د.نادية الهاشمية: إجراءات وقائية وعلاجية للحد من مضاعفات 62 مرضا

- تجهيز المختبر الوطني بأحدث التقنيات والفرق الطبية المتخصصة

تعتزم وزارة الصحة إطلاق حزمة جديدة من الفحوصات التي تستهدف الأطفال حديثي الولادة بداية العام المقبل، استمرارا لجهودها في تعزيز الصحة العامة عبر برامج الفحص المبكر الشاملة. وسيتم البدء في البرنامج بمرحلته الأولى في محافظة مسقط، على أن يتم التوسع بعدها في باقي محافظات سلطنة عمان المختلفة، بما فيها المؤسسات الصحية الخاصة؛ لتحسين جودة حياة الأطفال وخفض معدلات المراضة والوفيات.

حيث سيتم إجراء مجموعة من الفحوصات للكشف عن الأمراض الوراثية والاستقلابية، لإجراء التدخل السريع وتوفير العلاج اللازم والوقاية من المضاعفات شديدة الخطورة، لتشمل 62 مرضًا بالاعتماد على 22 مؤشرًا كيميائيًا.

وقالت الدكتورة نادية بنت موسى الهاشمية، استشاري أول أمراض وراثية كيميائية بالمركز الوطني للصحة الوراثية: "تسعى سلطنة عمان إلى توسيع برنامج الفحص المبكر لحديثي الولادة، وهو برنامج وقائي وطني تشرف عليه وزارة الصحة، إضافة إلى الحزمة الحالية من الفحوصات، والتي تتضمن: الفحص الإكلينيكي لحديثي الولادة للكشف عن أي إعاقات أو تشوهات خلقية، وفحص السمع للكشف عن الإعاقات السمعية، وفحص قصور الغدة الدرقية، وهو من أوائل الفحوصات التي تم إدخالها ضمن الفحوصات الوطنية الدورية".

الفحوصات الجديدة

سيشمل البرنامج الجديد الكشف عن مجموعة من الأمراض الوراثية والاستقلابية، حيث تم اختيار هذه المجموعة بناءً على قابليتها للعلاج والوقاية من المضاعفات وتوافر آليات العلاج والمتابعة، وتشمل 62 مرضًا اعتمادًا على 22 مؤشرًا كيميائيًا مما يتيح التدخل الطبي السريع لإنقاذ حياة الطفل أو تحسين جودة حياته.

وتشمل الفحوص اضطرابات الأحماض العضوية، التي تؤدي إلى تراكم الأحماض الضارة في الجسم، حيث يسمح التشخيص المبكر بالعلاج الغذائي الفوري. بالإضافة إلى فحص اضطرابات أكسدة الأحماض الدهنية، التي تؤدي إلى نقص حاد في الطاقة وقد تسبب نوبات انخفاض السكر في الدم، ويشمل العلاج تعديلات في النظام الغذائي، كما سيتم فحص الأمراض الهرمونية، بما في ذلك قصور الغدة الدرقية الخلقي، حيث يؤدي الكشف المبكر إلى منع التأخر في النمو والإعاقة الذهنية، وفحص فرط تنسج الكظر الخلقي، الذي يؤثر على التوازن الهرموني عند الأطفال، ويمكن أن يسبب مضاعفات صحية خطيرة إذا لم يتم علاجه مبكرًا.

وأضافت: "إن الاعتماد على التشخيص الإكلينيكي بعد ظهور الأعراض قد يؤدي إلى فقدان فرصة التدخل المبكر في مجموعة معينة من الأمراض الوراثية، وخاصة الأمراض الأيضية، ويمكن الفحص المبكر من تحديد الحالات قبل ظهور الأعراض، مما يسمح ببدء العلاج في وقت مبكر، بعض هذه الأمراض تكون أعراضها غير واضحة في الأسابيع أو الأشهر الأولى من عمر الطفل، لكن بمجرد ظهور الأعراض، قد يكون الأوان قد فات لمنع المضاعفات، والفحص المبكر يمكننا من تحديد الحالات قبل ظهور الأعراض، مما يسمح ببدء العلاج في وقت مبكر، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على صحة الطفل ويمنع حدوث مضاعفات قد تؤدي إلى إعاقات دائمة. ومن الضروري التأكيد على أن الفحص الإكلينيكي لا يحمل دورًا واضحًا في الكشف المبكر عن العديد من الأمراض الوراثية أو الأيضية، حيث إن أعراض هذه الأمراض قد تكون غير واضحة أو غير ظاهرة في الأسابيع أو الأشهر الأولى من حياة الطفل، ولذلك، جاء دور الفحص المبكر ليكون أساسيًا، حيث يمكننا من تحديد الحالات قبل ظهور الأعراض".

