الإبداع يتجلى في تفاصيل الحياة| بين الطقوس والفنون.. جوانب أخرى من الإرث الثقافي السوري
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق الأزياء التقليدية.. تراث عريق يعكس التنوع الثقافىالدبكة.. رقصة تعكس روح الشعب السوري الفخور بهويتهالحمامات الشعبية.. عبق التاريخ وأصالة العناية بالجسدالأمثال السورية.. جواهر من الحكمة الشعبيةالفخار والسجاد.. إبداع يدوى عبر الأجيال
في الذاكرة الجماعية، غالباً ما يُختزل الإرث الثقافي السوري في فنون الغناء والموسيقى والتمثيل، التي أبهرت العالم العربي لعقود.
من الأزياء التقليدية التي تحكي حكايات الأجيال بألوانها وتطريزها، إلى الدبكة التي تهز الأرض بحيويتها وترمز إلى روح الجماعة.. ومن الفنون الحرفية التي تتوارثها الأيدي الماهرة بعناية، إلى الأمثال الشعبية التي تلخص حكمة الزمان، وطقوس الأعراس التي تحتفي بالفرح بأسلوب لا مثيل له، وصولاً إلى الحمامات الشعبية التي تُعبر عن فلسفة العناية بالنفس والجسد.
في هذا التقرير، نبحر في تفاصيل الإرث السوري الأصيل، حيث يمتزج الجمال بالإبداع ليمنح الحياة اليومية بُعداً فنياً وعمقاً ثقافياً يستحق التأمل والتقدير.
الزي السوري التقليديتُعد الأزياء التقليدية في سوريا جزءاً لا يتجزأ من التراث الثقافي الذي يعكس التنوع الغني للبيئات السورية المختلفة، من الحضر إلى الريف والبادية.. كل منطقة سورية تحمل طابعاً خاصاً يظهر في تصاميم الملابس وألوانها وزخارفها، مما يعكس عادات المجتمع المحلي والمعتقدات الشعبية.
الأزياء النسائية:في دمشق، تتميز الأزياء النسائية مثل البخنق والخمار والملاءة السوداء التي تغطي الجسم بالكامل، مع التركيز على استخدام الحلي مثل العرجة والكردان، وهي سلاسل ذهبية أو فضية تتزين بها النساء.
وفي المناطق الريفية، تعتمد النساء على الملابس المطرزة بخيوط الكنفا، والتي تعكس روعة تصاميم مستوحاة من حضارات قديمة مثل تدمر وأوغاريت.
الأزياء الرجالية:أما الأزياء الرجالية التقليدية فتشمل القنباز، وهو لباس فضفاض طويل مع حزام جلدي، والعباءة المصنوعة من الصوف أو الحرير، والتي تُستخدم بشكل واسع في مناطق حماة وحمص، ويتنوع تصميم القنباز بين المناطق السورية؛ ففي حلب يُعرف باسم «الركوب»، بينما يختلف قليلاً في حمص ودمشق.
وتعكس الأزياء السورية أصالة تعود إلى آلاف السنين، حيث استلهمت تصاميمها من الحضارات القديمة مع الحفاظ على عناصرها الأصلية.
اليوم، على الرغم من اندثار بعض الأزياء التقليدية، فإنها لا تزال تُرتدى في المناسبات الثقافية والاحتفالات كرمز للهوية والتراث.
ورغم تراجع استخدام الملابس التقليدية في الحياة اليومية، فإن هناك جهوداً حثيثة للحفاظ على هذا التراث عبر المهرجانات والمعارض الثقافية، كما أصبحت التصاميم المطرزة مصدر إلهام للمصممين السوريين المعاصرين، الذين يمزجون بين الأصالة والحداثة لخلق أزياء عصرية.
طقوس الأعراس السوريةتعكس طقوس الأعراس في سوريا غنى التراث الشعبي وتنوعه، حيث تختلف الطقوس من منطقة إلى أخرى، مع الحفاظ على عناصر تراثية تجمع بين الأصالة وروح المجتمع.
