يموتون بردا وتخنقهم الأزمات.. عربي21 ترصد معاناة الغزيين بسبب الحرب والطقس البارد
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
"من لم ينجو من قصف الاحتلال يقتله البرد"، هكذا يصف الغزّيون الوضع، من قلب واقعهم الصّعب، الذي تختلف فيه أسباب الموت، لكنه يظل الأكثر حضورا؛ وسط أوضاع إنسانية سيئة، وطقس قاس، يُفاقمه انهيار المنظومة الصحية، والمأوى، في القطاع الذي يعيش على إيقاع عدوان الاحتلال الإسرائيلي المُتواصل، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
الكثير من البرد والشتاء المُتهاطل، وشحّ في المواد الغذائية والمُستلزمات الطبية، ونقص بوسائل التدفئة، والقليل من الخيام، وإن وُجدت فهي مُهترئة ولا تنفع إلا لمنع القليل من البلل؛ هكذا يوصف الوضع المعيشي في قلب ما بات يُنعت بـ"أسوأ بقعة جغرافية يمكن العيش بها"، بسبب مُواصلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي عليهم.
صرخه نازح في غزه،:
"يا مسلمين اصحوا، متنا من البرد في الخيام"
اللهم هون عليهم برد الشتاء#غزة#السعوديه_العراق pic.twitter.com/F5H19ChMS4 — Ahmed (@ahmedyehia___) December 28, 2024
ويعيش الملايين من الغزيين في قلب خيم متهالكة، حيث لا بديل لهم سواها، بعد قصف مأواهم، واستحالة الحياة فوق الركام والنفايات ودون توفّر المياه؛ ومع حلول فصل الشتاء بات اختيارهم الصعب أشدّ صعوبة، حيث يفتك بهم البرد القارس، وتجرف حاجاتهم الأمطار الغزيرة.
في هذا التقرير، ترصد "عربي21" معيشة الغزّيين في ظل انخفاض درجات الحرارة وقلّة أدوات التدفئة، مع تسليط الضوء على الدعوات الدولية لضرورة وقف إطلاق النار في غزة، ومدّ الغزيين هناك بمُستلزمات الحياة، من أكل وغطاء وخيام.. مع الإشارة إلى ما يمكن للبرد أن يؤدي إليه من مضاعفات صحية حرجة.
يموتون بردا
"طبيب ولم يصمد أمام البرد، فما بالك بمن سواه" هكذا تفاعل عدد متسارع من رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، عبر العالم، مع خبر استشهاد الطبيب أحمد الزهارنة بسبب البرد المُتفاقم، وما تلاه من أخبار تدمي القلب، وفق وصف كثيرين.
واستُشهد الزهارنة بـ"مستشفى غزة الأوروبي"، جرّاء البرد القارس؛ إذ عُثر على جثّته داخل خيمته المُهترئة المتواجدة في منطقة المواصي، جنوبي قطاع غزة المحاصر، والذي يعيش أوضاعا لم تعد الكلمات كافية لوصفه.
في خضمّ ما يعانيه الأهالي، قسرا، بقلب القطاع المُحاصر، في خيام النزوح في مختلف مناطق قطاع غزة، استُشهد أيضا 4 أطفال حديثي الولادة، جرّاء البرد وانخفاض درجات الحرارة، خلال الأيام القليلة الماضية.
وفي حديثهم لـ"عربي21" يقول عدد من الغزّيين: "أن تعيش في غزة يعني أن الاستشهاد مؤكّد، فيما تتعدّد الطرق نحوه"، مبرزين: "من لم يمت قصفا، سيموت جوعا أو بردا أو قهرا، أمام مرأى العالم، وبالبثّ المُباشر أحيانا؛ تعبنا ونحن صامدون، فأتى الشتاء وجعلنا أقرب للانهيار، للأسف".
وتابعوا: "البرد هنا في غزة، كفيل أن يوقظ عليك كل المواجع الصحية وغير الصحية؛ أصبح كل من هنا متأثرا بسبب البرد القارس داخل خيام، والله لا تصلح للعيش؛ الكل بات يشتكي من آلام في العظام، أو نزيف من الأنف، أو كثرة الإسهال، المهم الوضع بسبب البرد صعب وقاسي ومؤلم".
احنا بالخيام قاعدين بنرجف من البرد برد الخيام الشديد لا يقل قسوة عن لهب الطائرات????#برد #غزه_تباد_وتحرق pic.twitter.com/C89C384bJc — Ashraf Amra (@amra_ashraf) December 27, 2024 فصل الشتاء على الأبواب وليلة واحدة من المطر كانت كفيلة بتشريد العائلات مرة أخرى في قطاع غزة!