خطوة وقائية

وأكدت الدكتورة نادية أن الفحص المبكر يعتبر خطوة وقائية تعزز الصحة العامة، وهو حق لكل مولود في سلطنة عمان. إن الرؤية المحلية كانت تركز على ضرورة جمع بيانات واضحة حول انتشار هذه الأمراض ومدى فائدة الكشف عنها في تحسين الصحة العامة قبل اتخاذ قرار بشأن الفحص المبكر، كما ساعد ذلك في تعزيز الاستعدادات بشكل أفضل، من خلال دراسة الثغرات التي قد تعيق نجاح البرنامج، وتوفير الفرصة لتدريب الكوادر الطبية والفنية اللازمة لضمان تنفيذ البرنامج بنجاح.

وأوضحت أن البرنامج سيبدأ بشكل تدريجي في محافظة مسقط، نظرًا لاحتوائها على أكبر عدد من المواليد من مختلف محافظات سلطنة عمان بسبب الكثافة والتنوع السكاني، ويهدف هذا التدرج إلى دراسة التحديات المحتملة ومعالجتها قبل التوسع إلى بقية المحافظات، بالإضافة إلى تعزيز المعرفة حول مدى انتشار الأمراض بشكل أكثر دقة، مما يساعد على تحسين الاستعداد لتوفير التدخل والعلاج اللازم.

التحضيرات الفنية

وأشارت الدكتورة الهاشمية إلى أن القدرات البشرية والفنية في المختبرات الوطنية قد تطورت، مما يعزز قدرة تفعيل هذا البرنامج الوقائي المهم، وقد تم تجهيز المختبر الوطني بأحدث التقنيات، إلى جانب وجود فرق طبية متخصصة لمتابعة وتشخيص الحالات، ويتم التعاون بين المختبر المركزي لفحص حديثي الولادة في المركز الوطني للصحة الوراثية وقسم علم الكيمياء الحيوية بالمستشفى السلطاني وقسم علم الوراثة والكيمياء الحيوية بمستشفى جامعة السلطان قابوس لضمان متابعة الحالات المشكوك بها بسرعة وكفاءة.

آلية التنفيذ

وحول آلية تنفيذ برنامج الفحص المبكر، ذكرت الدكتورة أنه سيتم أخذ عينة صغيرة من دم الطفل من كعب القدم خلال اليوم الثاني أو الثالث بعد الولادة، حيث تُجمع العينة على ورقة خاصة تُعرف ببطاقة جاثري ويتم إرسالها إلى المختبر المركزي للفحص، يتم تحليل العينة باستخدام تقنية الطيف الكتلي المزدوج، وهي تقنية دقيقة تسمح بفحص العديد من الأمراض في آنٍ واحد، وإذا أظهر الفحص احتمال وجود مرض معين، يتم التواصل الفوري مع الأهل لإجراء اختبارات إضافية، وإذا تم تأكيد التشخيص، يتم بدء العلاج المناسب بسرعة، مما يساعد على تجنب المضاعفات.