ومن أبرز الطقوس والتقاليد:
الحناء:في الجنوب السوري، مثل محافظة السويداء، تُقام ليلة الحناء التي تجمع النساء للغناء وإعداد العروس بالزينة التقليدية مثل "الطربوش" والزي الجبلي، ما يضفي طابعاً تراثياً مميزاً.
أما في الرقة، الحناء تُقام كاحتفالية يشترك فيها الأقارب والجيران، مع تقديم الأهازيج التراثية مثل: «يا عروس لا تبجين.. هذه كتبة الله علينا».
النقوط والتعليلة:النقوط هو عرف متوارث يتمثل في تقديم الهدايا العينية أو المالية للعروسين، كنوع من التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع. أما «التعليلة»، فهي أمسيات احتفالية يتشارك فيها الأهل والأصدقاء بالغناء والرقص.
وليمة الزفاف:في العديد من المناطق، يُعد «المليحي» «وجبة من البرغل واللحم» أو الثريد كجزء من وليمة الزفاف التي تبرز كرم العائلة وتماسكها الاجتماعي.
حمام العريس:من الطقوس التي تُقام في الريف الدمشقي، حيث يُنقل العريس إلى حمام شعبي أو منزل أحد الأصدقاء، مصحوباً بالمزاح والاحتفالات الخاصة التي تضيف أجواءً مميزة.
الأهازيج والرقصات:تُعتبر الدبكة الشعبية والأغاني التراثية جزءاً أساسياً من الأعراس، إذ تُقام حلقات الدبكة بمشاركة الجميع، وتكون مصحوبة بموسيقى المجوز أو فرق الإنشاد حسب المنطقة.
ورغم الأزمات الاقتصادية في السنوات الأخيرة، يتمسك السوريون بعاداتهم، مع إدخال بعض التعديلات لتخفيف التكاليف.. على سبيل المثال، يتم استعارة بعض تجهيزات العروس مثل الطربوش أو التشارك في تحضير الولائم.
هذه الطقوس تحمل في طياتها قيم التكافل والفرح الجماعي، مما يجعلها أكثر من مجرد مراسم زفاف، بل مناسبة لتعزيز الروابط الاجتماعية والحفاظ على التراث.
الدبكة السورية.. جوهرة الفلكلور الشعبيتُعد الدبكة السورية واحدة من أبرز رموز التراث الشعبي في بلاد الشام، وتمثل انعكاساً للحياة الاجتماعية والترابط المجتمعي في سوريا.
تجمع هذه الرقصة بين البساطة والحيوية، وتعتمد على تناغم خطوات الأقدام مع الموسيقى الشعبية التي تُعزف باستخدام آلات تقليدية مثل الشبابة والمزمار والطبلة.
ويؤدي المشاركون الرقصة جماعياً، غالباً في شكل دائرة أو صف، ويرافقها غناء فولكلوري مثل العتابا والدلعونا والمعنى، مما يضيف لها بُعداً شعرياً وحماسياً.
وتتعدد أنواع الدبكة في سوريا وفقاً للمناطق، حيث يُضفي كل منها طابعاً خاصاً يعكس بيئة وأصالة المنطقة، على سبيل المثال:
دبكة الهولية: تتميز بخطوات منتظمة وتؤدى في جبل العرب.دبكة البرزية: شائعة في حماة، وتؤدى وفق جمل خماسية.دبكة اللوحة: تُميز اللاذقية بجمل سباعية.دبكة «هالأسمر اللون»: من الدبكات السريعة المنتشرة في حلب.وتتجاوز الدبكة كونها مجرد رقصة شعبية، فهي وسيلة للتعبير عن الفرح والفخر بالهوية الثقافية.. وتُمارس الدبكة في الأعراس والمهرجانات والمواسم الزراعية، وتُعد مساحة للتواصل الاجتماعي والفني.
كما تُعتبر تمريناً بدنياً وتحدياً للمهارات الحركية، حيث يؤدي «قائد الدبكة» دوراً محورياً في توجيه الخطوات وإظهار الحركات الإبداعية.