ان لم يتمكن العالم من اتخاذ موقف حقيقي ووقف هذا العدوان المستمر منذ مايقارب عام، فعليه أن يلتزم بالحد الأدنى من الانسانية ويغيث المشردين من برد الشتاء! pic.twitter.com/nh3OxxFMJN — هدى نعيم Huda Naim (@HuDa_NaIm92) September 24, 2024
وتفاعلا مع كلام المواطنين بغزة، أنه "من لم يمت قصفا مات بردا"، رصدت "عربي21" خلال الساعات القليلة الماضية، استشهاد 5 غزيين فيما أصيب 3 آخرون، إثر قصف الاحتلال الإسرائيلي لمنزل، بالقرب من مسجد الاستجابة في حي الصبرة، جنوب مدينة غزة.
إلى ذلك، توالت أخبار الاستشهاد المتوالية، ولم يهدأ القصف الأهوج، الضارب عرض الحائط كافة القوانين والمواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان.
وفي ظل تفاهم الوضع الكارثي، أبرزت الأمم المتحدة، أنه منذ بداية تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، تمّ عرقلة كل محاولة للوصول إلى شمال غزة المحاصر، وإرسال البعثات الغذائية والصحية؛ فيما حذّرت من إمكانية تجاوز عتبة المجاعة بشمال القطاع، مع ارتفاع معدل الوفيات، بسبب سوء التغذية، وتدهور الأوضاع الصحية في شتى أرجاء غزة.
صراخ واستنجاد في غزة بعد أن غرقت خيام النارحين بفعل الأحوال الجوية وتساقط الأمطار، اللهم كن معهم وفرج عنهم pic.twitter.com/U4nMBNhIIT — قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 28, 2024
"لا مكان للأطفال"
الوضع المزري المُتفاقم بغزة، يكشف بالصوت والصورة عن واقع آخر يعيشه الأهالي في غزة، خاصة الأطفال، إلى جانب عدوان الاحتلال الإسرائيلي عليهم بالليل والنهار. ظروف قاسية يتكدس فيها مئات الآلاف من الفلسطينيين، في قلب خيام مصنوعة من القماش والنايلون، عقب فرارهم من القصف.
أطفال كُثر، قتلهم البرد في الأيام القليلة الأخيرة بغزة، أكثرهم تداولا، سيلا محمود الفصيح، البالغة من العمر أسبوعين فقط، التي وُجدت، متجمّدة من البرد القارس، في واحدة من الخيام الموجودة على شاطئ البحر في مواصي خانيونس، التي تعدّ وفق الاحتلال الإسرائيلي "منطقة إنسانية آمنة مؤقتة للنازحين" وهي ذاتها التي قصفها مرارا.
وعبر مقطع فيديو، انتشر على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، قال والد الرضيعة محمود الفصيح، إنهم استيقظوا صباح الأربعاء، فوجودا اللون الأزرق يطغى على الرضيعة "سيلا" فيما نزف الدم من فمها وأنفها.
سيلا محمود الفصيح، تجمّدت من البرد القارس في الخيام الموجودة على شاطئ البحر في مواصي خان يونس، في المنطقة التي أعلنها الاحتلال الإسرائيلي “منطقة إنسانية آمنة مؤقتة للنازحين”.
Sila Mahmoud Al-Faseeh, froze to death from the extreme cold in the tents located on the beach in Mawasi… pic.twitter.com/LTIQh6utnQ — Dr.Muneer Alboursh د.منيرالبرش (@Dr_Muneer1) December 25, 2024
وتابع، أنهم توجّهوا بها لعيادة تتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إذ أبلغهم الأطباء هناك أن "قلب الطفلة توقف من البرد". فيما أبرز في الوقت نفسه أنهم يعيشون أوضاعا مأساوية داخل خيمة من القماش لا تصلح للسكن، حيث ينامون على الرمال الباردة، دون فراش أو مستلزمات تقيهم برد الشتاء.
سيلا، هي الرضيعة الخامسة التي تتوفى جراء البرد الشديد في خيام النزوح، حيث توفيت قبلها الرضيعة "عائشة عدنان سفيان القصاص" فجر الجمعة، داخل خيمة أيضا في مواصي خانيونس.
وكتب مدير عام وزارة الصحة بغزة، منير البرش، بتغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "إكس": "ليست خياما بل ثلاجات موت.. استشهدت رضيعتان خلال أسبوع واحد بسبب البرد القارس في خيام النزوح بقطاع غزة، وما زلنا في الأيام الأولى من فصل الشتاء".
