زواج القاصرات وختان الإناث.. عادات بالية وأجساد صغيرة في انتظار مستقبل مجهول
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
في زوايا مظلمة من حياة مجتمعاتنا، تختبئ قصص تُروى بصوت مكتوم وألم دفين، إذ تتشابك خيوط العادات مع أوجاع الصمت، لترسم مشهدًا معقدًا من المعاناة الخفية، ما بين طفلة بالكاد عرفت معنى الحياة تُزف كعروس إلى مستقبل مجهول، وأخرى تقف مرتجفة في طقسٍ يقتطع جزءًا من روحها باسم العادات، حيث تتكسر طفولة تلك الفتيات بين مطرقة الزواج المبكر وسندان ختان الإناث، فهما وجهان لعملة واحدة تُنفقها بعض المجتمعات في أسواق التقاليد، دون أن تدرك أنها تُقايض براءة الإناث بآلامٍ لن تندمل، لذا حان الوقت أن نصغي لهذه الأصوات، أن نفتح الأعين على جروحٍ صنعتها الأيدي، وأن نبحث عن شمس تشرق لتنير حياةٍ تستحق أن تُعاش بكرامة دون ألم.
ونستعرض في سطور التحقيق التالي الجوانب النفسية والصحية التي يسببها الزواج المبكر وختان الإناث إلى جانب عرض رؤية الدين والقانون في هذا الشأن، مع سرد بعض القصص من ضحايا الموروث الاجتماعي المغلوط.
المخاطر الصحية للزواج المبكر وختان الإناثقالت خديجة عبد الوهاب، أخصائية النساء والتوليد والعقم، إن «الزواج المبكر في الشهور الأولى يسبب الكثير من المشكلات للبنت، فالرحم لديها يكون غير مكتمل والهرمونات تكون غير منتظمة، وقد يسبب ذلك في الأصل في تأخر الحمل، وإذا حملت الفتاة في سن مبكر يتسبب هذا في إحداث نزيف بصورة عنيفة في شهور الحمل الأولى، إلى جانب تشوهات الأجنة وقد يتسبب في ولادة أطفال غير مكتملة النمو، وفي شهور الحمل الأخيرة قد يتسبب ذلك في أن تصاب الفتاة بأمراض فقر الدم نتيجة عدم اكتمال نموها الجسماني، وقد تتعرض لولادة مبكرة إلى جانب احتمالية حدوث مشكلات التسمم في الحمل يودي بحياتها أو حياة الجنين، كما تعد هؤلاء الفتيات أكثر عرضة للإصابة بأمراض الضغط والسكر في الحمل والتجلطات والنزيف، فالرحم يكون صغير الحجم وغير قادر على استيعاب الجنين، وبخاصة إذا لجأت الفتاة للحقن المجهري أو أخذ المنشطات نتيجة غياب الزوج أو سفره، فيتسبب ذلك في حملها بأكثر من جنين ما يؤدي إلى مشاكل أكبر ويعرض حياتها للكثير من الأخطار، وينطبق هذا على الفتيات صغار السن وبخاصة من لم يتجاوزوا الـ 16 عاما».
وأضافت «عبد الوهاب»، قائلة: «أما بالنسبة لختان الإناث فأصبح مجرم بالقانون لذا فعدد مرتكبوه قليلون، إلا أنه يؤثر على الفتيات نفسيًا إذ تعد العملية بمثابة صدمة نفسية للبنت، إلى تأثيره جسديًا ».