ويلعب الغناء المصاحب للدبكة دوراً جوهرياً في تعزيز الحماس، حيث يُلقي الشعراء أبياتاً تحمل مضامين تراثية أو عاطفية أو حماسية.
كما تُضفي الآلات الموسيقية التقليدية طابعاً فريداً على الأجواء، حيث تتنوع الألحان والإيقاعات وفقاً لنوع الدبكة.
رغم ما تواجهه الدبكة من تحديات تهدد استمراريتها، تظل جزءاً أصيلاً من الهوية الثقافية السورية، وتُقام العديد من الجهود للحفاظ عليها وتعليمها للأجيال الجديدة عبر الفعاليات والمهرجانات الشعبية.
الحمامات الشعبية في سوريا.. تراث أصيلتُعتبر الحمامات الشعبية في سوريا أحد أبرز ملامح التراث الثقافي والمعماري، إذ تعود جذورها إلى عصور قديمة تمتد حتى الحضارة الرومانية.
على مر الزمن، أصبحت هذه الحمامات جزءاً من الحياة اليومية للسوريين، حيث لم تكن مجرد أماكن للاستحمام، بل مراكز اجتماعية وثقافية تعكس تفاعل المجتمع السوري عبر العصور.
ويعود تأسيس الحمامات في سوريا إلى الحقبة الرومانية، حيث كانت وسيلة أساسية للحفاظ على النظافة العامة، وتطورت هذه الحمامات في العصر الأموي والعباسي، وبلغت ذروتها في العصر المملوكي والعثماني.
وتعتبر حمامات دمشق مثل «النوفرة» و«الورد» من أقدم الحمامات في العالم، بينما في حلب اشتهرت حمامات مثل «حمام الباشا» و«حمام التيروزي» بأصالتها المعمارية.
وتتميز الحمامات السورية بتصميمها الفريد المكون من ثلاثة أقسام رئيسية:
البراني: القسم الخارجي المخصص للاستقبال والاسترخاء، ويُزين عادة بأرائك وسجاد شرقي.الوسطاني: منطقة انتقالية ذات حرارة معتدلة تُستخدم لتجهيز المستحم قبل الدخول إلى القسم الأخير.الجواني: القسم الداخلي المخصص للاستحمام الفعلي، ويحتوي على غرف بخار وأحواض ماء ساخنة وباردة.. تتزين القبب بنقوش هندسية، بينما تُضاء من خلال نوافذ زجاجية صغيرة تُسمى «العين».وفي الماضي، كانت الحمامات ملتقى اجتماعياً مهماً، حيث يجتمع الرجال والنساء «في أوقات منفصلة» لتبادل الأخبار والاحتفال بالمناسبات.
وارتبطت الحمامات بطقوس الزفاف، حيث كان يُقام «حمّام العريس» كجزء من استعدادات الزواج.. أما خلال المناسبات الدينية، كانت الحمامات تُعتبر وسيلة للتطهر، مما أكسبها مكانة روحانية لدى السوريين.
ومع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، تراجع دور الحمامات التقليدية في الحياة اليومية، إلا أن بعض هذه الحمامات لا تزال قيد الاستخدام، خاصة في المناطق التاريخية، حيث أصبحت وجهة سياحية وتراثية.
تعرضت العديد من الحمامات في سوريا للضرر خلال الحرب، خاصة في حلب، حيث دُمر أكثر من نصف الحمامات التقليدية.. ومع ذلك، جرت جهود لإعادة ترميم بعضها مثل «حمام السراج» و«حمام البكري».
وتمثل الحمامات الشعبية جزءاً من ذاكرة السوريين الجماعية وتراثهم الثقافي، وهي شاهدة على عصور ازدهار حضارتهم.. حتى في ظل التحديات الحالية، يظل الحمام السوري رمزاً حياً يجمع بين الجمال المعماري والروح الاجتماعية.
الفنون الحرفية.. صناعة الفخار والسجادالفنون الحرفية في سوريا تمثل جزءاً أساسياً من التراث الثقافي للمجتمع السوري، حيث تجمع بين المهارة اليدوية والإبداع الفني العميق.
