سودانايل:
2025-03-25@22:15:13 GMT

ماذا حدث لثورتنا: أسأل عن الطبقة في قيادتها (٢-٢)

تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT

عبد الله علي إبراهيم

(العنوان عائد لعنوان مسرحية للكاتب الألماني بيتر فايس عن الثورة الفرنسية انتجها المسرح الجامعي بجامعة الخرطوم في نحو ١٩٦٨ من إخراج عثمان جعفر النصيري. وعنوان المسرحية الأصل "جين-بول مارا" الثوري الفرنسي الجذري. وتصرف النصيري في الاسم)

ما الذي حدث لثورتنا حتى صار علينا ما رآه الكاتب الروسي مكسيم جوركي مرة عاد فيها إلى وطنه من المنفى.

قال وجدت كل أحد مسحوقاً لدرجة ومجرداً من بركة الرب. وقال، "والحل الذي لا غيره هو الثقافة".

قلت أمس إننا أحسنا فهم ثورة ديسمبر من وجوه الشباب والنوع (الكنداكات) فيها، بل والعرق (الحركات المسلحة). غير أن ما لم يعرض لنا في فهمها هو أصلها الطبقي وفي قيادتها خاصة. وعرّفت الطبقة الغالبة في هذه الثورة، وفي قيادتها خاصة، بالبرجوازية لصغيرة. وكان اسم دلعها "الصفوة". وعرضت لخبرتنا كشيوعيين معها في ثورة أكتوبر خبرة خلصنا منها أنها أول من ينوء تحت كاهل ثورته، ويهدم ما بناه دون تحقيق مطلوب ثورته “لصناعة الدنيا وتركيب الحياة القادمة".
في عرض "الماركسية وقضايا الثورة السودانية"، تقرير المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي في ١٩٦٧، لتجربتنا معها في أكتوبر قال إنها مرت بطورين. حاول الحزب في أولهما السير بالثورة إلى غايات جذرية في تغيير المجتمع، ولكنه سرعان ما تراجع عن هذه الغايات إلى خطة أكثر تواضعاً حين رأى أن قيادة الثورة البرجوازية الصغيرة، وقد لوعتها قوى الثورة المضادة، لن تنهض بذلك البرنامج الثوري.
حاول الحزب في الطور الأول (اجتماع المركزية في ٤ نوفمبر ١٩٦٤) تغذية الثورة ببرنامج جذري مثل تحويل جبهة الهيئات إلى جبهة ديمقراطية تتحمل عب النضال من أجل المهام الثورية. ولمّا اتضح له أن ذلك لن يحدث أعاد النظر فيما ينبغي عمله بواقعية في اجتماع اللجنة المركزية في ١٤ يناير ١٩٦٥. فتواثق الاجتماع على أن الحكومة التي نشأت بعد الثورة ذات صفة وطنية معادية للاستعمار، وبها تمثيل مميز للقوى الثورية وبين البرجوازية الصغيرة برغم وجود القوى اليمينة في تركيبة السلطة الجديدة. ولما لم يكن واقعياً السير بالثورة كما اتفق للحزب في اجتماع نوفمبر اكتفى بالحث على الشغل لدفع الجماهير لاحتلال مواقع ديمقراطية، واكتساب أرض تكون طريقاً لنهوض سلطة وطني ديمقراطية جديدة. وعليه فقد استعد الحزب لطريق متعرج من النضال انتهى كما هو معروف بانتصار الثورة المضادة. وكانت الواقعية التي توخاها الحزب في يناير ١٩٦٥ مما لا مهرب منه. فلما طمع الحزب في أن تتحول جبهة الهيئات إلى جبهة وطنية ديمقراطية مستقرة تحمل مهام الثورة إلى غايتها وجد أن البرجوازيين الصغار قد تداعوا للتخلص منها بهدمها صامولة صامولة.
ونجح الإخوان المسلمون، يمين البرجوازية الصغيرة، في إذعار المهنيين والطلاب من جبهة الهيئات التي صارت في زعمهم بيد الشيوعيين (وكل الصفات) لخدمة خطتهم في تجميد الثورة. وهي الثورة التي عصفت بالنادي السياسي التقليدي. فمثلت لأول مرة العمال والمزارعين والمهنيين مستقلين في مجلس الوزراء، وأعطت المرأة والصبيان حق التصويت، وشرعت في تغيير صورة الريف بمراجعة أوضاع الإدارة الأهلية، وإخضاع رموز النظام القديم للمساءلة عن عوس أيديهم خلال عمر النظام. وتواثق الرجعيون على أنه لابد لتلك الثورة أن تطوي صفحتها وتتلاشى ككابوس مزعج أفاقوا منه. تماماً كما يفعلون اليوم.
لم يفت عليّ التطابق بين انقلاب البرجوازية الصغيرة على جبهة الهيئات المفترض إنها عقدة إرادتها وبين انفضاض دوائر كبيرة عن تجمع المهنيين عن لجنة تفكيك التمكين في هذه الثورة بذرائع شتى. فتوالت استقالات الهيئات عن جبهة الهيئات كشلك كشلك كشلك*: نقابة أساتذة جامعة الخرطوم، كشلك. نقابة أساتذة المعهد الفني، كشلك. نقابة خريجي وزارة التجارة، كشلك. نقابة بنك السودان، كشلك. اتحاد المستشارين القانونيين، كشلك. الإدارة العامة، كشلك، أئمة المساجد والعلماء. كشلك. نقابة وزارة الخارجية، كشلك، المحامون الشرعيون، كشلك. اتحاد وزارة الاستعلامات، كشلك. شمبات الزراعي، كشلك. جبهة التحرير الإسلامي، كشلك، الاتحاد المهني للإذاعة، كشلك. اتحاد التجار، كشلك، الجبهة الوطنية النسائية، كشلك، اتحاد الكتاب والفنانين، كشلك، اتحاد طلاب جامعة الخرطوم. كشلك.
وكنت في يوم التصويت على قرار سحب اتحاد طلاب جامعة الخرطوم من جبهة الهيئات. وكنا في القلة القليلة. واسودت وجوه.