وعن دقة النتائج في حالة ظهور الفحص إيجابيًا، أفادت الهاشمية بأنه يجب التوضيح أن الفحص المبكر هو فحص أولي (فحص كاشف) وليس تشخيصًا نهائيًا، وإذا كانت النتيجة إيجابية، فهذا لا يعني أن الطفل مريض وإنما قد يكون معرضًا للإصابة بأحد الأمراض، وإن هناك احتمالًا لوجود خلل في إحدى العمليات الأيضية أو الوراثية، ويتطلب الأمر إجراء فحوص تأكيدية إضافية. والهدف من الفحص الكاشف هو تحديد الأطفال المعرضين لخطر الإصابة من أجل متابعة حالتهم بمزيد من الدقة.

وتابعت: "في حالة كانت نتيجة الفحص إيجابية، يتم التواصل مع الأهل بسرعة لإجراء الفحوصات التشخيصية التأكيدية، والرسالة التي نريد إيصالها للأسر هي أن النتيجة الإيجابية ليست مدعاة للقلق الفوري، بل هي إشارة إلى ضرورة التحقق الإضافي لضمان صحة الطفل"،

ومن الضروري التأكيد على أن الفحص المبكر يشمل فقط مجموعة معينة من الأمراض الوراثية والأيضية التي يمكن الكشف عنها في مرحلة مبكرة وتكون قابلة للتدخل العلاجي، ولا يشمل الفحص المبكر جميع الأمراض الوراثية.

وأشارت الدكتورة نادية إلى أن سلطنة عمان اتخذت خطوات رائدة في مجال الوقاية الصحية، حيث حرصت على تنفيذ مجموعة من البرامج الوقائية الشاملة، ومن أبرزها برنامج التحصين الموسع للأطفال، الذي يهدف إلى وقاية الأطفال من الأمراض المعدية التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مما ساهم في خفض معدلات الأمراض والوفيات المرتبطة بها بشكل كبير.

كما أطلقت برنامج الفحص المبكر لقصور الغدة الدرقية عند حديثي الولادة، وهو إجراء وقائي يهدف إلى الكشف المبكر عن اضطرابات الغدة الدرقية التي قد تؤثر على النمو العقلي والجسدي للأطفال، ويسهم هذا الفحص في التدخل العلاجي المبكر، مما يضمن للأطفال المتأثرين حياة صحية ونموًا سليمًا، ويأتي برنامج الفحص المبكر عن الأمراض الأيضية وأمراض الغدد الصماء تكاملًا مع هذه الجهود.

وشددت الدكتورة الهاشمية على أهمية دور الأسر في نجاح البرنامج، من خلال الالتزام بإجراء الفحوصات في الوقت المناسب والاستجابة للفريق الطبي، لضمان أخذ المزيد من الفحوصات اللازمة والتعرف على الأمراض لتأمين مستقبل أفضل للأطفال.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من الأمراض الوراثیة برنامج الفحص المبکر الغدة الدرقیة ظهور الأعراض من الفحوصات سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

جلسة حوارية تناقش القطاع السياحي في سلطنة عمان بين الممكنات والفرص

نظمت الجمعية الاقتصادية العمانية الجلسة الحوارية الرابعة والعشرين من "المجلس الاقتصادي" والتي استعرضت الممكنات والفرص بالقطاع السياحي في سلطنة عمان مساء اليوم الاثنين بالنادي الثقافي بالقرم، وشارك في الجلسة سعادة عزان بن قاسم البوسعيدي، وكيل وزارة التراث والسياحة للسياحة، إلى جانب الدكتور خالد بن سعيد العامري، رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية، حيث تم التطرق إلى أبرز التحديات التي يواجهها القطاع السياحي في سلطنة عمان، والفرص المتاحة لتعزيز دوره في التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى استعراض سبل تطوير الاستثمارات السياحية، وتحقيق الاستدامة في هذا القطاع الحيوي، وتسليط الضوء على أهمية السياحة كمحرك رئيسي للاقتصاد الوطني، واستعراض التوجهات المستقبلية التي يمكن أن تسهم في تعزيز مكانة عمان كوجهة سياحية رائدة في المنطقة.