ومن أبرز الحرف السورية التي استمرت عبر العصور الفخار وصناعة السجاد، اللتان تعتبران من العناصر الثقافية المميزة التي ترتبط بها هوية الشعب السوري.
الفخار السوري:تعد صناعة الفخار في سوريا من أقدم الحرف اليدوية التي تمتد جذورها إلى العصور القديمة، حيث أظهرت الاكتشافات الأثرية أن الفخار كان جزءاً من الحياة اليومية منذ الألفية الخامسة قبل الميلاد.
وقد تم تطوير تقنيات الفخار في مختلف العصور، فالفخار الدمشقي، الذي يُعرف بخزف القيشاني، أصبح معروفاً عالمياً بجمال زخرفته ورونقه.
وفي العصر المملوكي والفاطمي، أصبح هذا النوع من الفخار شهيرًا بسبب نقوشه الرائعة وملمسه المميز.
رغم هذا التاريخ الطويل، فإن صناعة الفخار في سوريا اليوم تواجه تحديات كبيرة، حيث تعاني من الإهمال والاندثار، ولكن لا يزال بعض الحرفيين يمارسون هذه الحرفة التقليدية باستخدام تقنيات حديثة، مثل استبدال الأفران التقليدية بأفران كهربائية، لإنتاج منتجات فخارية معاصرة تلبي احتياجات السوق.
السجاد السوري:يُعتبر السجاد السوري من أرقى الفنون الحرفية التي تمثل مزيجاً من التصميم التقليدي والابتكار الفني، حيث يتميز هذا السجاد بنقوشه الغنية التي تجمع بين الرموز الثقافية والتاريخية.
ويشتهر السجاد الدمشقي بشكل خاص بتصاميمه الدقيقة وألوانه الزاهية.. هذا النوع من السجاد كان يُعتبر رمزاً للترف والعراقة في البيوت السورية التقليدية، ولا يزال يُنتج حتى اليوم من قبل الحرفيين الذين يحافظون على هذه الحرفة العريقة.
تشير التقارير إلى أن هذه الفنون تواجه تحديات كبيرة بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية، حيث يعاني العديد من الحرفيين من قلة الدعم والموارد اللازمة لاستمرار هذه الحرف التقليدية.
ومع ذلك، يستمر الحرفيون في سوريا في السعي للحفاظ على هذه الفنون، مما يعكس التزامهم العميق بتراثهم الثقافي.
الخط العربي والزخارف الإسلامية السوريةالخط العربي والزخارف الإسلامية يشكلان جزءاً أساسياً من التراث الثقافي والفني السوري، وقد حظيا بتاريخ طويل من التطور والابتكار.
في سوريا، يعتبر الخط العربي من أرقى الفنون، حيث يعود تاريخه إلى العصر الأموي الذي شهد تقدماً ملحوظاً في هذا المجال.
في ذلك الوقت، بدأ الخطاطون السوريون بإبداع أنواع جديدة من الخطوط التي تتميز بالدقة والمرونة، مثل الخط النسخي، الذي استخدم في كتابة المخطوطات الدينية والعلمية، والخط الثلث، الذي يميز الجمال والتناسق في العناوين والزخارف.
أما الزخارف الإسلامية، فقد تطورت بشكل كبير في سوريا، حيث أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التصاميم المعمارية والفنية.
وقد اشتُهر الفن السوري في استخدام الزخرفة الأرابيسك «المعروفة أيضاً بالأرابيسك»، التي تمتاز بتكرار الأشكال الهندسية والنباتية بطريقة مبدعة.. كان هذا النمط الفني يعبر عن مفاهيم دينية مثل الإيمان والنور، وأصبح من أبرز مظاهر الفن الإسلامي الذي يُظهر توازناً دقيقاً بين الشكل والمضمون.
اليوم، تستمر سوريا في الحفاظ على هذا التراث من خلال مؤسسات ثقافية مثل "متحف الخط العربي" في دمشق، الذي يعرض مجموعة من الأعمال الخطية المتميزة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على أشهر الخطاطين السوريين الذين ساهموا في نهضة فن الخط العربي.