*كنت نشرت مقالاً وظفت فيه كلمة "كشلك" في معرض بيان كيف انصرفت جماعات من الثوار عن لجنة إزالة التمكين لا تلوي على شيء من فرط كثافة النيران التي صوبتها الثورة المضادة للجنة. وكان ذلك وهناً.


ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: البرجوازیة الصغیرة الحزب فی

إقرأ أيضاً:

جبهة الخلاص التونسية: السلطة ترفض الحوار وتتآمر على المعارضة

قالت جبهة الخلاص المعارضة في تونس، اليوم الثلاثاء، إن التجاوزات والخروقات القانونية في قضية "التآمر" التي يلاحق فيها عشرات السياسيين المعارضين، لا تحصى ولا تعد، وهو ما يتطلب تدريسها أكاديميا، مشددة على أن "الحقيقة مفادها أن السلطة تتآمر على المعارضة".

وأوضحت الجبهة خلال ندوة حوارية بعنوان "المؤامرة والمتآمرون؟ أجوبة متقاطعة!"، أن "السلطة ترفض أي دعوة للحوار، ولا تقبل بمعارضة قراراتها، ولذلك رأت اجتماع السياسيين، لأجل التوافق والتحاور تآمرا ضدها".

وشارك في الندوة مختصون في القانون، وقال القاضي أحمد صواب: "التآمر انطلق قبل هذه القضية، حيث تم التآمر أولا على الدستور مرورا بالقضاء بعزل عشرات القضاة وحل المجلس الأعلى للقضاء".

ملف الظلم
ورأى صواب في تصريح لـ"عربي21" أن "ملف التآمر هو ملف اللاقانون والظلم، فقد تضمن 17جريمة من الحجم الثقيل جدا منقسمة بين قانون الإرهاب والمجلة الجزائية".