وأكد سعادة عزان بن قاسم البوسعيدي، وكيل وزارة التراث والسياحة للسياحة أن الوزارة أصبح تشرف على قطاعين أساسيين قطاع التراث وقطاع السياحة، وتسعى الوزارة إلى تعزيز الناتج الإجمالي للقطاعين في الناتج المحلي، وقد تعافي القطاع السياحي بشكل كلي من الجائحة، بحيث مختلف المؤشرات، مؤكداً أن القطاع الخاص السياحي لا يزال يتعامل مع تداعيات كوفيد-19 سواء من حيث المديونية أو غيرها.

وأوضح أن إجمالي المنشات الفندقية بلغت نحو 1000 منشأة بنهاية عام 2024، والمؤشرات السياحية إيجابية بنهاية العام المنصرم مقارنة بعام 2019 ويدل على تعافي القطاع كلياً، وبلغت حجم الاستثمارات في القطاع السياحي بسلطنة عمان 2.4 مليار ريال عماني بنهاية عام 2024.

وذكر أن سلطنة عمان قامت بإعادة فتح مكتب التمثيل السياحي في الصين لاستهداف السياح الصينيين وهناك جالية صينية كبيرة في المنطقة وتم استهدافها من خلال سوق السفر بإمارة دبي، وشهدنا تعافي لاستقطاب السياح الصينيين.

وقال الدكتور خالد بن سعيد العامري، رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية: أن قطاع السياحة يشهد تطورًا ملحوظًا في الإيرادات، وهو أحد أسرع القطاعات غير النفطية نمواً في سلطنة عمان، ومساهم رئيسي في إجمالي الناتج المحلي لسلطنة عمان، وتسعى الحكومة إلى رفع نسبة مساهمة قطاع السياحة إلى 5.9% من إجمالي الناتج المحلي لسلطنة عمان بحلول عام 2040، ويمثل القطاع السياحي واحداً من القطاعات الاقتصادية الواعدة، والتي يعول عليها للإسهام في تعزيز التنويع الاقتصادي، وتوفير المزيد من فرص العمل للشاب في قطاع السياحة والفندقة والضيافة، وغيرها من القطاعات ذات الصلة.

وذكر أن النسبة المستهدفة لوزارة التراث والسياحة لمساهمة السياحة في الناتج المحلي بالأسعار الثابتة لعام 2025م تبلغ 2.75%، وتبلغ الاستثمارات المستهدفة 3 مليارات ريال عُماني للفترة من 2021 ـ 2025 ورفع عدد الغرف الفندقية إلى ما لا يقل عن 33 ألف غرفة فندقية بنهاية عام 2025 .. مشيراً إلى أن وزارة التراث والسياحة أعلنت عن الكثير من البرامج والخطط لدفع قاطرة القطاع السياحي إذ لم تعد السياحة مجرد قطاع هامشي أو مصدر ثانوي لرفع المستوى الاقتصادي بل أصبح في عصر النقل السريع والحدود المفتوحة أحد أهم وسائل رفد المستوى المعيشي للمجتمعات، ولابد من تذليل التحديات وإيجاد المعالجات لتمكين صناعة السياحة إلى آفاق تلامس الطموح ووضع سلطنة عمان على خارطة السياحة العالمية.

مقالات مشابهة

  • إنجاز طبي.. إنقاذ جنين من مرض قاتل قبل ولادته
  • نفوق حوت من نوع نادر قبالة ساحل سلطنة عمان
  • رئيس الحكومة اللبنانية يبحث تعزيز التعاون مع وزير خارجية سلطنة عمان
  • سلام استقبل وزير خارجية سلطنة عمان
  • وزير خارجية سلطنة عمان للرئيس عون: مستقبل لبنان سيكون أفضل بعد انتخابكم
  • سلطنة عمان وروسيا تبحثان تطوير التعاون السياحي والثقافي
  • تدشين أول مركز للمواهب الكروية في سلطنة عمان
  • وزارة الإعلام تدشن مسرحها.. و«الأوركسترا» و«الهولوجرام» تبهر الحضور
  • جلسة حوارية تناقش القطاع السياحي في سلطنة عمان بين الممكنات والفرص
  • الشيبانية تهنئ الهيئة التعليمية بمناسبة "يوم المعلم"