استشاري نفسي: مصر كانت تسجل 300 حالة زواج أطفال يوميًا«زواج الأطفال أو القاصرات هو اغتصاب مقنن واغتيال لبراءة الأطفال ولحقهم في الاستمتاع بالحياة»، هكذا عبر وليد هنيدي، استشاري الصحة النفسية، مضيفًا: «وللأسف هو ظاهرة منتشرة في مصر فالإحصاءات الرسمية من واقع المسح السكاني لعام 2005 تفيد بأن مصر لديها 14% من الزواجات أطفال في عمر ما دون الـ 15 عام، فمصر حتى وقت قريب جدًا كان بها 300 حالة زواج أطفال يوميًا تسجل في الشهر العقاري وترتفع إلى 500 حالة في فصل الصيف وهو ما يسمى بالزواج السياحي، وزواج الأطفال له الكثير من الأسباب منها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وأسباب بها خلط في الدين والأعراف والتقاليد بأن سترة البنت مطلوبة وتقيها من الفاحشة، وأن الإسلام لم يحدد سن الزواج وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تزوج السيدة عائشة في سن مبكر ابنة 9 سنوات فقط، ويعد هذا خلط في المفاهيم والرؤية، وتظهر آثار الزواج المبكر على البنات بأنها تصاب بانخفاض في مفهومها نحو ذاتها، فعندما ترى من هم في سنها يلعبون ويمرحون مستمتعين بالحياة بمفرداتها وهي محملة بالأعباء وتُغتصب من شخص يكبرها في السن تحت مدعاة الزواج، يرتفع نتيجة لذلك البغاء والابتعاد عن التعليم، وبالتالي يترتب عليه ارتفاع نسبة الأمية، وقد يترتب عليه طلاق مبكر وإذا أنجبت سيكون هناك تشرد للأطفال، كما ينتابها عدم تكلف عاطفي، فالبنت في هذا السن الصغير تعد طفلة في حاجة لمن يرعاها لا من تراعاه، فلا تمتلك استعدادًا نفسيًا أو جسمانيًا لعملية الزواج، ويعد هذا نوع من الإساءة الجنسية كما يعتبرها الكثيرون فريسة ما بعد الطلاق كونها تزوجت في سن صغير، إلى جانب هذا تفتقر إلى ثقافة التعامل مع طفلها سواء في الرضاعة أو التربية بل تفتقر لثقافة التعامل مع نفسها في مرحلة الحمل لأنها تكون صغيرة في السن».
الزواج المبكر للإناث وختان الإناثوأردف «هنيدي»: «وأما عن ختان الإناث فيعتبر نوعًا من الجرح العمدي للأخر وهو مجرم بنص قانون العقوبات، فالدوافع النفسية التي تجعل الشخص يُقدم على عملية الختان لبناته ترجع لاعتقاد البعض أن الدين يشجع على ختان الإناث لذا يقدمون عليه كنوع من التدين على الرغم من عدم وجود نص صريح في الأديان السماوية الثلاثة يشجع على ذلك».
حين تتحدى الأعراف القانون.. معركة حقوق الطفل ضد الموروث الخاطئفي سياق متصل قال أيمن محفوظ، المحامي بالنقض والإدارية والدستورية العليا، إن:«زواج القاصرات شاع بتحريض من عبارات شياطين الإنس والنصابين باسم الدين بزعم أن الزواج المبكر ستر ومن الدين وهو في حقيقته هتك للستر وضد الدين، وذلك بما يخالف ما نص عليه القانون، إذ حدد سن الزواج المناسب للزوجين بعمر 18 سنة وفقا لما نصت عليه المادة 5 من قانون الأحوال المدنية رقم 143 لعام 1994 على أنه: «لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية»، وأردف قائلًا: «أما الزواج العرفي، فلا يوجد له نص تجريمي قانوني واضح، إلا في زواج رسمي وارتبط ذلك بجريمة تزوير في السن للزوجين أو أحدهما كما نصت عليه المادة 227 من قانون العقوبات المصري، وهي تعاقب عن عدم إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونًا فقط للوالدين والزوجين وكذلك المأذون الذي أعطى له القانون عقوبة مغلظة تصل إلى 5 سنوات والعزل من الوظيفة».
وأضاف «محفوظ»: «أما عن فكرة ختان الإناث، فهو من المورثات الشعبية المعتمدة على أساطير الغباء والتخلف والرجعية، حيث تسود أفكار النظرة المتدنية للمرأة وحمايتها من غريزة شهوانية لا تسيطر عليها إلا بقطع وتشوية الأعضاء التناسلية لها، وهو ما يعدم شعور اللذة ويخلق كوارث اجتماعية ونفسية للمرأة ويحرمها من عضو طبيعي بداوعي الخرافات والجهل باسم الدين والستر»، موضحًا أن« مصر قد انتبهت لخطورة جريمة ختان الإناث وعدلت نص التجريم للمادة 242 «مكررًا عقوبات»، مع مراعاة حكم المادة 61 عقوبات، والتي تتحدث عن الضرورة القصوى لإرتكاب الأفعال المُجرمة ودون الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، وتنص على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تجاوز 7 سنوات كل من قام بختان لأنثى بأن أزال أياً من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبي، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهةً مستديمة، أو إذا أفضى ذلك الفعل إلى الموت»»، وأكمل: «كما يعاقب القانون الترويج لختان الإناث بشكل علني وفق نص المادة 171، إلى جانب هذا تهتم المنظمات الدولية بحمايه الإناث من الختان و لاسيما اليونيسيف وغيرها، فأغلب دول القارة الأوروبية والأمريكتين والعديد من دول العالم تجرم ختان الإناث الذي لا سند له إلا من أفكار الرجعيين وينكرها الدين والرأي الطبي وتخالف حقوق الإنسان».