وهذه الفنون لا تمثل فقط جانباً جمالياً، بل هي جزء من الهوية الثقافية السورية التي تربط الماضي بالحاضر وتؤكد على قدرة السوريين على الابتكار في المجالات الفنية والحرفية.
المطبخ السوري.. تاريخ عريق وأطباق متنوعةتتمتع المأكولات السورية بتاريخ طويل وعريق يعكس تنوع البلاد الثقافي والاجتماعي، حيث يتسم المطبخ السوري بتنوع أطباقه التي تتفاوت من منطقة لأخرى، حيث يمتزج فيها تأثيرات متعددة من المطبخ العربي والفارسي والتركي.
ويعتمد المطبخ السوري بشكل رئيسي على مكونات بسيطة لكنها غنية بالنكهات مثل الزيتون، الحبوب، اللحوم، والخضراوات، فضلاً عن استخدام البهارات بشكل مميز.
ومن أبرز الأطباق السورية التقليدية التي تشتهر بها البلاد هي الكبة، التي تأتي بأشكال متنوعة مثل كبة بالصينية وكبة المقلية.. والكبة تتكون عادة من البرغل المطحون واللحم المفروم مع البصل والتوابل، وتعتبر من الأطعمة المفضلة في المناسبات والاحتفالات.
أيضاً، يعتبر اليرق «ورق العنب المحشي» من الأطباق المميزة، وهو يحتوي على لحم الضأن والأرز والتوابل ويُطبخ في عصير الليمون والثوم مما يعطيه طعماً فريداً.
ومن الأطباق الأخرى الشهيرة الفول المدمس والفتوش، وهما من الأطعمة اليومية التي يعكسان التقاليد الغذائية للمجتمع السوري، بالإضافة إلى المجدرة التي تجمع بين الأرز والعدس.
ويعتبر المطبخ السوري أيضاً غنياً بمشروباته التقليدية مثل الشاي العربي والعرق، التي تضيف بعداً ثقافياً للمجتمع السوري من خلال احتساء المشروبات في الجلسات الاجتماعية.
يمثل الطعام السوري جزءاً كبيراً من الهوية الثقافية، ويعكس عمق التراث الشعبي السوري الذي يعزز التواصل الاجتماعي والضيافة في المجتمع.
الأمثال الشعبية السورية.. حكمة تعكس واقع المجتمعتحمل الأمثال الشعبية السورية في طياتها حكمة وفطنة تعكس تجارب الأجيال السابقة.. وتستخدم هذه الأمثال في الحياة اليومية للتعبير عن المواقف الاجتماعية والسياسية، وغالباً ما تتسم بالرشاقة اللفظية والقدرة على توصيل الأفكار المعقدة بطريقة بسيطة وفعالة.
وتتنوع الأمثال الشعبية السورية من حيث المعاني والتوجهات، فبعضها يشير إلى الحكمة في التعامل مع الأمور اليومية، وبعضها يعكس واقع التفاوت الاجتماعي.. كما أن هناك أمثالاً تحمل في طياتها لمحات فكاهية وساخرة مثل «إذا إجا آب الصيف عاب»، الذي يستخدم للسخرية من التغيرات التي قد تكون سلبية في بعض الأحيان.
وتعد الأمثال في بعض الأحيان انعكاساً للمواقف السياسية والاجتماعية؛ حيث يتعامل الناس مع القضايا اليومية بعين نقدية لاذعة أو حتى ساخرة.
ومن أبرز خصائص الأمثال الشعبية السورية أن بعضها يعتمد على السجع والتناغم الموسيقي، مما يسهل حفظها وتداولها، مما يعزز من قدرتها على البقاء حية في الأذهان.
كما تسلط الأمثال الضوء على القيم الثقافية والاجتماعية مثل الصدق، والمكر، والجود، والتعاون، بل وتستعرض النواحي الإنسانية بمختلف صورها، سواء كانت إيجابية أم سلبية، ما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية السورية.