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، قد كشفت بدورها عن: استشهاد طفل فلسطيني كل ساعة في قطاع غزة بأيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي. مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار لحل الأزمة الإنسانية في القطاع.
وأبرزت: "لا مكان للأطفال، فمنذ بداية الحرب تم الإبلاغ عن مقتل 14500 طفل في غزة، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف".
إرشادات لتجنب المخاطر
لتجنب مخاطر "البرد الشديد" خاصة على الأطفال والمرضى وكبار السن داخل الخيام ومراكز الإيواء، قال الدفاع المدني بغزة، عبر بيان، الجمعة: "تتوقع الأرصاد الجوية أن يشهد الطقس في الأراضي الفلسطينية انخفاضا في درجات الحرارة وتكون الأجواء شديد البرودة هذه الأيام تبدأ مساء اليوم الجمعة، يتخللها هطول للأمطار يوم الاثنين القادم".
ودعا النازحين إلى "وضع ضمادات دافئة على أطراف الجسم كاليدين والقدمين، والعمل على احتكاكها ببعضها بين الفينة والأخرى، ومتابعة حرارة أجسام الأطفال باستمرار".
وحثّهم أيضا على "بذل التمارين الخفيفة بما يساعد على توليد الطاقة وتوازن الحرارة في الجسم"، إلى جانب وضع وشاح قطني على الأنف والفم والرقبة لمنع دخول الهواء البارد للجسم. وهي الإرشادات نفسها التي تحثّ عليها العيادة الطبية المعروفة على مستوى العالم "مايو كلينك" لتفادي البرد.
وأضاف إلى تعليماته للنازحين، ضرورة "الاهتمام بتغطية الخيمة أو المكان الذي تقيم فيه بشكل جيد، ووضع صفائح من الكرتون تحت الأفرشة وعلى جوانب الخيام، للمساعدة على امتصاص البرودة". محذرا من إشعال النيران داخل الخيام وغرف الإيواء المغلقة لتفادي مخاطر اندلاع الحرائق أو حوادث الاختناقات التي تؤدي للوفاة.
أمراض يفاقمها البرد
"عندما تنخفض درجة حرارة الجسم، لا يستطيع القلب والجهاز العصبي والأعضاء الأخرى العمل بشكل جيدً"، هذا جزء ممّا يمكن للبرد القيام به في جسم الإنسان، حيث بإمكانه أن يكون قاتلا بالمعنى الحرفي للكلمة، وذلك بحسب عيادة "مايو كلينيك".
وأوضحت العيادة الطبية: "إذا تُرك انخفاض حرارة الجسم دون علاج، فإنه قد يتسبّب في فشل القلب والجهاز التنفسي وقد يؤدي في النهاية إلى الوفاة"، وهو ما حدث فعلا غير مرة، في قلب قطاع غزة المحاصر، طوال فترة الحرب، التي تجاوزت العام الكامل.
"تبدأ الأعراض عندما تبدأ درجة الحرارة في الانخفاض، يمكن أن يبدأ الجسم في الارتعاش كمحاولة من الجسم لتدفئة" تبرز العيادة نفسها.
وأكدت: "تتضمن أعراض انخفاض حرارة الجسم الارتعاش، والتلعثم، وضعف النبض، وفقدان الذاكرة، وفقدان الوعي لاحقا، وفي حالات الرضّع يظهر احمرار على الجلد ويصبح باردا، وهي أعراض لا يمكن في غالب الأمر تداركها في ظل انهيار القطاع الصحي في غزة، والسكن في الخيام التي لا تقي البرد".
للبرد مُضاعفات
الأمم المتحدة، أكدت مطلع الشهر الجاري، إصابة 90 في المئة من الأطفال، دون سن الخامسة في القطاع، بواحد أو أكثر من الأمراض المعدية، بينما يعاني 25 في المئة من النساء من الأمراض الجلدية، وغيرها من المشكلات الصحية، مع تسجيل 11 ألف إصابة، بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي؛ لكن كيف هو الوضع عقب تفاقم البرد؟
حذِّرت الأمم المتحدة من أن الناس الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة قد لا يصمدون في الشتاء. بالقول، الثلاثاء الماضي: "ما لا يقل عن 945 ألف شخص يحتاجون إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في غزة".
من جهتها، قالت نائبة مدير برامج المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ديون وونغ، إن: "لجنة الإنقاذ الدولية تكافح من أجل جلب ملابس الشتاء للأطفال؛ لأن هناك كثيرا من الموافقات التي يتعيَّن الحصول عليها من السلطات المختصة". مضيفة: "قدرة الفلسطينيين على الاستعداد للشتاء محدودة للغاية في الأساس".
