لجريدة عمان:
2025-02-22@11:36:55 GMT

سياط العمل .. بين القبول والتنحي !

تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT

قالت لي قريبتي بأنّها تفكرُ بجدية فـي تقديم استقالتها، وعندما سألتها باهتمام عن السبب أجابت: «لم يعد ثمّة ما يُغذي شغفـي فـي بيئة ماصّة كتلك»، ولنا أن نتصور حياتنا المهنية الطويلة والمُستنزفة، وهي تغدو على حين غرة معول هدم وتدمير ذاتي لا يمكن احتماله !

تذكرتُ آنذاك كتابًا مهمًا بعنوان: «الرجل الذي ظن أنّ العمل حياته»، لناومي شراغاي، المُحللة النفسية المتخصصة فـي حل المشكلات المهنية، فقد طرحت سؤالًا مُهمًا حول بيئات العمل، إن كانت سامةً حقًا، ولا تجلب إلا المصابين بالنرجسية، أو أنّ المسألة مرتبطة بأوهامنا الفردية؟

فما الذي يدفعنا للسلوك الهدام فـي العمل؟ ما الذي يُغذي ضغائننا؟ ومن أي جرح تنبثقُ شرارة السخط؟ وفـي أي أرض تنمو نبتة التشاؤم، وكيف لمكان يستوجب البناء أن يُحولنا لشيء بالغ الدناءة أحيانًا !

من غير المُنصف حقًا أن تلقى الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي اهتمامًا بالغًا، بينما لم تُشغل التغيرات التي تصيبُ بيئات العمل العقل البحثي، على الرغم من أنَّ الكتاب يكشف أنّنا نقضي 50 عامًا من حياتنا فـي العمل المُحمل بالمخاوف والهموم الذهنية مقابل 18 عامًا مع العائلة ! وعلينا ألا ننسى أيضًا أنّنا نتحول الآن من فكرة «مهنة مدى الحياة» إلى ما يُطلقُ عليه «اقتصاد الوظائف المؤقتة»، أو ثقافة العمل غير الآمنة.

لاحظت الطبيبة شراغاي أنّ المرضى فـي السنوات الأخيرة يجلبون معهم هموم أعمالهم إلى العيادة. فقد باتت بيئات العمل مكانًا يُلقي بظلاله المتباينة على الروح الوثابة، عندما بدأت تفقد فرادة صوتها وخصائصها.

وقد يطرح الكثير منا هذا السؤال: «لماذا أعيش فـي نمط يجعلني تعيسًا؟»، فمن هذه النبرة المُتشنجة تتداعى تلك الرغبة المحمومة فـي انتزاع الذات من بيئات نصفها بالموبوءة، إلا أنّ ما يوقفنا دائمًا هو انجذابنا إلى المألوف والتقليدي، أكثر من رغبتنا فـي المغامرة والتغيير!

قد يبدو مكان العمل مكانًا عقلانيًا له أهداف مُحددة، مكان مجرد من المشاعر والأحاسيس، إلا أنّنا فـي حقيقة الأمر نذهبُ إليه «مُدججين بحمولاتنا العاطفـية». فهنالك من يستخدم الإنكار كآلية دفاع لدرء الشعور بالذنب، وهنالك من يجعل من نفسه موضع قوة بينما يئن فـي أعماقه السحيقة، فكلنا يأكله الخوف العارم من تلك اللحظة التي لا تعود المؤسسة فـي حاجة إلينا، كشيء تافه تذروه الرياح!

يذهبُ الناس إلى العمل مُحملين بعدتهم العاطفـية، وكأنّهم لا يفعلون أكثر من إعادة تجسيد صراعاتهم وانفعالاتهم العالقة فـي الماضي أو فـي حياتهم الخاصّة! ولذا يُعلمنا الكتاب ضرورة أن نعيش فـي مناطق رمادية دون انحياز لأبيض أو أسود، ضرورة استجلاء ردود أفعالنا الدفاعية، فبعض مشاعرنا مُضللة، فلو تمكنا من مواجهة مشاعرنا الجياشة بدلًا من تفاديها، سنكون أكثر استعدادًا لمواجهة حوادث العمل.