في الختام، تبقى الأمثال الشعبية السورية جزءاً من الهوية الثقافية التي تحمل في طياتها فكر الأجداد وتراثهم، وتُستخدم حتى اليوم لتعزيز التواصل الاجتماعي وإثراء الحياة اليومية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: تفاصيل الحياة الأزياء التقليدية الدبكة الحمامات الشعبية من الهویة الثقافیة الأزیاء التقلیدیة الحمامات الشعبیة التراث الثقافی الحیاة الیومیة المطبخ السوری الحمامات فی الخط العربی العدید من فی طیاتها فی سوریا تجمع بین ومن أبرز من أبرز فی حلب ت عتبر الذی ی التی ت
إقرأ أيضاً:
زيارات الزعماء تُنعش السياحة.. تجول ماكرون في خان الخليلي يبرز الإرث الحضاري المصري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت أزقة خان الخليلي التاريخية حدثًا استثنائيًا، حيث تجول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برفقة السيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في جولة حملت أبعادًا سياسية وثقافية عميقة، وألقت الضوء على الإرث الحضاري المصري.. هذه الزيارة، التي جاءت ضمن زيارة رسمية لماكرون إلى مصر استمرت يومين، لم تكن مجرد لقاء بروتوكولي، بل تحولت إلى حملة ترويجية قوية للسياحة المصرية، وسط توقعات بأن تُحدث انتعاشًا ملحوظًا في هذا القطاع الحيوي.
وصل الرئيس ماكرون إلى القاهرة يوم الأحد، 6 أبريل، حيث استقبلته العاصمة بحفاوة كبيرة.. وفي لفتة رمزية، رافقت طائرات الرافال المصرية طائرته أثناء هبوطها، وهو ما أشاد به ماكرون عبر منصة "إكس"، واصفًا إياه بـ"رمز قوي للتعاون الاستراتيجي بين فرنسا ومصر".
وفي اليوم التالي، اصطحب السيد الرئيس السيسي ضيفه الفرنسي في جولة مميزة شملت خان الخليلي وحي الحسين، وهما من أقدم وأعرق المناطق التاريخية في القاهرة.. خلال الجولة، تفاعل الرئيسان مع الباعة والحرفيين المحليين، والتقطا الصور التذكارية وسط هتافات الجماهير المتحمسة، كما زارا المتحف المصري الكبير، المقرر افتتاحه رسميًا في يوليو المقبل، واختتما اليوم بتناول العشاء في مطعم نجيب محفوظ، وهو مكان يحمل رمزية ثقافية كبيرة بسبب ارتباطه بالأديب المصري الحائز على جائزة نوبل.
وحظيت الزيارة بتغطية إعلامية عالمية واسعة، مما يُتوقع أن يُترجم إلى زيادة ملحوظة في أعداد السياح الوافدين إلى مصر، خاصة من فرنسا ودول أوروبا الأخرى.. ويؤكد خبراء السياحة أن تجول رئيس دولة كبرى مثل فرنسا في منطقة شعبية مثل خان الخليلي يُرسل رسالة واضحة للعالم بأن مصر وجهة آمنة ومستقرة، مما يعزز صورتها كمقصد سياحي غني بالمعالم الثقافية والتاريخية، كما أن التغطية الإعلامية المكثفة، إلى جانب انتشار الصور ومقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ستُحفز فضول السياح الأجانب لاستكشاف هذه المناطق التاريخية.
ومن المتوقع أن تُشجع هذه الزيارة الجهات المعنية على تطوير البنية التحتية والخدمات في المناطق السياحية، استعدادًا لاستقبال أعداد أكبر من الزوار، كما يمكن أن تُلهم هذه الزيارة الشركات والجهات المسئولة لتصميم "حزم سياحية" جديدة تجمع بين الجولات التاريخية والتجارب الثقافية التفاعلية، مثل تعليم الزوار صناعة الفخار أو النسيج اليدوي أو الطهي الشعبي المصري، مما يُتيح للسائح تجربة الثقافة المصرية بشكل أعمق.