ومن قلب الواقع المزري، قالت حكومة قطاع غزة، إن دولة الاحتلال الإسرائيلي: "تتسبب بأزمة إنسانية مأساوية تُهدد بموت آلاف النازحين بعد اهتراء 110 آلاف خيمة تزامنا مع موجات الصقيع الشديدة".
حتى الكلام لم يعد له معنى
غزة يا طُهر هذا الكوكب
شتاء غزة
اللهم غزة pic.twitter.com/XTK3MDaJzW — عثمان المختار (@othmanmhmmadr) December 28, 2024
وأضاف المكتب الإعلامي الحكومي، عبر بيان اطّلعت "عربي21" على نسخة منه، السبت: "من جديد يتسبب الاحتلال بأزمة إنسانية مأساوية جديدة تُهدد بموت آلاف النازحين بعد اهتراء 81 بالمئة من خيامهم بالتزامن مع دخول فصل الشتاء وموجات الصقيع الشديدة".
البيان نفسه، أوضح أنّ: "النازحين يعيشون ظروفا قاسية تسببت خلال الأيام الماضية بوفاة خمس حالات بسبب شدة البرد ونتيجة تدمير الاحتلال للقطاع الإسكاني". مبرزا أن نحو مليون نازح يعيش منذ أكثر من "سنة كاملة في خيام مصنوعة من القماش، والتي أصبحت الآن غير صالحة للاستخدام بفعل عوامل الزّمن والظّروف الجوية".
وأرجع المكتب الحكومي، الأوضاع الكارثية في القطاع، لـ"جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي الذي دمر مئات آلاف المنازل لهؤلاء المواطنين بشكل كامل، ما دفعهم للجوء إلى العيش في خيام تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة".
وطالب "المجتمع الدولي بالتَّحرك الفوري وممارسة دوره الفعلي للضغط على الاحتلال لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ووقف ممارساته العدوانية وضمان توفير الدعم اللازم لإغاثة المتضررين وفي مقدمة ذلك توفير مأوى لكل أسرة فلسطينية".
كذلك، ناشد الدول العربية والإسلامية وجميع الجهات الإنسانية والدولية بـ"ضرورة التحرّك العاجل لإنقاذ المدنيين في قطاع غزة، وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم من مأوى، وغذاء، ودواء، بما يضمن كرامتهم الإنسانية ويحفظ أرواحهم من برد الشتاء وموجات الصقيع الشديدة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة قطاع غزة شتاء غزة غزة قطاع غزة شتاء غزة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الأمم المتحدة البرد القارس برد الشتاء بسبب البرد فصل الشتاء فی القطاع قطاع غزة pic twitter com من البرد فی خیام فی قلب فی غزة
إقرأ أيضاً:
هارفارد ترصد انتشارا للتعصب والكراهية ضد الطلاب المؤيدين للفلسطينيين
هارفارد "رويترز": أصدرت جامعة هارفارد الأمريكية اليوم تقريرين كشفا عن تعرض طلاب مسلمين للتعصب والإساءة خلال الاحتجاجات التي شهدتها الجامعة الواقعة بولاية ماساتشوستس العام الماضي كما شعر بعضهم بأنهم منبوذون بسبب التعبير عن آرائهم السياسية.وتتعرض هارفارد وجامعات أخرى لضغوط استثنائية من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب اتهامات بمعاداة السامية والميل للنهج اليساري.
وجاء التقريران، وقوامهما معا أكثر من 500 صفحة، نتيجة عمل فريقين جرى تشكيلهما في يناير 2024 أي قبل عام من تولي ترامب للرئاسة، أحدهما لمكافحة معاداة السامية ، والآخر لمكافحة التحيز ضد المسلمين والعرب والفلسطينيين.
وقال رئيس جامعة هارفارد آلان جاربر في رسالة مرفقة بالتقريرين إنهما تضمنا "روايات شخصية مؤلمة" من حوالي 50 جلسة مع نحو 500 طالب وموظف.
وأضاف أن الجامعة ستبذل المزيد من الجهود لتعليم طلابها كيفية إجراء "حوار بناء ومتحضر" مع أشخاص من خلفيات مختلفة، وستعزز "تنوع وجهات النظر".
وقدم التقريران توصيات بضرورة مراجعة الجامعة لقواعد القبول والتعيين والمناهج وبرامج التوجيه والتدريب، بالإضافة إلى تغيير إجراءاتها التأديبية. وشجعا أيضا على تقديم المزيد من الفصول الدراسية عن "الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني".