يُلقي الكتاب الضوء على بعض المسؤولين الذين يظنون بأنّ العمل هو انعكاس لذواتهم، ولذا يخشون تكليف الآخرين بالأعمال؛ لأنّ ذلك يعني بالنسبة لهم «مخاطرة»، والحقيقة أنّ ضعف الإيمان بكادرهم يُعميهم عن النظر إلى الصورة الكلية. يحدثُ ذلك لأنّهم يؤمنون بأنّ أسلوبهم الوحيد هو الصحيح، ولذا فهم يستعينون بنسخ أخرى مطابقة لهم، الأمر الذي يخلقُ مزاجًا قلقًا مُفعمًا بالاضطراب فـي بيئات العمل!

لا وجود «لعامل مثالي يعيشُ فـي شقة فارغة، يحمل حقيبة نوم، ويذهبُ إلى العمل بذهن صافٍ 24 ساعة فـي اليوم»، كما لا وجود لبيئات عمل مثالية للجميع، لكن ثمّة أفكار خلاقة تروم ذلك، عقولٌ تصرفُ الجهد فـي رتق الشقوق لا تعرية الثقوب، فلا يكفـي المسؤول أن يعتني بالتغذية الراجعة من الموظفـين، لا بد من حوارات صادقة، فالقيادي الجيد هو من يضع توقعات معقولة ويمنح الثقة، ويتدرج فـي منح الآخرين الاستقلالية والمسؤولية فـي آن. فمتى ما ترسخت الثقة يمكن للموظف الصغير أن ينمو أيضًا وأن يتحرر، فالقيادة تعني: إخراج أفضل ما فـي الآخرين من إمكانيات.

المشاعر الإيجابية المُبهجة مُعدية ومُلهمة، كما هو حال السخاء ومسامحة الأخطاء غير المُتعمدة. لكن هذا لا ينبغي أن يجعلنا نغفلُ سياط سلطة العمل التي تُمارس علينا، بينما نسعى بدأبٍ للحصول على قبول ما أو نسعى للتنحي جانبًا !

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بیئات العمل

إقرأ أيضاً:

عكس التقليد.. أين اختار البابا فرنسيس مكان قبره؟

تزايدت التكهنات حول مكان دفن البابا فرنسيس بعد التقارير التي أفادت بأن الفاتيكان بدأ في التدرب على أسوأ سيناريو في ظل تصاعد القلق بشأن صحته.

وعلى عكس أسلافه الذين دفنوا تحت بازيليك القديس بطرس، فقد أعد البابا البالغ من العمر 88 عاما مكانا لدفنه يتعارض مع التقاليد.

ووفقا لصحيفة "بليك" السويسرية، فقد تم فرض حظر تجوال على الحرس السويسري استعدادا لرحيل البابا. إلا أن الفاتيكان لم يؤكد بعد هذه التقارير، ولكن مصادر قريبة من البابا أفادت بأنه قال مؤخرا لعدد من المقربين "ربما لن أتمكن من الصمود هذه المرة" في ظل معركته مع الالتهاب الرئوي.

حالة البابا الصحية

أعلن الفاتيكان أن الحالة الصحية للبابا فرنسيس شهدت تحسنًا طفيفًا، وهو في حالة يقظة، مشيرًا إلى أنه نهض من فراشه لتناول الإفطار اليوم الخميس، وذلك في يومه السابع بالمستشفى، حيث يتلقى العلاج من التهاب رئوي.

ويخضع البابا، البالغ من العمر 88 عامًا، للعلاج في مستشفى جيميلي بروما منذ 14 فبراير، بعد أن عانى من صعوبات في التنفس لعدة أيام.