وتمتد دلالات الزيارة إلى الجانب الاقتصادي، حيث تُعد بمثابة رسالة طمأنة للمستثمرين الدوليين، تُظهر التزام الحكومة المصرية بتنمية القطاع السياحي، ومن المتوقع أن تُحفز هذه الزيارة شركات فرنسية كبرى في مجال السياحة والفندقة على استكشاف فرص التوسع في السوق المصري، خاصة مع توجه الدولة نحو تطوير أنماط سياحية جديدة مثل السياحة البيئية، وسياحة المغامرة، وسياحة المؤتمرات.
وتُعد فرنسا واحدة من أهم الأسواق السياحية المصدرة للسياح إلى مصر، بفضل الروابط التاريخية والثقافية العميقة بين البلدين، مما يجعل هذه الزيارة فرصة ذهبية لتعزيز التعاون السياحي بينهما.
وليست هذه المرة الأولى التي يزور فيها زعيم دولة معالم سياحية في مصر، فقد شهد التاريخ القريب زيارات مماثلة تركت أثرًا إيجابيًا على السياحة المصرية.. فعلى سبيل المثال، زار الرئيس الأمريكي باراك أوباما في يونيو 2009 جامع السلطان حسن والأزهر الشريف، مما سلط الضوء على التراث الإسلامي في مصر وأسهم في تعزيز السياحة الثقافية والدينية. وفي عام 2006، زار الأمير تشارلز، ولي العهد البريطاني آنذاك، واحة سيوة، مما زاد الاهتمام السياحي بهذه المنطقة الفريدة وجذب المزيد من السياح البريطانيين، كما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهرامات الجيزة في عام 2005، مما عزز العلاقات السياحية بين مصر وروسيا وزاد من أعداد السياح الروس الوافدين.
ومن الأمثلة الأخرى، زيارة ميلانيا ترامب للأهرامات في أكتوبر 2019، التي أبرزت جهود مصر في الحفاظ على تراثها، وزيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في 2017، حيث أُقيم حفل فني في منطقة الأهرامات، مما عزز الاهتمام السياحي الألماني بمصر.
وتأتي هذه الزيارة في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة المصرية لتعزيز قطاع السياحة، الذي يُعد أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الوطني. ولا تقتصر أهمية الزيارة على بعدها السياسي أو البروتوكولي، بل تمتد لتُحدث تأثيرًا مباشرًا على النشاط السياحي، من خلال تنشيط السياحة الثقافية والدينية، وتحسين الصورة الذهنية لمصر عالميًا، وتشجيع الاستثمارات السياحية. كما تُعيد تسليط الضوء محليًا على أهمية الأماكن التراثية لدى المصريين أنفسهم، مما قد يُسهم في زيادة إقبال المواطنين على هذه المناطق، خاصة خلال المناسبات والعطلات، وهو ما يدعم اقتصاديات السياحة المحلية الصغيرة مثل البازارات والمقاهي التقليدية والحرفيين.
وتُعد هذه الزيارة فرصة مثالية لتعزيز جهود الترويج الدولي لمصر، خاصة إذا تم استثمارها بشكل احترافي من خلال الحملات الدعائية والمنصات الرقمية. وقد بدأت وزارة السياحة بالفعل في تنفيذ حملات ترويجية مكثفة، ومن المتوقع أن تُعزز هذه الزيارة هذه الجهود، مما يُسهم في تسويق مصر كوجهة سياحية بطريقة غير مباشرة ولكن فعالة للغاية.
زيارة الرئيس ماكرون والرئيس السيسي لخان الخليلي لم تكن مجرد حدث عابر، بل كانت بمثابة دفعة قوية للسياحة المصرية، وأكدت مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية.. ومع استمرار مثل هذه الزيارات، وتكثيف الجهود لتطوير البنية التحتية والخدمات السياحية، تتجه السياحة المصرية نحو طفرة جديدة تُعيد لها مكانتها كإحدى أبرز الوجهات السياحية في العالم.