مؤمن الجندي يكتب: إعدام حصان
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
في إحدى المزارع البعيدة، كان هناك حصان قوي يُطلق عليه الجميع "رمح الريح".. على مدار سنوات، كان هذا الحصان رمزًا للعطاء، يحرث الحقول وينقل المحاصيل ويجر العربات بثبات لا يهتز، كان الجميع يتغنى بقدرته وبراعته، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة المزرعة.
لكن مع مرور الوقت، بدأت قوته تخفت، وظهرت على جسده علامات الزمن.
هذا المشهد، وإن بدا بسيطًا، يختزل قصة أكبر تحدث في كل مكان.. كيف نتعامل مع من أعطوا كل ما لديهم حين تهزمهم السنون؟ وهل تكون النهاية انعكاسًا لإنجازاتهم، أم مجرد لحظة طي صفحة؟
في أحد أمسيات القاهرة الهادئة، حين كانت الشمس تنسحب من السماء لتترك مكانها لليل، كان علي معلول يجلس في منزله، متأملًا في سنواته داخل أسوار النادي الأهلي.. لم يكن مجرد لاعب، بل كان أيقونة، رفيقًا دائمًا لفرحة الجماهير وأحد أبطال الليالي القارية التي لا تُنسى.. لكن اليوم، تغيرت الملامح! إصابته الأخيرة وكبر سنه أصبحا كأطياف تطارد مسيرته، ومعهما همسات تتردد في أروقة النادي عن اقتراب الرحيل.. في تلك اللحظة، شعر أن قصته لم تعد فقط قصة لاعب، بل أصبحت مرآة تعكس السؤال الأزلي: كيف تكافئ المؤسسات من أفنوا أعمارهم في خدمتها؟
تخيل معلول للحظة كيف يمكن أن تبدو النهاية.. هل سيكون الخروج من الباب الخلفي؟ كأنما لم يكن يومًا العمود الفقري للجبهة اليسرى، أم سيكون وداعًا يليق بالرجل الذي وضع قلبه في كل تمريرة وكل هدف؟ ذكريات المجد مرت أمام عينيه كأنها شريط سينمائي، لكنه سرعان ما تساءل: هل يصبح الإنجاز عبئًا عندما يحين وقت الرحيل؟
الاستغناء بشرف ووداع يليق بالإنجازأرى بشكل عام أن إبقاء أي موظف ضمن منظومة العمل، وإن كان في أدوار تتناسب مع قدراته الجديدة، ليس فقط تكريمًا لإنجازاته، بل استثمارًا في خبراتهم.. فهؤلاء هم من أسسوا قواعد النجاح، وحين يبقون ضمن المؤسسة، يساهمون في استمرارية هذا النجاح وتعزيز الروح المؤسسية.
وحين يأتي الوقت الذي يصبح فيه الاستغناء ضرورة لا مفر منها، فإن الطريقة التي يتم بها هذا الاستغناء تعكس مستوى رقي المؤسسة ووعيها بقيمة موظفيها، فالأهم أن يشعر الموظف بأن سنواته لم تُهدر، وأن جهوده قد تركت أثرًا باقيًا في نفوس من عملوا معه وفي المؤسسة التي خدمها.
في النهاية، إن خيل الحكومة حين يكبر رغم الراوية الشهيرة أنه يُعدم.. لكن في رأيي لا يزال يحمل قيمة، ليس فقط لما قدمه في الماضي، بل لما يمكن أن يقدمه من حكمة وخبرة تُضيء الطريق أمام من يأتون بعده.. فلنمنحه ما يستحق من الاحترام، ليس فقط بالكلمات، بل بالأفعال التي تخلد أثره وتجعل رحلته داخل المؤسسة نموذجًا يُحتذى به.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مؤمن الجندی یکتب
إقرأ أيضاً:
مؤمن بهجت يُشارك بـ 5 لوحات تجسد التراث بمعرض منتدي دندرة الثقافي
شارك فنان ومصوُر الفوتغرافيا الشاب مؤمن بهجت، بخمس صور/ لوحات من أعماله، بالمعرض المُقام على هامش فعاليات منتدي دندرة الثقافي المنعقد اليوم السبت، بقرية دندرة غرب مدينة قنا.
