لما يمكن تسميته بالشروط المشروعة لدولة يهودية وديمقراطية".
وهتم بالقول: "بناءً على ذلك، فإن فشل إسرائيل في تبني دستور مع قيام الدولة يتم تصويره في ضوء فئوي، واكتسبت الاعتبارات الحزبية الضيقة وقصيرة المدى وزنا كبيرا وحالت دون اعتماد الدستور، وكان كل فصيل يتطلع إلى تعزيزِ مصلحته على حساب مصلحة المجتمع ككل".
تعذر الاتفاق
من ناحية أخرى، يرى القانوني الإسرائيلي شاؤول شاريف، في سياق الخلاف على وجود دستور وهل "قوانين الأساس" من الممكن اعتبارها قوانين دستوريّة، أن الخلاف بينَ التيّارات المختلفة اليساريّة الليبراليّة من جهة واليمينيّة الدينيّة من جهة أخرى ما زالَ يحكم المسألة الدستورية.
وأوضح شاريف، بحسب مقال نشرته صحيفة "ماكور ريشون" المرتبطة بالصهيونية الدينية واليمين الإسرائيلي، أنه "لا يوجد اتفاق في هذا السياق لأننا نستطيع أن نجد قوانين أساس سُنت على يد المدافعين عن حقوق الإنسان في عام 1992، ونجد لاحقًا قوانين أساس، سنّتها حكومات يمينيّة".
وذكر أنه بسبب ذلك يمكن تلخيص جوهر عدم الاتفاق بأنه "عند سؤال مؤيدي الثورة الدستورية الكلاسيكية في الوقت الحالي عما إذا كان هناك دستور إسرائيلي، فإن ردّهم يتكوّن من إجابتين؛ نعم- القوانين الأساسية التي تم سنها في عام 1992 هي دستور يمكن فيه إلغاء قوانين الكنيست".
وأضاف أن الإجابة الثانية "بالطبع 60 لا، لأن القوانين الأساسية التي سنّت في السنوات الأخيرة (وتلك التي تمّ سنها قبل عام 1992) ليست دستورا لأنه فوقها توجد قيم أكثر أهمية، ولا يُعطى تعريفها للجمهور وممثليه بل للقضاة فقط".
وأكد "هكذا اتضحّت لنا الإجابة البنيويّة عن لماذا لا يوجد دستورًا في إسرائيل، وهي عدم القدرة على الإجماع على المسائل الأكثر حيويّة لترتيب القضايا السياسيّة القانونية والاقتصادية والاجتماعيّة".
وبحسب دراسة سيجف، يتضح أن الحاجة إلى دستور "هي ذاتها الحاجة إلى حماية حقوق الإسرائيلي وتبني المواطنة وفقا للتقاليد والأدبيّات الليبراليّة وجاءت هذه الادعاءات على يدِ التيّارات المؤيدة لاعتماد دستور".
وقال سيجف إن "حجج اعتماد الدستور تعتمد على الحاجة إلى حماية حقوق الإنسان، لذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت حماية حقوق الإنسان، الأضحية على مذبح التعاون بينَ التيارات المختلفة، وليس فقط الدستور المكتوب والرسمي؟ وقد شكّك العديد من علماء السياسة في التزام الديمقراطية البرلمانية الإسرائيلية بالقيم الليبرالية والديمقراطية".
وختم بانه "يُنظر إلى فشل الكنيست الأول في تبنّي دستور على أنه دليل حاسم لإثبات هذا الادعاء، وعليه، فإن التكتيك الدستوري المتمثل في قرار عدم اتخاذ القرار يُصوَّر على أنه معادٍ للحريات والحقوق المدنية، وهذا وفقا للتنظيرات النقديّة على أن إسرائيل لا تستطيع بنيويًا اعتماد حقوق المواطنة الليبراليّة الحديثة، بسببِ أزمة تكمن في صُلب تأسيسها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية إسرائيل نتنياهو الدستوري إسرائيل نتنياهو الاحتلال الدستور المعارضة الإسرائيلية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عدم الاتفاق سن القوانین رجل الدولة یرید أن لا یوجد قانون ا ی دستور ة التی من جهة على أن
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يشرح عددا من المؤشرات الإيجابية التي تتعلق بالاقتصاد المصري
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، المؤتمر الصحفي الأسبوعي، عقب اجتماع مجلس الوزراء، استهله بالترحيب بالصحفيين والإعلاميين الذين حضروا المؤتمر، وموجهاً التهنئة للشعب المصري بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، داعياً المولي أن يُتم هذا الشهر علينا بالخير واليمن والبركات.
وبدأ الدكتور مصطفى مدبولي حديثه بالإشارة إلى أبرز الأنشطة التي شهدها هذا الأسبوع، وحالة الزخم الكبير التي نعيشها، مع عقد القمة العربية الاستثنائية أمس، التي نظمتها الدولة المصرية من أجل فلسطين، وإعلان خطة التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، قائلاً: مثلما تابعتم جميعاً، بفضل الله كان هناك إجماع كامل حول القرارات التي تم إقرارها بالقمة، وعلى رأسها تبني مجموعة الدول العربية لخطة إعادة إعمار غزة والتعافي المبكر التي عملت عليها مصر بالتعاون مع دولة فلسطين.