مخاطر الزواج المبكر للإناث وختان الإناث الشريعة الإسلامية وحمايتها لجسد المرأةوأما على الجانب الديني، فأكد عاصم قبيصي، وكيل وزارة الأوقاف ومدير مديرية الأوقاف بمحافظة أسيوط، إن « الكثير من الأشخاص يستندون إلى أن شريعتنا الغراء لم تحدد سنًّا معينًا للزواج وإنما تركت ذلك حسب العرف والتقاليد والظروف البيئية، لذا يجدر الإشارة إلى أن طبيعة الناس في واقعنا المعاصر اختلفت عن العصور السابقة، لذا حدد القانون سن زواج الفتيات وهو بلوغها 18 عامًا، وعلي ذلك يعد زواج القاصرات البالغ أعمارهن أقل من 18 سنة مخالف للقانون، والذي يجب علينا الالتزام به»، وأضاف: «وقالت لدار الإفتاء المصرية في فتوى سابقة، إن زواج القاصرات يعد حرام شرعا، وبه مخالفة للقانون، لاسيما وأنه يؤدي إلى الكثير من المفاسد والأضرار في المجتمع وضياع لحقوقها مؤكّدة أنَّ القاعدة الشرعية تقرر أن دَفع المفاسِد مُقدَّم على جلب المصالح، وهو الغاية الأساسية من تحريم زواج القاصرات».
وأما عن ختان الإناث، فأضاف: « الختان عادة وليس عبادة وليس من السنة، فلم يرد هناك نصا صحيحًا في الختان، وما يستند إليه البعض هي أحاديث ضعيفة، إذ تحرص الشريعة الإسلامية على حماية جسد المرأة وصيانته عن العبث به والتمثيل بخِلقته، وعِظَمِ جريمة التعدي عليه والتنكيل به، ووجوبِ تقييد هذا الفعل ما أمكن، لا مشروعيته أو الأمر به، فغاية الأمر في ختان الإناث أنه من العادات التي انتشر فعلها في بعض المجتمعات دون بعض، ظنًّا منهم أنَّ فيه صيانةً للمرأة ونفعًا لها، حتى إن كثيرًا من البلدان الإسلامية لا تعرف الختان ولا تفعله، كبلاد الخليج العربي، والشمال الأفريقي، وكثير من أهل مصر، ومن هنا نجد الفقهاء حين ذكروه فرَّقوا بين نساء المشرق والمغرب، فدلَّ هذا على أنَّ المسألة مرتبطة بجانب الوجود أي الحقائق الطبية، والرصد والتتبع».
اقرأ أيضاً"جدل".. الزواج والختان
«قضايا المرأة» تصدر بياناً بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث
وكيل الشيوخ: الموافقة على مشروع قانون حظر زواج الأطفال يؤكد اهتمام الرئيس بالمرأة المصرية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ختان الإناث مخاطر ختان الإناث الزواج المبکر زواج القاصرات وختان الإناث ختان الإناث الکثیر من إلى جانب قانون ا
إقرأ أيضاً:
شاب يلقى مصرعه داخل محول كهرباء بمول في مطروح
لقي شخص مجهول الهوية مصرعه، اثر تعرضه لصعق كهربائى داخل احد المحولات الكهربائية بمول بمدينة مرسي مطروح.
كانت غرفة عمليات طوارئ مديرية الصحة بمطروح قد تلقت اخطارا بالعثور على شخص متفحم داخل احد المحولات الكهربائية بمول بمدينة مرسي مطروح.
وعلى الفور انتقلت قوات الحماية المدنية والاسعاف الى موقع الحادث
واستقبلت مستشفى مطروح العام جثمانا متفحما لشخص مجهول الهوية اثر تعرضه لصعق كهربائي وتم تحرير المحضر اللازم والتحفظ علي المتوفى بالمستشفى تحت تصرف النيابة العامة ومفتش الصحة .