وقال المتحدث باسم الفاتيكان، ماتيو بروني، في تحديث موجز، إن البابا نام جيدًا، وتناول الإفطار وهو جالس على كرسي بذراعين.

وأضاف الفاتيكان في بيانه الطبي الأخير، الصادر مساء الأربعاء، أن حالة البابا مستقرة، وأن فحوص الدم الأخيرة أظهرت "تحسنًا طفيفًا".

ويعاني البابا من التهاب رئوي مزدوج، وهو عدوى خطيرة يمكن أن تسبب التهابًا وندوبًا في الرئتين، مما يجعل التنفس أكثر صعوبة.

البابا يختار مستقره الأخير

وحسب صحيفة "إنترناشيونال بيزنس تايمز" فإنه وعلى عكس معظم البابوات الذين دفنوا تحت بازيليك القديس بطرس، أفيد بأن البابا فرنسيس قد اتخذ ترتيبات لدفنه في كنيسة سانتا ماريا ماجيوري في حي إسكويلينو في روما.

وتعتبر هذه الكنيسة واحدة من البازيليك البابوية الأربعة الكبرى، وقد كانت تاريخيا مكانا لدفن 7 بابوات فقط، آخرهم البابا كليمنت التاسع في عام 1669.

ويعد قرار البابا فرنسيس بمثابة ابتعاد كبير عن التقليد، خاصة في ضوء دفن البابا بنديكت السادس عشر في مقابر الفاتيكان في يناير 2023. 

وعلى الرغم من أن دفن البابا فرنسيس في سانتا ماريا ماجيوري يمثل كسرا للتقاليد العريقة، إلا أنه ليس مفاجئا تماما. فقد أظهر البابا ارتباطا عميقا بالكنيسة، حيث زارها كثيرا للصلاة قبل وبعد الرحلات الدولية. وقد قام بأكثر من 100 زيارة للموقع، حيث يصلي هناك.

تحضيرات الجنازة

وعلى الرغم من أن الفاتيكان لم يؤكد التحضيرات لجنازة بابوية، إلا أن مصادر تشير إلى أن الخطط قد بدأت بالفعل.

ووفقا لموقع "بوليتيكو"، كشف شخصان مقربان من البابا أنه كان يعمل بنشاط على "ترتيب الأمور" لضمان استمرارية العمل في غيابه. 

ورغم التكهنات بشأن صحته المتدهورة، من المتوقع أن يرقد البابا في بازيليك القديس بطرس قبل جنازته، وفقا لتقاليد الفاتيكان. ومع ذلك، سيكون هناك تغيير كبير في غياب القطارفالك، وهو المنصة المرتفعة التقليدية التي كان يتم عرض البابوات المتوفين عليها سابقا، وبدلا من ذلك، سيظل تابوت البابا فرنسيس مفتوحا حتى الليلة التي تسبق جنازته.

مقالات مشابهة

  • إعلامي: اليمن ستظل عالقة في الصراعات بينما ينعم العالم بالسلام!
  • ازدياد طلبات الدراسة في تركيا للسعوديين
  • مكان يتعارض مع التقاليد... أين سيدفن البابا فرنسيس؟
  • عكس التقليد.. أين اختار البابا فرنسيس مكان قبره؟
  • جامعة الإمام تعلن نتائج القبول في برامج التجسير للفصل الدراسي الثالث
  • لماذا يتذكر البعض أحلامهم بوضوح بينما ينساها آخرون؟
  • التعليم العالي تحدد مواعيد التقديم والاختبار للدراسات العليا 2025-2026
  • شرطة الدمام تباشر واقعة مشاجرة بين 4 فتيات في مكان عام
  • عاجل - شرطة الدمام تباشر واقعة مشاجرة بين 4 فتيات في مكان عام
  • مكسيم خليل يحتفل بزفاف شقيقته في دمشق بينما يواصل تصوير تحت الأرض