وفي هذا السياق أضاف الدكتور مصطفى مدبولي: هذا الملف كنا مكلفين به ونتابعه بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، وبفضل الله قمنا بالاستعانة فيه بجميع الدراسات التي أمدتنا بها السلطة الفلسطينية، سواء كانت دراسات دولية أو محلية، كما استعنا بالجامعات وبالمكاتب الاستشارية، بالإضافة إلى الشق المؤسسي والسياسي والأمني، ولذا فقد خرجت الدراسة بصورة متكاملة، كما كان هناك زيارة قبيل انعقاد القمة لرئيس وزراء دولة فلسطين، حيث تناقشنا وعرضنا عليه ملامح الخطة بالكامل في صورتها النهائية.
واستكمل رئيس الوزراء حديثه حول هذا الشأن قائلا: كانت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال القمة أمس، كلمة تاريخية بكل المقاييس، والتي تؤكد ثوابت الموقف المصري والدعم الكامل لدولة فلسطين، وكان هناك إشادة كاملة بالموقف المصري والعربي في تبني الخطة الواضحة لعملية إعادة الإعمار دون تهجير لأهالينا في قطاع غزة، كما استمعتم لكلمات كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس المجلس الأوروبي، ورئيس الاتحاد الأفريقي، رئيس أنجولا، وكل المؤسسات الدولية التي حضرت القمة، حيث كان هناك إجماع على تبني نهج إعادة الإعمار دون تهجير أهالي قطاع غزة.
وأضاف: كل ما يهمنا في هذا الصدد، وفقاً لما أكدته قرارات القمة وكلمة الرئيس، أنه لن يكون هناك استقرار في منطقة الشرق الأوسط بدون الحل الدائم والعادل للقضية الفلسطينية، والمبني على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأن المحاولات والحلول الأخرى لن تكون أكثر من مهدئات أو حلول مؤقتة، وسيستمر الاضطراب وعدم الاستقرار بدون تبني الحل الشامل والدائم والعادل للقضية الفلسطينية.
وفي الإطار نفسه، أشار رئيس الوزراء إلى أن هناك إدراكا دوليا لهذا الملف، وهناك زخم كبير في هذا الأمر، موضحاً أن مقررات القمة العربية غير العادية التي عقدت أمس، هي بداية، مؤكداً ضرورة قيام مختلف الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي بالعمل على ترجمة هذه القرارات إلى خطوات تنفيذية خلال الفترة القادمة، لافتا إلى الإعلان عن انعقاد مؤتمر لعملية إعادة الإعمار خلال الشهر القادم، حيث سيتم استعراض مختلف الملفات الخاصة بإعادة الإعمار بشكل تفصيلي، سواء ما يتعلق بالخطط التنفيذية، أو التمويل المطلوب لتنفيذ تلك الخطط.
من جهة أخرى، أشار رئيس الوزراء إلى لقائه بمفوضة الاتحاد الأوروبي لشئون المتوسط، وما تم التوافق عليه من خطوات لتفعيل الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، منوها إلى ما تم توقيعه على هامش تلك الزيارة، من تمويل ميسر يتيح 90 مليون يورو من البنك الأوروبي لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية، وهو ما يأتي في إطار جهود الدولة المصرية لإتاحة وتوفير مختلف السلع الاستراتيجية اللازمة خلال الفترة القادمة.
ونوه رئيس الوزراء، خلال حديثه، إلى العديد من الأخبار والمؤشرات الإيجابية التي تتعلق بالاقتصاد المصري، لافتا إلى أنه للشهر الثاني على التوالي يتجاوز مؤشر مدير المشتريات الـ 50 نقطة، وهو ما يعنى أن نظرة القطاع الخاص ومجتمع الأعمال في مصر، هي نظرة إيجابية للاقتصاد ونموه، وهو ما يعطي أيضا دفعة قوية للاستمرار في تنفيذ المزيد من الإصلاحات الاقتصادية.
وأضاف رئيس الوزراء: أعلن البنك المركزي أيضا عن ارتفاع صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي والبنوك المصرية، حيث أصبحت 8.7 مليار دولار في يناير 2025، وذلك مقارنة بسالب 29 منذ عام، وهو ما يؤكد على الزيادة التي حدثت في هذا الشأن ووصلت إلى 37.8 مليار دولار خلال هذه الفترة بدءا من بداية إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي قامت الحكومة بها العام الماضي حتى الآن، حيث نشهد نموا وتحسنا بصورة كبيرة للغاية، وهذا رقم ليس بالقليل إذا أخدنا في اعتبارنا أن الزيادة التي شهدناها خلال شهر واحد تعتبر حوالي 60% في هذه الأصول، حيث كان هذا الرقم في شهر ديسمبر 5.2 مليار دولار، بينما كان في نهاية يناير 8.7 مليار دولار وهو ما يعطينا مؤشرات مهمة جدا.