وقال جاربر إن الجامعة ستبدأ مشروعا بحثيا عن معاداة السامية، وستدعم "تحليلا تاريخيا شاملا" عن المسلمين والعرب والفلسطينيين في الجامعة. وأضاف أن هارفارد ستجعل أيضا إجراءاتها التأديبية أكثر فعالية وتأثيرا.
وطالبت إدارة ترامب جامعة هارفارد بالعمل على الحد من نفوذ أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب النشطين، وذلك في إطار حملة على ما تصفها بتصرفات معادية للسامية شهدتها الجامعات في 2023 بعد هجوم السابع من أكتوبر لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل والحرب التي تلتها في قطاع غزة الذي تديره الحركة.
كما حثت هارفارد على مراجعة أقسامها لضمان "تنوع وجهات النظر" واتخاذ خطوات أخرى.
وجمدت الإدارة الأمريكية منحا بقيمة 2.2 مليار دولار، معظمها للأبحاث الطبية والعلمية، بعدما نددت هارفارد بمطالب الإدارة باعتبارها محاولة غير دستورية للسيطرة على الجامعة ورفعت دعوى قضائية بهذا الشأن.
* التنمر وتداعياته
وأجرى فريقا العمل بجامعة هارفارد استطلاعا مشتركا عبر الإنترنت العام الماضي وجمعا 2295 ردا من طلاب وأعضاء هيئة تدريس وموظفين.ووجد الاستطلاع أن 47 بالمئة من المشاركين من المسلمين لا يشعرون بالأمان في الحرم الجامعي مقارنة بستة بالمئة من المسيحيين وغير المؤمنين بعقيدة. كما شعر 92 بالمئة من المسلمين بوجود عواقب أكاديمية أو مهنية للتعبير عن معتقداتهم السياسية.
وبحسب فريق العمل المعني بمعاداة السامية، أصبح الحرم الجامعي في أواخر عام 2023 بالنسبة للكثيرين "ما بدا وكأنه مساحة للتعبير غير المقيد عن التضامن المؤيد للفلسطينيين والغضب تجاه إسرائيل، وهو الغضب الذي شعربه العديد من الطلاب اليهود وخاصة الإسرائيليين أنه موجه ضدهم أيضا".
وأفاد العديد من الطلاب اليهود أو الإسرائيليين انهم وجدوا انفسهم منبوذين بسبب دعمهم الفعلي أو المفترض لإسرائيل أو الصهيونية، أو وجدوا أنفسهم متهمين بتأييد الإبادة الجماعية.
وقالت مجموعة أصغر من الطلبة اليهود المناهضين للصهيونية انضمت لبعض الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين والمعارضة لإسرائيل أنها شعرت بالنبذ من المجموعات اليهودية الأخرى في الحرم الجامعي.
وقال فريق العمل المعني بالتحيز ضد المسلمين إن طلبة من العرب الأمريكيين قالوا إنهم وصفوا بأنهم من "الإرهابيين والمعادين للسامية" كما تعرضوا لإساءة عنصرية بسبب أصولهم العربية بعد أن ارتدوا الكوفية لإظهار التضامن مع الفلسطينيين.
وقال كوري سايلور مدير الأبحاث بمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) في بيان إن المجلس متمسك بتصنيفه لجامعة هارفارد على أنها بيئة معادية بالنسبة للمسلمين والعرب والفلسطينيين.
وأضاف "إذا تصرفت الجامعة حقا بناء على تقرير فريق العمل لتحسين الحرية الأكاديمية وحرية التعبير ولمعالجة العنصرية المنتشرة المعادية للفلسطينيين ورهاب الإسلام... قد يشير ذلك وقتها إلى أن الأوان قد حان لتغيير هذا التصنيف" مشيرا إلى أن تلك الإساءات إما يتم التقليل من شأنها أو تجاهلها بشكل مباشر.
وردا على سؤال حول التقريرين،لم يعلق المتحدث باسم ترامب على النتائج التي توصل لها فريق العمل المعني بالتحيز ضد المسلمين في جامعة هارفارد.فيما انحاز الى اليهود منتقدا ما اعتبره إحجاما من الجامعة عن حماية الطلاب اليهود على حد زعمه والدفاع عن الحقوق المدنية.
و قال إن "انتهاك الجامعات للقانون الاتحادي لا يليق بمؤسسات تسعى للحصول على المليارات من أموال دافعي الضرائب".