وقال مؤمن بهجت، إن اللوحات/ الصور، تضم: فرن الهنادي حول صناعة الطوب الأحمر، وجرن القمح حول استخدام الأجران فى المنازل القروية لحفظ الحبوب وبينها القمح، ودفئ وذكاء حول علاقة النيل بالجغرافيا، كما ضمت مشاركات بهجت، صورتين لشخص غريب الأطوار أعتقد فيه الأهالي إنه مجذوب، حيث ترصد الصور التعبيرات الإنفعالية لبطل الصورة.
وأقام بهجت، عدة معارض سابقة بينها: معرض " قمره علي التراث " بفندق حتحور / قنا 2016، ومعرض " السياحه في الجنوب " جامعة جنوب الوادي / قنا 2016، ومعرض " إكتشف مصر " أكاديمية ناصر العسكرية العليا / القاهرة 2019، ومعرض " آبسعيد " بيت السناري / السيدة زينب / القاهرة 2022، ومعرض المغربية / كرم جميلة / قنا 2023، ومعرض ضوء "Botanic | Seyssins | France 2024 Ogygie Grenoble 2024 -.
وافتتح سمو الأمير هاشم الدندراوي رئيس مركز دندرة الثقافي، معرض الفن التشكيلي الذي يُقام على هامش منتدى دندرة الثقافي، الذي بدوره هو جزء أصيل من ثقافة الجنوب.
وذكر منظمو مُنتَدَى دَنْدَرَةَ الثقافي إنه يهدف إلى ترسيخ دعائم التراث الثقافي لجنوب مصر وإبراز طاقاته الإبداعية تحقيقا لتنمية ثقافية شاملة ومستدامة، وأن هذا المعرض الفني يقدم لوحات فنية مُبدعة تعكس مواهب وإبداعات مميزة، ويجمع المعرض بين جمال الفن وروح الثقافة، ليضيف لمسة فنية راقية إلى فعاليات المنتدى.
أهداف منتدي دندرة الثقافي:منتدي دندرة الثقافي، الذي يُنظمه مركز دندرة التنموي والثقافي، هو فعالية تُقام لمدة يوم واحد سنويًا لتناول النواحي الثقافية والفنون التراثية والحرف اليدوية فى جنوب مصر، ويُهدف المنتدي إلى إيجاد منصة تفاعلية لبعض الطاقات الإبداعية، والإسهام فى عمل تنمية ثقافية للإنسان، وإبراز الفنون التراثية والحرف اليدوية، وتشجيع الموهوبين من الشباب وتكريم المبدعين ثقافيًا.
وعُقد المنتدي اليوم السبت تحت عنوان: الوعي مدخل العقل لإدراك فهيم، وتناول المنتدي محورين نقاشيين فى هذا السياق بحضور نخبة من المختصصين والشخصيات العامة والدينية.
ونبه الأمير هاشم خلال كلمته بافتتاح المؤتمر، أن هناك مُحاولةٍ لطمس الهوية الإنسانية لحساب هوية رقمية مقتعلة الجذور، هائمة فى فضاء العدد لا التعدد، فضاء افتراضي يخضع لمشيئة الممسك بأسباب التطور التقني، ليختار لنا ما نستقبله من خلال الشبكة وتطبيقاتها، حتي يصوغ لنا رؤيتنا ويُشكل آراءنا تجاه قضايا قد تكون مهمة للذات والمجتمع، وهذا واقع مأزوم يحتاج إلى عقل يقظ محرر من أصفاد التغييب، عقل واع يدرك الواقع والحقائق والأشياء.
افتتاح الأمير هاشم للمعرض