وفيما يتعلق بارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، فأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أنه وصل الآن 47.4 مليار دولار أمريكي، بزيادة عن الشهر الذي سبقه تقدر بأكثر من 128 مليون دولار، وجميعها مؤشرات جيدة فيما يخص استقرار سعر الصرف، أو يمكن القول بشكل عام أن الأمور تسير بصورة جيدة جدا، من حيث تلبية جميع الاحتياجات، وذلك بالرغم من أن شهر رمضان المعظم يصاحبه زيادة في الاستهلاك وكذلك زيادة في الطلب على العملة الصعبة والسلع، إلا أن جميع الاحتياجات متاحة بصورة مستقرة.
وفي السياق نفسه، أشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة تضع نصب أعينها تحقيق الهدف الذي وضعه لنا الرئيس فيما يتعلق بإحداث نوع من التوازن بين إيراداتنا ومواردنا من العملة الصعبة في مقابل مصروفاتنا كدولة، وأن نصل إلى تحقيق فائض أيضا، لافتا في هذا الصدد إلى أن محافظ البنك المركزي يرسل تقريرا كل أسبوعين حول موارد واستخدامات العملة الصعبة، حيث يكون هذا الأمر محل النقاش في اللقاءات الثنائية معه، مضيفا أن آخر أسبوعين كانت الموارد من العملة الأجنبية تعادل تما أننا كدولة نسير وفق مسار صحيح بالرغم من جميع التحديات، حيث أصبح هناك شبه توازن بين الموارد والاستخدامات من العملة الصعبة، ونحن نستهدف خلال الفترة المقبلة ليس فقط ذلك، ما المصروفات في نفس الفترة، وهو ما يشير إلى ولكن ان نحقق فائضا في هذا الاتجاه لكي ندعم قوة ومكانة الاقتصاد المصري، وذلك من خلال تركيزنا على القطاعات الرئيسية التي نعول عليها خلال المرحلة الحالية، وهي قطاعات الصناعة، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، وهي قطاعات تم ترجمتها في لجان استشارية ومجموعات وزارية جميعها نعمل عليها بالفعل.
وتطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى الزيارة التي قام بها يوم الخميس الماضي للمنطقة الاقتصادية بالسخنة، والتي شهدت افتتاح 11 مصنعا كبيرا، مُدليا بأرقام تشير إلى التطور الذي تشهده المنطقة الاقتصادية، فمنذ بضع سنوات كان عدد المصانع القائمة في المنطقة الاقتصادية 65 مصنعا، وصلت أعدادها حاليا إلى 130 مصنعا، أي ضعف العدد خلال فترة زمنية تبلغ 3 سنوات، بل الأهم من ذلك أن هناك 120 مصنعا تحت الإنشاء سيتم الانتهاء منها خلال هذا العام، أو العام المقبل على أقصى تقدير.
كما أوضح الدكتور مصطفى مدبولي، خلال المؤتمر الصحفي، أنه في أثناء زيارته للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تفقد مصنعين متخصصين في إنتاج الألواح الشمسية، والتي تُعد من الصناعات المهمة للغاية، منوهًا إلى تأكيد رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس أنه بنهاية العام الجاري 2025 سيكون لدى مصر القدرة للإنتاج الكامل لجميع مكونات الألواح الشمسية وهو ما يتماشى مع خطة ورؤية مصر لعام 2030 بأن تمثل الطاقة النظيفة نسبة 42% من إجمالي إنتاج الطاقة المُنتجة في مصر.
وفي الوقت نفسه، أشار رئيس الوزراء إلى أحد الأخبار المهمة المرتبطة بقطاع البترول، الذي يأتي بالتوازي مع جهود العمل على استدامة سداد الالتزامات مع شركات البترول، هو أن هناك حقلا جديدا ظهر في نفس منطقة حقل كينج مريوط، هذا الحقل اسمه «الفيوم 5»، حيث ظهرت بوادر استكشاف جيدة واحتياطيات جيدة من الزيت والغاز، وهذه كلها أخبار إيجابية مطمئنة لنا كدولة تؤكد أننا نتحرك في الاتجاه السليم في هذا الصدد، وأن هناك تعافيا سريعا في هذا القطاع، وسنشهد نتائجه الإيجابية مع نهاية عام 2025 وبداية عام 2026.
ونوه رئيس الوزراء أيضا إلى أنه يقوم حاليًا مع وزيري التخطيط والمالية بمناقشة الخطة الجديدة للعام المالي المقبل 2025-2026، وسيتم الإعلان عن تفاصيل هذه الخطة خلال الفترة المقبلة، مضيفا: الشيء الأهم هو أن قطاعي الصحة والتعليم يستحوذان على النصيب الأكبر خلال الفترة المقبلة.
اقرأ أيضاًوزراء خارجية فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة يرحبون بالجهود المصرية لتمديد وقف إطلاق النار في غزة
مفتي الجمهورية: غياب الاقتداء بالنموذج النبوي في الحياة الزوجية سبب رئيسي للمشكلات الأسرية