ولفت صواب إلى أن "الملف يتطلب تدريسا أكاديميا حتى يتم الوقوف على جميع خروقاته القانونية، من منطلق التمسك بقيام دولة القانون والمؤسسات"، مشددا على أن "ما حصل انقلابا فاسدا ولد ملفا وقضاء فاسدا".



ومنذ أكثر من سنتين تم إيقاف عدد من السياسيين المعارضين بتهمة "التآمر"، وتم إيداعهم السجن ويواجهون تهما ثقيلة جدا تصل حد الإعدام.

ومن المقرر أن تنظر المحكمة مجددا في نيسان/ أبريل المقبل في هذا الملف، بعد أن أثارت الجلسة الأولى والتي تقرر عقدها عن بعد، دون حضور المتهمين للمحكمة؛ جدلا كبيرا وتنديدا حقوقيا داخليا وخارجيا لفقدانها شروط المحاكمة العادلة.

وقال نائب رئيس جبهة "الخلاص" المحامي سمير ديلو: "هذه القضية مظلمة كبرى من المظالم التي تشهدها البلاد، ومن الأحسن لسمعة البلاد ووضعها إنهاء المظلمة وإطلاق سراح جميع المعتقلين ومن يتم تتبعهم".

الحوار الوطني ليس جريمة
وأكد ديلو لـ"عربي21" قائلا: "لم يتآمر أحد على بلاده وهم سياسيون شرفاء، والحوار الوطني لا يمكن أن يكون جريمة، والمسؤولية في هذا الملف لمن يقدم معطيات خاطئة ولا أساس لها من الصحة".

وقالت الناشطة السياسية وعضو الجبهة شيماء عيسى: "نحن في نظام سلطوي يحرم المواطن حتى من المحاكمة بكرامة، والسلطة اليوم هي من تتآمر على المعارضة وتمنعها من التواجد بالفضاء العام، فمنذ عامين والحياة السياسية في تصحر تام".

وأفادت عيسى في تصريح لـ "عربي21" بأنه "اليوم هناك مناخ من الخوف ويتم تجريم حتى الدعوة لحوار وطني وتجميع العائلة السياسية، لا أحد يمكنه إنكار حالة الفشل والظلم الذي نعيشه".

ويحاكم في هذا الملف أكثر من 40 شخصية أغلبهم سياسيون من مختلف الانتماءات السياسية، يقبع 7 منهم في السجن منذ عامين، وهم الناشط خيام التركي، والسياسي عبد الحميد الجلاصي، وأستاذ القانون جوهر بن مبارك، والمحامي رضا بالحاج، والمحامي غازي الشواشي، والأمين العام للحزب "الجمهوري" عصام الشابي، ورجل الأعمال كمال اللطيف.

مقالات مشابهة

  • ماذا قال حزب الإصلاح في ذكرى تأسيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية وماهي الرسائل السياسية التي بعثها إليهم ؟
  • جبهة الخلاص التونسية: السلطة ترفض الحوار وتتآمر على المعارضة
  • ناشط بريطاني :جبهة الاسناد اليمنية لغزة عمل بطولي
  • دعاء صلاة الوتر المستجاب.. مكتوب ومجرب
  • رسامني عرض وأبي رميا للخطط التي ستعتمدها وزارة الأشغال في المرافق العامة التابعة لها
  • الهيئات الاقتصادية ووزير الزراعة ناقشا سبل تطوير القطاع الزراعي
  • مدير عام المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية د. عبدالإله الحرازي لــ”الثورة “: نعاني من ضعف التنسيق بين الهيئات المعنية وتفشي العشوائية والفوضى في التراخيص
  • ماذا وراء تصريحات مبعوث ترامب للشرق الأوسط التي قال فيها إن مصر مفلسة والنظام مهدد بالسقوط؟
  • قائد البحرية بحرس الثورة الإيراني: سنُرسل العدو إلى قعر جهنم عند أقل حماقة يرتكبها
  • مصدر سياسي:تشكيل جبهة سياسية جديدة للدخول في الانتخابات القادمة