موقع النيلين:
2025-02-22@10:05:14 GMT

ماذا حدث لثورتنا: أسأل عن الطبقة في قيادتها

تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT

(العنوان عائد لعنوان مسرحية للكاتب الألماني بيتر فايس عن الثورة الفرنسية انتجها المسرح الجامعي بجامعة الخرطوم في نحو ١٩٦٨ من إخراج عثمان جعفر النصيري. وعنوان المسرحية الأصل “جين-بول مارا” الثوري الفرنسي الجذري. وتصرف النصيري في الاسم)
ما الذي حدث لثورتنا حتى صار علينا ما رآه الكاتب الروسي مكسيم جوركي مرة عاد فيها إلى وطنه من المنفى.

قال وجدت كل أحد مسحوقاً لدرجة ومجرداً من بركة الرب. وقال، “والحل الذي لا غيره هو الثقافة”.

أعتقد أننا أحسنا فهم ثورة ديسمبر من وجوه الشباب والنوع (الكنداكات) فيها، بل والعرق (الحركات المسلحة). ما لم يعرض لنا في فهمها هو أصلها الطبقي وفي قيادتها خاصة. فاهتم الحزب الشيوعي الماركسي، الذي كان التحليل الطبقي ما ميزه عن غيره، بطبقية خصم الثورة لا طبقية الثورة نفسها. ورمى خصومها بأنهم “رأسمالية طفيلية” رمياً بليهاً حتى كاد الوصف يصير نكتة.

واضح أننا في مأزق حيال أداء القيادة في الثورة. لا أحد يغالط في هذا. ولم تكف محاولات التدارك من مصفوفات ومبادرات وصيحات “يا حمدوك يا حمدوك”. وصار الحل الأمثل لحين هو المطالبة بفصل فرد في القيادة بآخر عشماً في انصلاح الحال. ولا انصلاح. ثم تواتر انسحاب جماعة أو أخرى فيما يشبه “حردان السوق” بزعم أنها الفئة الناجية.

لم أكف عن تسمية الثورة وقادتها بثورة البرجوازية الصغيرة المدينية المتعلمة الرامية ل”صناعة التاريخ والقيم الجديدة والسير” ضد القوى التقليدية المحافظة. وهي القوى التي أطلق عليها خواجة ملعون طبقة “الأعيانتاريا” من “أعيان”. وتحدثت من قريب عن نسب ثورات هذه الطبقة لغاية “تركيب الحياة القادمة” من لدن ثورة اللواء الأبيض، إلى مؤتمر الخريجين، إلى ثورة أكتوبر ١٩٦٤، إلى ثورة أبريل ١٩٨٥، إلى ثورة يومنا. وظلت هذه الجماعة تسوق نفسها بين الناس بأسماء مختلفة مثل “الطبقة المتعلمة” أو “الخريجون” أو “المثقفون” أو “الصفوة”، أو “النخبة”.
وجاءتهم صفة البرجوازية الصغيرة من أدب الحزب الشيوعي. فلما كان هذا الحزب رمى هلبه السياسي في الطبقة العاملة كجماعة مدينية وجد أن عليه أن يُعِرف الطبقات الأخرى التي تشترك مع العمال في مشروع التغيير الاجتماعي والسياسي الذي أطلق عليه المجتمع الوطني الديمقراطي. ووجد الحزب أن فئة البرجوازية الصغيرة هي الحليف المؤكد الذي ينبغي أن يحرص لا على تأليفه وحسب، بل على التحوط من تأثيراته، وهو الأغزر عدداً في الحزب والمجتمع ومنه، حتى لا تغلب في الحزب وتمسخ استقلال العمال بمشروعهم فحسب، بل وقيادة ذلك المشروع. ومن قرأ “إصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير”، من أعمال دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في ١٩٦٣، عرف دبارة الحزب في لجم هذه الطبقة في داخله (عرضت له منذ شهور على صفحتي بالفيس بوك وهذه الصحيفة وتجده على اليوتيوب).
أعرض هنا لتجربتنا في الحزب الشيوعي مع البرجوازية الصغيرة. وهي تجربة انتهينا منها إلى عبارة دارجة بيننا وهي أنها طبقة “مذبذبة” سرعان ما تنوء تحت حمل ثورتها نفسها. وبعبارة: إنها لا تحسن ثورتها. وجاءت أكمل نظراتنا لها في هذه المضمار في “الماركسية وقضايا الثورة السودانية”، تقرير المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي ١٩٦٧. فنسب الحزب قيادة ثورة أكتوبر للبرجوازية الصغيرة خلافاَ للسائد من أن الحزب هو قيادتها صدقاً، أم توهماً، أم سرقة. فعرض التقرير لعوامل موضوعية لن تشغلنا هنا حالت دون أن يتهيأ الحزب من قيادة الثورة على رأس الطبقة العاملة. فملأت فراغ القيادة نخبة البرجوازية الصغيرة. فقال:

“كانت قوى مثقفي البرجوازية الصغيرة المنتظمين في جهاز الدولة أكثر قدرة على الحركة المباشرة . . . فشكلت جبهة الهيئات. صحيح أن الحزب لعب دوراً بارزاً وسط القوى المضربة (في الإضراب السياسي العام الذي أسقط نظام الفريق إبراهيم عبود). وبذل أعضاؤه التضحيات الجسام استشهاداً ومثابرة وتضحية. ولكن بروز جبهة الهيئات كان في قاعه يعبر عن تطلع الأقسام التي تقدمت الإضراب (مثقفي البرجوازية الصغيرة) لإيجاد قيادة تعبر عن مطامحهم. كان يعبر عن حقيقة أن هذه الأقسام لم تكن ترى موضوعياً في تنظيمات الطبقة العاملة معبراً عن أمانيها” (١٢٨-١٢٩).
ونواصل لنرى كيف انتكس مثقفي البرجوازية الصغيرة بالثورة.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: البرجوازیة الصغیرة

إقرأ أيضاً:

ثورة بركان كيلاويا في هاواي ونافورة حمم تصل إلى 125 مترًا

عرضت فضائية "يورونيوز عربي" فيديو يرصد النشاط البركاني الأخير لبركان كيلاويا في جزيرة هاواي، والذي يعد من البراكين النشطة في العالم، ويشهد سلسلة من الثورات البركانية المستمرة منذ أواخر ديسمبر الماضي.

هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية: الحمم تصل إلى ارتفاع 125 مترًا

أكدت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS) أن الثوران الأخير وقع داخل أخدود قمة البركان، حيث تم قذف نافورة من الحمم البركانية بلغ ارتفاعها بين 90 و125 مترًا، واستمر النشاط البركاني لمدة 13 ساعة.

كيلاويا: بركان نشط منذ ديسمبر ويستمر في الانفجارات المتقطعة

يعتبر بركان كيلاويا من أكثر البراكين نشاطًا في العالم، حيث شهد سلسلة من الثورات المتقطعة منذ استيقاظه في الثالث والعشرين من ديسمبر، ولا يزال يشهد موجات نشاط بركاني متفاوتة في المدة والشدة.

موجات النشاط البركاني: استمرار طويل الأمد مع تفاوت الشدة

أوضحت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن النشاط البركاني خلال الفترة الأخيرة تراوحت مدته بين بضع ساعات وأسبوع كامل، ما يشير إلى أن البركان في مرحلة نشاط طويل الأمد.

تحذيرات من المخاطر البركانية: غازات وزجاج بركاني

ورغم أن المناطق السكنية المجاورة لم تتأثر بشكل مباشر بالثوران، إلا أن الهيئة حذرت من المخاطر المحيطة، مثل انبعاث الغازات البركانية وانتشار شظايا الزجاج البركاني التي قد تحملها الرياح، مؤكدة ضرورة الحذر في المنطقة المحيطة بالبركان.

مقالات مشابهة

  • رسوم ترامب تزيد الضغوط على الشركات الأميركية الصغيرة
  • ثورة بركان كيلاويا في هاواي ونافورة حمم تصل إلى 125 مترًا
  • دعاء ليلة 23 شعبان.. 10 كلمات تعوضك عن كل شيء أحببته وخسرته
  • ثورة الجياع .. الدعوة لمليونية وتصعيد غير مسبوق في عدن
  • «جهاز دعم الاستقرار» يُساهم في فعالية تأمين احتفالات «ثورة 17 فبراير»
  • خبير مصرفي: 40 مليار دولار صادرات مصر.. وتحفيز المشاريع الصغيرة ضروري لتعزيز الاقتصاد
  • البلدان الصغيرة تتعلَّم التحوُّط في عصر ترامب
  • شاهد ماذا قالت المذيعة الشهيرة تسابيح خاطر عقب الهجوم الذي تعرضت له مع زوجها من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بعد مشاركتهما في تشكيل الحكومة الموازية
  • بالفيديو.. بدء الاحتفالات بذكرى «ثورة فبراير» بمدينة مصراتة
  • "أبطال أوروبا".. التفاصيل الصغيرة تحسم مصير المتأهلين إلى دور الـ16